معاني

يراعي ان هناك عدم تنبه للفرق بين سبق تنزيل سورة البقرة 2هـ وتراخي تنزيل سورة الطلاق 5هـ**معاني كلمات القران الكريم في كل سورة



فهرس معاني الكلمات001 الفاتحة ►002 البقرة ►003 آل عمران ►004 النساء ►005 المائدة ►006 الأنعام ►007 الأعراف ►008 الأنفال ►009 التوبة ►010 يونس ►011 هود ►012 يوسف ►013 الرعد ►014 إبراهيم ►015 الحجر ►016 النحل ►017 الإسراء ►018 الكهف ►019 مريم ►020 طه ►021 الأنبياء ►022 الحج ►023 المؤمنون ►024 النور ►025 الفرقان ►026 الشعراء ►027 النمل ►028 القصص ►029 العنكبوت ►030 الروم ►031 لقمان ►032 السجدة ►033 الأحزاب ►034 سبأ ►035 فاطر ►036 يس ►037 الصافات ►038 ص ►039 الزمر ►040 غافر ►041 فصلت ►042 الشورى ►043 الزخرف ►044 الدخان ►045 الجاثية ►046 الأحقاف ►047 محمد ►048 الفتح ►049 الحجرات ►050 ق ►051 الذاريات ►052 الطور ►053 النجم ►054 القمر ►055 الرحمن ►056 الواقعة ►057 الحديد ►058 المجادلة ►059 الحشر ►060 الممتحنة ►061 الصف ►062 الجمعة ►063 المنافقون ►064 التغابن ►065 الطلاق ►066 التحريم ►067 الملك ►068 القلم ►069 الحاقة ►070 المعارج ►071 نوح ►072 الجن ►073 المزمل ►074 المدثر ►075 القيامة ►076 الإنسان ►077 المرسلات ►078 النبأ ►079 النازعات ►080 عبس ►081 التكوير ►082 الإنفطار ►083 المطففين ►084 الانشقاق ►085 البروج ►086 الطارق ►087 الأعلى ►088 الغاشية ►089 الفجر ►090 البلد ►091 الشمس ►092 الليل ►093 الضحى ►094 الشرح ►095 التين ►096 العلق ►097 القدر ►098 البينة ►099 الزلزلة ►100 العاديات ►101 القارعة ►102 التكاثر ►103 العصر ►104 الهمزة ►105 الفيل ►106 قريش ►107 الماعون ►108 الكوثر ►109 الكافرون ►110 النصر ►111 المسد ►112 الإخلاص ►113 الفلق ►114 الناس ►

الأربعاء، 21 يوليو 2021

ج23.جامع الأصول في أحاديث الرسول المؤلف : مجد الدين أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد بن محمد ابن عبد الكريم الشيباني الجزري ابن الأثير

 

ج23.جامع الأصول في أحاديث الرسول
المؤلف : مجد الدين أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد بن محمد ابن عبد الكريم الشيباني الجزري ابن الأثير
(المتوفى : 606هـ)
تحقيق : عبد القادر الأرنؤوط - التتمة تحقيق بشير عيون
الناشر : مكتبة الحلواني - مطبعة الملاح - مكتبة دار البيان

5908 - (د) التلب بن ثعلبة - رضي الله عنه - : «أن رجلاً أعتق نصيباً له من مملوك ، ولم يكن له مال : فلم يُضَمِّنْه رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- لشريكه شيئاً» . أخرجه أبو داود (1) .
__________
(1) رقم (3948) في العتق ، باب فيمن روي أنه لا يستسعى ، وفي سنده ملقام بن التلب ، وهو مجهول ، ولكن له شواهد يقوى بها ، وقد حسن إسناده الحافظ ابن حجر في " الفتح " وقال : وهو محمول على المعسر .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه أحمد.وأبو داود (3948) قال :حدثنا أحمد بن حنبل والنسائى في الكبرى تحفة الأشراف (2050) عن أحمد بن عبد الله بن الحكم.
كلاهما- أحمد بن حنبل ، وأحمد بن عبد الله - عن محمد بن جعفر غندر ، عن شعبة ، عن خالد ، عن أبي بشر العنبري ، عن ابن الثلب ، فذكره.
(*) قال أحمد : كذا قال غندر : ابن الثلب - وإنما هو ابن التلب - كان شعبة في لسانه شيء - يعني لثغة، وعلل غندرا لم يفهم عنه.

5909 - (د) أبو المليح - رحمه الله - عن أبيه «أن رجلاً أعتق شِقْصاً له من غلام ، فذُكر ذلك لرسولِ الله - صلى الله عليه وسلم- ، فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- : ليس لله شريك : فأجاز عتقه» . أخرجه أبو داود (1) .
وزاد رزين «في ماله» .
__________
(1) رقم (3933) في العتق ، باب فيمن أعتق نصيباً له من مملوك ، وإسناده قوي .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
إسناده حسن :
1-أخرجه أحمد (5/75) قال : حدثنا أبو سعيد الأيلي مولى بني هاشم. وأبو داود (3933) قال : حدثنا أبو الوليد الطيالسي. والنسائي في الكبرى (تحفة الأشراف 134) عن محمد بن المثنى ، عن أبي الوليد ، وعن محمد بن معمر ، عن حبان بن هلال.
ثلاثتهم عن همام بن يحيى.
2- وأخرجه أحمد (5/74) قال :حدثنا عبد الله بن بكر السهمي. قال : حدثنا سعيد بن أبي عروبة.
كلاهما-همام ، وسعيد - عن قتادة ، عن أبي مليح ، فذكره.

الفصل الثاني : في العتق عند الموت
5910 - (د) أبو الدرداء - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم- : «مَثَل الذي يُعتق عند الموت : كمثل الذي يُهدِي إذا شبع» . أخرجه أبو داود (1) .
__________
(1) رقم (3968) في العتق ، باب في فضل العتق في الصحة ، وهو حديث حسن ، وفي الباب عن أبي سعيد بمعناه ، ورواه أيضاً أحمد في " المسند " 5 / 197 و 6 / 448 ، والترمذي رقم (2124) في الوصايا ، باب ما جاء يبدأ بالدين قبل الوصية ، وقال : حديث حسن صحيح ، وصححه ابن حبان ، والحاكم وأقره الذهبي ، وحسن إسناده الحافظ في " الفتح " .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه أحمد (5/196) قال :حدثنا محمد بن جعفر ، قال :حدثنا شعبة. وفي (5/197) قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي ، عن سفيان.وفي (6/448) قال:حدثنا وكيع ، قال : حدثنا سفيان (ح) وعبد الرحمن عن سفيان وعبد بن حميد (202) قال حدثنا يعلى قال : حدثنا سفيان.وحدثنا سفيان. والدارمي (3229) قال: حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث ، قال : حدثنا شعبة. وأبو داود (3968) قال : حدثنا محمد بن كثير ، قال : حدثنا سفيان.والترمذي (2123) قال: حدثنا بندار، قال :حدثنا عبد الرحمن بن مهدي ، قال :حدثنا سفيان ، والنسائي (6/238) قال: أخبرنا محمد بن بشار ، قال : حدثنا محمد. قال : حدثنا شعبة.وفي الكبري (الورقة 64) قال : أخبرنا قتية بن سعيد، قال : حدثنا أبو الأحوص.
ثلاثتهم -شعبة ، وسفيان الثوري، وأبو الأحوص سلام بن سليم - عن أبي إسحاق ، عن أبي حبيبة الطائي، فذكره.
وقال الترمذي : هذا الحديث حسن صحيح.

5911 - (م ط ت د س) عمران بن حصين - رضي الله عنه - «أن رجلاً أعتق ستَّةَ مملوكين له عند موته ، لم يكن له مال غيرهم ، فدعاهم رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- ، فجزَّأهم أثلاثاً ، ثم أَقْرع بينهم ، وأعتق اثنين ، وأَرَقَّ أربعة ، وقال له قولاً شديداً» .
وفي رواية : «أن رجلاً من الأنصار أوصى عند موته ، فأعتق ستةَ مملوكين...» وذكره. أخرجه مسلم.
وأخرجه الموطأ مرسلاً عن الحسن البصري وابن سيرين : «أن رجلاً -[72]- في زمن رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم-...» وذكره.
وأخرجه الترمذي ، وأبو داود مسنداً ، وأخرجه أبو داود أيضاً عن ابن سيرين عن عمران ، وزاد أبو داود في أخرى قال : «لو شهدتُه قبل أن يُدفنَ لم يُقْبَر في مقابر المسلمين» .
وله في أخرى نحوه ، وليس فيه : «قال له قولاً شديداً» .
وفي رواية النسائي : «أن رجلاً أعتق ستة مملوكين له عند موته ، ولم يكن له مال غيرهم ، فبلغ ذلك النبيَّ - صلى الله عليه وسلم- فغضب من ذلك ، وقال : لقد هممت أن لا أصلي عليه ، ثم دعا مملوكيه ، فجزَّأهم ثلاثة أجزاء ، ثم أقرع بينهم ، فأعتق اثنين ، وأَرَقَّ أربعة» (1) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(جزَّأهم) : إذا فرَّقهم ، والتجزئة : جعل الشيء أجزاء.
(أرق) العبد : إذا جعله في المِلْكَة ولم يُعتقه ، وأراد بالتجزئة : أنه جزَّأهم على عبرة القيمة ، دون عدد الرؤوس ، إلا أن القِيم قد تساوت فيهم -[73]- فخرج عدد الرؤوس على مساواة القِيم ، وعبيد أهل الحجاز : إنما هم الزنوج والحبش ، والقِيَم فيهم متساوية ومتقاربة ، لأن الغرض أن تنفذ وصيته في ثلث ماله ، والثلث إنما يُعتبر بالقيمة لا بالعدد ، وقال بظاهر الحديث : مالك والشافعي وأحمد وأما أبو حنيفة ، فقال : يعتق ثلث كل واحد منهم ويستسعى في ثلثه.
__________
(1) رواه مسلم رقم (1668) في الأيمان ، باب من أعتق شركاً له في عبد ، والموطأ 2 / 774 في العتق ، باب من أعتق رقيقاً لا يملك مالاً غيرهم ، والترمذي رقم (1364) في الأحكام ، باب ما جاء فيمن يعتق مماليكه عند موته وليس له مال غيرهم ، وأبو داود رقم (3958) و (3959) و (3960) و (3961) في العتق ، باب فيمن أعتق عبيداً له لم يبلغهم الثلث ، والنسائي 4 / 64 في الجنائز ، باب الصلاة على من يحيف في وصيته .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح : أخرجه أحمد (4/426) قال: حدثنا إسماعيل ، قال : حدثنا أيوب.ومسلم (5/97) قال :حدثنا علي بن حجر السعدي وأبو بكر بن أبي شيبة وزهير بن حرب.قالوا : حدثنا إسماعيل ،وهو ابن علية ، عن أيوب. (ح) وحدثنا قتيبة بن سعيد ، قال :حدثنا حماد (ح) وحدثنا إسحاق بن إبراهيم وابن أبي عمر ،عن الثقفي.
كلاهما عن أيوب. وأبو داود (3958) قال : حدثنا سليمان بن حرب ، قال : حدثنا حماد بن زيد ، عن أيوب.وفي (3959) قال :حدثنا أبو كامل ، قال :حدثنا عبد العزيز ، يعني ابن المختار ،قال : حدثنا خالد. وابن ماجة (2345) قال : حدثنا نصر بن علي الجهضمي ومحمد بن المثنى.قالا : حدثنا عبد الأعلى ، قال : حدثنا خالد الحذاء. والترمذي (1364) قال:حدثنا قتيبة ، قال :حدثنا حماد بن زيد ، عن أيوب. والنسائي في الكبرى (الورقة 65-أ) قال : أخبرنا قتيبة بن سعيد ، قال :حدثنا حماد ، عن أيوب.
كلاهما - أيوب، وخالد الحذاء- عن أبي قلابة ، عن أبي المهلب فذكره.
وبلفظ «أن رجلا أعتق ستة أعبد عند موته ، ولم يكن لم مال غيرهم ، فبلغ ذلك النبي -صلى الله عليه وسلم-، فأقرع بينهم ،فأعتق اثنين ، وأرق أربعة» .
أخرجه أحمد (4/438) قال : حدثنا يحيى بن إسحاق ، قال : أخبرنا حماد بن زيد ، عن يحيى بن عتيق. وفي (4/445) قال : حدثنا عفان قال : حدثنا حماد بن سلمة ، عن أيوب وهشام وحبيب. ومسلم (5/97) قال :حدثنا محمد بن منهال الضرير وأحمد بن عبدة.قالا :حدثنا يزيد بن زريع ،قال : حدثنا هشام بن حسان. وأبو داود (3961) قال : حدثنا مسدد ،قال :حدثنا حماد بن زيد ، عن يحيى بن عتيق وأيوب ، والنسائي في الكبرى (الورقة 65-أ) قال : أخبرنا محمد بن بشار ، قال :حدثنا الحجاج بن المنهال، قال : حدثنا حماد بن سلمة ، عن أيوب.
أربعتهم - يحيى بن عتيق ، وأيوب ، وهشام بن حسان ، وحبيب - عن محمد بن سيرين ، فذكره.
وبلفظ : «إن رجلا أعتق ستة مملوكين له عند موته ، ولم يكن له مال غيرهم ، فبلغ ذلك النبي -صلى الله عليه وسلم- ، فغضب من ذلك. قال : لقد هممت أن لا أصلي عليه. ثم دعا مملوكيه ، فجزاهم ثلاثة أجزاء ، ثم أقرع بينهم ، فأعتق اثنين ، وأرق أربعة» .
أخرجه الحميدي (830) قال : حدثنا سفيان ، قال: حدثنا أربعة ، أو خمسة ،منهم على بن زيد بن جدعان. وأحمد (4/428) قال : حدثنا محمد بن جعفر ، قال : حدثنا شعبة ، عن قتادة ،وفي (4/430) قال : حدثنا هشيم ، قال : أخبرنا منصور. وفي (4/439) قال : حدثنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا سفيان ، عن خالد الحذاء.وفي (4/440) قال :حدثنا هاشم ، قال : حدثنا المبارك.وفي (4/445) قال:حدثنا عفان ، قال : حدثنا حماد بن سلمة ، عن حميد ويونس وقتادة وسماك بن حرب. وفي (4/446) قال :حدثنا يحيى بن حماد ، قال : حدثنا أبو عوانة ، عن سماك عن حرب والنسائى (4/64) قال : أخبرنا علي بن حجر ، قال : أنبأنا هشيم ، عن منصور ، وهو ابن زاذان ، وفي الكبرى (الورقة 65-أ) قال : أخبرنا محمد بن عبد الله بن بزيع ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا يونس (ح) وأخبرنا محمد بن بشار ، قال : حدثنا الحجاج بن المنهال ، قال : حدثنا حماد بن سلمة ، عن قتادة وحميد وسماك بن حرب.
ثمانيتهم - علي بن زيد ، وقتادة ، ومنصور بن زاذان ، وخالد الحذاء ،ومبارك بن فضالة ، وحميد الطويل، ويونس بن عبيد، وسماك - عن الحسن ، فذكره.
وأخرجه مالك (الموطأ) (1545) قال :عن يحيى بن سعيد ، وعن غير واحد عن الحسن بن أبي الحسن البصري ، وعن محمد بن سيرين ، فذكره مرسلا.

الفصل الثالث : في عتق أُمّ الولد
5912 - (د) سلامة بنت معقل - هي امرأة من خارجة قيس عيلان- قالت : «قدم بي عمِّي في الجاهلية ، فباعني من الحُبَاب بن عمرو - أخي أبي اليَسَر بن عمرو - فَوَلَدتُ له عبد الرحمن بنَ الحَباب ، ثم هَلَكَ ، فقالت لي امرأتُه : الآن والله تُباعِين في دَيْنِه ، فأتيتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم- ، فقلت : يا رسول الله ، إني امرأة من خارجة قيس عَيلان ، قدم بي عمِّي المدينة في الجاهلية ، فباعني من الحباب بن عمرو أخي أبي اليَسَر بن عمرو ، فولدتُ له عبد الرحمن بنَ الحباب ، فقالت امرأتُه : الآن والله تُباعين في دَينه ، فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- : مَن وَليُّ الحباب بن عمرو ؟ قيل : أخوه -[74]- أبو اليَسَر بن عمرو. فبعث إِليه رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- ، فقال : أعتقوها ، فإذا سمعتم برقيق قدم عليَّ فَائْتُوني به أُعَوِّضْكم منها ، قالت : فأعتقوني ، وقَدِمَ على رسول الله - صلى الله عليه وسلم- رقيق ، فعوّضهم مني غلاماً» . أخرجه أبو داود (1) .
__________
(1) رقم (3953) في العتق ، باب في عتق أمهات الأولاد ، من حديث محمد بن إسحاق عن خطاب ابن صالح الأنصاري الظفري عن أمه عن سلامة بنت معقل ، وإسناده ضعيف ، فيه عنعنه ابن إسحاق ، وخطاب بن صالح الأنصاري الظفري ، قال الطبراني : تفرد ابن إسحاق بحديثه ، وأمه مجهولة لا تعرف .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه أحمد (6/360) قال : حدثنا إسحاق بن إبراهيم الرازي.قال :حدثنا سلمة بن الفضل. وأبو داود (3953) قال:حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي.قال : حدثنا محمد بن سلمة.
كلاهما- سلمة بن الفضل ، ومحمد بن سلمة - عن محمد بن إسحاق ، عن الخطاب بن صالح مولى الأنصار ، عن أمه ، فذكرته.
قلت : فيه ابن إسحاق وهو مدلس وقد عنعنه ، والخطاب بن صالح قال عنه الحافظ في «التهذيب» (3/146) : روى عنه أمه وعنه ابن إسحاق قال البخاري قاله يعقوب عن أبيه عن محمد بن إسحاق وكان ثقة ، وذكره ابن حبان في الثقات ،وقال الطبراني : تفرد ابن إسحاق لحديثه.

5913 - (ط) عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - أن عمر بن الخطاب قال : «أَيُّما وليدة ولدت من سيدها : فإِنه لا يَبِيعُها ، ولا يَهَبُها ، ولا يُورِّثُها ، وهو يستمتِع بها ، فإذا مات فهي حرة» . أخرجه الموطأ (1) .
__________
(1) 2 / 776 في العتق ، باب عتق أمهات الأولاد وجامع القضاء في العتاقة ، وإسناده صحيح .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
إسناده حسن :أخرجه مالك (الموطأ) (1548) عن نافع ، عن عبد الله بن عمر ، فذكره.

الفصل الرابع : فيمن ملك ذا رحم
5914 - (د ت) سمرة بن جندب - رضي الله عنه - عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم- وقال موسى بن إسماعيل في موضع آخر : عن سمرة - فيما يحسِب حماد - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم- : «من ملك ذا رحم محرم : فهو حرٌّ» .
أخرجه أبو داود ، وقال : لم يُحدِّث هذا الحديث عن الحسن عن سمرة -[75]- إِلا حماد بن سلمة ، وقد شك فيه ، وأخرجه الترمذي، وقال : لا نعرفه مسنداً إلا من حديث حماد بن سلمة عن قتادة عن الحسن. وقال : وقد روي هذا الحديث عن ابن عمر عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم- رواه ضَمْرَةُ بن ربيعة عن سفيان الثوري ، عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم- ، ولا يُتابَع ضمرة على هذا الحديث ، وهو حديث خطأ عند أهل الحديث (1) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(من ملك ذا رحم محرم) ذوو الأرحام : هم الأقارب ، وكلُّ من يجمع بينك وبينهم نسب ، ويطلق في الفرائض على الأقارب من جهة النساء ، والمحرَّم من ذوي الأرحام : هو من لا يحلُّ نكاحه ، كالأم والبنت والأخت ، والذي ذهب إليه أكثر أهل العلم من الصحابة والتابعين ، وإليه ذهب أبو حنيفة وأصحابه وأحمد : أنه من ملك ذا رحم محرم : عتق عليه ذكراً كان أو أنثى ، وذهب الشافعي إلى أنه يعتق عليه الأولاد والآباء والأمهات ، ولا يعتق عليه الإخوة ، ولا أحد من ذوي قرابته ، وذهب مالك إلى أنه يعتق عليه الولد والوالد والإخوة ، ولا يعتق عليه غيرهم.
__________
(1) رواه أبو داود رقم (3949) في العتق ، باب فيمن ملك ذا رحم محرم ، والترمذي رقم (1365) في الأحكام ، باب ما جاء فيمن ملك ذا رحم محرم ، ورواه أيضاً أحمد في " المسند " ، وابن ماجة رقم (2524) في العتق ، باب من ملك ذا رحم محرم فهو حر ، والحاكم في " المستدرك " 2 / 214 ، قال المنذري في " مختصر سنن أبي داود " ، وقد أشار البخاري إلى تضعيف هذا الحديث ، وقال : قال علي بن المديني : هذا عندي منكر .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
1-أخرجه أحمد (5/15و18) قال :حدثنا يزيد بن هارون.وفي (5/20) قال : حدثنا أبو كامل.وأبو داود (3949) قال :حدثنا مسلم بن إبراهيم ،وموسى بن إسماعيل ، والترمذي (1365) قال : حدثنا عبد الله بن معاوية الجمحي البصري ، والنسائي في الكبرى (تحفة الأشراف) (4585) عن محمد بن المثنى، عن حجاج ، وأبو داود (ح) وعن عمرو بن منصور ، عن حجاج (ح) وعن سليمان بن عبيد الله بن بهز (ح) وعن محمد بن حاتم المروزي ،عن حبان بن موسى ،وعبد الله بن المبارك.
تسعتهم - يزيد ، وأبو كامل ، ومسلم ، وموسى ، وعبد الله بن معاوية وحجاج ، وأبو داود ، وبهز ، وعبد الله بن المبارك - عن حماد بن سلمة ، عن قتادة.
2- وأخرجه ابن ماجة (2524) قال : حدثنا عقبة بن مكرم ، وإسحاق بن منصور ، والترمذي (1365) قال:حدثنا عقبة بن مكرم العمي البصري ، وغير واحد ،والنسائي في الكبري (تحفة الأشراف) (4580) عن عبيد الله بن سعيد.
ثلاثتهم - عقبة ، وإسحاق ، وعبيد الله - عن محمد بن بكر البرساني ، عن حماد بن سلمة ، عن قتادة ، وعاصم الأحول.
كلاهما - قتادة ،وعاصم- عن الحسن ،فذكره.
(*) قال الترمذي : هذا حديث لا نعرفه مسندا ، إلا من حديث حماد بن سلمة وقال أيضا : ولا نعلم أحدا ذكر في هذه الحديث عاصما الأحول عن حماد بن سلمة ، غير محمد بن بكر.
(*) في رواية أبي داود : (وقال موسى-يعني إسماعيل - في موضع آخر:- عن سمرة ، فيما يحسب حماد) .
(*) أخرجه أبو داود (3951) قال : حدثنا محمد بن سليمان ، قال : حدثنا عبد الوهاب. والنسائي في الكبرى (تحفة الأشراف) (4585) عن محمد بن بشار، عن ابن أبي عدي.
كلاهما - عبد الوهاب ، وابن أبي عدي - عن سعيد ، عن قتادة ، عن الحسن ، قال : من ملك ذا رحم محرم فهو حر.
(*) وأخرجه أبو داود (3952) قال : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، قال : حدثنا أبو أسامة ، عن سعيد.والنسائي في الكبرى (تحفة الأشراف) (4585) عن محمد بن يحيى ، عن عبد الأعلى ، عن سعيد. (ح) وعن محمد بن بشار ، عن معاذ بن هشام ، عن أبيه.
كلاهما - سعيد بن أبي عروبة وهشام الدستوائي - عن قتادة عن جابر بن زيد ، والحسن ، فذكرا مثله. (موقوفا) .
(*) قال أبو داود : سعيد أحفظ من حماد.
قال ابن ماجة : عن الحسن ، عن سمرة ، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- بمثله ، ولم يذكر من هذيل.
هكذا ذكره أحمد عقب حديث أبي المليح ، عن أبيه ، وأن رجلا من هذيل أعتق شقيصا له من مملوك، فقال: رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : هو حر كله ليس لله شريك.
أخرجه أحمد (5/75) قال :حدثنا أبو سعيد ، قال:حدثنا همام ، عن قتادة ، عن الحسن ، فذكره.

5915 - (د) عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قال : «من ملك ذا رحم محرَم : فهو حر» . أخرجه أبو داود (1) .
__________
(1) رقم (3950) في العتق ، باب فيمن ملك ذا رحم محرم ، من حديث قتادة عن عمر ، وإسناده منقطع ، فان قتادة لم يدرك عمر رضي الله عنه ، وقد رواه ابن ماجة ، من حديث ابن عمر رقم (2525) ، وإسناده ضعيف ، ومع ذلك فقد صححه الحاكم 2 / 214 ووافقه الذهبي .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
مرسل :
أخرجه أبو داود (3950) قال :حدثنا محمد بن سليمان الأنباري ، قال : ثنا عبد الوهاب، عن سعيد ، عن قتادة ، فذكره ، قلت : قتادة ، لم يسمع من عمر.

الفصل الخامس : فيمن مَثَّل بعبده
5916 - (د) عمرو بن شعيب - رحمه الله - عن أبيه عن جده قال : «جاء رجل مُسْتَصْرِخ إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم- ، فقال له : مَالَك ؟ قال : شَرٌّ ، أبْصر لسيده جارية له ، فَغَارَ ، فَجَبَّ مَذَاكِيرَه ، فقال : اذهب فأنت حرٌّ ، قال : يا رسولَ الله ، على مَن نُصْرَتي ؟ قال : نُصرتُك على كلِّ مسلم» . أَخرجه أبو داود (1) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(جَبَّ مذاكيره) الجَبُّ : القطع ، والمذاكير : جمع الذَّكر، على غير قياس.
__________
(1) رقم (4519) في الديات ، باب من قتل عبده أو مثل به أيقاد منه ، ورواه أيضاً ابن ماجة رقم (2680) في الديات ، باب من نكل بعبده فهو حر ، وإسناده حسن .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
إسناده حسن : أخرجه أحمد (2/182) (6710) قال : حدثنا عبد الرزاق ،قال : أخبرني معمر، أن ابن جريج أخبره.وفي (2/225) (7096) قال : حدثنا معمر بن سليمان الرقي ، قال : حدثنا الحجاج. وأبو داود (4519) قال :حدثنا محمد بن الحسن بن تسنيم العتكي ، قال :حدثنا محمد بن بكر. قال : أخبرنا سوار أبو حمزة. وابن ماجة (2680) قال :حدثنا رجاء بن المرجي السمرقندي ، قال : حدثنا النضر بن شميل ، قال :حدثنا أبو حمزة الصيرفي.
ثلاثتهم - ابن جريج ، والحجاج ، وسوار أبو حمزة - عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، فذكره.
(*) رواية ابن جريج : «أن زنباعا أبا روح وجد غلاما مع جارية له ، فجدع أنفه ، وجبه ، فأتى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال : من فعل هذا بك ؟ قال : زنباع ، فدعاه النبي -صلى الله عليه وسلم- ،فقال : ما حملك على هذا ؟فقال : كان من أمره كذا وكذا.فقال النبي -صلى الله عليه وسلم- للعبد : اذهب ، فأنت حر. فقال : يا رسول الله ، فمولى من أنا ؟ قال: مولى الله ورسوله ، فأوصى به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- المسلمين. قال : فلما قبض رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، جاء إلى أبي بكر ، فقال : وصية رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال : نعم نجري عليك النفقة وعلى عيالك ، فأجراها عليه ، حتى قبض أبو بكر.فلما استخلف عمر جاءه ، فقال : وصية رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال :نعم أين تريد ؟ قال : مصر. فكتب عمر إلى صاحب مصر ، أن يعطيه أرضاه يأكلها» .
(*) رواية حجاج : «من مثل به ،أو حرق بالنار ، فهو حر ، وهو مولى الله ورسوله.قال : فأتي برجل ، قد خصي ، يقال له : سندر ، فأعتقه. ثم أتي أبا بكر ،بعد وفاة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فصنع إليه خيرا ، ثم أتى عمر ، بعد أبي بكر فصنع إليه خيرا ، ثم إنه أراد أن يخرج إلى مصر ، فكتب له عمر إلى عمرو بن العاص: أن أصنع به خيرا ،أو احفظ وصيه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيه.»

5917 - (ط) عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - «أن وليدة أَتَتْ عمرَ ، وقد ضربها سيدُها بنار - أو أصابها - فأعتقها عليه» . أخرجه الموطأ (1) .
__________
(1) 2 / 886 بلاغاً في العتق ، باب عتق أمهات الأولاد وجامع القضاء في العتاقة ، وإسناده منقطع وقد أسنده عبد الرزاق وغيره من وجوه ، كما في الزرقاني على " شرح الموطأ " .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه مالك الموطأ (1549) بلاغا فذكره.
وقال الزرقاني في «شرح الموطأ» (4/105) : مالك أنه بلغه مما أسنده عبد الرزاق وغيره من وجوه وروى البغوي عن سند أنه كان عبد الزنباع بن سلامة الجزاي فذكره وروى ابن ماجة القصة عن زنباع نفسه بسند ضعيف.

5918 - () سمرة بن جندب - رضي الله عنه - أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم- قال : «مَن مَثَّل بعبده : عَتَق عليه ، وإن كان لغيره : كان عليه ما نقص من ثمنه» . أَخرجه ... (1) .
__________
(1) كذا في الأصل بياض بعد قوله : أخرجه ، وفي المطبوع : أخرجه رزين ، ولم نجده بهذا اللفظ ، وفي الباب عن ابن عمر عند مسلم وأبي داود ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " من لطم مملوكه أو ضربه فكفارته أن يعتقه " . وعن سويد بن مقرن عند مسلم وأبي داود والترمذي قال : كنا بني مقرن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس لنا إلا خادمة واحدة ، فلطمها أحدنا ، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال : أعتقوها ، وعن أبي مسعود البدري عند مسلم وغيره ، وفيه : كنت أضرب غلاماً بالسوط ، فسمعت صوتاً من خلفي ... إلى أن قال : فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " إن الله أقدر عليك منك على هذا الغلام " ، وفيه : قلت : يا رسول الله هو حر لوجه الله ، فقال : " لو لم تفعل للفحتك النار أو لمستك النار " ، قال الشوكاني في " نيل الأوطار " : واعلم أن ظاهر حديث ابن عمر الذي ذكرناه يقتضي أن اللطم والضرب يقتضيان العتق من غير فرق بين القليل والكثير والمشروع وغيره ، ولم يقل بذلك أحد من العلماء ، وقد دلت الأدلة على أن يجوز للسيد أن يضرب عبده للتأديب : ولكن لا يجاوز به عشرة أسواط ، ومن ذلك حديث " إذا ضرب أحدكم خادمه فليجتنب الوجه " فأفاد أنه يباح ضربه في غيره ، ومن ذلك الإذن لسيد الأمة بحدها ، فلا بد من تقييد مطلق الضرب الوارد في حديث ابن عمر هذا بما ورد من الضرب المأذون ، فيكون الموجب للعتق هو ما عداه .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
في المطبوع أخرجه رزين ، ولم نقف عليه.

5919 - () أبو هريرة - رضي الله عنه - أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم- قال : -[78]- «مَن مثَّل بعبده : عتق عليه ، فإن كان عبدَ غيره : كان عليه أَرْشُ جنايته ، وإن قتله حرٌّ : فعليه قيمتُه لسيده» أخرجه ... (1) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(أرْش جنايته) الأرش : دية الجراحات والجنايات.
__________
(1) كذا في الأصل بياض بعد قوله : أخرجه ، وفي المطبوع : أخرجه رزين ، ولم نجده بهذا اللفظ ، وهو بمعنى الحديث الذي بعده .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
في المطبوع أخرجه رزين ، ولم نقف عليه.

الفصل السادس : في العتق بشرط
5920 - (د) سفينة - مولى أم سلمة - رضي الله عنها – قال : «كنتُ مملوكاً لأمِّ سلمةَ ، فقالت لي : أُعتقك وأشترط عليك أن تخدمَ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم- ما عِشْتَ ؟ فقلت : ولو لم تشترطي عليَّ لم أفْعَلْ غيرَه ، فأعتقتني ، واشترطتْ عليَّ» . أخرجه أبو داود (1) .
__________
(1) رقم (3932) في العتق ، باب في العتق على الشرط ، ورواه أيضاً ابن ماجة رقم (2626) في العتق ، باب من أعتق عبداً واشترط فيه خدمته ، وإسناده حسن .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه أحمد (5/221) قال : حدثنا أبو كامل ،قال : حدثنا حماد بن سلمة وأبو داود (3932) قال:حدثنا مسدد بن مسرهد ، قال حدثنا عبد الوارث. وابن ماجة (2526) قال : حدثنا عبد الله بن معاوية الجمحي ،قال حدثنا حماد بن سلمة ، والنسائي في الكبرى (تحفة الأشراف) (4481) عن قتيبة ، عن عبد الوارث (ح) وعن محمد بن عثمان بن عبد الرحمن بن مهدي ، وبهز بن أسد (فرقهما) كلاهما عن حماد ابن سلمة.
كلاهما حماد بن سلمة ، وعبد الوارث- عن سعيد بن جمهان ، فذكره.
قلت : فيه سعيد بن جمهان وهو مختلف فيه.

5921 - (ط) مالك بن أنس - رحمه الله - قال : «بلغني : أن عبد الله بن عمر سئل : عن الرَّقبة الواجبة تُشْتَرى بشرط العتق ؟ فقال : لا» . أخرجه الموطأ (1) .
__________
(1) 2 / 778 بلاغاً في العتق ، باب ما لا يجوز من العتق في الرقاب الواجبة ، وإسناده منقطع ، وانظر ما قال الإمام مالك حول هذا الحديث في الموطأ .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
بلاغا أخرجه مالك (الموطأ) (1554) بلاغا ، فذكره.

الفصل السابع : في عتق ولد الزنا
5922 - (ط) فضالة بن عبيد الأنصاري - رضي الله عنه - وكان من أصحاب رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم- «سئل عن الرجل يكون عليه رقبة : يجوز أن يُعتق ولد الزنا ؟ قال : نعم ، ذلك يُجزئ عنه (1)» . أخرجه الموطأ (2) .
__________
(1) قال الزرقاني في " شرح الموطأ " : يجزئ عنه إن كان مؤمناً في القتل نصاً وإجماعاً ، وفي الظهار خلاف .
(2) 2 / 777 و 778 بلاغاً في العتق ، باب ما يجوز من العتق في الرقاب الواجبة ، وإسناده منقطع .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
بلاغا : أخرجه مالك الموطأ (1553) بلاغا ، فذكره.

5923 - (ط) أبو هريرة - رضي الله عنه - «سئل عن الرجل تكون عليه رقبة : هل يُعتق فيها ابنَ زنا ؟ فقال أبو هريرة : نعم ، ذلك يجزيه» . أخرجه الموطأ (1) .
__________
(1) 2 / 777 بلاغاً في العتق ، باب ما يجوز من العتق في الرقاب الواجبة ، عن مالك أنه بلغه عن المقبري أنه قال : سئل أبو هريرة عن رجل ... فان كان المراد بالمقبري سعيد بن أبي سعيد كيسان ، فإنه أدركه ويروي عنه ، وهو يروي عن أبي هريرة فيكون الإسناد متصلاً ، وإن كان المراد به أبوه كيسان أبو سعيد ، فيكون ذلك بلاغاً ، لأنه توفي وعمر مالك (7) سنوات والله أعلم .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
بلاغا : أخرجه مالك الموطأ (1552) بلاغا ، فذكره.

5924 - (د) أبو هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم- : «ولد الزنا شَرُّ الثلاثة ، وقال أبو هريرة : لأن أمتِّع بسوط في سبيل الله أحبُّ -[80]- إِليَّ من أن أعتق ولد زِنْية» . أخرجه أبو داود (1) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(ولد الزنا شرُّ الثلاثة) قال الخطابي : اختلف الناس في تأويل قوله : «ولد الزنا شرُّ الثلاثة» فقال بعضهم : إن ذلك إنما جاء في رجل بعينه كان موسوماً بالشرِّ ، وقال بعضهم : إنما صار ولد الزنا شراً من والديه ، لأن الحدَّ يُقام عليهما ، فتكون العقوبة تمحيصاً لهما ، وهذا في علم الله تعالى ، لا يدرى ما يفعل به في ذنوبه (2) ، وقال آخرون : معناه : أنه شر الثلاثة أصلاً ونسباً ومولداً ، لأنه خُلق من ماء الزاني والزانية ، وهو ماء خبيث.
(ولد زِنْية) ولد الزنية : هو الذي ولد من الزنا ، يقال : هو لزِنْيَة : إذا كان عن سفاح ، وهو لرِشْدة : إذا كان عن نكاح صحيح.
__________
(1) في العتق ، باب عتق ولد الزنا ، من حديث سهيل بن أبي صالح عن أبيه ذكوان السمان عن أبي هريرة رضي الله عنه ، وإسناده صحيح ، ورواه أيضاً أحمد 2 / 311 ، والحاكم 2 / 214 وصححه ووافقه الذهبي ، وذكره الحاكم 4 / 100 من حديث عمر بن أبي سلمة عن أبيه عن أبي هريرة وصححه . أقول : ولكن ينبغي أن يحمل معنى الحديث على أنه شر الثلاثة إذا عمل عمل أبويه ، وقد جاء ذلك في حديث رواه أحمد 6 / 109 عن عائشة ، وذكره الهيثمي في " المجمع " 6 / 257 من رواية الطبراني في " الكبير " و " الأوسط " عن ابن عباس ، وفيه ضعف ، وأورده السيوطي في " الجامع الكبير " وزاد نسبته للبيهقي عن عائشة وابن عباس ، وأما إذا كان ولد الزنا صالحاً فلا يضره فساد أبويه ، قال الله تعالى : {ولا تزر وازرة وزر أخرى} ، وقد روى الحاكم 4 / 100 من حديث سفيان الثوري عن هشام بن عروة عن عروة عن عائشة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ليس على ولد الزنا من وزر أبيه شيء ، {ولا تزر وازرة وزر أخرى} ، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي ، وروى الحاكم 2 / 215 أن عائشة قالت : لم يكن الحديث على هذا ، إنما كان رجل من المنافقين يؤذي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : من يعذرني من فلان ؟ قيل : يا رسول الله ، مع ما به ولد زنا ، فقال : هو شر الثلاثة ، والله عز وجل يقول : {ولا تزر وازرة وزر أخرى} ، ولكن فيه كلام .
(2) قال الله تعالى : {ولا تزر وازرة وزر أخرى} .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
إسناده حسن : أخرجه أحمد (2/311) قال :حدثنا خلف بن الوليد. قال :حدثنا خالد ، وأبو داود (3963) قال : حدثنا إبراهيم بن موسى.قال :أخبرنا جرير والنسائي في (الكبرى /الورقة 64-ب) قال : أخبرنا إسحاق بن إبراهيم قال :أخبرنا جرير
كلاهما- خالد ، وجرير - عن سهيل بن أبي صالح ،عن أبيه ، فذكره.

5925 - (ط) نافع - مولى ابن عمر - رحمه الله - : «أن ابن عمر أعتق ابنَ زنا وأُمَّه» . أخرجه الموطأ (1) .
__________
(1) 2 / 780 في العتق ، باب فضل عتق الرقاب وعتق الزانية وابن الزنا ، وإسناده صحيح .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه مالك في الموطأ بشرح الزرقاني (4/112) عن نافع ، عن ابن عمر.

الفصل الثامن : في العتق عن الميت
5926 - (ط) عبد الرحمن بن أبي عمرة الأنصاري «أن أُمَّه أرادت أن تُعتق ، فأخَّرت ذلك إلى أن تُصبح ، فماتت ، قال عبد الرحمن : فقلت للقاسم بن محمد : أَيَنْفَعُها أن أُعْتق عنها ؟ قال القاسم : أتى سعدُ بنُ عبادة رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم- ، فقال : إِن أُمي هلكت ، فهل ينْفَعُها أن أعتق عنها ؟ فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- : نعم» . أخرجه الموطأ (1) .
__________
(1) 2 / 779 في العتق ، باب عتق الحي عن الميت ، وإسناده منقطع ، لأن القاسم بن محمد لم يلق سعداً ، وعبد الرحمن بن أبي عمرة الأنصاري مجهول ، قال الزرقاني في " شرح الموطأ " : لكن قصة سعد جاءت من وجوه كثيرة متصلة ، قاله ابن عبد البر ، فلعل القاسم رواه عن عمته عائشة ، فقد رواه عروة عنها لكن بلفظ : أن أتصدق عنها ؟ نعم في رواية النسائي من طريق سليمان بن كثير عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن ابن عباس : أن سعداً قال : أفيجزئ عنها أن عتق عنها ؟ قال : أعتق عن أمك ، فقد وجد العتق عن الميت في قصة سعد من غير طريق مالك أيضاً ، لا كما يوهمه قول أبي عمر : لا يكاد يوجد إلا من حديث مالك هذا ، وأكثر الأحاديث في قصة سعد إنما هي في الصدقة قال : وكل منهما جائز عن الميت إجماعاً .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه مالك في الموطأ بشرح الزرقاني (4/108) عن عبد الرحمن بن أبي عميرة الأنصاري فذكره
والحديث إسناده منقطع لأن القاسم بن محمد لم يلق سعدا وعبد الرحمن بن أبي عميرة الأنصاري مجهول قال الزرقاني : لكن قصة سعد جاءت من وجوه كثيرة متصلة قاله ابن عبد البر ، فلعل القاسم رواه عن عمته عائشة فقد رواه عروة عنها لكن بلفظ أن أتصدق عنها (؟) نعم في رواية النسائي من طريق سليمان بن كثير عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن ابن عباس أن سعدا قال : أفيجزئ عنها أن أعتق عنها ؟ قال: أعتق عن أمك فقد وجد العتق عن الميت في قصة سعد من غير طريق مالك أيضا لا كما يوهمه قول أبي عمر : لا يكاد يوجد إلا من حديث مالك هذا وأكثر الأحاديث في قصة سعد إنما هي في الصدقة قال وكل منهما جائز عن الميت إجماعا.

5927 - (ط) يحيى بن سعيد - رحمه الله - قال : «تُوفِّيَ عبد الرحمن -[82]- بن أبي بكر في نوم نَامَه ، فأعتقتْ عنه عائشةُ أختُه رِقاباً كثيرة» . أخرجه الموطأ (1) .
__________
(1) 2 / 779 في العتق ، باب عتق الحي عن الميت ، وإسناده منقطع ، فإن يحيى بن سعيد لم يدرك عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق ، قال الحافظ ابن حجر في " تهذيب التهذيب " : قال ابن المديني في " العلل " : لا أعلمه سمع من صحابي غير أنس ، قال مالك : هذا أحب ما سمعت إلي في ذلك ، قال الزرقاني في " شرح الموطأ " : ومن أحسن ما يروى في العتق عن الميت ما أخرجه النسائي عن واثلة بن الأسقع قال : كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك ، فقلنا : إن صاحباً لنا قد مات ، فقال صلى الله عليه وسلم : اعتقوا عنه يعتق الله بكل عضواً منها عضواً منه من النار .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه مالك في الموطأ بشرح الزرقاني (4/110) عن يحيى بن سعيد فذكره.
والإسناد منقطع فإن يحيى بن سعيد لم يدرك عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق ، قال الحافظ بن حجر في «تهذيب التهذيب» : قال ابن المديني في العلل : لا أعلمه سمع من صحابي غير أنس قال مالك : هذا أحب ما سمعت إلي في ذلك قال الزرقاني في شرح الموطأ ومن أحسن ما يروى في العتق عن الميت ما أخرجه النسائي عن واثلة بن الأسقع قال : كنا عند النبي -صلى الله عليه وسلم- في غزوة تبوك ، فقلنا : إن صاحبا لنا قد مات فقال -صلى الله عليه وسلم- : أعتقوا عنه يعتق الله بكل عضوا منها عضوا منه من النار.

الفصل التاسع : في مال المُعْتَق وولده
5928 - (د) عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم- قال : «من أعتق عبداً وله مال : فمالُ العبدِ له ، إلا أن يشترط سيدُه» . أَخرجه أبو داود (1) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(فمالُ العبد له ، إلا أن يشترط السيد) هذا على وجه الندب والاستحباب لأن يسمح المالك إذا كان العتق منه إنعاماً عليه ، ومعروفاً -[83]- أسداه إليه ، فندب إلى مسامحته بما في يده من المال ، ليكون إتماماً للصنيعة ، ورَبّاً للنعمة ، وقد جرت العادة من السادة : أن يحسنوا إلى مماليكهم إذا أرادوا أن يُعتقوهم ، فكان أقرب إلى أن يهبوهم ما في أيديهم ويسمحوا لهم به.
__________
(1) رقم (3962) في العتق ، باب فيمن أعتق عبداً وله مال ، ورواه أيضاً ابن ماجة رقم (2529) في العتق ، باب من أعتق عبداً وله مال ، وإسناده صحيح .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه أبو داود (2693) قال : حدثنا أحمد بن صالح ، قال : حدثنا ابن وهب. قال : أخبرني ابن لهيعة ، والليث بن سعد. وابن ماجه (2529) قال : حدثنا حرملة بن يحيى ، قال : حدثنا عبد الله بن وهب ، قال : أخبرني ابن لهيعة (ح) وحدثنا محمد بن يحيى ، قال : حدثنا سعيد بن أبي مريم ، قال: أنبأنا الليث بن سعد. والنسائي في الكبرى تحفة الأشراف (76904) عن محمد بن يعقوب بن عبد الوهاب بن يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير بن العوام ، عن ابن وهب ، عن الليث ، وذكر آخر.
كلاهما - ابن لهيعة ، والليث بن سعد - عن عبيد الله بن أبي جعفر ، عن بكير بن الأشج ، عن نافع ، فذكره.
* أخرجه النسائي في الكبرى تحفة الأشراف (7793) عن محمد بن عبد الله بن عبد الحكم ، عن أشهب، عن الليث ، عن عبيد الله بن أبي جعفر ، عن نافع ، عن ابن عمر ، فذكره. ليس فيه بكير بن الأشج.

5929 - (ط) مالك بن أنس - رحمه الله - عن ابن شهاب : سمعه يقول : «مضت السُّنَّة أن العبد إذا أُعْتِقَ تَبِعَه مالُه» . أخرجه الموطأ (1) .
__________
(1) 2 / 775 في العتق ، باب القضاء في مال العبد إذا عتق ، وإسناده صحيح ، وهو بمعنى الذي قبله قال مالك : ومما يبين ذلك أن العبد إذا عتق تبعه ماله ، أن المكاتب إذا كوتب تبعه ماله وإن لم يشترطه ، وذلك أن عقد الكتابة هو عقد الولاء إذا تم ذلك .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه مالك في الموطأ بشرح الزرقاني (4/103) عن ابن شهاب فذكره.

5930 - (ط) ربيعة بن أبي عبد الرحمن : «أن الزبير بن العوام اشترى عبداً فأعتقه ، ولذلك العبدِ بَنُونَ من امرأة حرة ، فلما اشتراه الزبير أعتقه ، وقال : إن بنيه مواليَّ ، وقال موالي أُمِّهم : بل هم موالينا ، فاختصموا إلى عثمان ، فقضى للزبير بولائهم» . أخرجه الموطأ (1) .
__________
(1) 2 / 782 في العتق ، باب جر العبد الولاء إذا أعتق ، وإسناده منقطع ، فإن ربيعة بن أبي عبد الرحمن لم يدرك الزبير بن العوام رضي الله عنه .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه مالك في الموطأ بشرح الزرقاني (4/121) عن ربيعة بن عبد الرحمن فذكره.
وإسناده منقطع فإن ربيعة بن أبي عبد الرحمن لم يدرك الزبير بن العوام رضي الله عنه.

الفصل العاشر : في أحاديث مفردة (1)
5931 - (ط) عائشة - رضي الله عنها - «أَنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم-[84]- سئل عن الرِّقابِ : أيُّها أفضلُ ؟ قال : أغلاها (2) ثمناً ، وأنْفَسُها عند أهلها» . أخرجه الموطأ (3) .
وقد اختلف الرواة فيه عن مالك ، فبعضهم رواه عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة ، وأكثرهم رواه عن هشام عن أبيه مرسلاً.
__________
(1) وفي بعض النسخ : متفرقة .
(2) وفي بعض النسخ " أعلاها " بالعين المهملة ، وهما روايتان ، ومعناهما متقارب ، ولمسلم من طريق حماد بن يزيد عن هشام : أكثرها ثمناً ، وهو يبين المراد .
(3) 2 / 779 في العتق ، باب فضل عتق الرقاب وعتق الزانية وابن الزنا ، وإسناده صحيح ، وهو جزء من حديث رواه البخاري 5 / 105 في العتق ، باب أي الرقاب أفضل ، ومسلم رقم (84) في الإيمان ، باب بيان كون الإيمان بالله تعالى أفضل الأعمال من حديث أبي ذر رضي الله عنه .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه مالك في الموطأ بشرح الزرقاني (4/111) عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة فذكره.

5932 - (خ) أبو هريرة - رضي الله عنه - قال : لما أقْبَل يُرِيدُ الإسلامَ ومعه غلامُه ، ضَلَّ كلُّ واحد منهما عن صاحبه ، فأقبل بعد ذلك ، وأبو هريرةَ جالس مع رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم- ، فقال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم- : «يا أبا هريرة هذا غُلامك قد أتاك» قال : أما إني أُشْهِدُك أنه حرٌّ ، قال : وهو حين يقول :
يا ليلة من طُولها وعَنائِها ... على أنها من دَارَةِ الكُفْر نَجَّتِ
وفي رواية : لما قدمتُ على النبيِّ - صلى الله عليه وسلم- قلت في الطريق :
يا ليلة من طُولها وعَنَائِها ... على أنها من دارة الكفر نَجَّتِ
قال : وأبَقَ مني غلامي في الطريق ، فلما قَدِمْتُ على النبيِّ - صلى الله عليه وسلم- فبايعتُه ، فبينا أنا عنده إذْ طلع الغلامُ ، فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- : يا أبا هريرة -[85]- هذا غلامُك ، فقلتُ : هو حرٌّ لوجه الله ، فأعتقه. قال البخاري : لم يقل أبو كريب عن أبي سلمة : «هو حرّ» (1) .
وفي أخرى قال : «أما إني أُشهدك أنه لله» . أخرجه البخاري (2) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(دارَة الكفر) الدار : المنزل ، والدارة : أخصُّ منه.
__________
(1) انظر " الفتح " 5 / 117 حول قوله : هو حر .
(2) 5 / 117 في العتق ، باب إذا قال لعبده : هو لله ونوى العتق والإشهاد بالعتق .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه البخاري (2530) قال : حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير عن محمد بن بشر عن إسماعيل عن قيس عن أبي هريرة فذكره.

الباب الثالث : في التدبير

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(التدبير) للعبد : هو أن يُعلِّق السيد عتقه بموته ، فيقول : متى متُّ فأنت حر ، وأعتق فلان عبده عن دُبُر : إذا عتق بعدما يُدْبِر سيده ، أي : يُولِّي ويموت ، والعبد مُدَبَّر.
5933 - (خ م د ت س) جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - «أن رجلاً أعتق غلاماً له عن دُبُر ، فاحْتاجَ ، فأخذه النبيُّ - صلى الله عليه وسلم- ، فقال : مَن يشتريه مني ؟ فاشتراه نُعَيْم بن عبد الله (1) بكذا وكذا ، فدفعه إِليه» . -[86]-
وفي رواية : «بلغ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم- أن رجلاً من أصحابه أعْتَق غلاماً [له] عن دُبُر ، لم يكن له مال غيرُه ، فباعه بثمانمائة درهم ، ثم أرسل بثمنه إليه» .
وفي رواية قال : «دَبَّرَ رجل من الأنصار غلاماً له ، لم يكن له مال غيره ، فباعه رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- ، فاشتراه ابن النَّحَّام عبداً قِبْطِيّاً ، ماتَ عام الأول في إمارة ابن الزبير» . أخرجه البخاري ومسلم.
وللبخاري : «أن رجلاً أعتق عبداً له ، ليس له مال غيره ، فرده النبيُّ - صلى الله عليه وسلم- عليه ، فَابْتَاعَه منه نُعَيْم بن النَّحَّام» .
ولمسلم زيادة في رواية قال : أعتق رجل من بني عُذرةَ عبداً له عن دُبُر ، فبلغ ذلك النبيَّ - صلى الله عليه وسلم- فقال : ألك مال غيره ؟ قال : لا ، فقال : مَن يشتريه مني ؟ فاشتراه نعيم بن عبد الله العدويُّ ، بثمانمائة درهم ، فجاء بها إِلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم- ، فدفعها إليه ، ثم قال : ابْدَأْ بنفسك فتصدَّقْ عليها ، فإن فضل شيء فَلأَهْلِكَ ، فإن فضل عن أهْلِكَ شيء فَلِذِي قرابتك ، فإن فضل عن ذي قرابتك شيء فهكذا وهكذا - يقول : فبين يديك ، وعن يمينك ، وعن شمالك.
وله في أخرى : «أن رجلاً من الأنصار - يُقال له : أبو مذكور - أعْتَق غلاماً له عن دُبُر ، يقال له : أبو يعقوب (2) ...» وساق الحديث بمعناه.
وفي رواية عند الترمذي : «أن رجلاً من الأنصار دَبَّر غلاماً له ...» . -[87]-
وذكر الرواية الثالثة ، وأخرج هو وأبو داود الأولى.
ولأبي داود : «أن رجلاً من الأنصار ، يقال له : أبو مذكور ، أعتق غلاماً له عن دُبُر ، ولم يكن له مال غيره ، فدعا به النبيُّ - صلى الله عليه وسلم- ، فقال : مَن يشتريه ؟ فاشتراه نعيم بن النَّحَّام بثمانمائة درهم ، فدفعها إليه ، وقال : إذا كان أحدُكم فقيراً فليبدأ بنفسه، فإن كان فيها فضل فَعَلى عياله ، فإن كان فيها فضل فَعَلى ذي قرابته - أو قال : على ذي رَحِمه - فإن كان فيها فضل فهاهنا وهاهنا» .
وفي أخرى : «أن رجلاً أعتق غلاماً له عن دُبُر منه ، ولم يكن له مال غيره ، فأمر به رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- فبيع بسبعمائة ، أو تسعمائة» ، زاد في رواية «وقال - يعني النبيَّ - صلى الله عليه وسلم- : أنت أحق بثمنه ، والله أغنى عنه» .
وأخرج النسائي الرواية الثانية ، وزاد : «فقال : اقْضِ دَيْنَك ، وأنْفق على عيالك» . وأخرج رواية مسلم الأولى ، وأخرى رواية أبي داود التي فيها أَبو مذكور.
وفي أخرى مختصراً : «أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم- باع المدبّر» (3) .
__________
(1) هو نعيم بن عبد الله العدوي .
(2) كذا في الأصل الذي بخط المؤلف وغيره : أبو يعقوب ، وفي نسخ مسلم المطبوعة : يعقوب .
(3) رواه البخاري 4 / 296 في البيوع ، باب بيع المزايدة ، وباب بيع المدبر ، وفي الاستقراض ، باب من باع مال المفلس أو المعدم فقسمه بين الغرماء ، وفي الخصومات ، باب من رد أمر السفيه والضعيف العقل ، وفي العتق ، باب بيع المدبر ، وفي الأيمان والنذور ، باب عتق المدبر وأم الولد والمكاتب في الكفارة وعتق ولد الزنا ، وفي الإكراه ، باب إذا أكره حتى -[88]- وهب عبداً أو باعه لم يجز ، وفي الأحكام ، باب بيع الإمام على الناس أموالهم وضياعهم ، ومسلم رقم (997) في الأيمان ، باب جواز بيع المدبر ، وأبو داود رقم (3955) و (3956) و (3957) في العتق ، باب في بيع المدبر ، والترمذي ، رقم (1219) في البيوع ، باب ما جاء في بيع المدبر ، والنسائي 7 / 304 في البيوع ، باب بيع المدبر .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح:
1- أخرجه أحمد (3/294) قال : حدثنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا ابن جريج.
2- وأخرجه أحمد (3/308) والبخاري (3/109) قال : حدثنا قتيبة. ومسلم (5/97) قال : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، وإسحاق بن إبراهيم. وابن ماجه (2513) قال : حدثنا هشام بن عمار. والترمذي (9212) قال : حدثنا ابن أبي عمر.
ستتهم - أحمد ، وقتيبة ، وأبو بكر ، وإسحاق ، وهشام ، وابن أبي عمر - عن سفيان بن عيينة.
3- وأخرجه أحمد (3/368) قال : حدثنا محمد بن جعفر. والدارمي (2576) قال : أخبرنا هاشم بن القاسم. والبخاري (3/192) قال : حدثنا آدم بن أبي إياس. والنسائي في الكبرى تحفة الأشراف (2551) عن أحمد بن سليمان ، عن يزيد بن هارون.
أربعتهم - محمد ، وهاشم ، وآدم ، ويزيد - عن شعبة.
4- وأخرجه البخاري (8/181 ، 9/27) قال : حدثنا أبو النعمان. ومسلم (5/97) قال : حدثنا أبو الربيع ، سليمان بن داود العتكي.
كلاهما - أبو النعمان ، وأبو الربيع - قالا : حدثنا حماد بن زيد.
أربعتهم - ابن جريج ، وسفيان ، وشعبة ، وحماد - عن عمرو بن دينار ، فذكره.
(*) أخرجه مسلم (5/98) قال : حدثني أبو غسان المسمعي ، قال : حدثنا معاذ ، قال : حدثني أبي ، عن مطر ، عن عطاء بن أبي رباح ، وأبي الزبير ، عمرو بن دينار ، فذكره.
(*) وأخرجه الحميدي (1222) قال : حدثنا سفيان ، قال : حدثنا عمرو بن دينار ، وأبو الزبير ، فذكراه.

5934 - () عائشة - رضي الله عنها - «أعْتَقَتْ جارية لها عن دُبُر منها ، ثم إن عائشة مرضت بعد ذلك مرضاً شديداً مدة طويلة ، فدخل عليها سِنْدِيّ فقال لها : أنت مطبوبة ، قالت : مَن طَبَّني ؟ قال : امرأة من نَعْتها كذا وكذا - ووصفها - وقال : بَالَ الآن صبيّ في حَجْرِها ، فقالت عائشة لجارية لها أخرى : ادْعِي لي فلانةَ - تعني : مدبرتَها - فوجدتْها في بيت جيران لها في حَجْرها صبيّ قد بال عليها ، قالت : حتى أغسل بولَ هذا الصبيِّ ، فغسلتْهُ ، ثم جاءت ، فقالت لها عائشةُ : أسَحَرْتِيني ؟ قالت : نعم ، قالت : لِمَ ؟ قالت : أحببتُ العتق ، قالت عائشة : فوالله لا تُعتَقِين أبداً ، فأَمرتْ ابنَ أختها أن يَبيعها ممن يُسيء المَلَكة من الأعراب عليها ، وقالت : وابْتَعْ بثمنها رقبة حتى أعتقها ، ففعل ، فلبثتْ عائشةُ ما شاء الله من الزمان ، ثم إنها رأت في المنام قائلاً يقول : اغْتَسلي من ثلاثة أبْؤُر يَمُدُّ بعضها بعضاً ، فإنك تُشْفَينْ ، قالت عمرة : فدخلَ على عائشةَ إسماعيلُ بنُ عبد الله بن أبي بكر ، وعبد الرحمن بن سعد بن زُرارة ، فذكرتْ لهما الذي رأتْ ، فانطلقا إلى قباء ، فوجدا آباراً يمدُّ بعضها بعضاً ، فاستَقَوْا من كل بئر ثلاثَ شُجُب - قال سويد : -[89]- يعني دِلاء - فملؤوا الشَّجْب من جميعها ، فأتوا به عائشةَ ، فاغتسلت به فشُفِيَتْ» . أخرجه ... (1) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(مَطْبوبة) المطبوب : المسحور.
(ثلاثة أبْؤُر) جمع قلة لبئر ، ويُجمع على آبار.
(يمدّ بعضها بعضاً) يعني أن ماء هذه يجيء إلى ماء هذه ، فتجتمع مياهها في بئر واحدة كالقناة.
(شُجُب) الشَّجْب : السقاء إذا أخلق ، سقاءٌ شاجب ، أي : يابس وجمعه شُجُب.
__________
(1) كذا في الأصل بياض بعد قوله : أخرجه ، وفي المطبوع : أخرجه رزين ، ولم نره .

5935 - (ط) نافع - مولى ابن عمر - رحمه الله - «أن عبد الله بن عمر دبّر جاريتين له، فكان يطؤهما وهما مدبّرتان» . أخرجه الموطأ (1) .
__________
(1) 2 / 814 في المدبر ، باب مس الرجل وليدته إذا دبرها ، وإسناده صحيح .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه مالك في الموطأ بشرح الزرقاني (4/159) عن نافع أن ابن عمر.

الباب الرابع : في المكاتب
5936 - (د ت) عمرو بن شعيب - رحمه الله - عن أبيه ، عن جده قال : سمعتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم- يخطُبُ : «مَن كَاتَبَ عبده على مائة أُوقيَّة ، فأدَّاها إلا عشرة أَواق [أو قال : عشرة دراهم - ثم عجز] فهو عبد رقيق» . أخرجه الترمذي.
وزاد أبو داود : «وأيُّما عبد كاتب على مائة دينار ، فأداها إِلا عشرة دنانير فهو عبد» .
ولأبي داود قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم- : «المُكاتَبُ عبد ما بقي عليه من مكاتبته دِرْهم» (1) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(المكاتَب) : العبد يشتري نفسه من مالكه بمال معلوم يوصله إليه ، -[91]- وسمِّي مكاتَباً : لأنهم كانوا يقولون لعبيدهم ، إذا أرادوا مكاتَبتَهم : كاتبتك مثلاً على ألف درهم ، فإذا أدَّاها عَتَق ، ومعناه : كتبت لك على نفسي أن تعتق مني إذا وفَّيت المال ، وكتبت لك عليَّ العتق ، وكتبت لي عليك أداء المال.
__________
(1) رواه أبو داود رقم (3926) و (3927) في العتق ، باب في المكاتب يؤدي بعض كتابته فيعجز أو يموت ، والترمذي رقم (1260) في البيوع ، باب ما جاء في المكاتب إذا كان عنده ما يؤدي ، ورواه أيضاً ابن ماجة رقم (2519) في العتق ، باب المكاتب ، وهو حديث حسن .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
1- أخرجه أحمد (2/178) (6666) قال : حدثنا ابن نمير.وفي (2/206) (6923) قال : حدثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة. وفي (2/209) (6949) قال : حدثنا محمد بن فضيل. وابن ماجه (2519) قال : حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا عبد الله بن نمير ، ومحمد بن فضيل. والنسائي في الكبرى تحفة الأشراف (8673) عن عمرو بن زرارة ، عن يحيى بن أبي زائدة.
ثلاثتهم - عبد الله بن نمير ، ويحيى ، ومحمد بن فضيل - عن حجاج.
2- وأخرجه أحمد (2/184) (6726) قال : حدثنا عبد الصمد. وأبو داود (3927) قال : حدثنا محمد بن المثنى ، قال : حدثني عبد الصمد ، والنسائي في الكبرى تحفة الأشراف (8725) عن أبي داود ، عن أبي الوليد. (ح) وعن عبد القدوس بن محمد. عن عمرو بن عاصم.
ثلاثتهم - عبد الصمد ، وأبو الوليد ، وعمرو - عن همام ، عن عباس الجزري.
3- وأخرجه أبو داود (3926) قال : حدثنا هارون بن عبد الله ، قال : حدثنا أبو بدر ، قال : حدثني أبو عتبة إسماعيل بن عياش ، قال : حدثني سليمان بن سليم.
4- وأخرجه الترمذي (1260) قال : حدثنا قتيبة ، قال : حدثنا عبد الوارث بن سعيد ، عن يحيى بن أبي أنيسة.
أربعتهم - حجاج بن أرطاة ، وعباس ، وسليمان ، ويحيى بن أبي أنيسة - عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه، فذكره.

5937 - (خ ط) عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - كان يقول : «المكاتَبُ عَبد ما بقي من كتابته شيء» .
أخرجه الموطأ (1) ، وأخرجه البخاري في ترجمة باب [قال] : وقال [ابن عمر] : «هو عبد إن عاش ، وإن مات ، وإن جَنى ، ما بقي عليه شيء» (2) .
[قال] : وقال زيد بن ثابت : «هو عبد ما بقي عليه درهم» (3) .
وقالت عائشةُ : هو عبد ما بقي عليه شيء (4) .
__________
(1) 2 / 787 في المكاتب ، باب القضاء في المكاتب ، وإسناده صحيح .
(2) ذكره البخاري تعليقاً 5 / 143 في العتق ، باب بيع المكاتب إذا رضي ، وقد وصله مالك في الرواية التي قبله .
(3) ذكره البخاري تعليقاً 5 / 143 في العتق ، باب بيع المكاتب إذا رضي ، قال الحافظ في " الفتح " : وصله الشافعي وسعيد بن منصور من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد عن زيد بن ثابت قال في المكاتب : هو عبد ما بقي عليه درهم .
(4) انظر التعليق الذي بعده .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
1- أخرجه مالك في الموطأ بشرح الزرقاني (4/127) عن نافع أن عبد الله بن عمر فذكره.
2- وأخرجه البخاري تعليقا (5/229) في كتاب المكاتب إذا رضى وقد وصله مالك في الرواية التي قبله.
3- أخرجه البخاري تعليقا (5/229) في المكاتب باب يسع المكاتب إذا رضى قال الحافظ في الفتح : وصله الشافعي وسعيد بن منصور من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد عن زيد بن ثابت قال في المكاتب هو عبد ما بقى عليه درهم.

5938 – () عائشة - رضي الله عنها - قالت : «المكاتَب عبد ما بقي عليه درهم ، إِن عاش ، وإِن مات ، وإن جنى ، في جميع أحكامه» . أخرجه ... (1) .
__________
(1) كذا في الأصل بياض بعد قوله : أخرجه ، وفي المطبوع : أخرجه رزين ، وقد ذكره البخاري تعليقاً 5 / 143 في العتق ، باب بيع المكاتب إذا رضي ، قال الحافظ في " الفتح " : وصله ابن أبي شيبة وابن سعد من طريق عمرو بن ميمون عن سليمان بن يسار قال استأذنت على عائشة -[92]- فعرفت صوتي فقالت : سليمان ؟ فقلت : سليمان ، فقالت : أديت ما بقي عليك من كتابتك ؟ قلت : نعم إلا شيئاً يسيراً ، قالت : ادخل فإنك عبد ما بقي عليك شيء - يريد الحديث الذي بعده - وروى الطحاوي من طريق ابن أبي ذئب عن عمران بن بشير عن سالم هو مولى النضريين أنه قال لعائشة : ما أراك إلا ستحتجبين مني ، فقالت : مالك ؟ فقال : كاتبت ، فقالت : إنك عبد ما بقي عليك شيء .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
وأخرجه البخاري تعليقا (5/229) في كتاب المكاتب باب وسع المكاتب إذا رضى قال الحافظ في الفتح : وصله ابن أبي شيبة وابن سعد من طريق عمرو بن ميمون عن سليمان بن يسار قال استأذنت على عائشة فعرفت صوتي فقالت سليمان فقلت سليمان فقالت أديت ما بقي عليك من كتابتك قلت : نعم إلا شيئا يسيرا قالت ادخل فإنك عبد ما بقي عليك شيء يريد الحديث الذي يعده. وروى الطحاوي من طريق ابن أبي ذئب عن عمران بن بشير عن سالم هو مولي النضر يبين أنه قال لعائشة ما أراك إلا ستحتجبين مني فقالت ما لك ؟ فقال كاتبت فقالت إنك عبد ما بقي عليك شيء.

5939 - (خ) سليمان بن يسار : قال : «استأذنت على عائشة فَعَرَفَتْ صوتي، فقالت : [سليمان؟] ادخل ، فإنك عبد مملوك ما بقي عليك درهم» . أخرجه البخاري تعليقاً في «كتاب الشهادات» (1) .
__________
(1) ذكره البخاري تعليقاً 5 / 194 في الشهادات ، باب شهادة الأعمى ونكاحه وأمره وإنكاحه ومبايعته وقبوله في التأذين وغيره وما يعرف بالأصوات ، وقد تقدم الكلام عليه في الحديث الذي قبله .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه البخاري تعليقا (5/194) في الشهادات باب شهادة الأعمى ونكاحه وأمره وإنكاحه ومبايعته وقبوله في التأذين وغيره وما يعرف بالأصوات.

5940 - (ت د س) عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما - أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم- قال : «إذا أصاب المكاتَبُ حداً أو ميراثاً ، وَرِث بحساب ما عَتق منه ، وقال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم- : يُودَى المكاتَبُ بحصة ما أدَّى : ديةَ حُرٍّ ، وما بقي : ديةَ عبد» . أخرجه الترمذي.
وعند أبي داود قال : «إِذا أصاب المكاتَبُ حدّاً أو وَرِثَ ميراثاً يَرِثُ على قدر ما عتق منه» .
وفي رواية النسائي : «المكاتَب يُعْتق بقدر ما أدَّى ، ويقام عليه الحَدُّ بقدر ما يُعْتَقُ منه ، ويرث بقدر ما عتق منه» (1) .
__________
(1) رواه الترمذي رقم (1259) في البيوع ، باب ما جاء في المكاتب إذا كان عنده ما يؤدي ، وأبو داود رقم (4582) في الديات ، باب في دية المكاتب ، والنسائي 8 / 45 و 46 في القسامة ، باب دية المكاتب ، وقال الترمذي : حديث ابن عباس حديث حسن ، وهو كما قال .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
1- أخرجه أحمد (1/22) (1944) ، (1/226) (1984) قال : حدثنا إسماعيل ، قال : حدثنا هشام الدستوائي. وفي (1/260) (2356) قال : حدثنا محمد بن عبد الله ، قال : حدثنا هشام ابن أبي عبد الله. وفي (1/292) (2660) قال : حدثنا عفان ، قال : حدثنا أبان العطار. وفي (1/363) (3423) قال : حدثنا يعلى ، قال : حدثنا حجاج الصواف. وأبو داود (4581) قال : حدثنا مسدد ، قال: حدثنا يحيى بن سعيد. (ح) وحدثنا إسماعيل ، عن هشام. (ح) وحدثنا عثمان بن أبي شيبة ، قال : حدثنا يعلى بن عبيد ، قال : حدثنا حجاج الصواف. والنسائي (8/45) قال: أخبرنا محمد ابن المثنى ، قال : حدثنا وكيع ، قال : حدثنا علي بن المبارك (ح) وأخبرنا محمد بن عبيد الله بن يزيد ، قال : حدثنا عثمان بن عبد الرحمن الطرائفي. قال : حدثنا معاوية وفي (8/46) قال : حدثنا محمد بن إسماعيل بن إبراهيم ، قال : حدثنا يعلى ، عن الحجاج الصواف. وفي (8/46) قال : أخبرنا القاسم بن زكريا بن دينار ، قال : حدثنا سعيد بن عمرو الأشعثي ، قال : حدثنا حماد بن زيد ، عن أيوب. وفي الكبرى تحفة الأشراف (6242) عن سليمان بن سلم ، عن النضر بن شميل ، عن هشام (ح) وعن عبيد الله بن سعيد ، عن معاذ بن هشام، عن أبيه. (ح) وعن عبيد الله بن فضالة ، عن محمد بن المبارك ، عن معاوية بن سلام.
سبعتهم - هشام الدستوائي ، وأبان العطار ، وحجاج الصواف ، ويحيى بن سعيد ، وعلي بن المبارك ، ومعاوية بن سلام ، وأيوب - عن يحيى بن أبي كثير.
2- وأخرجه أحمد (1/369) (3489) قال : حدثنا يزيد ، قال : أخبرنا حماد بن سلمة. وأبو داود (4582) قال : حدثنا موسى بن إسماعيل ، قال : حدثنا حماد بن سلمة والترمذي (1259) قال : حدثنا هارون بن عبد الله البزار ، قال : حدثنا يزيد بن هارون ، قال : أخبرنا حماد بن سلمة ، والنسائي (8/46 قال : أخبرنا محمد بن عيسى بن النقاش ، قال : حدثنا يزيد يعني ابن هارون ، قال : أنبأنا حماد. (ح) وأخبرنا القاسم بن زكريا بن دينار ، قال : حدثنا سعيد بن عمرو الأشعثي ، قال : حدثنا حماد بن زيد ، وفي الكبرى تحفة الأشراف (5993) عن محمد بن إسماعيل بن إبراهيم ، عن يزيد بن هارون ، عن حماد بن سلمة (ح) وعن أبي بكر بن علي ، عن القواريري ، عن حماد بن زيد.
كلاهما - ابن سلمة ، وابن زيد - عن أيوب.
كلاهما - يحيى بن أبي كثير ، وأيوب - عن عكرمة ، فذكره.
قال أبو عيسى : حديث ابن عباس حديث حسن وهكذا روى يحيى بن أبي كثير عن عكرمة عن ابن عباس عن النبي وروى خالد الحذاء عن عكرمة ، عن علي ، قوله.

5941 - (د ت) أم سلمة - رضي الله عنها - قالت : قال لنا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- : «إذا كان عند مُكَاتَبِ إحداكنَّ ما يُؤدِّي فَلْتَحْتَجِبْ منه» . أخرجه الترمذي وأبو داود (1) .
__________
(1) رواه الترمذي رقم (1261) في البيوع ، باب ما جاء في المكاتب إذا كان عنده ما يؤدي ، وأبو داود رقم (3928) في العتق ، باب المكاتب يؤدي بعض كتابته فيعجز أو يموت ، ورواه أيضاً ابن ماجة رقم (2520) في العتق ، باب المكاتب ، وفي سنده نبهان مولى أم سلمة ، لم يوثقه غير ابن حبان ، وباقي رجاله ثقات ، أقول : وهو حديث حسن بشواهده وقال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه الحميدي (289) قال : حدثنا سفيان وأحمد (6/289) قال : حدثنا سفيان بن عيينة. وفي (6/308) قال : حدثنا عبد الرزاق. قال : حدثنا معمر. وفي (6/311) قال : حدثنا محمد بن جعفر. قال : حدثنا معمر. وأبو داود (3928) قال : حدثنا مسدد. قال : حدثنا سفيان وابن ماجه (2520) قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. قال : حدثنا سفيان بن عيينة. والترمذي (1261) قال : حدثنا سعيد بن عبد الرحمن. قال : حدثنا سفيان بن عيينة. والنسائي في الكبرى تحفة الأشراف (13/18221) عن محمد بن منصور ، عن سفيان (ح) وعن عبيد الله بن سعد بن إبراهيم بن سعد ، عن عمه يعقوب بن إبراهيم بن سعد ، عن أبيه ، عن صالح. قال النسائي : وحدثنا مرة أخرى فذكر لفظا آخر. (ح) وعن عبد الحميد بن محمد ، عن مخلد بن يزيد ، عن سفيان ، عن محمد بن عبد الرحمن مولى آل طلحة عن نصر بن علي ، عن عبد الأعلى ، عن معمر ، (ح) وعن محمد بن نصر ، عن أيوب بن سلمان بن بلال ، عن أبي بكر بن أبي أويس ، عن سليمان بن بلال ، عن محمد بن أبي عتيق وموسى بن عقبة (ح) وعن عبيد الله بن سعد ، عن عمه يعقوب بن إبراهيم بن سعد ، عن أبيه ، عن ابن إسحاق.
سبعتهم - سفيان بن عيينة ، ومعمر ، وصالح ، ومحمد بن عبد الرحمن ، ومحمد بن أبي عتيق ، وموسى بن عقبة ، وابن إسحاق - عن ابن شهاب الزهري ، عن نبهان مولى أم سلمة ، فذكره.
(*) في رواية الحميدي. قال سفيان : انتهى حفظي من الزهري إلى هذا فأخبرني بعد معمر عن الزهري ، عن نبهان قال : كنت أقود بأم سلمة بغلتها.
فقالت لي : يا نبهان كم بقي عليك من مكاتبتك ؟ فقلت : ألف درهم. قال : فقالت : أفعندك ماتودي ؟ قلت : نعم
قالت : فادفعها إلى فلان أخ لها أو ابن أخ لها وألقت الحجاب وقالت : السلام عليك يا نبهان ، هذا آخر ما تراني ، إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال : «إذا كان لإحداكن مكاتب وعنده ما يؤدي لتحتجب منه» . فقلت ما عندي ما أؤدي ولا مؤدي.
وفي سنده نبهان مولى أم سلمة لم يوثقه غير ابن حبان وقال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح.

5942 - (ط) مالك بن أنس - رحمه الله - : «بلغه أن أمَّ سلمةَ زوجَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم- كانت تُقاطع مُكَاتَبِيها بالذهب والورِق» . أخرجه الموطأ (1) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(تُقاطع) المقاطعة : ضرب القطيعة ، وهي الخراج على الأرض أو العبد ، والمراد بها : المكاتبة التي تتقرر على العبد.
__________
(1) 2 / 792 بلاغاً في المكاتب ، باب القطاعة في الكتابة ، وإسناده منقطع .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه مالك في الموطأ بشرح الزرقاني (4/135) أنه بلغه وإسناده منقطع.

5943 - (ط) مالك بن أنس - رحمه الله - «بلغه : أن عبد الله بن عمر كاتب غلاماً له على خمسة وثلاثين ألف درهم ، ثم وضع عنه من آخر كتابته خمسة آلاف درهم» . أخرجه الموطأ (1) .
__________
(1) بلاغاً 2 / 788 في المكاتب ، باب القضاء في المكاتب ، وإسناده منقطع .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه مالك في الموطأ بشرح الزرقاني (4/130) بلاغا وإسناده منقطع.

5944 - (خ) موسى بن أنس (1) - رحمه الله - قال : «سأل سيرين (2) -[94]- أنساً المكاتبةَ - وكان كثيرَ المال - فأبى ، فانطلق سيرين إلى عمرَ ، فدعاه عمرُ ، وقال له : كاتبْه ، فأبى ، فضربه بالدِّرَّة ، وتلا : {فَكَاتِبُوهُمْ إن عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خيراً} [النور: 33] فكاتبه» . أخرجه ... (3) .
__________
(1) في الأصل : عمر بن أنس ، والتصحيح من البخاري وكتب الرجال .
(2) يكنى أبا عمرة ، وهو والد محمد بن سيرين الفقيه المشهور وإخوته ، وكان من سبي عين التمر اشتراه أنس في خلافة أبي بكر ، وروى هو عن عمر وغيره ، وذكره ابن حبان في ثقات التابعين .
(3) كذا في الأصل بياض بعد قوله : أخرجه ، وفي المطبوع : أخرجه البخاري تعليقاً ، وقد ذكره البخاري تعليقاً 5 / 125 في العتق ، باب المكاتب ونجومه ، قال الحافظ في " الفتح " : وقد رواه عبد الرزاق والطبري من وجه آخر متصلاً من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن أنس قال : أرادني سيرين على المكاتبة فأبيت ، فأتى عمر بن الخطاب ... فذكر نحوه .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه البخاري تعليقا باب المكاتب ونجومه قال الحافظ في الفتح : وقد رواه عبد الرزاق والطبري من وجه آخر متصلا من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن أنس قال : أرادني سيرين على المكاتبة فأبيت فأتى عمر بن الخطاب.. فذكر نحوه.

5945 - (خ م ط ت د س) عائشة - رضي الله عنها - «أن بَرِيرَةَ جاءت تَستَعين بها في كتابتها ، ولم تكن قَضَت من كتابتها شيئاً ، فقالت لها عائشةُ : ارجعي إلى أهلك ، فإن أَحَبُّوا أَن أَقضيَ عنكِ كتابتكِ ويكون ولاؤكِ لي فعلتُ ، فذكرت ذلك بريرةُ لأهلها ، فأَبَوْا ، وقالوا : إن شاءت أن تحتسب عليكِ فلتفعلْ ، ويكون لنا ولاؤكِ ، فذكرت ذلك لرسولِ الله - صلى الله عليه وسلم- ، فقال لها رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- : ابْتَاعي وأَعْتِقي ، فإنما الولاءُ لمن أَعْتَق ، ثم قام رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- ، فقال : ما بالُ أُنَاس يشترطون شروطاً ليست في كتاب الله ؟ مَن اشترط شرطاً ليس في كتاب الله فليس له وإن شرط مائة مرة ، شرطُ الله أَحَقُّ وأَوْثَقُ» .
وفي رواية قالت : «جاءتني بريرةُ ، فقالت : كاتبت أهلي على تِسعِ -[95]- أوَاق : في كل عام أوقية ، فأعينيني. ثم ذكر نحوه ، وفيه : ثم قام رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- في الناس ، فحمِدَ الله وأَثْنى عليه ، ثم قال : ما بالُ أقوام يشترطون شروطاً ليست في كتاب الله ؟ ما كان من شرط ليس في كتاب الله ، فهو باطل ، وإن كان مائةَ شرط ، قضاءُ الله أحقُّ ، وشرطُ الله أوْثَقُ ، وإنما الولاءُ لمن أعتق» . أَخرجه البخاري ومسلم.
وللبخاري : «أن بريرةَ دخلت عليها تستعينُها في كتابتها وعليها خَمس أَواق نُجِّمَتْ عليها في خمس سنين ، فقالت لها عائشة - ونَفِسَت فيها - : أرأيتِ إن عَدَدْتُ لهم عَدَّةً واحدة ، أيبيعُكِ أهلُكِ فأعتقكِ ، فيكون ولاؤك لي ؟ فذهبت بريرةُ إلى أهلها ، فعرضت ذلك عليهم ، فقالوا : لا ، إلا أن يكون لنا الولاءُ ، قالت عائشةُ : فدخلَ عليَّ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- ، فذكرت ذلك له ، فقال لها رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- : اشتريها فأعتقيها ، فإنما الولاءُ لمن أعتق...» وذكر نحوه.
وفي أخرى قال : «لا يمنعكِ ذلكِ ، ابْتاعي وأعْتقي ، ثم قام رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- في الناس ، فحمد الله ، ثم قال : أما بعدُ» .
وله في أخرى : «أن بريرةَ جاءتْ تستعين عائشةَ أمَّ المؤمنين ، فقالت لها : إِنْ أحبَّ أهلك أن أصبَّ لهم ثمنك صَبَّة واحدة فأعتقك فعلتُ ، فذكرت ذلك بريرةُ لأهلها ، فقالوا : لا ، إِلا أن يكون ولاؤكِ لنا ، فزعمت -[96]- عَمْرَةُ أن عائشة ذكرت ذلك لرسولِ الله - صلى الله عليه وسلم- فقال : اشتريها فأعتقيها ، فإنما الولاء لمن أعتق» .
وأخرج الموطأ الرواية الثانية ، وأخرج الترمذي نحوها ، ولم يذكر مقدار ما كُوتِبَتْ عليه ، وآخر حديثه : «ولو اشترط مائة مرة» ، وأخرجها أبو داود ، وله في أخرى مثل الأولى.
وفي رواية النسائي قال : «كاتبتْ بريرةُ على نفسها في تِسع أوَاق ، في كل سنة أُوقية ، فأتتْ عائشةَ تستعينها ، فقالت : إِلا أن يشاؤوا أن أَعُدَّها لهم عَدَّة واحدة ، ويكون الولاء لي ، فذهبت بريرةُ ، فكلَّمتْ في ذلك أهلها ، فأَبَوْا عليها ، إلا أن يكونَ الولاءُ لهم ، فجاءت إلى عائشةَ ، وجاء رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- ، فقالت لها ما قال أهلها ، قالت : لاها الله إذاً ، إِلا أن يكونَ الولاءُ لي ، فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- : ما هذا ؟ فقالت : يا رسول الله ، إن بريرة أتتْني تستعينني على كتابتها ، فقلت : إلا أن يشاؤوا أن أَعُدَّها لهم عَدَّة واحدة ، ويكون الولاءُ لي ، فذكرتْ ذلك لأهلها ، فَأَبَوْا عليها ، إِلا أن يكونَ الولاءُ لهم ، فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- : ابْتَاعيها واشترطي لهم الولاء ، فإن الولاءَ لمن أعتق ، ثم قام فخطب الناس ، فحمد الله ، وأثنى عليه، ثم قال : ما بالُ أقوام يشترطون شروطاً ليست في كتاب الله عز وجل ، يقول : أعْتِقْ فلاناً والولاءُ لي ؟ كتابُ الله أحقُّ ، وشرطُ الله -[97]- أوثقُ ، وكلُّ شرط ليس في كتاب الله فهو باطل وإن كان مائة شرط ، فَخَيَّرها رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- من زوجها - وكان عبداً - فاختارتْ نفسها ، قال عروة : ولو كان حُرّاً لما خيَّرها رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم-» . وأخرج الرواية الأولى والثانية (1) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(تحتسب عليك) الاحتساب هاهنا : كناية عن الصدقة ، والمعنى : أنها تحتسب بأجرها عند الله تعالى.
(نَفِسَت) نفست في الشيء : إذا رغبت فيه وآثرته ، وحرصتَ على تحصيله -[98]-
(نَجَّمت) الدَّيْن على الغريم : إذا قسَّطتَه عليه في مدة معلومة يوصله فيها.
(صبَّة) الصُّبَّة بالضم : الماء القليل ، والقطعة من المعز ، والإبل ، والخيل ، وبالفتح : المرة الواحدة ، من صَبَّ الشيء يصبُّه صبّاً : أي فرغّه ورماه ، وهو المراد في الحديث ، أي : تعطيهم ثمنها دفعة واحدة.
(لاها الله إذاً) هذا من ألفاظ القسم ، كأنه قال : لا والله إذاً ، فيجعلون الهاء مكان الواو ، قال الخطابي : هكذا جاء في الحديث «لاها اللهِ إذاً» قال : والصواب «لاها اللهِ ذا» ، بغير ألف قبل الذال ، أي : لا واللهِ لا يكون ذا.
__________
(1) رواه البخاري 5 / 137 في العتق ، باب ما يجوز من شروط المكاتب ، وباب بيع الولاء وهبته ، وباب استعانة المكاتب وسؤاله الناس ، وباب بيع المكاتب إذا رضي ، وباب إذا قال المكاتب : اشترني وأعتقني فاشتراه لذلك ، وفي المساجد ، باب ذكر البيع والشراء على المنبر في المسجد ، وفي الزكاة ، باب الصدقة على موالي أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ، وفي البيوع ، باب البيع والشراء مع النساء ، وفي الهبة ، باب قبول الهدية ، وفي الشروط ، باب الشروط في البيع ، وباب ما يجوز من شروط المكاتب إذا رضي بالبيع على أن يعتق ، وباب الشروط في الولاء ، وباب المكاتب وما لا يحل من الشروط التي تخالف كتاب الله ، وفي الطلاق ، باب شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم في زوج بريرة ، وفي الأيمان والنذور ، باب إذا أعتق في الكفارة لمن يكون ولاؤه ، وفي الفرائض ، باب الولاء لمن أعتق وميراث اللقيط ، وباب ميراث السائبة ، وباب إذا أسلم على يديه ، وباب ما يرث النساء من الولاء ، ومسلم رقم (1504) في العتق ، باب إنما الولاء لمن أعتق ، والموطأ 2 / 780 في العتق ، باب مصير الولاء لمن أعتق ، والترمذي رقم (2125) في الوصايا ، باب رقم (2) ، وأبو داود رقم (3929) و (3930) في العتق ، باب في بيع المكاتب إذا فسخت الكتابة ، والنسائي 7 / 305 و 306 في البيوع ، باب بيع المكاتب ، وباب المكاتب يباع قبل أن يقضي من كتابته شيئاً .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح : أخرجه البخاري في المكاتب (2:1) عن قتيبة ، وفي الشروط (3) عن القعنبي ومسلم في العتق (3:2) عن قتيبة ،
كلاهما عن ليث عن محمد الزهري عن عروة عن عائشة. وأبو داود فيه العتق (2:1) عن القعنبي وقتيبة عن ليث عن محمد الزهري عن عروة عن عائشة والترمذي في الوصايا (7:3) عن قتيبة عن ليث عن محمد الزهري عن عروة عن عائشة. وقال : حسن صحيح. والنسائي في البيوع (83) عن قتيبة ، عن ليث عن محمد الزهري عن عروة ، عن عائشة. وفيه البيوع (84) وفي العتق الكبرى (18:2) عن يونس بن عبد الأعلى عن ابن وهب قال : أخبرني رجال من أهل العلم منهم يونس والليث عن ابن شهاب نحوه الأشراف (12/72) .

الكتاب الرابع : في العدَّة والاسْتبراء ، وفيه بابان
الباب الأول : في مقدارهما ، وفيه ثلاثة فصول
الفصل الأول : في عِدَّة المطلقة والمختلعة
5946 - (د) أسماء بنت يزيد بن السكن الأنصارية - رضي الله عنهما - : «أنهَا طُلِّقت على عهد رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم- ، ولم يكن للمطلقة عدَّة ، فأنزل الله تعالى العدَّة للطلاق ، فكانت أولَ من نزل فيها العدةُ للطلاق» . أخرجه أبو داود (1) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(العدة) عدة المرأة : ما تَعُدّ من أيام أقرائها ، أو أيام حملها ، أو أربعة أشهر وعشر ليال.
__________
(1) (2281) في الطلاق ، باب في عدة المطلقة ، وفي سنده مهاجر بن أبي مسلم واسمه دينار ، الشامي الأنصاري مولى أسماء بنت يزيد ، لم يوثقه غير ابن حبان ، وباقي رجاله ثقات .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه أبو داود (2281) قال : حدثنا سليمان بن عبد الحميد البهراني. قال : حدثنا يحيى بن صالح. قال : حدثنا إسماعيل بن عياش. قال : حدثني عمرو بن مهاجر ، عن أبيه ، فذكره.

5947 - (د س) عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما - قال : قال الله تعالى : {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بأنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة : 228] ، وقال الله تعالى : {وَالَّلائِي يَئِسْنَ مِنَ المَحِيضِ مِنْ نِّسائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ} [الطلاق : 4] ، فنسخ من ذلك فقال : {ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ (1) مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَها} [الأحزاب: 49] . أخرجه أبو داود.
وفي رواية النسائي قال : في قوله تعالى : {مَا نَنْسَخْ من آيَةٍ أوْ نُنْسِها نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْها أَو مِثْلِها} [البقرة : 106] ، قال : {وَإِذا بَدَّلْنَا آيةً مَّكَانَ آيَةٍ} [النحل : 101] ، وقال : {يَمْحُو اللهُ مَا يَشاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الكِتابِ} [الرعد : 39] ، فأولُ ما نُسخ من القرآن : {والمطلقاتُ يتربصن بأنفسهن ثلاثةَ قروءٍ} وقال : {واللائي يَئِسْنَ مِنَ المَحِيضِ مِن نسائكم إن ارتبتم فعدتهن ثلاثةُ أشهر} فنسخ من ذلك ، وقال تعالى : {ثم طلقتموهنَّ (2) من قبل أن تمسوهنَّ فما لكم عليهنَّ من عِدَّةٍ تعتدُّونها} .
وفي رواية له : «فأول ما نُسخ من القرآن : القِبْلَةُ. وقال : {والمطلقات يتربصنَ بأنفسهن ثلاثةَ قروء ولا يَحِلُّ لهنَّ أن يَكْتُمْنَ ما خلق الله في أرحامهن إن كُنَّ يُؤمِنَّ بالله واليومِ الآخر وبُعُولَتُهُنَّ أَحقُّ بردِّهنَّ في ذلك إن أرادوا إصْلاحاً} [البقرة : 228] ، وذلك أن الرجل كان إذا -[101]- طلق امرأته فهو أحق برجعتها - وإن طلقها ثلاثاً - فنسخ ذلك ، فقال : {الطَّلاقُ مَرَّتانِ فَإِمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ أو تَسْريحٌ بِإِحْسَانٍ} [البقرة : 229]» .
وأخرج أبو داود نحو هذه الثانية أخْصر منها (3) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(التربُّص) : المكث والانتظار.
(قُروء) القروء : جمع قرء - بفتح القاف - وهو الطهر عند الشافعي ، والحيض عند أبي حنيفة.
__________
(1) في الأصل بخط المؤلف ، ونسخ سنن أبي داود المطبوعة : (وإن طلقتموهن) وهو خطأ .
(2) في الأصل بخط المؤلف ، ونسخ سنن النسائي المطبوعة : (وإن طلقتموهن) وهو خطأ .
(3) رواه أبو داود رقم (2195) في الطلاق ، باب نسخ المراجعة بعد التطليقات الثلاث ، ورقم (2282) في الطلاق ، باب في نسخ ما اسثني من عدة المطلقات ، والنسائي 6 / 187 في الطلاق ، باب ما اسثني من عدة المطلقات ، وباب نسخ المراجعة بعد التطليقات الثلاث ، وإسناده حسن .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه أبو داود (2195) (2282) قال : حدثنا أحمد بن محمد بن ثابت المروزي. والنسائي (6/187) (212) قال : أخبرنا زكريا بن يحيى ، قال : حدثنا إسحاق بن إبراهيم.
كلاهما - أحمد بن محمد ، وإسحاق بن إبراهيم - عن علي بن الحسين بن واقد ، قال : حدثني أبي ، قال: حدثنا يزيد النحوي ، عن عكرمة ، فذكره.

5948 - (ط) عروة «أن عائشةَ - رضي الله عنها - انْتَقَلَت (1) حفصة بنت عبد الرحمن بن أبي بكر ، حين دَخلتْ في الدم من الحيضة الثالثة» قال ابن شهاب (2) : فبلغني ذلك ، فذكرتُه لعَمرة بنت عبد الرحمن ، فقالت : صدق عروةُ ، وقد جَادَلَهَا في ذلك ناس ، وقالوا : إن الله تعالى يقول في كتابه : {ثلاثةََ قُروء} فبلغ عائشةَ ، فقالت : صدقتم ، أتدرون ما الأقراء ؟ هي الأطهار.
قال مالك : قال ابن شهاب : سمعت أبا بكر بن عبد الرحمن يقول : «ما أدركتُ أحداً -[102]- من فقهائنا إلا وهو يقول ما قالت عائشة» . أخرجه الموطأ (3) .
__________
(1) أي : نقلت .
(2) في الأصل : ابن عباس ، وما أثبتناه من نسخ الموطأ المطبوعة ، وهو الصواب .
(3) 2 / 576 و 577 في الطلاق ، باب ما جاء في الأقراء وعدة الطلاق وطلاق الحائض ، وإسناده صحيح .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه مالك في الموطأ بشرح الزرقاني (3/261) عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير عن عائشة.

5949 - (ط) سليمان بن يسار «أن الأحوص (1) هلك بالشام ، حين دخلت امرأته في الدم من الحيضة الثالثة ، وقد كان طلَّقها ، فكتب معاويةُ بنُ أبي سفيان إلى زيد بن ثابت يسأله عن ذلك ؟ فكتب إليه زيد : أنها إذا دخلت في الدم من الحيضة الثالثة : فقد برئتْ منه ، وبرئ منها ، لا يرِثُها ولا ترثُه» . أخرجه الموطأ (2) .
__________
(1) هو الأحوص بن عبد بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف ... ذكر الكلبي والبلاذري أنه كان عاملاً لمعاوية على البحرين ... .
(2) 2 / 577 في الطلاق ، باب ما جاء في الأقراء وعدة الطلاق وطلاق الحائض ، وإسناده صحيح .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه مالك في الموطأ بشرح الزرقاني (3/263) عن نافع وزيد بن أسلم عن سليمان بن يسار فذكره.

5950 - (ط) عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - كان يقول : «إذا طلق الرجلُ امرأتَهُ ، فدخلت في الدم من الحيضة الثالثة : فقد برئت منه ، وبرئ منها» . أخرجه الموطأ (1) .
__________
(1) 2 / 578 في الطلاق ، باب ما جاء في الأقراء وعدة الطلاق وطلاق الحائض ، وإسناده صحيح .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه مالك في الموطأ بشرح الزرقاني (3/263) عن نافع عن ابن عمر.

5951 - (ط) سعيد بن المسيب - رحمه الله - قال : قال عمر بن الخطاب : «أيُّما امرأة طُلِّقت ، فحاضت حيضة أو حيضتين ، ثم رَفَعتْها حيضتُها ، فإنها تنتظر تسعة أشهر ، فإن بان بها حمل فذلك ، وإلا اعْتَدَّت بعد التسعة الأشهر -[103]- ثلاثة أشهر ثم حلَّتْ» . أخرجه الموطأ (1) .
__________
(1) 2 / 582 في الطلاق ، باب جامع الطلاق ، وقد اختلف في سماع سعيد بن المسيب من عمر ، والأكثر على عدم سماعه منه ، قال الحافظ في " التهذيب " : وقد وقع لي حديث بإسناد صحيح لا مطعن فيه ، فيه تصريح سعيد بسماعه من عمر ... فذكره 4 / 87 .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه مالك في الموطأ بشرح الزرقاني (3/273) عن يحيى بن سعيد عن يزيد بن عبد الله بن قسيط الليثي عن سعيد بن المسيب (3/273) .
وقد اختلف في سماع سعيد بن المسيب من عمرو الأكثر على عدم سماعه منه قال الحافظ في التهذيب وقد وقع لي حديث بإسناد صحيح لا مطعن فيه تصريح سعيد بسماعه من عمر... فذكره (4/87) .

5952 - (ت س) الرُّبيِّع بنت معوِّذ - رضي الله عنهما - «أنها اختلعت على عهد رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم- ، فأمرها النبيُّ - صلى الله عليه وسلم- أو أُمِرَتْ - أن تعتدَّ بحيضة» . أخرجه الترمذي.
وفي رواية النسائي : أن الرُّبيِّعَ قالت : «اختلعت من زوجي ، ثم جئتُ عثمانَ ، فسألته : ماذا عليَّ من العِدَّة ؟ قال : لا عِدَّةَ عليكِ : إِلا أن تكوني حديثةَ عهد به ، فتمكثي حتى تحيضي حيضة ، قال : وإني مُتَّبع في ذلك قضاءَ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم- في مَرْيمَ المَغَاليَّةِ كانت تحت ثابت بن قيس بن شَمَّاس ، فاختلعتْ منه» (1) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(فتمكثي) التَّمكُّث : التَّلَبُّث والإقامة.
(اختلعت) الاختلاع في ألفاظ الفقه : هو أن يُطلِّقها على عوض ، وفائدته : إبطال الرجعة إلا بنكاحٍ جديد (حديثةَ عهد) فلان حديث عهد ، وحديثٌ عهده بالشيء : إذا كان قريب العهد به.
__________
(1) رواه الترمذي رقم (1185) في الطلاق ، باب ما جاء في الخلع ، والنسائي 6 / 186 في الطلاق ، باب عدة المختلعة ، وإسناده حسن .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه الترمذي (1185) قال : حدثنا محمود بن غيلان. قال : أنبأنا الفضل بن موسى ، عن سفيان. قال : أنبأنا محمد بن عبد الرحمن ، وهو مولى آل طلحة ، عن سليمان بن يسار ، فذكره.
أخرجه ابن ماجه (2058) قال : حدثنا علي بن سلمة النيسابوري. والنسائي (6/186) قال : أخبرنا عبيد الله بن سعد بن إبراهيم بن سعد.
كلاهما - علي بن سلمة النيسابوري ، وعبيد الله بن سعد بن إبراهيم بن سعد- قالا : حدثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد. قال : حدثنا أبي ، عن ابن إسحاق قال : أخبرني عبادة بن الوليد بن عبادة بن الصامت ، فذكره.

5953 - (ط) نافع - مولى ابن عمر - رحمه الله - «أن ربيع بنت -[104]- مُعوِّذ بن عَفْرَاء جاءت وعَمَّتُها (1) إلى ابن عمر ، فأخبرته : أنها اختلعت من زوجها في زمن عثمان ، فبلغه ذلك ، فلم يُنكره ، وقال ابن عمر لها : عدّتُكِ عدَّةُ المطلقة» . أخرجه الموطأ (2) .
__________
(1) في نسخ الموطأ المطبوعة : جاءت هي وعمها .
(2) 2 / 565 في الطلاق ، باب طلاق المختلعة ، وإسناده صحيح .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه مالك في الموطأ بشرح الزرقاني (3/240) عن نافع أن ربيع بن معوذ فذكره.

5954 - (د ت) عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما - «أن امرأة ثابت بن قيس بن شماس ، اختلعت من زوجها على عهد النبيِّ - صلى الله عليه وسلم- ، فأمرها رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- أن تَعْتَدَّ بحيضة» . أخرجه الترمذي.
وفي رواية أبي داود «أن امرأةَ ثابتِ بنِ قيس اختلعت منه ، فجعل النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم- عدَّتها حيضة» (1) .
__________
(1) رواه الترمذي رقم (1185) في الطلاق ، باب ما جاء في الخلع ، وأبو داود رقم (2229) في الطلاق ، باب في الخلع ، وقال الترمذي : هذا حديث حسن غريب ، وهو كما قال .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه أبو داود (2229) والترمذي (1185) .
كلاهما عن محمد بن عبد الرحيم البزاز ، قال : حدثنا علي بن بحر القطان ، قال : حدثنا هشام بن يوسف، عن معمر ، عن عمرو بن مسلم ، عن عكرمة ، فذكره.
قال أبو داود : وهذا الحديث رواه عبد الرزاق ، عن معمر ، عن عمرو بن مسلم ، عن عكرمة ، عن النبي، مرسلا.
وقال الترمذي : هذا حديث حسن غريب.

5955 - (د) عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - قال : «عِدَّةُ المختلعة عدةُ المطلقة» . أخرجه أبو داود (1) .
__________
(1) رقم (2230) في الطلاق ، باب في الخلع ، وهو حديث حسن .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه أبو داود (2230) حدثنا القعنبي ، عن مالك ، عن نافع ، عن ابن عمر فذكره.

الفصل الثاني : في عدة الوفاة والحمل
5956 - (خ م ط ت س) أم سلمة - رضي الله عنها - أخرجه البخاري -[105]- عن زينب بنت أبي سلمة عن أُمِّها أُمِّ سلمةَ زوجِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم- : «أن امرأة من أَسْلَمَ - يقال لها : سُبَيْعَةُ - كانت تحت زوجها ، فتُوفي عنها وهي حُبْلَى ، فخطبها أبو السَّنابل بنُ بَعْكَك ، فأبتْ أن تنكحه ، فقال : والله ، ما يَصْلُح أن تنْكحي حتى تعتدِّي آخرَ الأجلين ، فمكثت قريباً من عشر ليال ، ثم جاءت النبيَّ - صلى الله عليه وسلم- ، فقال : انْكحي» .
وأخرجه مسلم من رواية سليمان بن يسار : «أن أَبا سلمة بن عبد الرحمن ، وابن عباس اجتمعا عند أبي هريرة ، وهما يذكران المرأة تنْفس بعد وفاة زوجها بليال ، فقال ابن عباس : عِدَّتها آخرُ الأجلين ، وقال أبو سلمة : قد حَلَّتْ ، فجعلا يتنازعان ذلك ، فقال أبو هريرة : أنا مع ابن أخي - يعني : أبا سلمةَ - فبعثوا كُرَيباً - مولى ابن عباس - إِلى أُمِّ سلمةَ يسألُها عن ذلك ، فجاءهم ، فأخبرهم : أن أُمَّ سلمةَ قالت : إن سُبَيْعةَ الأسلمية نُفِسَتْ بعدَ وفاة زوجها بليال ، وأنها ذكرت ذلك لرسولِ الله - صلى الله عليه وسلم- ، فأمرها أن تزوَّجَ» . وأخرج الموطأ نحو رواية مسلم.
وله في أخرى قال : «سئل ابن عباس وأبو هريرة عن المرأة الحامل يُتَوَفَّى عنها زوجُها ؟ فقال ابن عباس : آخرُ الأجلين ، وقال أبو هريرة : إذا وَلَدتْ فقد حلَّت ، فدخل أبو سلمةَ بنُ عبد الرحمن على أُمِّ سلمةَ زوجِ النبيِّ -[106]- صلى الله عليه وسلم- ، فسألها عن ذلك ؟ فقالت أُمُّ سلمة : وَلَدتْ سُبَيْعةُ الأسلمية بعد وفاة زوجها بنصف شهر ، فخطبها رجلان ، أحدهما شاب ، والآخر كَهْل ، فحطَّتْ إلى الشابِّ ، فقال الشيخ : لم تَحلِّي بعد ، وكان أهلُها غَيَباً ، ورجا إذا جاء أهلها أن يُؤثروه بها ، فجاءت رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم- فقال : قد حَلَلْتِ فانكحي من شئت» .
وفي رواية الترمذي نحو رواية مسلم ، وقال فيها : «وضعت بعد وفاة زوجها بيسير» .
وأخرج النسائي رواية مسلم ، ورواية الموطأ ، ورواية البخاري ، وقال فيها : «قريباً من عشرين ليلة» .
وله في أخرى قال أبو سلمةَ : «اختلف أبو هريرة ، وابنُ عباس في المُتَوفَّي عنها زوجها إِذا وضعتْ حملَها ، قال أبو هريرة : تَزوَّجُ ، وقال ابن عباس : أبْعَدُ الأجلين ، فبعثوا إلى أمِّ سلمة ، فقالت : تُوفِّي زوجُ سُبيعةَ ، فولدت بعد وفاة زوجها بخمسة عشر - نصفِ شهر - قالت : فخطبها رجلان ، فَحطَّتْ بنفسها إلى أحدهما ، فلما خَشُوا أن تَفْتَاتَ بنفسها ، قالوا : إنكِ لا تَحلِّين ، قالت : فانطلقتُ إلى رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم- ، فقال : قد حَللْتِ ، فانكحي إِذن مَن شئتِ» .
وفي أخرى له قال أبو سلمة : «قيل لابن عباس في امرأة وضعتْ -[107]- بعد وفاة زوجها بعشرين ليلة : يَصْلُح لها أن تَزَوَّجَ ؟ فقال : لا ، إِلا آخرَ الأجلين ، قلت : قال الله تبارك وتعالى : {وَأُولاتُ الأحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق : 4] ؟ فقال : إِنما ذلك في الطلاق ، فقال أبو هريرة : أنا مع ابن أخي - يعني : أبا سلمةَ - فأرسل غلامَه كُرْيباً ، فقال : ائتِ أمَّ سلمةَ ، فَسَلْها : هل كان هذا سُنَّة من رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم- ؟ فجاء ، فقال : قالت : نعم ، سُبَيْعَةُ الأسلميةُ وَضعتْ بعد وفاة زوجها بعشرين ليلة ، فأمرها رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- أن تزوَّجَ ، فكان أبو السنابل فيمن يخطبها» .
وفي أخرى له : «أن أبا هريرة ، وابن عباس ، وأبا سلمة تذاكروا [عِدَّة] المتوفى عنها تضع عند وفاة زوجها ، فقال ابن عباس : تَعتَدُّ آخر الأجلين ، وقال أبو سلمةَ : تَحِلُّ حين تضع ، فقال أبو هريرة : أنا مع ابن أخي ، فأرسلوا إلى أُمِّ سلمةَ زوجِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم- ، فقالت : وضعتْ سُبيعةُ الأسلمية بعد وفاة زوجها بيسير ، فَاسْتَفْتَتْ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم- ، فأمرها أن تتزوَّجَ» .
وفي رواية له مختصراً ، قالت : «وضعتْ سُبَيْعةُ بعد وفاة زوجها بأيام ، فأمرها رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- أن تزوَّجَ» (1) . -[108]-

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(نفست) بضم النون وفتحها : إذا وَلَدت ، وبفتحها : إذا حاضت.
(فحطت إلى الشاب) [أي : مالت إليه ونزلت بقلبها نحوه] (2) .
(غَيَباً) الغيب بفتح الياء : جمع غائب.
__________
(1) رواه البخاري 9 / 414 في الطلاق ، باب {وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن} ، وفي تفسير سورة الطلاق ، باب {وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن} ، ومسلم رقم (1485) في -[108]- الطلاق ، باب انقضاء عدة المتوفى عنها زوجها وغيرها بوضع الحمل ، الموطأ 2 / 589 و 590 في الطلاق ، باب عدة المتوفى عنها زوجها إذا كانت حاملاً ، والترمذي رقم (1193) في الطلاق ، باب في الحامل المتوفى عنها زوجها تضع ، والنسائي 6 / 190 و 191 في الطلاق ، عدة الحامل المتوفى عنها زوجها .
(2) في الأصل بياض ، وقد أثبتنا هذه الزيادة من " النهاية " للمصنف .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح : أخرجه مالك الموطأ (365) وأحمد (6/314) قال : حدثنا يزيد بن هارون والدارمي (2284) قال : أخبرنا يزيد بن هارون. وفي (2285) قال : أخبرنا محمد بن يوسف. قال : حدثنا سفيان. ومسلم (4/201) قال : حدثنا محمد بن المثنى العنزي. قال : حدثنا عبد الوهاب. (ح) وحدثنا محمد ابن رمح. قال : أخبرنا الليث (ح) وحدثناه أبو بكر بن أبي شيبة وعمرو الناقد. قالا : حدثنا يزيد بن هارون. والترمذي (1194) قال : حدثنا قتيبة. قال : حدثنا الليث. والنسائي (6/192) قال : أخبرنا قتيبة. قال : حدثنا الليث. وفي (6/193) قال : أخبرنا عبد الأعلى بن واصل بن عبد الأعلى. قال : حدثنا يحيى بن آدم ، عن سفيان (ح) وأخبرنا محمد بن سلمة ، عن ابن القاسم ، عن مالك.
خمستهم - مالك ، ويزيد بن هارون ، وسفيان ، وعبد الوهاب الثقفي ، والليث - عن يحيى بن سعيد ، عن سليمان بن يسار ، فذكره.
(*) قال الليث في حديثه : فأرسلوا إلى أم سلمة ولم يسم كريبا.
(*) في رواية سفيان : عن يحيى بن سعيد ، عن سليمان بن يسار ، عن كريب ، عن أم سلمة ، الحديث. دون القصة.
* وأخرجه أحمد (6/289) قال : حدثنا هشيم بن بشير. قال : حدثنا يحيى بن سعيد ، عن سليمان بن يسار ، عن أم سلمة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- ، فذكره بنحوه ليس فيه : عن كريب ، ولا القصة التي في أول الحديث.
(*) وأخرجه مالك الموطأ (364) وأحمد (6/311) قال : حدثنا محمد بن جعفر وحجاج. قالا : حدثنا شعبة. وفي (6/319) قال : قرأت على عبد الرحمن : مالك والنسائي (6/191) قال : أخبرنا محمود بن غيلان. قال : حدثنا أبو داود. قال : حدثنا شعبة. (ح) وأخبرنا محمد بن سلمة والحارث بن مسكين ، قراءة عليه وأنا أسمع. قال محمد : أنبأنا ابن القاسم ، عن مالك.
كلاهما - مالك ، وشعبة - عن عبد ربه بن سعيد بن قيس ، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن ، أنه قال : سئل عبد الله بن عباس وأبو هريرة ، عن المرأة الحامل يتوفى عنها زوجها ؟ فقال ابن عباس : آخر الأجلين. وقال أبو هريرة : إذا ولدت فقد حلت. فدخل أبو سلمة بن عبد الرحمن على أم سلمة ، زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- فسألها عن ذلك ؟ فقالت أم سلمة : ولدت سبيعة الأسلمية بعد وفاة زوجها بنصف شهر. فخطبها رجلان أحدهما شاب والآخر كهل ، فحطت إلى الشاب. فقال الشيخ : لم تحلي بعد. وكان أهلها غيبا. ورجا إذا جاء أهلها أن يؤثروه بها. فجاءت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. فقال : قد حللت فانكحي من شئت.
(*) وأخرجه البخاري (6/193) قال : حدثنا سعد بن حفص. قال : حدثنا شيبان ، عن يحيى. والنسائي (6/1192) قال : أخبرني محمد بن عبد الله بن بزيع. قال : حدثنا يزيد ، وهو ابن زريع. قال : حدثنا حجاج. قال : حدثنا يحيى بن أبي كثير. وفي (6/193) قال : أخبرنا عبد الأعلى بن واصل بن عبد الأعلى. قال : حدثنا يحيى بن آدم ، عن سفيان ، عن محمد بن عمرو. وفي (6/193) أيضا قال : أخبرنا حسين بن منصور. قال : حدثنا جعفر بن عون. قال : حدثنا يحيى بن سعيد. قال : أخبرني سليمان بن يسار.
ثلاثتهم - يحيى بن أبي كثير ، ومحمد بن عمرو ، وسليمان بن يسار - عن أبي سلمة بن عبد الرحمن. قال : جاء رجل إلى ابن عباس. وأبو هريرة جالس عنده. فقال : أفتني في امرأة ولدت بعد زوجها بأربعين ليلة. فقال ابن عباس : آخر الأجلين.
قلت أنا : وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن قال أبو هريرة :أنا مع ابن أخي ، يعني أبا سلمة ، فأرسل ابن عباس غلامة كريبا إلى أم سلمة يسألها.. الحديث.
(*) رواية محمد بن عمرو : «عن أبي سلمة ، عن كريب ، عن أم سلمة» لم يذكر القصة التي في أول الحديث.
(*) وأخرجه البخاري (7/73) قال : حدثنا يحيى بن بكير. والنسائي (6/193) قال : أخبرنا عبد الملك بن شعيب بن الليث بن سعد. قال : حدثني أبي.
كلاهما - يحيى بن بكير ، وشعيب بن الليث - عن الليث. قال : حدثني جعفر بن ربيعة ، عن عبد الرحمن بن هرمز ، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن ، أن زينب بنت أبي سلمة أخبرته عن أمها أم سلمة ، زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- ، أن امرأة من أسلم يقال لها : سبيعة ، كانت تحت زوجها ، توفي عنها وهي حبلى ، فخطبها أبو السنابل بن بعكك فأبت أن تنكحه.. الحديث.

5957 - (خ) أبو سلمة بن عبد الرحمن - رحمه الله - قال : «جاء رجل إلى ابن عباس ، وأبو هريرة جالس عنده ، فقال : أفْتِني في امرأة ولدت بعد زوجها (1) بأربعين ليلة ، فقال ابن عباس : آخر الأَجلين ، وقلت أنا : {وَأُولاتُ الأحْمَال أَجَلُهنَّ أن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق : 4] قال أبو هريرة : وأنا مع ابن أخي - يعني : أبا سلمةَ- فأرسل ابن عباس غلامَه كريباً فسألها ؟ فقالت : قُتِل زوجُ سُبيعةَ وهي حُبْلَى ، فوضعت بعد موته بأربعين ليلة ، فَخُطِبَتْ ، فأنكحها رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- ، وكان أبو السنابل ابن بَعْكَك فيمن خطبها» . أخرجه البخاري (2) . -[109]-
وأورده الحميديُّ في أفراد البخاري في مسند عائشة ، وقال : أخرجه أبو مسعود الدمشقي في أفراد البخاري لعائشة من ترجمة يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن عائشة ، قال الحميديُّ : ثم قال - يعني : أبا مسعود - : وأخرجه مسلم من حديث يحيى الأنصاري عن سليمان بن يسار عن أُمِّ سلمة ، وذلك مذكور في مسند أمِّ سلمة في أفراد مسلم من ترجمة كريب عنها ، قال الحميديُّ ، وليس عندنا من كتاب البخاري إِلا كما أوردناه «فسألها» مُهملاً ، ولم يذكر لها اسماً ، ولعل أبا مسعود وجد ذلك في نسخة عن عائشة.
قلت أنا : صدق الحميديُّ ، ليس في كِتَاب البخاريِّ لها اسم مذكور ، إِنما قال : «فأرسل غلامه كُريباً ، فسأَلها» ، ولم يُسَمِّها ، وما أظنّ أبا مسعود إِلا قد وَهِمَ في إضافة هذا الحديث إِلى عائشةَ ، فإن الحديث باختلاف طرقه جميعها مرجوع إلى أُمِّ سلمة ، وهذه الرواية التي أخرجها البخاريُّ من ترجمة يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة قد أخرجها النسائيُّ.
قال : أخبرني محمد بن عبد الله بن بَزِيع ، قال : حدثنا يزيد - وهو ابن زريع- قال : حدثنا حجاج ، قال : حدثنا يحيى بن أبي كثير ، قال : حدثني أبو سلمةَ بنُ عبد الرحمن ، قال : «قيل لابن عباس في امرأة وضعت...» وذكر الحديث. وقد تقدَّم ذِكْره في جملة روايات النسائي في حديث أُمِّ سلمة ، إلا أنه قال فيها : «عشرين ليلة» ، بدل «أَربعين» ، والباقي مثله ، وهذا مما يدل على أن قول البخاريِّ : «فأرسل -[110]- ابنُ عباس كُرَيْباً فسألها» يريد : أُمَّ سلمةَ ، لا عائشةَ ، والله أعلم. وحينئذ يكون هذا الحديث من جملة روايات الذي قبله ، وإن صح ما حكاه أَبو مسعود فيكون مفرداً برأسه ، وحيث أَفرده الحميديُّ اتَّبعناه في إفراده.
__________
(1) أي : بعد وفاة زوجها ، كما هو ظاهر ، وهو كذلك في بعض النسخ الخطية .
(2) 8 / 500 و 501 في تفسير سورة الطلاق ، باب {وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن} .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه البخاري (4909) حدثنا سعد بن حفص حدثنا شيبان عن يحيى فأخبرني أبو سلمة فذكره.

5958 - (س) أبو سلمة بن عبد الرحمن - رحمه الله - قال : «بينما أنا وأبو هريرة عند ابن عباس ، إِذْ جاءتْه امرأة ، فقالت : توفِّي عنها زوجُها وهي حامل ، فولدتْ لأدْنى من أربعة أشهر من يوم مات ، فقال ابنُ عباس : آخر الأجلين ، فقال أَبو سلمة : أَخبرني رجل من أصحاب النبيِّ - صلى الله عليه وسلم- : أن سُبيعةَ الأسلميةَ جاءتْ إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم- ، فقالت : تُوفي زوجُها وهي حامل ، فولدت لأدْنى من أربعة أَشهر ، فأمرها النبيُّ - صلى الله عليه وسلم- أن تزوَّجَ ، قال أبو هريرة : وأنا أَشهد على ذلك» . أخرجه النسائي (1) .
__________
(1) 6 / 194 في الطلاق ، باب عدة الحامل المتوفى عنها زوجها ، وإسناده صحيح .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه النسائي (6/194) أخبرنا إسحاق بن إبراهيم قال أنبأنا عبد الرزاق قال : أنبأنا ابن جريج قال أخبرني داود بن أبي عاصم أن أبا سلمة بن عبد الرحمن أخبره فذكره.

5959 - (خ ط س) المسور بن مخرمة - رضي الله عنه - «أن سبيعة الأسلمية نُفِست بعد وفاة زوجها بليال ، فجاءت النبيَّ - صلى الله عليه وسلم- ، واسْتَأْذَنَته أن تَنْكحَ ، فَأذِن لها ، فنكحت» . أخرجه البخاري ، والموطأ ، والنسائي.
وللنسائي : «أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم- أمر سبيعةَ أن تنكح إذا تَعَلّت من نفاسها» (1) .
__________
(1) رواه البخاري 9 / 417 في الطلاق ، باب {وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن} ، والموطأ 2 / 590 في الطلاق ، باب عدة المتوفى عنها زوجها إذا كانت حاملاً ، والنسائي 6 / 190 في الطلاق ، باب عدة الحامل المتوفى عنها زوجها .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه مالك في موطئه صفحة (364) وأحمد (4/327) قال : حدثنا روح ، قال : حدثنا مالك بن أنس. (ح) وحدثنا إسحاق ، يعني ابن الطباع ، قال : أخبرني مالك. وفي (4/327) قال : حدثنا حماد بن أسامة. والبخاري (7/73) قال : حدثنا يحيى بن قزعة ، قال : حدثنا مالك. وابن ماجه (2029) قال : حدثنا نصر بن علي ، ومحمد بن بشار ، قالا : حدثنا عبد الله بن داود.
والنسائي (6/190) قال : أخبرنا محمد بن سلمة والحارث بن مسكين ، قراءة عليه وأنا أسمع ، قالا : أنبأنا ابن القاسم ، عن مالك. (ح) وأخبرنا نصر بن علي بن نصر ، عن عبد الله بن داود.
ثلاثتهم - مالك بن أنس ، وحماد بن أسامة ، وعبد الله بن داود - عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، فذكره. (*) أخرجه أحمد (4/327) قال : حدثنا أبو معاوية. قال : حدثنا هشام ، عن أبيه ، عن عاصم بن عمر ، عن المسور بن مخرمة ، قال : وضعت سبيعة.. فذكر الحديث.

5960 - (ت س) أبو السنابل [عمرو بن بعكك]- رضي الله عنه - قال : «وضعتْ سبيعةُ بعد وفاة زوجها بثلاثة وعشرين - أو خمسة وعشرين - يوماً ، فلما تعلّت تَشَوَّفَتْ للنكاح ، فأُنْكِر ذلك عليها ، فذُكر ذلك للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم- ، فقال : إِن تفعل فقد حَلَّ أَجلُها» . أخرجه الترمذي.
وفي رواية النسائي قال : «وضعت سبيعةُ حملها بعد وفاة زوجها بثلاثة وعشرين - أو خمسة وعشرين - ليلة ، فلما تعلَّت تشوَّفَتْ للأَزواج ، فَعِيبَ ذلك عليها ، فَذُكِرَ ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم- فقال : وما يمنعها ؟ فقد انقضى أجلُها» (1) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(تعلَّتْ) المرأة من نفاسها : إذا ارتفعت منه وطهرت من دمها ، وجاء في كتاب الخطابي " تعالَّت " وهما بمعنى.
(تشوَّفتْ) تَشَوَّفْتُ إلى الشيء : إذا مِلْتَ إليه ، ورغبت فيه.
__________
(1) رواه الترمذي رقم (1193) في الطلاق ، باب ما جاء في الحامل المتوفى عنها زوجها تضع ، والنسائي 6 / 190 في الطلاق ، باب عدة الحامل المتوفى عنها زوجها ، وفي الباب عن أم سلمة ، وهو حديث صحيح ، قال الترمذي : والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم : أن الحامل المتوفى عنها زوجها إذا وضعت فقد حل لها التزويج وإن لم تكن انقضت عدتها ، قال الحافظ ابن حجر : وقد قال جمهور العلماء من السلف ، وأئمة الفتوى في الأمصار : أن الحامل إذا مات عنها زوجها تحل بوضع الحمل وتنقضي عدة الوفاة .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه أحمد (4/304) قال : حدثنا زياد بن عبد الله البكائي. قال : حدثنا منصور والأعمش. وفي (4/305) قال : حدثنا حسين بن محمد. قال : حدثنا شيبان ، عن منصور. (ح) وعفان. قال : حدثنا شعبة. قال : حدثنا منصور. والدارمي (2286) قال : أخبرنا بشر بن عمر الزهراني. قال : حدثنا أبو الأحوص. قال : حدثنا منصور. وابن ماجه (2027) قال : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. قال : حدثنا أبو الأحوص ، عن منصور. والترمذي (1193) قال : حدثنا أحمد بن منيع. قال : حدثنا حسين بن محمد. قال : حدثنا شيبان ، عن منصور. (ح) وحدثنا أحمد بن منيع. قال : حدثنا الحسن بن موسى. قال : حدثنا شيبان ، عن منصور. والنسائي (6/190) قال : أخبرني محمد بن قدامة.
قال : أخبرني جرير ، عن منصور.
كلاهما - منصور ، والأعمش - عن إبراهيم ، عن الأسود ، فذكره.
(*) قال الترمذي : حديث أبي السنابل حديث مشهور من هذا الوجه. ولا نعرف للأسود سماعا من أبي السنابل. وسمعت محمدا ، يعني البخاري ، يقول : لا أعرف أن أبا السنابل عاش بعد النبي -صلى الله عليه وسلم-.

5961 - (خ م د س) سبيعة الأسلمية - رضي الله عنها - أخرجه البخاريُّ بالإِسناد مختصراً عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن أبيه : «أنه كتب إلى ابن أرْقَم أن يسألَ سبيعةَ الأسلمية : كيف أفْتاها رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- ؟ فقالت : أفتاني إذا وضعتُ أن أَنكح» .
وأخرجه تعليقاً عن عبيد الله أيضاً «أن أباه كتب إلى عمر بن عبد الله بن الأرقم الزهري يأمره أن يدخل على سبيعة بنت الحارث الأسلمية فيسألها عن حديثها ، وعمَّا قال لها رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- حين اسْتَفْتَتْه ؟ فكتب عمر بن عبد الله بن الأرقم إلى عبد الله بن عتبةَ يُخبره أن سبيعة بنت الحارث أخبرته : أنها كانت تحت سعد بن خولة - وهو من بني عامر بن لُؤيّ ، وكان مِمَّن شهد بدراً - فَتُوُفّيَ عنها في حَجة الوَدَاع وهي حامل ، فلم تَنْشَبْ أن وضعتْ حملها بعد وفاته ، فلما تَعلّت من نفاسها تَجَمَّلَتْ للخُطَّاب ، فدخل عليها أبو السنابل بن بَعْكَك - رجل من بني عبد الدار - فقال لها : ما لي أراكِ تجمَّلتِ للخطَّابِ تَرْجين النكاح ؟ وإنك والله ما أنتِ بناكح حتى يمرَّ عليك أربعةُ أشهر وعشْر ، قالت سبيعة : فلما قال لي ذلك جَمَعْتُ عليَّ ثيابي حين أمْسَيْتُ ، وأتيتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم- ، فسألته عن ذلك ؟ فأفتاني بأني قد حَلَلْتُ حين وضعتُ حملي ، وأَمرني بالتزويج إن بَدَا لي» . -[113]-
وأخرجه مسلم بالإسناد عن عبيد الله ، وذكر مثله ، وزاد «قال ابن شهاب : ولا أرى بأساً أن تتزوَّج حين وَضَعت وإن كانت في دمها ، غيرَ أنَّه لا يقربُها زوجُها حتى تطهرَ» .
وأخرج أبو داود الرواية بطولها وزيادة مسلم.
وأخرج النسائي الرواية بطولها ، ولم يذكر زيادة مسلم.
وفي أخرى للنسائي عن عبيد الله [بن عبد الله] : أن زُفَر بن أوْس بن الحَدثَان النَّصْريَّ حدَّثه : «أن أبا السَّنابل بن بَعْكَك بن السبّاق قال لسُبَيعةَ الأسلمية : لا تَحِلِّين حتى يمرَّ عليك أربعةُ أشهر وَعشْر : أقْصى الأجلين ، فأتَتْ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم- ، فسألتْه عن ذلك ؟ فزعمتْ أَنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم- أَفْتَاها أنْ تَنْكح إِذا وضعتْ حملها ، وكانت حُبلى في تسعة أشهر حين توفِّي زوجُها ، وكانت تحت سعد بن خَوْلة ، فتُوفّيَ في حجة الوداع مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم- ، فنكحتْ فَتى من قومها حين وضعتْ ما في بطنها» .
وله في أخرى نحو الرواية بطولها (1) . -[114]-

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(لم ينْشَب) أن فَعَل كذا ، أي : لم يلبث.
__________
(1) رواه البخاري 9 / 415 في الطلاق ، باب {وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن} ، وأخرجه تعليقاً 7 / 240 في المغازي ، باب فضل من شهد بدراً ، وقد وصله مسلم رقم (1484) في الطلاق ، باب انقضاء عدة المتوفى عنها زوجها وغيرها بوضع الحمل ، وأبو داود رقم (2306) في الطلاق ، باب عدة الحامل ، والنسائي 6 / 194 - 196 في الطلاق ، باب عدة المتوفى عنها زوجها .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح : أخرجه مسلم (4/200) قال : حدثني أبو الطاهر وحرملة بن يحيى. قال حرملة : حدثنا. وقال أبو الطاهر : أخبرنا ابن وهب. قال :حدثني يونس بن يزيد. وأبو داود (2306) قال : حدثنا سليمان بن داود المهري. قال : أخبرنا بن وهب. قال : أخبرني يونس. والنسائي (6/194) قال : أخبرنا يونس بن عبد الأعلى. قال : حدثنا ابن وهب. قال : أخبرني يونس. وفي (6/196) .
(*) وأخرجه أحمد (6/432) قال : حدثنا يعقوب بن إبراهيم. قال : حدثنا أبي. عن ابن إسحاق. قال: حدثني الزهري ، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة ، عن أبيه. قال : كتبت إلى عبد الله بن الأرقم أمره أن يدخل على سبيعة الأسلمية فيسألها عن شأنها ، قال : فدخل عليها ، فذكر الحديث.
(*) وأخرجه البخاري (7/73) قال : حدثنا يحيى بن بكير ، عن الليث ، عن يزيد ، أن ابن شهاب كتب إليه ، أن عبيد الله بن عبد الله أخبره ، عن أبيه ، أنه كتب إلى ابن الأرقم ، أن يسأل سبيعة الأسلمية كيف أفتاها النبي -صلى الله عليه وسلم- ، فقالت : أفتاني إذا وضعت أن أنكح.
(*) وأخرجه النسائي (6/195) قال : أخبرنا محمد بن وهب. قال : حدثنا محمد بن سلمة. قال : حدثني أبو عبد الرحيم. قال : حدثني زيد بن أبي أنيسة ، عن يزيد بن أبي حبيب ، عن محمد بن مسلم الزهري. قال : كتب إليه يذكر أن عبيد الله بن عبد الله حدثه أن زفر بن أوس بن الحدثان النصري حدثه ، أخبرنا كثير ابن عبيد. قال : حدثنا محمد بن حرب ، عن الزبيدي.
كلاهما - يونس ، والزبيدي - عن ابن شهاب الزهري. قال : حدثني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود ، فذكره.
(*) ا ليس في رواية الزبيدي أن عمر كتب إلى عبد الله بذلك.
(*) وأخرجه أحمد (6/432) قال : حدثنا عبد الرزاق. قال : أخبرنا معمر ، عن الزهري ، عن عبيد الله بن عبد الله قال : أرسل مروان عبد الله بن عتبة إلى سبيعة بنت الحارث يسألها عما أفتاها به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأخبرته.. فذكره.
(*) وأخرجه أحمد (6/432) قال : حدثنا إبراهيم بن خالد قال : حدثنا رباح ، عن معمر ، عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة قال : إن عبد الله بن عتبة كتب إلى عبد الله بن الأرقم يأمره أن يدخل على سبيعة بنت الحارث يسألها عما أفتاها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فزعمت أنها كانت تحت سعد بن خولة فذكر معناه
أن أبا السنابل بن بعكك بن السباق قال لسبيعة الأسلمية : لا تحلين حتى يمر عليك أربعة أشهر وعشر ، أقصى الأجلين ، فأتت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، فسألته عن ذلك ، فزعمت أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، أفتاها أن تنكح إذا وضعت حملها ، وكانت حبلى في تسعة أشهر حين توفي زوجها وكانت تحت سعد بن خولة ، فتوفي في حجة الوداع مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، فنكحت فتى من قومها حين وضعت ما فيها بطنها.

5962 - (خ د س) محمد بن سيرين - رحمه الله - (1) قال : جلستُ إلى مجلس فيه عُظْمٌ من الأنصار ، وفيهم عبد الرحمن بن أبي ليلى ، وكان أصحابُهُ يُعَظِّمونه ، فذكرتُ حديثَ عبد الله بن عتبة في شأن سُبيعةَ بنتِ الحارث ، فقال عبد الرحمن : لكنَّ عمَّه كان لا يقول ذلك ، فقلت : إني لَجريء إنْ كذبتُ على رجل في جانب الكوفة - يعني : عبد الله بن عتبة - ورفع صوته ، قال : ثم خرجتُ فَلَقِيتُ مالك بن عامر [أو : مالك بن عوف] ، فقلت: كيف كان قول عبد الله بن مسعود في المتوفَّى عنها زوجها وهي حامل ؟ فقال : قال ابن مسعود : أَتجعلون عليها التَّغْليظَ ، ولا تجعلون لها الرخصة ؟ لَنَزلتْ سورةُ النساء القُصْرَى بعد الطُّولى {وَأُولاتُ الأحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنّ} [الطلاق : 4] .
وفي أخرى قال : كنت في حَلْقة فيها عبد الرحمن بن أبي ليلى ، وكان أصحابُه يُعظِّمونه ، فذكر آخر الأجلين ، فحدَّثتُ حديثَ سبيعة بنت الحارث عن عبد الله بن عتبة ، فَضَمَّزَ لي بعضُ أصحابه ، قال محمد (2) : فَفَطَنْتُ -[115]- له ، فقلت : إني لجريء إِنْ كذبتُ على عبد الله بن عتبة ، وهو في ناحية الكوفة ، فاسْتَحيا ، وقال : لكنَّ عمَّه لم يقل ذلك ، فلقيتُ أبا عطية مالك بن عامر ، فسألته ؟ فذهب يُحدّثني حديث سبيعة الأسلمية ، فقلت : هل سمعت عن عبد الله فيها شيئاً ؟ فقال : كنا عند عبد الله ، فقال : أَتجعلون عليها التغليظ ، ولا تجعلون لها الرخصة ؟ لنزلت سورة النساء القُصرى بعد الطولى {وَأُولات الأحمالِ أجلُهُنّ أن يضعن حملَهنّ} أخرجه البخاريُّ.
وفي رواية النسائي قال : «كنتُ جالساً في ناس بالكوفة في مجلس للأنصار عظيم ، فيهم عبد الرحمن بن أبي ليلى ، فذكروا شأن سبيعةَ ، فذكرتُ عن عبد الله بن عتبة بن مسعود في معنى قول ابن عون : حتى تَضع ، قال ابن أبي ليلى : لكنَّ عمَّه لا يقول ذلك ، قال : فرفعتُ صوتي ، وقلتُ : إني لجريء أنْ أكذبَ على عبد الله بن عتبة ، وهو في ناحية الكوفة ، قال : فَلَقِيتُ مالكاً ، قلت : كيف كان ابن مسعود يقول في شأن سبيعة ؟ قال : قال : تجعلون عليها التغليظ ، ولا تجعلون لها الرخصة ؟! لأُنزلت سورة النساء القصرى بعد الطولى» .
وله في أخرى عن علقمة بن قيس : أَن ابن مسعود قال : «مَن شاء لاعَنْتُه ، ما نزلت {وأُولاتُ الأحمال أجلُهُنّ أن يضعن حملَهن} إلا بعد آية المتوفَّى عنها زوجُها ، إذا وضعت المتوفَّى عنها زوجُها ، فقد حلَّت» . -[116]-
وله في أخرى عن عبد الله : «أن سورة النساء القصرى نزلت بعد البقرة» .
وفي رواية أبي داود مختصراً قال : «من شاء لاعَنْتُه ، لأُنْزِلتْ سورة النساء القصرى بعد الأربعة أَشهر وعشراً» (3) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(عُظُم الأنصار) أي : جماعة كثيرة منهم ، يقال : دخل في عُظم الناس ، أي : معظمهم.
(لجريء) الجُرْأَة : الإقدام على الشيء.
(سورة النساء القصرى) القصرى : هي سورة الطلاق ، و «الطولى» سورة البقرة لأن عدة المتوفَّى عنها زوجها في البقرة {أربعة أشهر وعشراً} ، وفي سورة الطلاق [وضع] الحمل بقوله : {وأُولات الأحمال أجلهنّ أن يضعْن حملهنّ} [الطلاق : 4] .
(فضَمَّزَ لي) قد اختلف في ضبط هذه اللفظة ، فقيل : هي بالضاد المعجمة -[117]- والزاي ، وقيل : بالراء ، وقيل : بالنون ، والأول أشبهها ، يقال : ضَمَز : إذا سكت ، وضَمَّزَ غيره : أسْكتَه هو.
(من شاء لاعنته) أراد بقوله من شاء لاعنته ، أي : جعلتُ لعنةَ الله على أحدنا إن أخطأ في القول الذي نذهب إليه .
__________
(1) كذا في الأصل وفي نسخ البخاري المطبوعة : محمد بن سيرين ، وفي المطبوع : من جامع الأصول أبو سلمة بن عبد الرحمن ، وهو خطأ .
(2) هو محمد بن سيرين .
(3) رواه البخاري 8 / 145 و 501 في تفسير سورة البقرة ، باب {والذي يتوفون منكم ويذرون أزواجاً يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشراً} ، وفي تفسير سورة الطلاق ، باب {وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن} ، والنسائي 6 / 196 و 197 في الطلاق باب عدة الحامل المتوفى عنها زوجها ، وأبو داود رقم (2307) في الطلاق ، باب عدة الحامل .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه البخاري (4532) حدثنا حبان حدثنا عبد الله أخبرنا عبد الله بن عون عن محمد بن سيرين فذكره.
وأخرجه النسائي (6/196) أخبرنا محمد بن عبد الأعلى قال : حدثنا خالد قال : حدثنا ابن عون عن محمد فذكره وأخرجه أبو داود (7/238) حدثنا عثمان بن أبي شيبة ومحمد بن العلاء ، قال عثمان : حدثنا وقال ابن العلاء : أخبرنا أبو معاوية ، ثنا الأعمش ، عن مسلم ، عن مسروق. عن عبد الله فذكره.

5963 - (ط) نافع - مولى ابن عمر - رحمه الله - «أن عبد الله بن عمر سئل عن المرأة يُتَوَفَّى عنها زوجُها وهي حامل ؟ فقال : إذا وضعت فقد حَلَّتْ ، فأخبره رجل كان عنده : أن عمر قال : لو وَلَدتْ وزوجُها على السرير لم يُدْفَن بعدُ : حلّت» . أخرجه الموطأ (1) .
__________
(1) 2 / 589 في الطلاق ، باب عدة المتوفى عنها زوجها إذا كانت حاملاً ، وإسناده صحيح .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه مالك في الموطأ بشرح الزرقاني (3/284) عن نافع عن ابن عمر فذكره.

5964 - (د) عمرو بن العاص - رضي الله عنه - قال : «لا تُلَبِّسُوا علينا سُنَّةَ نبينا (1) عِدَّةُ المتوفَّى عنها أربعة أشهر وعشر - يعني : في أُمّ الولد» . أَخرجه أبو داود (2) . -[118]-

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(لا تُلَبِّسُوا) التَّلْبيس : التَّخليط والتَّشكيك.
__________
(1) في بعض نسخ أبي داود المطبوعة : لا تلبسو علينا سنة ، وفي بعضها : لا تلبسوا علينا سنته ، وفي بعضها : لا تلبسوا علينا السنة ، وفي " مختصر سنن أبي داود " للمنذري : لا تلبسوا علينا سنة نبينا ، كما في أصلنا ، قال ابن القيم : قال الدارقطني : الصواب : لا تلبسوا علينا ، موقوف يعني : لم يذكر فيه : سنة نبينا .
(2) رقم (2308) في الطلاق ، باب في عدة أم الولد ، وفي إسناده مطر بن طهمان الوراق أبو رجاء السلمي وهو كثير الخطأ ، وقال الإمام أحمد : هذا حديث منكر . وقد اختلف الفقهاء في عدتها ، فالصحيح أنه حيضة ، وهو المشهور عن أحمد ، وهو قول ابن عمر ، وعثمان ، وعائشة ، وإليه ذهب مالك ، والشافعي ، وأبو ثور ، وغيرهم ، وعن أحمد رواية أخرى : تعتد أربعة -[118]- أشهر وعشراً ، كما في حديث الباب ، وفيه ضعف كما رأيت ، وهو قول سعيد بن المسيب ، وابن سيرين ، وسعيد بن جبير ، ومجاهد ، وخلاس بن عمرو ، وعمر بن عبد العزيز ، والزهري ، والأوزاعي ، وإسحاق ، وعن أحمد رواية ثالثة : تعتد شهرين وخمسة أيام ، حكاها أبو الخطاب ، وهي رواية منكرة عنه ، قال أبو محمد المقدسي : ولا أظنها صحيحة ، وقال أبو حنيفة وأصحابه : عدتها ثلاث حيض ، ويروى ذلك عن علي وابن مسعود ، وهو قول عطاء ، وإبراهيم النخعي ، والثوري .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه أبو داود (2308) حدثنا قتيبة بن سعيد أن محمد بن جعفر حدثهم (ح) وحدثنا ابن المثنى ثنا عبد الأعلى عن سعيد عن مطر عن رجاء بن حيوة عن قبيصة بن ذؤيب عن عمرو بن العاص.
وفي إسناده مطر بن طهمان الوراق أبو رجاء السلمي وهو كثير الخطأ وقال الإمام أحمد هذا حديث منكر.

5965 - (ط) نافع - مولى ابن عمر - رحمه الله - أن ابن عمر كان يقول : «عِدَّة أُمّ الولد إِذا تُوفِّي عنها سيدها : حيضة» . أخرجه الموطأ (1) .
__________
(1) 2 / 593 في الطلاق ، باب في عدة أم الولد إذا توفي عنها سيدها ، وإسناده صحيح ، قال مالك : وهو الأمر عندنا ، قال : وإن لم تكن ممن تحيض فعدتها ثلاثة أشهر .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه مالك في الموطأ بشرح الزرقاني (3/289) عن نافع عن ابن عمر.

الفصل الثالث : في الاستبراء

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(الاستبراء) اختبار الأمة بحيضة قبل الوطء ، وهو طلب البراءة من حمل ربما يكون معها.
5966 - (م د ت س) أبو سعيد الخدري - رضي الله عنه - «أَنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم-[يوم حنين] بعث جيشاً إلى أوطاس ، فلقي عدوّاً ، -[119]- فقاتلوهم ، فظهروا عليهم ، فأصابوا لهم سَبَايا ، فكأنَّ ناساً من أصحابِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم- تَحَرَّجوا من غِشْيانهنّ من أجل أزواجهنّ من المشركين ، فأنزل الله - عز وجل - في ذلك {والمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إلاَّ مَا مَلَكَتْ أيْمَانُكُمْ} [النساء : 24] أَي : فهنَّ لكم حلال إذا انقضت عدَّتهن» .
وفي رواية بمعناه ، غير أنه قال : «إلا ما ملكت أيمانكم منهنَّ فحلال لكم» ، ولم يذكر : «إذا انقضت عدتهن» .
وفي أخرى قال : «أَصابوا سَبَايا من أَوطاس (1) لهنَّ أزواج ، فتحرَّجوا ، فأُنزلت هذه الآية : {والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم» أخرجه مسلم.
وفي رواية الترمذي : قال : «أَصَبْنا سَبايا يوم أوطاس ولَهُنَّ أزواج في قومِهِنَّ ، فذكروا ذلك للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم- فنزلت : {والمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلاَّ مَا مَلَكَتْ أيْمَانُكُمْ} [النساء : 24]» .
وأخرج أبو داود ، والنسائي الأولى.
ولأبي داود عن أبي سعيد - ورفعه - : أنه قال في سبايا أوطاس : «لا توطَأ حامل حتى تضعَ ، ولا غيرُ ذات حمل حتى تحيضَ حيضة» (2) . -[120]-

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(سَبَايا) السبايا جمع سَبِيَّة ، وهي المرأة تُسَبْى ، أي : تُؤسَر.
(تحرّجوا) تحرَّجت من فِعل الشيء ، أي : تجنَّبتُه ، وهو من الحرج : الإثم.
(غِشيانهنَّ) الغشيان : إتيانُ النساء ومجامعتُهن.
(المحصنات) جمع محصنة ، وهي المرأة التي أحصنها زوجها ، وحَصُنت المرأة تَحْصُن : إذا عَفَّتْ عن الرِّيبة.
__________
(1) وفي نسخ مسلم المطبوعة : يوم أوطاس .
(2) رواه مسلم رقم (1456) في الرضاع ، باب جواز وطء المسبية بعد الاستبراء ، والترمذي رقم (1132) في النكاح ، باب ما جاء في الرجل يسبي الأمة ولها زوج هل يحل له أن يطأها ، وأبو داود رقم (2155) و (2157) في النكاح ، باب في وطء السبايا ، والنسائي 6 / 110 في النكاح ، باب تأويل قول الله عز وجل : {والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم} .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه أحمد (3/84) قال : حدثنا ابن أبي عدي ، عن سعيد. وفيه (3/84) أيضا قال : حدثنا بهز ، وعفان ، قالا : حدثنا همام ومسلم (4/170) قال : حدثنا عبيد الله بن عمر بن ميسرة القواريري ، قال : حدثنا يزيد بن زريع ، قال : حدثنا سعيد بن أبي عروبة. (ح) وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، ومحمد بن المثنى ، وابن بشار ، قالوا : حدثنا عبد الأعلى ، عن سعيد. وفي (4/171) قال : وحدثنيه يحيى بن حبيب الحارثي ، قال : حدثنا خالد يعني ابن الحارث ، قال : حدثنا شعبة. وأبو داود (2155) قال : حدثنا عبيد الله بن عمر بن ميسرة ، قال : حدثنا يزيد بن زريع ، قال : حدثنا سعيد. والترمذي (1132 ، 3016) قال : حدثنا عبد بن حميد ، قال : أخبرنا حبان بن هلال ، قال : حدثنا همام بن يحيى. والنسائي (6/110) قال : أخبرنا محمد بن عبد الأعلى ، قال : حدثنا يزيد بن زريع ، قال : حدثنا سعيد. وفي الكبرى تحفة الأشراف (4434) عن إسماعيل بن مسعود ، عن خالد بن الحارث ، عن سعيد بن أبي عروبة.
ثلاثتهم - همام ، وسعيد ، وشعبة - عن قتادة ، عن صالح أبي الخليل ، عن أبي علقمة ، فذكره.
(*) أخرجه أحمد (3/72) قال : حدثنا عبد الرزاق ، قال : حدثنا سفيان ، عن عثمان عن النبي ومسلم (4/171) قال : وحدثنيه يحيى بن حبيب الحارثي ، قال : حدثنا خالد بن الحارث ، قال : حدثنا شعبة ، عن قتادة (ح) وحدثني يحيى بن حبيب ، قال : حدثنا خالد يعني ابن الحارث ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة. والترمذي (1132) (3017) قال : حدثنا أحمد بن منيع ، قال : حدثنا هشيم ، قال : حدثنا عثمان البتي. والنسائي في الكبرى تحفة الأشراف (4077) عن أحمد بن سليمان الرهاوي ، عن معاوية بن هشام ، عن سفيان وهو الثوري ، عن عثمان البتي. (ح) وعن يحيى بن حكيم ، عن غندر ، عن شعبة ، عن عثمان البتي.
كلاهما - عثمان ، وقتادة - عن أبي الخليل ، عن أبي سعيد ، فذكره. ليس فيه أبو علقمة.

5967 - (س) عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما - قال : «نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم- عن بيع المغانم حتى تُقْسَم ، وعن الحَبَالَى أن يوطَأنَ ، حتى يضعنَ ما في بطونهن ، وعن لحم كل ذي ناب من السباع» . أخرجه النسائي (1) .
__________
(1) 7 / 301 في البيوع ، باب بيع المغانم قبل أن تقسم ، وهو حديث حسن .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه النسائي (7/301) أخبرنا أحمد بن حفص بن عبد الله قال : حدثني أبي قال : حدثني إبراهيم عن يحيى بن سعيد بن عمرو بن شعيب عن عبد الله بن أبي نجيح عن مجاهد عن ابن عباس فذكره.

5968 - (ت) العرباض بن سارية - رضي الله عنه - : «أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم- نهى أن تُوطَأ السبايا حتى يَضَعْنَ ما في بطونهنّ» . أخرجه الترمذي (1) .
__________
(1) رقم (1564) في السير ، باب ما جاء في كراهية وطء الحبالى من السبايا ، وهو حديث حسن بشواهده ، منها الذي قبله والذي بعده ، وقال الترمذي : وفي الباب عن رويفع ، وقال : والعمل على هذا عند أهل العلم .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه أحمد (4/127) والترمذي (1474) قال : حدثنا محمد بن يحيى ، وغير واحد. وفي (1564) قال : حدثنا محمد بن يحيى النيسابوري.
كلاهما - أحمد بن حنبل ، ومحمد بن يحيى - قالا : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا وهب بن خالد الحمصي ، قال : حدثتني أم حبيبة بنت العرباض بن سارية ، فذكرته.

5969 - (د ت) رُوَيفع بن ثابت الأنصاري - رضي الله عنه - قال حَنَش الصَّنْعاني : قام رُوَيْفِع فينا خطيباً ، فقال : «أَمَا إني لا أقول لكم -[121]- إلا ما سمعت رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم- يقول يوم حنين ، قال : لا يَحِلُّ لامْرِئ يُؤمن بالله واليوم الآخر أَن يسقيَ ماءه زرعَ غَيره - يعني : إتيانَ الحبالى - ، ولا يَحِلُّ لامْرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يقع على امرأَة من سَبْي حتى يَسْتَبْرِئَها ، ولا يحلُّ لامرئ يُؤمن بالله واليوم الآخر أن يَبِيعَ مَغْنَماً حتى يُقْسَمَ» .
وفي رواية (1) بهذا الحديث قال : «حتى يستبرئها بحيضة» ، زاد فيه : «بحيضة» ، وهو وهم من أبي معاوية (2) ، وهو صحيح في حديث أبي سعيد (3) «ومن كان يُؤمن بالله واليوم الآخر فلا يركبُ دابّة من فَيْءِ المسلمين حتى إِذا أَعْجَفَهَا رَدَّها فيه ، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يَلْبَسْ ثوباً من فَيْءِ المسلمينَ حتى إِذا أَخْلقه ردَّه فيه» .
قال أبو داود : «يستبرئها بحيضة» ليس بمحفوظ ، وهو وهم من أَبي معاوية (4) ، أخرجه أبو داود.
وأخرج الترمذي منه طَرَفاً أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم- قال : «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يسقِ ماءه زرع غيره» (5) . -[122]-

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(فَيء) الفيئ : هو ما يحصل للمسلمين من أموال الكفار بغير قتال.
(أعْجَفَها) أعجف الدابة : إذا هزلها ، والعَجْفُ : الهُزال.
__________
(1) هذه الرواية لأبي داود .
(2) هو أبو معاوية الضرير واسمه محمد بن خازم الكوفي ، وقد عمي وهو صغير ، وهو أحفظ الناس لحديث الأعمش ، وقد يهم في حديث غيره .
(3) في المطبوع : في حديث أبي مسعود ، وهو خطأ ، وحديث أبي سعيد رواه أحمد وأبو داود والحاكم عن أبي سعيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في سبايا أوطاس : " لا توطأ حامل حتى تضع ، ولا غير ذات حمل حتى تحيض حيضة " ، قال الحافظ في " التلخيص " ، وإسناده حسن .
(4) يعني أبا معاوية الضرير .
(5) رواه أبو داود رقم (2158) و (2159) في النكاح ، باب في وطء السبايا ، والترمذي رقم (1131) في النكاح ، باب ما جاء في الرجل يشتري الجارية وهي حامل ، وهو حديث حسن .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
وأبو داود في النكاح (45:4) عن النفيلي ، عن محمد بن سلمة و (45:5) عن سعيد بن منصور، عن أبي معاوية.
كلاهما عن ابن إسحاق ، عن يزيد بن أبي حبيب ، عن أبي مرزوق ، عن حنش الصنعاني ، عن رويفع ابن ثابت الأنصاري وفي الجهاد (141) عن سعيد بن منصور وعثمان بن أبي شيبة.
كلاهما - عن أبي معاوية بقصة الدابة وقصة الثوب ، ولم يذكر أول الحديث والترمذي في النكاح (34) عن عمر بن حفص الشيباني البصري ، عن ابن وهب ، عن يحيى بن أيوب عن ربيعة بن سليم ، عن بسر بن عبيد الله عن رويفع بن ثابت الأنصاري وقال : حسن. الأشراف (3/174) .

5970 - (م د) أبو الدرداء - رضي الله عنه - : «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- نظر في بعض أَسْفَارِه إلى امرأَة مُجِحٍّ بباب فُسطاط ، فسأل عنها ؟ فقالوا : هذه أَمَة لفلان ، فقال : لعله يُريد أَن يُلِمَّ بها ؟ فقالوا : نعم يا رسول الله ، فقال : لقد هَمَمْتُ أن أَلْعَنَهُ لَعناً يدخل معه قبرَه ، كيف يُوَرِّثُه وهو لا يَحلّ له ؟ أو كيف يستخدمه وهو لا يحلّ له؟» أخرجه مسلم ، وأبو داود (1) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(مُجَحٍّ) أجَحَّت المرأة فهي مُجِحٌّ : إذا حملت ودنا وقت ولادها.
(فُسطاط) الفُسْطاط : الخيمة الكبيرة.
(ألَمَّ بها) يُلِمُّ : إذا قاربها ، والمرد به هاهنا : الجماع.
(يورِّثُه ويستخدمه) الضمير في يورِّثه ويستخدمه راجع إلى الولد الذي في بطنها ، والمعنى : أن أمرها مشكل ، إن كان ولده : لم يحل له استعباده ، وإن كان ولد غيره : لم يحلَّ له توريثه.
__________
(1) رواه مسلم رقم (1441) في النكاح ، باب تحريم وطء الحامل المسبية ، وأبو داود رقم (2156) في النكاح ، باب في وطء السبايا .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه مسلم في النكاح (23:1) عن أبي موسى ، عن غندر و (23:2) عن أبي بكر بن أبي شيبة، عن يزيد بن هارون (23:2) عن بندار ، عن أبي داود الطيالسي وأبو داود فيه النكاح (45:2) عن النفيلي ، عن مسكين بن بكير.
أربعتهم عن شعبة ، عن يزيد بن حمير ، عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير ، عن نفير ، عن أبيه عن أبي الدرداء. الأشراف (8/219) .

5971 - () عبد الرحمن بن جبير بن نفير - رحمه الله - «أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم- مَرَّ في بعضِ غَزَوَاتِه على قوم يَتغذَّوْن ، فدعاه رجل منهم ، فجاءه ، فرأى امرأة تخدُمهم ضخمةَ البطن ، فقال : ما هذه ؟ قالوا : جارية اشتراها فلان من السَّبْي ، قال : وهل يطؤها ؟ قالوا : نعم ، قال : وكيف يَرِقُّه وقد غذا في سمعه وبصره ؟ أم كيف يُوَرِّثُه ، وليس منه ؟ لقد هممتُ أن أَلْعَنَه لعناً يدخل معه القبرَ ، قال : فأعتق رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- ولدَها» .
وفي رواية : جعل الخطاب له بالكاف ، أي «أَلعَنَكَ لعناً يدخل معكَ القبر» . أخرجه ... (1) .
__________
(1) كذا في الأصل بياض بعد قوله : أخرجه ، وفي المطبوع : أخرجه رزين ، وإسناده معضل .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
إسناده معضل.

5972 - () مالك بن أنس - رحمه الله - قال : «بلغني أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم- كان يأمر باستبراءِ الإماء بحيضة إن كانت ممن تحيض ، وثلاثة أشهر إن كانت ممن لا تحيض ، وينهى عن سقي ماءِ الغير» . أخرجه ... (1) .
__________
(1) كذا في الأصل بياض بعد قوله : أخرجه ، وفي المطبوع : أخرجه رزين ، وإسناده معضل ، ولم نره في المرفوع هكذا ، وإنما روى مالك عن يحيى بن سعيد عن القاسم بن محمد أنه كان يقول : عدة أم الولد إذا توفي عنها سيدها حيضة ، قال مالك : وهو الأمر عندنا ، قال : وإن لم تكن ممن تحيض فعدتها ثلاثة أشهر .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
إسناده معضل : وقد روى مالك عن يحيى بن سعيد عن القاسم بن محمد أنه كان يقول : عدة أم الولد إذا توفي عنها سيدها حيضة قال مالك : وهو الأمر عندنا ، وقال : وإن لم تكن ممن تحيض فعدتها ثلاثة أشهر.

5973 - () عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قال : «لا تُوطأ حامل حتى تضعَ ، وأما الحرائر : فقد مَضت السُّنَّةُ فيهن بأن يُؤمَرْنَ بالعِدَّة» . -[124]- أخرجه ... (1) .
__________
(1) كذا في الأصل بياض بعد قوله : أخرجه ، وفي المطبوع : أخرجه رزين .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
لم أقف عليه.

5974 - (خ) عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - قال : «إذا وُهِبَت الوليدة التي توطَأ ، أَو بِيعَتْ ، أَو أُعْتِقَتْ : فَلْتَسْتَبْرِئ رَحِمَها بحيضة ، ولا تَستَبرأُ العَذْرَاءُ» . أخرجه ... (1) .
__________
(1) كذا في الأصل بياض بعد قوله : أخرجه ، وفي المطبوع : أخرجه رزين ، وقد ذكر البخاري تعليقاً 4 / 351 في البيوع ، باب هل يسافر بالجارية قبل أن يستبرئها ، قال الحافظ في " الفتح " : أما قوله الأول ، فوصله ابن أبي شيبة من طريق عبد الله عن نافع عنه ، وأما قوله : ولا تستبرأ العذراء ، فوصله عبد الرزاق من طريق أيوب عن نافع عنه .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه البخاري تعليقا (4/351) في البيوع ، باب هل يسافر بالجارية قبل أن يستبرئها. قال الحافظ في الفتح : أما قوله الأول ، فوصله ابن أبي شيبة من طريق عبد الله عن نافع عنه ، وأما قوله :لا تستبرأ العذراء، فوصله عبد الرزاق من طريق أيوب عن نافع عنه.

الباب الثاني : في أحكام المعتدَّات ، وفيه ثلاثة فصول
الفصل الأول : في السكنى والنفقة ، وفيه فرعان
الفرع الأول : في المطلقة
5975 - (خ م ط د) عائشة - رضي الله عنها - قال يحيى بن سعيد : إنه سمع القاسم بن محمد ، وسليمان بن يسار يذكران : «أن يحيى بن سعيد بن العاص طلّق بنت عبد الرحمن بن الحكم ، فَانْتَقَلها عبد الرحمن ، فأرسلت عائشةُ أُمُّ المؤمنين إلى مَروَان - وهو أميرُ المدينة - اتَّقِ الله ، وَارْدُدْها إلى بيتها ، قال مروان - في حديث سليمان - : إن عبد الرحمن غلبني - وقال في حديث القاسم - : أوَمَا بَلغكِ شَأنُ فاطمةَ بنتِ قيس ؟ قالت : لا يضرُّكَ أن لا تذكر حديث فاطمة ، فقال مروان : إن كان بِكِ شرّ فَحَسبكِ ما بين هذين من الشر» . -[126]-
قال البخاري : وزاد ابن أبي الزِّناد عن هشام عن أبيه قال : عابَتْ عائشةُ ذلك أشدَّ العيب ، وقالت : إن فاطمةَ كانت في مكان وَحْش ، فخيفَ على ناحيتها ، فأرخَص لها النبيُّ - صلى الله عليه وسلم-.
وفي رواية عن عروة قال : «تزوجَ يحيى بنُ سعيد بن العاص بنتَ عبد الرحمن بن الحكم ، فأخرجها من عنده ، فَعَاب ذلك عليهم عروةُ ، فقالوا : إنَّ فاطمة قد خرجت ، قال عروةُ : فأتيتُ عائشةَ وأخبرتُها بذلك ، فقالت : ما لفاطمةَ خير في أنْ تَذْكُرَ هذا الحديث» .
وفي أخرى : أن عائشةَ قالت : «ما لفاطمة ؟ أَلا تَتَّقي الله في قولها : لا سُكنى ، ولا نَفَقَة» .
وفي أخرى «أن عروةَ قال لعائشة : ألم تَرَيْ إلى فُلانةَ بنتِ الحَكم ، طلّقها زوجُها أَلبَتَّةَ فخرجت ؟ فقالت : بئسما صنعتْ ، فقال : أَلم تسمعي إلى قول فاطمةَ ؟ فقالت : أما إنه لا خيرَ لها في ذِكْر ذلك» .
وفي أخرى أيضاً : أنها قالت : «ما لفاطمةَ خير أن تَذْكُرَ هذا - يعني قولها : لا سكنى ، ولا نفقة» .
أخرج البخاري الروايات جميعَها إلا الآخرة.
وأخرج مسلم الآخرةَ ، والتي قبلها ، والثانية.
وأخرج الموطأ الرواية الأولى إِلى قوله : «ما بين هذين من الشر» . -[127]-
وأخرج أبو داود الرواية الأولى بالزيادة.
وله في أخرى عن عروةَ : «أنه قيل لعائشة : أَلم تَرَيْ إلى قول فاطمة ؟ قالت : أما إنه لا خير لها في ذِكْرِ ذلك» .
وفي أخرى عن سليمان بن يسار - في خروج فاطمة - قال : «إنما كان ذلك من سُوءِ الخُلُق» .
وفي رواية عن عروة قال : «لقد عابت ذلك عائشةُ أشدَّ العيب - يعني حديثَ فاطمةَ بنتِ قيس - وقالت : إن فاطمةَ كانت في مكان وَحْش ، فَخِيف على ناحيتها ، فلذلك أرخصَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- لها» .
وزاد في أُخرى «لأنه كان خَشِيَ عليها في مسكن زوجها : أنْ يُقْتَحَمَ عليها ، أو تَبْذُوَ على أهلها بفاحشة» (1) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(مكان وَحْش) وبلد وحش ، وأرض وحشة ، أي : قفر لا أنيس فيه.
(ناحيتها) الناحية : المكان المنفرد ، وناحية الإنسان : مكانه ، وقد يعبَّر -[128]- به عنه ، تقول : خفت على ناحيته ، أي : خفت عليه.
(تَبذو) بذاء لسانها ، أي فُحش قولها ، ورَداءَته.
__________
(1) رواه البخاري 9 / 421 و 422 في الطلاق ، باب قصة فاطمة بنت قيس ، وباب المطلقة إذا خشي عليها في مسكن زوجها أن يقتحم عليها ، ومسلم رقم (1481) و (1482) في الطلاق ، باب المطلقة لا نفقة لها ، والموطأ 2 / 579 في الطلاق ، باب ما جاء في عدة المرأة في بيتها ، وأبو داود رقم (2292) و (2293) و (2294) و (2295) في الطلاق ، باب من أنكر النفقة على فاطمة .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح : أخرجه مسلم (4/200) قال : حدثنا أبو كريب. قال : حدثنا أبو أسامة ، عن هشام، قال : حدثني أبي فذكره.
(*) وأخرجه البخاري (7/75) قال : حدثني حبان. قال : أخبرنا عبد الله ، قال : أخبرنا ابن جريج ، عن ابن شهاب ، عن عروة ، أن عائشة أنكرت ذلك على فاطمة.
وأخرجه أبو داود (2293) قال : حدثنا محمد بن كثير. قال : أخبرنا سفيان ، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه ، عن عروة بن الزبير ، أنه قيل لعائشة : ألم تري إلى قول فاطمة ؟ قالت : أما إنه لا خير لها في ذكر ذلك.

5976 - (م ط د ت س) فاطمة بنت قيس - رضي الله عنها - قال أبو سلمة بن عبد الرحمن عنها : «إن أبا عمرو بن حفص طلَّقها أَلبَتَّةَ وهو غائب فأرسل إِليها وَكِيلُه بشعير ، فَسَخِطَتْهُ ، فقال : والله مالكِ علينا من شيء ، فجاءت رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم-، فذكرتْ ذلك له ، فقال : ليس لكِ عليه نفقة ، فأمرها أن تعتدَّ في بيت أم شَريك ، ثم قال : تلك امرأة يَغْشَاها أصحابي ، اعْتَدِّي عند ابن أُمّ مكتوم ، فإنه رجل أعمى ، تَضَعِين ثيابكِ ، فإذا حَلَلْتِ فَآذِنيني ، قالت : فلما حَلَلْت ذكرتُ له : أنَّ معاويةَ بن أبي سفيان ، وأبا جَهم خَطَباني ، فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- : أمَّا أبو جَهْم فلا يضع عَصَاه عن عاتقه ، وأما معاويةُ فَصُعْلوك لا مالَ له ، انكحي أُسَامةَ بنَ زيد ، فكرِهَته ، ثم قال : انكحي أسامةَ ، فَنكَحته ، فجعلَ الله فيه خيراً ، واغْتَبَطت» .
وفي رواية عنها : «أنه طلّقها زوجها في عهد النبيِّ - صلى الله عليه وسلم- ، وكان أَنْفَق عليها نفقة دُوناً ، فلما رَأَتْ ذلك قالت : والله لأُعْلِمَنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم- ، فإن كانت لي نفقة أَخذتُ الذي يُصلِحُني ، وإن لم يكن لي نفقة لم آخذْ منه شيئاً ، قالت : فذكرتُ ذلك لرسولِ الله - صلى الله عليه وسلم- ، فقال : لا نَفَقَة لكِ ، ولا سُكْنى» . -[129]-
وفي أخرى «أن فاطمةَ بنت قيس - أخت الضحاكِ بن قيس - أخبرتْه أن أبا حفص بنَ المغيرة المخزوميَّ طلّقها ثلاثاً ، ثم انطلق إلى اليمن ، فقال لها أهلُه : ليس لك علينا نفقة ، فانطلق خالدُ بنُ الوليد في نَفَر ، فَأَتَوْا رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم- في بيت ميمونةَ ، فقالوا : إن أبا حفص طلق امرأته ثلاثاً ، فهل لها من نفقة ؟ فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- : ليست لها نفقة ، وعليها العدَّة ، وأرسل إليها : [أن] لا تَسْبِقِيني بنفسكِ ، وأمرها أن تنتقل إلى أم شريك ، ثم أرسل إليها : أنَّ أُمَّ شريك يأتيها المهاجرون الأوَّلون ، فانطلقي إلى ابن أم مكتوم الأعمى ، فإنكِ إِذا وَضَعْتِ خِمَارَكِ لم يَركِ ، فانطلقت إِليه ، فلما مضت عِدَّتُها أنكحها رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- أسامةَ بنَ زيد بن حارثة» .
وفي أخرى «أن فاطمةَ أخبرته : أنها كانت تحتَ أبي عمرو بن حفص بن المغيرة ، وطَلقها آخِرَ ثلاثِ تطلِيقات ، فزعمت أنها جاءتْ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم- تستفتيه في خروجها من بيتها ، فأمرها أن تنتقلَ إلى ابن أُم مكتوم الأعمى ، فأبى مروانُ أن يُصدِّقَهُ في خروج المطلَّقةِ من بيتها ، وقال عروة : إِن عائشةَ أنكرتْ ذلك على فاطمةَ بنت قيس» .
وفي رواية عبيد الله بن عبد الله بن عتبة «أن أبا عمرو بن حفص بن المغيرة خرج مع علي بن أبي طالب إلى اليمن ، فأرسل إلى امرأته فاطمةَ بنتِ قيس بتطليقة [كانت] بَقيَتْ من طلاقها ، فأمر لها الحارث بن هشام ، وعياش بن أبي ربيعة -[130]- بنفقة ، فقالا لها : والله ما لكِ نفقة ، إلا أن تكوني حاملاً ، فأتت النبيَّ - صلى الله عليه وسلم- فذكرت له قولَهما ، فقال : لا نَفقةَ لكِ ، فاستأذنتْه في الانتقال ، فأذِنَ لها ، فقالتْ : أين يا رسولَ الله ؟ فقال : إلى ابن أُمِّ مكتوم - وكان أعمى - تضع ثيابها عنده ، ولا يراها ، فلما مضت عِدَّتُها أَنكَحَها النبيُّ - صلى الله عليه وسلم- أسامةَ بن زيد ، فأرسلَ إِليها مَرْوانُ قَبيصةَ بنَ ذُؤَيب يسألُها عن الحديث ؟ فحدَّثتْه به ، فقال مروانُ : لم نَسْمَعْ هذا الحديث إلا من امرأة ، سنأخذ بالعصمة التي وجدْنا الناس عليها ، فقالت فاطمةُ - حين بلغها قولُ مروانَ - فَبَيني وبينَكم القرآنُ ، قال الله عز وجل : {لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إلاَّ أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ وَتِلكَ حُدُودُ الله وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَه لا تَدْرِي لَعَلَّ الله يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْراً} [الطلاق : 1] قالت : هذا لمن كانت له مُرَاجعة ، فأيُّ أَمر يحدُثُ بعد الثلاث ؟ فكيف تقولون : لا نفقةَ لها إذا لم تكن حاملاً ؟ فَعلامَ تحبسونها ؟» . قال الحميديُّ : قال أبو مسعود الدمشقيُّ : حديثُ عبيد الله بن عبد الله [بن عتبة] بقصة طلاق فاطمة مرسل.
وفي رواية الشعبيِّ قال : «دخلتُ على فاطمةَ بنتِ قيس ، فسألتُها عن قضاءِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم- عليها ؟ فقالت : طَلّقَها زوجُها البَتَّةَ ، قالت : فخاصمتهُ إلى رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم- في السُّكْنى والنفقة ، قالت : فلم يجعلْ لي سُكنى ولا -[131]- نفقة ، وأمرني أَنْ أَعْتَدَّ في بيت ابن أُمِّ مكتوم» .
وفي أخرى عنه قال : «دخلنا على فاطمةَ بنتِ قيس ، فأتْحَفَتْنَا برُطَبِ ابنِ طاب ، وَسَقَتْنَا سَوِيقَ سُلْت ، فسألتُها عن المطلقة ثلاثاً : أين تعتدُّ ؟ قالت : طلقني بَعلي ثلاثاً ، فأذن لي النبيُّ - صلى الله عليه وسلم- أَن أَعتدَّ في أهلي» .
وله في أخرى قالت فاطمةُ عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم- في المطلقة ثلاثاً - : «ليس لها سكنى ولا نفقة» .
وفي رواية له عن فاطمةَ قالت : «طلّقني زوجي ثلاثاً ، فأَرَدْتُ النُّقْلةَ ، فأتيتُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم- ، فقال : انْتَقِلي إلى بيتِ ابنِ عَمِّكِ عمرو بنِ أُمِّ مكتوم [فاعْتدِّي عنده]» .
وفي رواية أبي إسحاق قال : «كنتُ مع الأسودِ بن يزيد جالساً في المسجد الأعظم ، ومعنا الشعبيُّ ، فحدَّثَ الشعبيُّ بحديثِ فاطمةَ بنتِ قيس : أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم- لم يجعلْ لها سُكنى ، ولا نفقة ، فأخذ الأسودُ كَفّاً من حصى ، فَحَصَبه به ، وقال : ويلك ، تُحدِّثُ بمثل هذا ؟ قال عمر : لا نتركُ كتابَ الله وسُنّةَ نبيِّنا لقولِ امرأة ، لا ندري لعلَّها حَفِظَتْ ، أم نَسِيتْ ؟ لها السكنى ، والنفقةُ ، قال الله عز وجل : {لا تُخْرِجُوهنَّ من بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إلاَّ أنْ يَأتِينَ بفاحِشةٍ مُّبيِّنة} [الطلاق : 1]» .
وفي رواية أبي بكر بن أبي الجهم قال : «سمعتُ فاطمةَ بنتِ قيس -[132]- تقول : إِنَّ زوجَها طلّقها ثلاثاً ، فلم يجعلْ لها رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- سكنى ، ولا نفقةَ ، قالت : قال لي النبيُّ - صلى الله عليه وسلم- : إذا حَلَلْتِ فآذِنيني ، فآذَنْتهُ ، فخطبها معاويةُ ، وأبو جهم ، وأسامةُ بنُ زيد ، فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- : أمَّا معاويةُ فرجل تَرِب ، لا مال له ، وأما أبو جهم : فرجل ضَرَّاب للنساء ، ولكنْ أُسامة ، فقالتْ بيدها هكذا ، أسامةُ ، أسامةُ ؟ فقال لها رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- : طاعةُ الله ، وطاعةُ رسوله خير لكِ ، قالت : فتزوجتُ (1) ، فاغْتَبَطتُ» .
وله في أخرى قال : سمعتُ فاطمةَ بنتَ قيس تقول : «أرسل إليَّ زوجي أبو عمرو بن حفص بن المغيرة عيّاشَ بن أبي ربيعة بطلاقي ، وأرسل معه بخمسةِ آصُعِ تمر ، وخمسةِ آصعِ شعير ، فقلت : أما لي نفقة إلا هذا ، ولا أعتدُّ في منزلكم ؟ قال : لا ، قالت : فشددتُ عليَّ ثيابي ، وأتيتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم- ، فقال : كم طلقكِ ؟ قلت : ثلاثاً ، قال : صَدَقَ ، ليس لكِ نفقة ، اعتدِّي في بيت ابنِ عَمِّكِ ابنِ أُمِّ مكتوم ، فإنه ضرير البصر ، تُلْقِينَ ثَوْبَكِ عنده ، فإذا انقضَت عِدَّتُك فآذنيني ، قالت : فخطبني خُطَّاب منهم معاويةُ ، وأبو الجهم ، فقال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم- : إنَّ معاويةَ تَرِب ، خفيفُ الحال ، وأبو الجهم : منه شِدَّة على النساء - أو يضرب النساء ، أو نحو هذا - ولكن عليكِ بأسامةَ بن زيد» .
وفي أخرى قال : «دخلتُ أنا وأبو سلمةَ بنُ عبد الرحمن على فاطمةَ -[133]- بنت قيس ، فسألناها ؟ فقال : كنت عند أبي عمرو بنِ حفص بن المغيرة ، فخرج في غزوة نَجْرَانَ...» وساق الحديث.
وزاد : «قالت : فَتزوَّجتُه ، فشرَّفني الله بابن زيد ، وكرَّمني بابن زيد (2)» .
وفي أخرى «دخلتُ أنا وأبو سلمةَ على فاطمةَ بنت قيس ، زمنَ ابنِ الزُّبير ، فحدَّثتْنَا : أنَّ زوجَها طلَّقها طلاقاً بَاتاً...» وذكر الحديث.
وفي رواية البهيِّ عن فاطمةَ قالت : طلقني زوجي ثلاثاً ، فلم يجعلْ لي رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- سكنى ، ولا نفقة. هذه جميعها روايات مسلم.
وأخرج الموطأ الرواية الأولى ، وقال : «فاغْتبطتُ به» .
وأخرج أبو داود الأولى ، ونحوَ الثالثةِ والرابعةِ ، والخامسةِ ، وقال في أول الخامسة : عن عبيد الله ، قال : «أرسلَ مَرْوَانُ إلى فاطمةَ فسألها ؟ فأخبرتْهُ : أنَّها كانت عند أبي حفص ، وكان النبيُّ - صلى الله عليه وسلم- أَمَّرَ عليَّ بنَ أبي طالب على بعض اليمن - فخرج معه زوجها...» وذكره ، وقال بعد الرابعة : وكذلك رواه الشعبيُّ ، والبهيُّ ، وعطاء عن عبد الرحمن بن عاصم ، وأبو بكر بن أبي الجهم ، كُلُّهم عن فاطمةَ بنتِ قيس : «أنَّ زوجها طلّقها ثلاثاً» .
وله في أخرى «أن زوجَها طلقها ثلاثاً ، فلم يجعل لها النبيُّ - صلى الله عليه وسلم- نفقة ولا سكنى» .
وله في أخرى عن أبي إسحاق قال : «كنتُ في المسجد الجامع مع -[134]- الأسود ، فقال : أتتْ فاطمةُ بنتُ قيس عمرَ بن الخطاب ، فقال : ما كنَّا لِنَدَعَ كتابَ رَبِّنا وسُنّةَ نبيِّنا - صلى الله عليه وسلم- لقولِ امرأة ، لا ندري أَحَفِظَتْ أم لا» .
وأخرج الترمذي رواية الشعبيِّ الأولى.
وله في أخرى قال الشعبيُّ : قالت فاطمة بنت قيس : طلَّقني زوجي ثلاثاً ، على عهدِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم- ، فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- : لا سكنى ، ولا نفقة ، قال مغيرةُ : فذكرته لإبراهيم ، فقال : قال عمر : لا ندع كتاب الله وسنَّة نبيِّنا - صلى الله عليه وسلم- بقول امرأة لا ندري أَحَفِظت أم نَسِيَتْ ، وكان عمر يجعل لها السكنى والنَفقةَ.
وله في أخرى عن أبي بكر بن أبي الجهم قال : «دخلتُ أنا وأبو سلمة بنُ عبد الرحمن على فاطمةَ بنتِ قيس ، فحدَّثَتْ : أَنَّ زوجَها طلَّقها ثلاثاً ، ولم يجعلْ لها سكنى ، ولا نفقة ، قالت : ووضع لي عشرةَ أقْفِزَة عند ابن عم له ، خمسةُ شعير ، وخمسةُ بُرّ (3) ، قالت : فأتيتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم- ، فذكرت له ذلك ، قالت : فقال : صَدَقَ ، فأمرني أن أعتدّ في بيت أمِّ شريك ، ثم قال لي رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- : إن بيتَ أُمِّ شريك بيت يغشاه المهاجرون ، ولكن اعتدِّي في بيت ابنِ أُمِّ مكتوم ، فعسى أنْ تُلْقي ثيابَكِ فلا يراكِ ، فإذا انقضتْ عِدَّتُكِ فجاء أحد يخطُبُكِ فآذنيني ، فلما انقضت عِدَّتي خطبني أبو جهم ، ومعاويةُ ، قالت : فأتيتُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم-، فذكرتُ له ذلك ، فقال : أمَّا معاويةُ : فرجل لا مال له ، وأما أبو جهم : فرجل شديد على النساء ، قالت : فخطبني أسامةُ بنُ زيد ، فتزوَّجني ، فبارك الله لي في أُسامةَ» . -[135]-
قال الترمذي : وقد رواه سفيان [الثوري] عن أبي بكر بن أبي الجهم نحو هذا الحديث ، وزاد فيه : «فقال لي النبيُّ - صلى الله عليه وسلم- : انكحي أُسامةَ» ، حدثنا محمود بن غيلان قال : حدثنا وكيع عن سفيان عن أبي بكر بن أبي الجهم بهذا.
وأخرج النسائي الرواية الأولى ، والثالثة إِلى قوله : «ليس لها نفقة» ، وزاد : «ولا سكنى» . وأخرج الرابعة.
وأخرج في أخرى عن عبد الرحمن بن عاصم : «أن فاطمةَ بنتَ قيس أخبرْته - وكانت عند رجل من بني مخزوم - أنه طلَّقها ثلاثاً ، وخرج عنها إِلى بعض المغازي ، وأمر وكيلَه أن يُعطِيَها بعضَ النفقة ، فَتَقَالَّتْها ، فانْطلقتْ إلى بعض نساء النبيِّ - صلى الله عليه وسلم- ، فدخل رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- وهي عندها ، فقالت : يا رسول الله ، هذه فاطمةُ بنتُ قيس طلّقها فلان ، فأرسل إليها ببعض النفقة ، فردَّتْها ، وزعم أنه شيء تَطَوَّل به ، قال : صَدَقَ ، قال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم- : فَانْتَقِلي إلى أمِّ كلثوم فاعتدّي عندها ، ثم قال : إنَّ أمَّ كلثوم امرأة يَكْثُرُ عُوَّادُها ، فانتقلي إلى عبد الله بنِ أمِّ مكتوم ، فإنه أعمى ، فانتقلت إلى عبد الله فاعتدّتْ عنده ، حتى انقضت عِدَّتُها ، ثم خطبها أبو الجهم ، ومعاويةُ بن أبي سفيان ، فجاءتْ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم- تستأمِرُه فيهما ، فقال : أمَّا أبو الجهم ، فرجل أخافُ عليكِ قَسْقَاسَتَه ، وأما معاويةُ : فرجل أمْلَقُ من المال ، فتزوَّجتْ أسامةَ بنَ زيد بعد ذلك» .
وله في أخرى قالت : «طَلَّقَني زوجي ثلاثاً ، وكان يرزقني طعاماً فيه -[136]- شيء ، فقلت : والله لئن كانت لي النفقةُ والسكنى لأطلبنَّها ، ولا أقبلُ هذا ، فقال الوكيل : ليس لكِ سكنى ولا نفقة ، فأتيتُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم- ، فذكرتُ ذلك له ، فقال : ليس لكِ سكنى ولا نفقة ، فاعتدِّي عند فلانة ، قال : وكان يأتيها أصحابُه ، ثم قال : اعتدِّي عند ابن أُمِّ مكتوم ، فإنه أعمى فإذا حَلَلْتِ فآذنيني ، قالت : فلما حَلَلْت آذنتُه ، فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- : مَن خَطبَكِ ؟ قلتُ : معاويةُ ورجل آخر من قريش ، فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- : أمَّا معاويةُ : فإنه غلام مِن غِلمانِ قريش لا شيءَ له ، وأما الآخَرُ : فإنه صاحبُ شرّ لا خير فيه ، ولكن انكِحِي أسامةَ ، قالت : فكرهتُهُ ، فقال لها ذلك ثلاث مَرَّاتِ ، فنكحتهُ» .
وله في أخرى عن عروةَ عنها قالت : «قلتُ : يا رسولَ الله ، زوجي طلَّقني ثلاثاً ، وأخاف أن يُقْتَحَم عليَّ ، فأمرَهَا فتحوَّلت» .
وفي أخرى عن الشعبيِّ عنها قالت : «طَلَّقني زوجي ، فأردتُ النُّقْلةَ ، فأتيتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم- ، فقال : انْتَقِلي إلى بيت ابنِ عَمِّكِ عمرو بنِ أُمِّ مكتوم فاعتدِّي فيه ، فحصبه الأسودُ ، وقال : ويلكَ ، لم تُفتي بمثل هذا ؟ قال عمر : إن جئْت بشاهدين يشهدان : أنهما سمعاه من رسول الله - صلى الله عليه وسلم- وإِلا لم نتركْ كتابَ الله لقولِ امرأة : {لا تخرجوهنَّ من بيوتهنَّ ولا يَخْرُجْنَ إِلا أن يَأتِينَ بِفَاحشةٍ مُّبيِّنةٍ} [الطلاق: 1]» . -[137]-
وله في أخرى عن أبي بكر بن حفص - هكذا جاء في كتاب النسائي : ابن حفص ، وإنما هو : ابن أبي الجهم - قال : «دخلت أنا وأبو سلمةَ على فاطمةَ بنت قيس ، قالت : طَلَّقني زوجي ، فلم يجعلْ لي سكنى ولا نفقة ، قالت : فوضع لي عشرة أقْفِزَة عند ابنِ عمّ له : خمسةَ شعير ، وخمسةَ تمر ، فأتيتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم- ، فقلت له ذلك ، فقال : صَدَقَ ، وأمرني أن أعتدَّ في بيت فلان ، وكان زوجُها طلَّقها طلاقاً بائناً» .
وله في أخرى عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة : «أن عبد الله بن عمرو بن عثمان طلَّق ابنةَ سعيد بن زيد - وأُمُّها حَمْنَةُ (4) بنت قيس - الْبَتَّةَ فأمرتْها خالتُها فاطمةُ بنت قيس بالانتقال من بيت عبد الله بنِ عمرو ، وسمع بذلك مَرْوَانُ ، فأرسل إليها ، فأمرها أن ترجعَ إِلى مسكنها حتى تنقضيَ عِدَّتُها ، فأرسلت إليه تُخبره : أنَّ خالتَها فاطمةَ أفْتَتها بذلك ، وأخْبَرتْها أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم- أفتاها بالانتقال حين طَلَّقها أبو عمرو بنُ حفص المخزوميُّ ، فأرسل مَرْوَانُ قَبِيْصَةَ بن ذؤيب إلى فاطمةَ ، فسألها عن ذلك ؟ فزعمت : أنها كانت تحت أبي عمرو ، ولمَّا أمَّر النبيُّ - صلى الله عليه وسلم- عليَّ بنَ أبي طالب على اليمن خرج معه ، فأرسل إِليها بتطليقة وهي بقيّة طلاقها ، وأمر لها الحارث بن هشام وعَيَّاش بن أبي ربيعة بنفقتها ، فأرسلت إِلى الحارث بن هشام ، وعيَّاش تسألهما النفقةَ التي أمر لها بها زوجُها ، فقالا : والله ما لها علينا نفقة ، إلا -[138]- أن تكونَ حاملاً ، وما لها أن تسكنَ في مسكننا إِلا بإذننا ، فزعمت فاطمةُ : أنَّها أتت رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم- ، فذكرت ذلك له ، فصدَّقهما ، قالت : فقلت : أين أنتقلُ يا رسول الله ؟ قال : انتقلي عندَ ابنِ أُمِّ مكتوم - وهو الأعمى الذي عاتبه الله - عز وجل - في كتابه [من أجله]- فانتقلت عنده ، فكنت أضع ثيابي عنده ، حتى أنكحَهَا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- زعمتْ أُسامةَ بنَ زيد» .
وله في أخرى «أن عبد الله بنَ عمرو بن عثمان طلّق - وهو غلام شابّ - في إِمارَةِ مَرْوانَ ابنةَ سعيدِ بنِ زيد - وأُمُّها بنتُ قيس - الْبَتَّةَ ، فأَرسلت إليها خالَتُها بنتُ قيس تأمرها بالانتقال من بيت عبد الله بن عمرو ، وسمع بذلكَ مَرْوانُ ، فأرسل إِلى ابنةِ سعيد يأمرُها أن ترجعَ إلى مسكنها ، وسألها ما حملها على الانتقال من قبل أن تعتدَّ في مسكنها حتى تنقضي عدتها ؟ وأرسلت إليه تخبره : أنَّ خالتَها أمرتْها بذلك ، فزعمت فاطمةُ بنتُ قيس : أنها كانت تحت أبي عمرو بن حفص... وذكر الحديث... إلى قوله : قال : انتقلي عندَ ابنِ أُمِّ مكتوم الأعمى ، الذي سمَّاه الله في كتابه ، قالت فاطمة : فاعتددتُ عنده ، وكان رجلاً قد ذهب بَصرُهُ ، فكنتُ أضعُ ثيابي عِندَهُ ، حتى أنكَحَها رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- أُسامةَ بنَ زيد ، فأنكر ذلك عليها مَرْوانُ ، وقال : لم أسمعْ هذا الحديث من أَحد قبلكِ ، وسآخذُ بالقضية التي وجدنا الناسَ عليها» . -[139]-
وفي أخرى عن الشعبيِّ قال : حدَّثتني فاطمةُ بنتُ قيس قالت : «أتيتُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم- ، فقلتُ : أنا بنت آلِ خالد ، وإنَّ زوجي فلاناً أرسل إِليَّ بطلاق ، وإِني سأَلتُ أهلَهُ النفقةَ والسكنى ؟ فَأَبَوْا عليَّ ، قالوا : يا رسول الله ، إنه أرسل إليها بثلاث تطليقات ، قالت : فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- : إِنما النفقةُ والسكنى للمرأة إِذا كان لزوجها عليها الرجعةُ» .
وله في أخرى عن أبي بكر بن أبي الجهم قال : سمعت فاطمةَ بنت قيس تقول : «أَرسل إليَّ زوجي بطلاقي ، فشددتُ عليَّ ثيابي ، ثم أتيت رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم- ، فقال : كَم طَلَّقكِ ؟ فقلت : ثلاثاً ، فقال : ليس لكِ نفقة ، واعتدِّي في بيت ابنِ عَمِّكِ ابنِ أُمِّ مكتوم ، فإنه ضرير البصر ، تُلْقِينَ ثيابَكِ عنده ، فإذا انقضت عِدَّتُكِ فآذنيني» .
وله في أخرى مختصراً ، قالت - في المطلقة ثلاثاً - : «ليس لها سكنى ولا نفقة» .
وفي أخرى عن الشعبيِّ : أنه سمع فاطمةَ بنتَ قيس - وكانت من المهاجرات الأُوَل – قالت : «خطبني عبد الرحمن بنُ عوف في نفر من أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم- ، وخطبني رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- على مولاه أُسامةَ بنِ زيد ، وقد كنت حُدِّثت : أَنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم- قال : من أحبَّني فليُحبَّ أُسامةَ ، فلما كلَّمني رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- ، قلتُ : أمري بيدِكَ ، فَأنكِحني مَنْ شِئْتَ : -[140]- فقال : انطلقي إلى أمِّ شريك - وأُمُّ شريك امرأة غَنِيَّة من الأنصار - عظيمةُ النَّفَقةِ في سبيل الله ، ينزل عليها الضِّيفان ، فقلت : سأفعل ، فقال : لا تفعلي ، فإنَّ أُمَّ شريك كثيرةُ الضيفان ، وإِني أكرهُ أن يَسقُطَ خِمَارُكِ ، أو ينكشفَ الثوبُ عن ساقَيْكِ ، فيرى القومُ منكِ بعضَ ما تكرهين ، ولكن انتقلي إلى ابنِ عَمَّكِ عبد الله بنِ عمرو بن أُمِّ مكتوم - وهو رجل من بني فِهْر - فانتقلت إليه» مختصر.
قد أطلنا في إخراج روايات هذا الحديث ، ولعلَّ ما فيها روايتان تتفقان ، بل في كلِّ واحدة منها شيء ليس في الأخرى ، فلأجل ذلك أوردناها (5) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(فاغتبطت) الغِبْطة : الفرح والسرور بالشيء.
(يقتحم) الاقتحام : الدخول على الشيء بغتة والوقوع فيه.
(بفاحشة) الفاحشة : الزنا ، وأراد : فعلاً شنيعاً.
(يغشاها) فلان يغشاه الناس : إذا كانوا يأتونه ويقصدون منزله كثيراً. -[141]-
(فآذِنْيني) آذَنْتُه بالشيء : أعلمتُه به إيذاناً ، فأنا مُؤْذِن.
(فلا يضع عصاه عن عاتقه) أراد : التأديب والضرب ، وقيل : أراد به : كثرة الأسفار عن وطنه ، يقال : رفع الرجل عصاه : إذا سافر ، ووضع عصاه : إذا نزل وأقام.
(العصمة) : ما يتمسك به من أحكام الشرع.
(أتحفتنا برُطَب ابن طابٍ) التحفة : الهدية ، ورطب ابن طاب : نوع من أنواع الرطب بالمدينة معروف ، ينسب إلى ابن طاب.
(سَويق سُلت) السُّلت : نوع من الحنطة والشعير لا قشر له.
(فحصَبه) حصبته : إذا رجمته بالحصا والحجارة.
(تَرِب) التَّرِب : الذي لا مال له ، تَرِب الرجل : إذا افتقر ، وأتْرَب : إذا استغنى.
(آصُع) الصاع معروف ، وجمعه في القلة : آصع.
(فَتَقالَّتْها) تَقالَّ الشيء : إذا اسْتَقلّه وعدَّه قليلاً.
(قَسْقَاسَته) القسقاسة بالسينين المهملتين وبالقافين : العصا ، قاله الأزهري.
(أمْلق) الرجل : إذا افتقر ، فهو مُمْلِق.
(ضرير البصر) الضرارة : ذهاب البصر ، ورجل ضرير : إذا كان أعمى.
__________
(1) وفي نسخ مسلم المطبوعة : فتزوجته.
(2) وفي بعض النسخ : بأبي زيد ، وكلاهما صواب ، وهي كنية أسامة بن زيد .
(3) في نسخ الترمذي : خمسة شعيراً ، وخمسة براً .
(4) كذا في الأصل والمطبوع : حمنة بن قيس ، والصواب : حزمة بنت قيس كما في " الإصابة " .
(5) رواه مسلم رقم (1480) في الطلاق ، باب المطلقة ثلاثاً لا نفقة لها ، والموطأ 2 / 580 و 581 في الطلاق ، باب ما جاء في نفقة المطلقة ، وأبو داود رقم (2284) و (2285) و (2286) و (2287) و (2288) و (2289) و (2290) و (2291) في الطلاق باب نفقة المبتوتة ، وباب من أنكر ذلك على فاطمة ، والترمذي رقم (1135) في النكاح ، باب ما جاء لا يخطب الرجل على خطبة أخيه ، ورقم (1180) في الطلاق ، باب رقم (5) ، والنسائي 6 / 74 في النكاح ، باب خطبة الرجل إذا ترك الخاطب أو أذن له ، وفي الطلاق ، باب الرخصة في الطلاق الثلاث ، وباب الرخصة في خروج المبتوتة من بيتها في عدتها لسكناها ، وباب نفقة البائنة ، وباب نفقة الحامل المبتوتة .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه مالك الموطأ صفحة (358) عن عبد الله بن يزيد ، مولى الأسود بن سفيان وأحمد (6/412) قال : قرأت على عبد الرحمن بن مهدي : مالك عن عبد الله بن يزيد ، مولى الأسود بن سفيان. وفي (6/412) قال : حدثنا إسحاق بن عيسى. قال : أخبرنا مالك ، عن عبد الله بن يزيد ، مولى الأسود بن سفيان ، وفي (6/413) قال : حدثنا محمد بن جعفر. قال : حدثنا محمد بن عمرو. وفي (6/413) قال : حدثنا يعقوب بن إبراهيم. قال : حدثنا أبي ، عن ابن إسحاق. قال : حدثني عمران بن أبي أنس ، أخو بني عامر بن لؤي. وفي (6/414) قال : حدثنا يعقوب. قال : حدثني أبي ، عن ابن إسحاق قال : وذكر محمد بن مسلم الزهري. وفي (6/415) قال : حدثنا حجاج. قال : حدثنا ليث ، يعني ابن سعد. قال : حدثني عقيل بن خالد ، عن ابن شهاب. وفي (6/416) قال : حدثنا روح. قال: حدثنا ابن جريج. قال : أخبرني ابن شهاب. ومسلم (4/195 ، 196 ، 197) قال : حدثنا يحيى بن يحيى ، قال : قرأت على مالك : عن عبد الله بن يزيد ، مولى الأسود بن سفيان. (ح) وحدثنا قتيبة بن سعيد. قال : حدثنا عبد العزيز ، يعني ابن أبي حازم ، وقال قتيبة أيضا : حدثنا يعقوب ، يعني ابن عبد الرحمن القاري.
كلاهما عن أبي حازم. (ح) وحدثنا قتيبة بن سعيد. قال : حدثنا ليث ، عن عمران بن أبي أنس. (ح) وحدثني محمد بن رافع قال : حدثنا حسين بن محمد. قال : حدثنا شيبان ، عن يحيى ، وهو ابن أبي كثير. (ح) وحدثنا يحيى بن أيوب وقتيبة بن سعيد وابن حجر. قالوا : حدثنا إسماعيل ، يعنون ابن جعفر ، عن محمد بن عمرو (ح) وحدثناه أبو بكر بن أبي شيبة. قال : حدثنا محمد بن بشر. قال : حدثنا محمد بن عمرو. (ح) وحدثنا حسن بن علي الحلواني وعبد بن حميد ، جميعا عن يعقوب بن إبراهيم بن سعد. قال : حدثنا أبي ، عن صالح ، عن ابن شهاب. (ح) وحدثنيه محمد بن رافع ، قال : حدثنا حجين. قال : حدثنا الليث ، عن عقيل ، عن ابن شهاب. وأبو داود (2284) قال : حدثنا القعنبي، عن مالك ، عن عبد الله بن يزيد ، مولى الأسود بن سفيان. وفي (2285) قال : حدثنا موسى ابن إسماعيل. قال : حدثنا أبان بن يزيد العطار. قال : حدثنا يحيى بن أبي كثير. وفي (2286) قال : حدثنا محمود بن خالد. قال : حدثنا الوليد. قال : حدثنا أبو عمرو ، عن يحيى. وفي (2287) قال : حدثنا قتيبة بن سعيد ، عن إسماعيل بن جعفر ، عن محمد بن عمرو. وفي (2289) قال : حدثنا يزيد بن خالد الرملي. قال : حدثنا الليث ، عن عقيل ، عن ابن شهاب. والنسائي (6/75) قال : أخبرنا محمد بن سلمة والحارث بن مسكين ، قراءة عليه وأنا أسمع ، عن ابن القاسم ، عن مالك ، عن عبد الله بن يزيد. وفي (6/144) قال : أخبرنا عمرو بن عثمان. قال : حدثنا بقية ، عن أبي عمرو ، وهو الأوزاعي. قال : حدثنا يحيى. وفي (6/208) قال : أخبرنا محمد بن رافع. قال : حدثنا حجين بن المثنى. قال : حدثنا الليث ، عن عقيل ، عن ابن شهاب. وفي الكبرى تحفة الأشراف (12/18038) عن قتيبة ، عن ليث ، عن عمران بن أبي أنس.
ستتهم - عبد الله بن يزيد ، ومحمد بن عمرو ، وعمران بن أبي أنس ، وابن شهاب الزهري ، وأبو حازم، ويحيى بن أبي كثير - عن أبي سلمة بن عبد الرحمن ، فذكره.
(*) وأخرجه النسائي (6/74) قال : أخبرني حاجب بن سليمان. قال : حدثنا حجاج ، قال : حدثنا ابن أبي ذئب ، عن الزهري ويزيد بن عبد الله بن قسيط ، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن (ح) وعن الحارث بن عبد الرحمن ، عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان ، أنهما سألا فاطمة بنت قيس عن أمرها ، فذكراه.

5977 - (د) ميمون بن مهران قال : قدمتُ المدينةَ فدفعت إلى سعيدِ بنِ المسيِّبِ ، فقلت : فاطمةُ بنت قيس طُلِّقَت ، فخرجت من بيتها ، فقال سعيد : -[142]- تلك امرأة فَتَنَت الناسَ «إِنها كانت لَسِنة (1) ، فَوُضِعت على يدي ابنِ أُمِّ مكتوم الأعمى» . أخرجه أبو داود (2) .
__________
(1) في المطبوع : بضم كلمة " لسنة " في آخرها ، وهو خطأ .
(2) رقم (2296) في الطلاق ، باب من أنكر على فاطمة النفقة ، وإسناده حسن .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه أبو داود (2296) حدثنا أحمد بن يونس ، ثنا زهير ، ثنا جعفر بن برقان ، ثنا ميمون بن مهران ، قال. فذكره.

5978 - (ط) نافع - مولى ابن عمر - رحمه الله - «أنَّ بنت سعيدِ بن زيد بن عمرو بن نُفَيْل ، كانت تحت عبد الله بنِ عمرو بن عثمان ، فطلَّقها البتّة ، فانتقلت ، فأنكر ذلك عليها عبد الله بنُ عمر (1)» . أخرجه الموطأ (2) .
__________
(1) قال الزرقاني : لمخالفة القرآن .
(2) 2 / 579 في الطلاق ، باب ما جاء في عدة المرأة في بيتها إذا طلقت فيه ، ورجاله ثقات .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه مالك في الموطأ بشرح الزرقاني (3/266) عن نافع فذكره.

5979 - (ط) نافع - مولى ابن عمر - رحمه الله - «أنَّ ابنَ عمر طلَّق امرأة له في مسكنِ حفصةَ (1) زوجِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم- ، وكان طريقُهُ إلى المسجد ، فكان يسلك الطريق الأخرى من أَدْبَارِ البيوت ، كراهيةَ أن يستأذنَ عليها (2) ، حتى راجعها» . أخرجه الموطأ (3) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(أدْبار) البيوت : وراءها وخلفها ، وهو جمع دُبُر.
__________
(1) وهي : أخته .
(2) من شدة ورعه .
(3) 2 / 580 في الطلاق ، باب ما جاء في عدة المرأة في بيتها إذا طلقت فيه ، وإسناده صحيح .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه مالك في الموطأ بشرح الزرقاني (3/266) عن نافع فذكره.

5980 - (م د س) جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - قال : «طُلِّقَت خالتي ، فأرادتْ أن تَجُدَّ نخلَها ، فزجرها رجل أن تخرجَ ، فأتت النبيَّ - صلى الله عليه وسلم- ، فقال : بلى ، فجُدِّي نَخْلَكِ ، فإنكِ عسى أَن تَصَدَّقي أو تفعلي معروفاً» . أخرجه مسلم والنسائي.
وفي رواية أبي داود قال : «طُلِّقَت خالتي ثلاثاً ، فخرجت تَجُدُّ نخلاً لها ، فلقيها رجل فنهاها ، فأتت النبيَّ - صلى الله عليه وسلم- فذكرت ذلك له ، فقال لها النبيُّ - صلى الله عليه وسلم- : اخرجي ، فجُدِّي نَخْلَكِ ، لعلّكِ أن تَصدَّقي منه ، أو تفعلي خيراً» (1) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(تجدَّ) جَدَّ النخل يَجُدّها جَدّاً وجِداداً : إذا قطع ثمرتها ، ووقت الجداد : أي وقت قطع الأعذاق من النخيل.
(فزجرها) زجرت فلاناً : إذا نهيته عن فعل شيء تكرهه ، والزجر : المنع.
(معروفاً) المعروف : الجميل والإحسان والبِرّ ، يعني : أنها ربما تصدَّقت من ثمرها على أحد إذا هي جَدَّتْه.
__________
(1) رواه مسلم رقم (1483) في الطلاق ، باب جواز خروج المعتدة البائن والمتوفى عنها زوجها في النهار لحاجتها ، وأبو داود رقم (2297) في الطلاق ، باب في المبتوتة تخرج بالنهار ، والنسائي 6 / 209 في الطلاق ، باب خروج المتوفى عنها بالنهار .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه أحمد (3/321) قال : حدثنا عبد الرزاق. والدارمي (2293) قال : أخبرني أبو عاصم ، ومسلم (4/200) قال : حدثني محمد بن حاتم بن ميمون ، قال : حدثنا يحيى بن سعيد (ح) وحدثنا محمد بن رافع ، قال : حدثنا عبد الرزاق (ح) وحدثني هارون بن عبد الله ، قال : حدثنا حجاج بن محمد. وأبو داود (2297) قال : حدثنا أحمد بن حنبل ، قال : حدثنا يحيى بن سعيد. وابن ماجة (2034) قال: حدثنا سفيان بن وكيع ، قال : حدثنا روح (ح) وحدثنا أحمد بن منصور ، قال : حدثنا حجاج بن محمد. والنسائي (6/209) قال : أخبرنا عبد الحميد بن محمد ، قال : حدثنا مخلد.
ستتهم - عبد الرزاق ، وأبو عاصم ، ويحيى ، وحجاج ، وروح ، ومخلد - عن ابن جريج ، قال : أخبرني أبو الزبير ، فذكره.

الفرع الثاني : في المتوفى عنها
5981 - (ط د ت س) زينب بنت كعب بن عُجرة «أن الفُرَيعَةَ بنتَ مالك بن سنان - وهي أُختُ أبي سعيد الخدريِّ - أخبرتْها : أَنَّها جاءت إِلى رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم- تسألُه أن ترجعَ إلى أهلها في بني خُدْرَة ، فإن زوجَها خرج في طلب أَعْبُد له أَبَقُوا ، حتى إذا كانوا بطرَف القَدُومِ لحقهم ، فقتلوه ، قالت : فسألتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم- أن أَرجعَ إلى أهلي في بني خُدرةَ ، فإِن زوجي لم يتركني في مسكن يملكه ولا نفقة ، قالت : فقالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- : نعم ، قالت : فانصرفتُ حتى إذا كنتُ في الحجرةِ ناداني رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- أو أمر بي فَنُودِيتُ - فقال : كيف قلت ؟ فرددتُ عليه القصة التي ذكرتُ له من شأن زوجي ، فقال : امكثي (1) في بيتِكِ حتى يبلغَ الكتابُ أَجَلَه ، قالت : فاعتددت فيه أربعةَ أشهر وعشراً ، قالت : فلما كان عثمانُ بنُ عفان ، أرسلَ إليَّ ، فسألني عن ذلك ؟ فأخبرتُه ، فاتَّبَعه وقضى به» . أخرجه الموطأ وأبو داود والترمذي.
وفي رواية النسائي : «أنَّ زوجَها تكارَى عُلُوجاً ليعْمَلوا له ، فقتلوه ، -[145]- فذكرتْ ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم- ، وقالت : إِني لستُ في مسكن له ، ولا يَجري عليَّ منه رزق، [أ] فأَنْتَقِلُ إلى أهلي ، ويَتَامايَ وأقومُ عليهم ؟ قال : افعلي، ثم قال : كيف قلت ؟ فأَعَادتْ عليه قولَها ، فقال : اعتدِّي حيث بلغكِ الخبرُ» .
وفي أخرى : «أن زوجَها خرج في طلب أَعْلاج له ، وكانت في دار قاصية ، فجاءت ومعها أخواها إلى رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم- ، فذكروا له ، فرخَّص لها ، حتى إذا رجعت دعاها ، فقال : اجلسي في بيتِكِ حتى يَبْلُغَ الكتابُ أجلَه» .
وفي أخرى «أن زوجَها خرج في طلب أعلاج له ، فقُتل بطرف القَدُوم ، قالت: فأتيتُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم- ، فذكرتُ له النُّقْلةَ إلى أهلي، وذكرتُ له حالاً من حالها ، قالت : فرَّخص لي ، فلما أقبلت ناداني ، فقال : امكثي في أهلكِ حتى يبلغَ الكتابُ أجلَهُ» (2) . -[146]-

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(حتى يبلغ الكتاب أجله) يريد به انقضاء العِدَّة.
__________
(1) في المطبوع : اثبتي ، وما أثبتناه هو الموافق للأصول المخطوطة والمطبوعة .
(2) رواه مالك في الموطأ 2 / 591 في الطلاق ، باب مقام المتوفى عنها زوجها في بيتها حتى تحل ، وأبو داود رقم (2300) في الطلاق ، باب في المتوفى عنها تنتقل ، والترمذي رقم (1204) في الطلاق ، باب أين تعتد المتوفى عنها زوجها ، والنسائي 6 / 199 في الطلاق ، باب مقام المتوفى عنها زوجها في بيتها حتى تحل ، وقال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح ، وهو كما قال ، ورواه أيضاً أحمد في " المسند " ، وأبو داود الطيالسي ، وابن ماجة ، والدارمي ، وابن سعد في " الطبقات " ، وصححه ابن حبان ، والحاكم ، وغيرهما ، وقال الترمذي : والعمل على هذا الحديث عند أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم ، لم يروا للمعتدة أن تنتقل من بيت زوجها حتى تنقضي عدتها ، وهو قول سفيان الثوري ، والشافعي ، وأحمد ، وإسحاق ، قال : وقال بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم : للمرأة أن تعتد حيث شاءت ، وإن لم تعتد في بيت زوجها ، قال الترمذي : والقول الأول أصح .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه مالك في الموطأ بشرح الزرقاني (3/286) عن سعد بن إسحاق بن كعب بن عجرة عن عمته زينب بنت كعب بن عجرة فذكرته.
وأخرجه أبو داود في الطلاق (44) عن القعنبي ، عن مالك ، عن سعد بن إسحاق بن كعب بن عجرة ، عن عمته زينب بنت كعب أن الفريعة أخبرتها به. والترمذي فيه الطلاق (23:1) عن إسحاق بن موسى ، عن معن ، عن مالك عن سعد بن إسحاق بن كعب بن عجرة ، عن عمته زينب أن الفريعة (23:2) عن ابن بشار ، عن يحيى بن سعيد ، عن سعد بن إسحاق نحوه وقال : حسن صحيح. والنسائي فيه الطلاق (60:1) عن أبي كريب ، عن ابن إدريس ، عن شعبة وابن جريج ويحيى بن سعيد وهو الأنصاري ومحمد ابن إسحاق.
أربعتهم عن سعد بن إسحاق ، عن زينب ، عن الفريعة نحوه. (60:3) عن قتيبة ، عن حماد بن زيد. و (62) عن إسحاق بن منصور ، عن ابن مهدي ، عن سفيان.
كلاهما- عن سعد بن إسحاق ، عن عمته زينب ، عن فريعة نحوه و (60:2) عن قتيبة ، عن الليث ، عن يزيد بن أبي حبيب ، عن يزيد بن محمد ، عن سعد بن إسحاق نحوه. وفي التفسير في الكبرى عن محمد بن سلمة ، عن ابن القاسم ، عن مالك عن سعد بن إسحاق بن كعب بن عجرة عن عمته زينب بنت كعب أن الفريعة أخبرتها به وابن ماجه في الطلاق (8) عن أبي بكر بن أبي شيبة عن أبي خالد الأحمر ، عن سعد بن إسحاق ، عن عمته زينب أن الفريعة أخبرتها به. الأشراف (12/474 ، 475) .

5982 - (خ د س) مجاهد [بن جبر] : «{والَّذين يُتَوفَّوْن منكم ويذرون أزواجاً} [البقرة : 234] ، قال : كانت هذه العِدَّةُ تَعتَدُّ عند أهل زوجها واجب (1) ، فأنزل الله : {والذين يُتَوَفَّوْنَ منكم ويَذَرُون أَزْوَاجاً وَصِيَّةً لأزْوَاجِهِم مَتَاعاً إلى الحَوْلِ غَيْرَ إخْرَاجٍ فإنْ خَرَجْنَ فلا جُنَاحَ عليكم فيما فَعَلْنَ في أَنْفُسِهنَّ من مَعْرُوفٍ} [البقرة : 240] قال : فجعل الله لها تمام السَّنَة سبعةَ أشهر وعشرين ليلة وصيَّة ، إن شاءتْ سكنتْ في وصيتها ، وإن شاءت خرجت ، وهو قول الله عز وجل : {غَيْرَ إِخراج فإنْ خَرجْنَ فلا جُنَاحَ عليكم} فالعِدَّةُ كما هي واجب عليها» ، زعم ذلك ابن أبي نُجَيح عن مجاهد (2) ، قال ابن أبي نجيح : وقال عطاء (3) : قال ابن عباس : -[147]- «نَسَخَت هذه الآيةُ عدَّتَها عند أهلها ، فتعتدُّ حيث شاءتْ ، وهو قول الله - عز وجل - : {غيرَ إخراج}» قال عطاء : «إن شاءت اعتدَّتْ عند أهلها ، وسكنت في وصيتها ، وإن شاءَتْ خرجتْ ، لقول الله عز وجل : {فلا جناح عليكم فيما فَعَلْنَ} قال عطاء : ثم جاء الميراثُ ، فَنسخ السُّكنى ، فتعتدُّ حيث شاءت ، ولا سكنى لها» . أخرجه البخاري.
وفي رواية أبي داود مختصراً ، قال ابن عباس : {والَّذين يُتَوَفَّوْن منكم ويذرونَ أزواجاً وصية لأزواجهم متاعاً إلى الحول غير إخراج} «فنسخ ذلك بآية الميراث ما فرض (4) الله لهنَّ من الرُّبُع والثُّمُن ، ونسخ أَجَلَ الحول بأن جَعَلَ أجلَها أربعةَ أشهر وعشراً» .
وفي أخرى له قال ابن عباس : «نَسخَتْ هذه الآيةُ عِدَّتَها عند أهلها ، فتعتدُّ حيث شاءت ، وهو قولُ الله عز وجل : {غير إِخراج} ، قال عطاء : إن شاءت اعتدتْ عند أهله ، وسكنت في وصيتها ، وإن شاءتْ خرجتْ ، لقول الله عز وجل : {فإن خرجن فلا جناح عليكم فيما فعلن} قال عطاء : [ثم] جاء الميراثُ فنسخ السكنى ، تَعْتدُّ حيث شاءتْ» .
وأخرج النسائي روايتي أبي داود (5) .
__________
(1) قوله : واجب ، خبر مبتدأ محذوف ، وفي الرواية الثانية عند البخاري في الطلاق ، واجباً ، وهو إما صفة محذوف ، أي : أمراً واجباً ، أو أنه ضمن العدة معنى الاعتداد ، وانظر " الفتح " 9 / 434 في الكلام على شرح الحديث ونسخ الحول والسكنى بالعدة ، ونسخ قوله تعالى : {غير إخراج} .
(2) قوله : زعم ذلك ابن أبي نجيح عن مجاهد ، قال الحافظ في " الفتح " 8 / 145 : قائل ذلك هو شبل - ابن عباد - وفاعل " زعم " هو ابن أبي نجيح ، وبهذا جزم الحميدي في جمعه .
(3) قال الحافظ : وقوله : وقال عطاء : هو عطف على قوله : مجاهد ، وهو من رواية ابن أبي نجيح عن عطاء ، ووهم من زعم أنه معلق ... ..
(4) في نسخ أبي داود المطبوعة : بما فرض .
(5) رواه البخاري 8 / 145 في تفسير سورة البقرة ، باب {والذي يتوفون منكم ويذرون أزواجاً يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشراً} ، وفي الطلاق ، باب {والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجاً} ، وأبو داود رقم (2298) و (2301) في الطلاق ، باب نسخ متاع المتوفى عنها بما فرض لها من الميراث ، وباب من رأى التحول ، والنسائي 6 / 200 في الطلاق ، باب الرخصة للمتوفى عنها زوجها أن تعتد حيث شاءت .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه أبو داود (2298) قال : حدثنا أحمد بن محمد المروزي. والنسائي (6/206) قال : أخبرنا زكريا بن يحيى السجزي خياط السنة ، قال : حدثنا إسحاق بن إبراهيم.
كلاهما - أحمد بن محمد ، وإسحاق بن إبراهيم - قالا : حدثنا علي بن الحسين بن واقد ،قال : أخبرني أبي ، قال : حدثنا يزيد النحوي ، عن عكرمة ، فذكره.
(*) أخرجه النسائي (6/207) قال : أخبرنا قتيبة ، قال : حدثنا أبو الأحوص ، عن سماك ، عن عكرمة ، فذكره من قول عكرمة.
ورواه عن ابن عباس أيضا عطاء.
أخرجه البخاري (6/36) قال : حدثنا إسحاق ، قال : حدثنا روح ، قال : حدثنا شبل. وفي (6/37) عن محمد بن يوسف ، قال : حدثنا ورقاء. وفي (7/78) قال : حدثني إسحاق بن منصور ، قال : أخبرنا روح بن عبادة ، قال : حدثنا شبل. وأبو داود (2301) قال : حدثنا أحمد بن محمد المروزي ، قال: حدثنا موسى بن مسعود ، قال : حدثنا شبل. والنسائي (6/200) قال : أخبرني محمد بن إسماعيل ابن إبراهيم ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا ورقاء.
كلاهما - شبل ، وورقاء - عن ابن أبي نجيح ، قال : قال عطاء ، فذكره.

5983 - (ط) سعيد بن المسيب - رحمه الله - «أن عمرَ بنَ الخطاب كان يردُّ المتوفَّى عنهنَّ أزواجُهن من البيداءِ ، يمنعهُنَّ من الحج» . أخرجه الموطأ (1) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(البيداء) : البرِّيَّة ، وهي هاهنا : اسم مخصوص قريب من المدينة ، وطريق مكة منه.
__________
(1) 2 / 591 و 592 في الطلاق ، باب مقام المتوفى عنها زوجها في بيتها حتى تحل ، وقد اختلف في سماع سعيد بن المسيب من عمر رضي الله عنه ، والأكثر على أنه لم يسمع منه ، قال الحافظ في " التهذيب " : وقد وقع لي حديث بإسناد صحيح لا مطعن فيه ، فيه تصريح سعيد بسماعه من عمر ... فذكره ، وانظر " التهذيب " 4 / 84 - 88 ، و " المراسيل " لابن أبي حاتم صفحة (50) .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه مالك في الموطأ بشرح الزرقاني (3/288) عن حميد بن قيس المكي عن عمرو بن شعيب عن سعيد بن المسيب فذكره.
وقد اختلف في سماع سعيد بن المسيب من عمر رضي الله عنه ، والأكثر على أنه لم يسمع منه ، قال الحافظ في التهذيب : وقد وقع لي حديث بإسناد صحيح لا مطعن فيه تصريح سعيد بسماعه من عمر.. فذكره انظر التهذيب (4/84-88) المراسيل لابن أبي حاتم صفحة (50) .

5984 - (ط) يحيى بن سعيد - رحمه الله - «بلغه : أن السائب بن خَبَّاب تُوُفِّيَ ، وأن امرأته جاءتْ إِلى عبد الله بن عمر ، فذكرتْ له وفاة زوجها ، وذكرت له حَرْثاً لهم بقَنَاة (1) ، وسألت : هل يَصْلُح لها أن تَبِيت فيه ؟ فنهاها عن ذلك ، فكانت تخرج من المدينة سَحَراً ، فَتُصْبِحُ في حَرْثِهم ، فَتَظَلُّ فيه يومَها ، ثم تدخل المدينةَ إذا أمْسَت ، فَتَبِيت في بيتها» . أخرجه الموطأ (2) .
__________
(1) موضع بالمدينة المنورة .
(2) 2 / 592 بلاغاً في الطلاق ، باب مقام المتوفى عنها زوجها في بيتها حتى تحل ، وإسناده منقطع ، ولكن يشهد لمعناه أثر ابن عمر الذي بعده .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه مالك في الموطأ بشرح الزرقاني (3/288) عن يحيى بن سعيد فذكره.
وإسناده منقطع.

5985 - (ط) نافع - مولى ابن عمر - رحمه الله - أن عمر كان يقول : «لا تَبِيت المتوفَّى عنها [زوجُها] ولا المبْتُوتةُ إلا في بيتها» . أخرجه الموطأ (1) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(المَبْتوتة) : المطلقة ثلاثاً ، من البَت : القطع.
__________
(1) 2 / 592 في الطلاق ، باب مقام المتوفى عنها زوجها في بيتها حتى تحل ، وإسناده صحيح .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه مالك في الموطأ بشرح الزرقاني (3/289) عن نافع عن ابن عمر فذكره.

الفصل الثاني : في الإحْداد
5986 - (خ م ط د ت س) زينب بنت أبي سلمة : قال حميد بن نافع : إنها أخبرْته بهذه الأحاديث الثلاثة قالت : «دخلت على أُمِّ حبيبةَ زوجِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم- حين تُوُفِّيَ أبوها أبو سفيان بن حرب ، فدعت أُمُّ حبيبةَ بطِيب فيه صُفْرَة - خَلَوق أو غيرُه - فَدَهَنت منه جارية ، ثم مَسَّت (1) بعَارِضَيْها - ثم قالت : والله ، ما لي بالطِّيب من حاجة ، غير أني سمعت رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم- يقول على المنبر : لا يَحِلُّ لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تُحِدَّ على ميت فوق ثلاث لَيَال ، إلا على زوج : أربعةَ أشهر وعشراً ، قالت زينبُ : ثم -[150]-
دخلتُ على زينبَ بنتِ جحش حين توفِّيَ أخوها ، فدعت بطِيب فمسَّت منه ، ثم قالت : أما والله ، ما لي بالطيِّب من حاجة ، غيرَ أني سمعتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم- يقول على المنبر : لا يَحِلُّ لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخِرِ أن تُحِدَّ على ميت فوقَ ثلاث ، إِلا على زوج أربعةَ أشهر وعشراً ، قالت زينبُ : وسمعتُ أمي أُمَّ سلمةَ تقول : جاءتْ امرأة إلى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم- ، فقالتْ : يا رسولَ الله ، إن ابنتي تُوُفِّيَ عنها زوجُها ، وقد اشتكتْ عينَها ، أَفَنَكْحُلُها ؟ فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- : لا - مرتين أو ثلاثاً - كلُّ ذلك يقول : لا ، ثم قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- : إنما هي أربعةُ أشهر وعشر ، وقد كانتْ إحداكنَّ في الجاهلية تَرْمي بالبَعْرَةِ على رأس الحول ، قال حميد [بن نافع] : فقلت لزينب : وما تَرْمي بالبعرة على رأس الحول ؟ فقالت زينب : كانت المرأة إذا تُوفي عنها زوجُها دخلت حِفْشاً ، ولَبِسَت شَرَّ ثيابها ، ولم تمسَّ طيباً [ولا شيئاً] حتى تمرَّ بها سنة (2) ، ثم تُؤتَى بِدابَّة - حمار أو شاة أو طائر - فَتَفْتَضُّ به ، فَقلَّما تفتضُّ بشيء إلا مات ، ثم تخرجَ فتعطَى بعرة ، فترمي بها ، ثم تراجِع بعدُ ما شاءتْ من طِيب أو غيرِه» . قال مالك : تَفْتَضَّ : تَمسح به جلدها.
وفي رواية قالت : «تُوُفِّيَ حَمِيم لأمِّ حبيبةَ ، فدعت بصُفْرَة ، فمسحت -[151]- بذراعيها ، وقالت : إنما أصنعُ هذا لأني سمعتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم- يقول : لا يَحِلُّ لامرأة تُؤمِن بالله واليوم الآخر أن تُحِدَّ فوق ثلاث ، إلا على زوج : أربعةَ أشهر وعشراً» ، وحدَّثَتْه زينبُ عن أُمِّها وعن زينبَ زوجِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم- أو عن امرأة من بعض أزواج النبيِّ - صلى الله عليه وسلم-. أخرجه البخاري ، ومسلم ، والموطأ ، وأبو داود ، والنسائي.
وللبخاري ومسلم عن حميد [بن نافع] ، عن زينبَ عن أُمِّها أُمِّ سلمةَ : «أنَّ امرأة تُوفِّيَ عنها زوجُها ، فخشُوا على عينيها ، فأَتَوُا النبيَّ - صلى الله عليه وسلم- ، فاستأذنوه في الكُحْل ، فقال : لا تكتحلُ ، قد كانت إحداكنَّ تجلس في شَرِّ أَحْلاسِها - أو شرِّ بيتها- فإذا كان حول فمرَّ كلب رَمَتْ ببعرة ، فلا ، حتى تمضيَ أربعةُ أشهر وعشر» .
زاد البخاري في حديثه ، قال حميد : وسمعتُ زينبَ بنتَ أُمِّ سلمةَ تُحَدِّثُ عن أُمِّ سلمةَ : أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم- قال : «لا يَحِلُّ لامرأة مسلمة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تُحِدَّ فوق ثلاثة أيام ، إلا على زوجهَا أربعة أشهر وعشراً» .
ولهما عن زينبَ قالت : عن أُمِّ حبيبة «لما جاءها نعيُ أبيها : دعتْ بطِيب ، فمسحتْ ذِرَاعَيْها ، وقالت : ما لي بالطِّيب من حاجة لولا أني سمعتُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم- يقول : لا يَحِلُّ لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تُحِدَّ على ميت فوقَ ثلاث ، إلا على زوج أربعة أشهر وعشراً» . -[152]-
وفي أخرى لهما «لما جاء نَعْيُ أبي سفيان من الشام دَعَتْ أُمُّ حَبيبةَ بصُفرة في اليوم الثالث ، فمسحتْ عَارِضَيْها وذِرَاعيها ، وقالت : إني كنت عن هذا لَغَنِيَّة...» وذكر الحديث.
وأخرج الترمذي الرواية الأولى إلى قوله : «رَأْس الحول» ، ولم يذكر سؤال حميد لزينب عن تفسير رمي البعرة.
وأخرج النسائي أيضاً حديثَ أُمِّ حبيبةَ وحدَهُ ، وحديث أمِّ سلمةَ وحدَهُ ، ولم يذكر القَصَص التي فيها ، وأخرج أيضاً الرواية التي للبخاري ، ومسلم عن أُمِّ سلمَةَ.
وله في أخرى «أَن امرأة سألت أُمَّ سلمةَ ، وأُمَّ حبيبةَ : تكتحل في عدتها من وفاة زوجها ؟ فقالت : أتت امرأة النبيَّ - صلى الله عليه وسلم- فسألتْه عن ذلك ، فقال : قد كانت إحداكنَّ في الجاهلية إذا تُوُفِّيَ عنها زوجها أقامت سنة ، ثم قذفت خَلْفَها ببعرة ، ثم خرجت ، وإنما هي أربعة أشهر وعشراً ، حتى ينقضيَ الأجلُ» .
وله في أخرى عن أُمِّ سلمةَ قالت : «جاءتِ امرأة من قريش ، فقالت : يا رسولَ الله ، إن ابنتي رَمِدتْ ، أَفأَكْحُلها ؟ - وكانت مُتوفّى عنها - فقال : إلا أربعة أشهر وعشراً ، ثم قالت : إني أخاف على بصرها ، فقال : إلا أربعة أشهر وعشراً ، قد كانتْ إحداكن في الجاهلية تُحِدُّ على زوجها سنة ، ثم ترمي على رأْس السنة بالبعرة» . -[153]-
وللنسائي عن أُمِّ سلمةَ روايات أُخرى مختصرة نحوها بمعناها ، لم نذكرها (3) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(أن تُحِدَّ) الإحْداد فيه لغتان ، أحدَّت المرأة على زوجها تُحِدُّ فهي مُحِدٌّ ، وحدَّت تَحُدُّ فهي حادٌّ : إذا حزنت وتركت الزِّينة ، ولبست عليه ثياب الحزن.
(حِفْشاً) الحِفش : بيت صغير قصير ، سمي حِفْشاً لضيقه ، وقيل : الحِفْش : الدُّرْج ، يشبه البيت به لصغره وضِيقه ، وقد جاء في كتاب النسائي قال : قال مالك : «الحِفْش : الخُصُّ» .
(فَتَفْتَضُّ به) قال القُتيبي : سألت الحجازيين عن الافتضاض ؟ فذكروا : أن المعتدة كانت لا تمس طيباً ، ولا تغتسل ، ولا تقلم ظفراً ، ولا تقرب شيئاً من -[154]- أمور التنظيف ، ثم تخرج بعد انقضاء الحول بأقبح منظر ، فتفتضُّ ، أي : تكسر ما هي فيه من العدة بطائر تمسح به قُبُلَها ، وتَنْبِذه ، فلا يكاد يعيش ، قال الأزهري : وروى الشافعي هذا الحرف : «فتقْبَصُ» بالقاف والباء والصاد ، وهو أخذ الشيء بأطراف الأصابع ، فأما بالضاد المعجمة ، فهو الأخذ بالكف كلها ، فأما الرواية : فهي بالفاء والتاء والضاد المعجمة.
(حَمِيم) الحميم : القريب والنسيب.
(أحْلاسَها) الأحلاس : جمع حِلْس ، وهو كساء رقيق يكون تحت البردعة ، وأحْلاس الثوب : ما يُبسط تحت حُرِّ الثياب.
(رَمِدَت) العين ترمَد : إذا مرضت بالرَّمَد ، وهو نوع من أمراضها.
__________
(1) في الموطأ : ثم مسحت .
(2) وقد نسخ الاعتداد بالحول ، وبقي أربعة أشهر وعشراً .
(3) رواه البخاري 9 / 427 في الطلاق ، باب تحد المتوفى عنها أربعة أشهر وعشراً ، وباب الكحل للحادة ، وباب {والذي يتوفون منكم ويذرون أزواجاً} ، وفي الجنائز ، باب حد المرأة على غير زوجها ، ومسلم رقم (1486) و (1487) و (1488) و (1489) في الطلاق ، باب وجوب الإحداد في عدة الوفاة وتحريمه في غير ذلك إلا ثلاثة أيام ، والموطأ 2 / 596 - 598 في الطلاق ، باب ما جاء في الإحداد ، وأبو داود رقم (2299) في الطلاق ، باب إحداد المتوفى عنها زوجها ، والترمذي رقم (1195) و (1196) و (1197) في الطلاق ، باب ما جاء في عدة المتوفى عنها زوجها ، والنسائي 6 / 201 في الطلاق ، باب ترك الزينة للحادة المسلمة دون النصرانية ، وباب النهي عن الكحل للحادة .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح : أخرجه الحميدي (307) قال : حدثنا سفيان ، قال : حدثنا هشام بن عروة وأحمد (6/291) قال : حدثنا يونس بن محمد. قال : حدثنا ليث ، يعني ابن سعد ، عن هشام بن عروة. وفي (6/291) قال : حدثنا يعقوب. قال : حدثنا أبي ، عن ابن إسحاق. قال : حدثنا هشام بن عروة. وفي (6/291) قال : حدثنا أبو اليمان. قال : أخبرنا شعيب ، عن الزهري وفي (6/428) قال : حدثنا يعقوب. قال : حدثنا ابن أخي ابن شهاب ، عن عمه. والبخاري (7/12) قال : حدثنا الحكم بن نافع. قال : أخبرنا شعيب ، عن الزهري. وفي (7/14) قال : حدثنا الحميدي. قال : حدثنا سفيان. قال : حدثنا هشام. وفي (7/15) قال : حدثنا عبد الله بن يوسف. قال : حدثنا الليث ، عن عقيل ، عن ابن شهاب. وفي (7/87) قال : حدثنا يحيى بن بكير. قال : حدثنا الليث ، عن عقيل ، عن ابن شهاب. ومسلم (4/165) قال : حدثنا أبو كريب محمد بن العلاء. قال : حدثنا أبو أسامة. قال : أخبرنا هشام. (ح) وحدثنيه سويد بن سعيد. قال : حدثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة (ح) وحدثنا عمرو الناقد. قال: حدثنا الأسود بن عامر. قال : أخبرنا زهير.
كلاهما عن هشام بن عروة. وفي (4/166) قال : وحدثنا محمد بن رمح بن المهاجر. قال : أخبرنا الليث، عن يزيد بن أبي حبيب ، أن محمد بن شهاب كتب يذكر. (ح) وحدثنيه عبد الملك بن شعيب بن الليث. قال : حدثني أبي ، عن جدي. قال : حدثني عقيل بن خالد. (ح) وحدثنا عبد بن حميد. قال: أخبرني يعقوب بن إبراهيم الزهري. قال : حدثنا محمد بن عبد الله بن مسلم.
كلاهما عن الزهري. وابن ماجه (1939) قال : حدثنا محمد بن رمح. قال : أنبأنا الليث بن سعد ، عن يزيد بن أبي حبيب ، عن ابن شهاب (ح) وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. قال : حدثنا عبد الله بن نمير ، عن هشام بن عروة. والنسائي (6/94) قال : أخبرنا عمران بن بكار. قال : حدثنا أبو اليمان. قال : أنبأنا شعيب. قال : أخبرني الزهري. وفي (6/94) قال : أخبرنا وهب بن بيان. قال : حدثنا ابن وهب. قال : أخبرني يونس ، عن ابن شهاب. وفي (6/96) قال : أخبرنا هناد بن السري ، عن عبدة ، عن هشام.
كلاهما - هشام بن عروة ، وابن شهاب الزهري - عن عروة بن الزبير ، عن زينب بنت أبي سلمة ، فذكرته.
أخرجه النسائي (6/94) قال : أخبرنا وهب بن بيان. قال : حدثنا ابن وهب. قال : أخبرني يونس ، عن ابن شهاب ، أن عروة بن الزبير حدثه ، عن زينب بنت أبي سلمة ، أن أم حبيبة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- قالت : يا رسول الله أنكح بنت أبي ، تعني أختها.. الحديث ولم يقل : عن أم حبيبة.
وأخرجه البخاري (7/18) والنسائي (6/95) قال البخاري : حدثنا وقال النسائي : أخبرنا قتيبة. قال : حدثنا الليث ، عن يزيد بن أبي حبيب ، عن عراك بن مالك ، أن زينب بنت أبي سلمة أخبرته ، أن أم حبيبة قالت لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- : إنا قد تحدثنا أنك ناكح درة بنت أبي سلمة. فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : أعلى أم سلمة؟ لو لم أنكح أم سلمة ، ما حلت لي ، إن أباها أخي من الرضاعة.

5987 - (م س) عائشة - رضي الله عنها - أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم- قال : «لا يَحِلُّ لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تُحِدَّ على ميت فوق ثلاث ، إلا على زوجها» . أخرجه مسلم ، والنسائي.
وللنسائي : «لا يَحِلُّ لامرأة أن تُحِدَّ أكثر من ثلاث ، إلا على زوجها» (1) .
__________
(1) رواه مسلم رقم (1491) في الطلاق ، باب وجوب الإحداد ، والنسائي 6 / 198 في الطلاق ، باب الإحداد .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه الحميدي (227) قال : حدثنا سفيان.وأحمد (6/37) قال : حدثنا سفيان. وفي (6/249 و 281) قال : حدثنا عبد الصمد. قال : حدثنا سليمان بن كثير. والدارمي (2288) قال : أخبرنا محمد بن كثير. قال : أخبرنا سليمان بن كثير. ومسلم (4/204) قال : حدثنا يحيى بن يحيى وأبو بكر بن أبي شيبة وعمرو الناقد وزهير بن حرب. قال يحيى : أخبرنا وقال الآخرون : حدثنا سفيان بن عيينة. وابن ماجة (2085) قال : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. قال : حدثنا سفيان بن عيينة. والنسائي (6/198) قال : أخبرنا إسحاق بن إبراهيم. قال : أنبأنا سفيان. (ح) وأخبرنا محمد بن معمر. قال : حدثنا حبان. قال : حدثنا سليمان بن كثير.
كلاهما - سفيان بن عيينة ، وسليمان بن كثير - عن الزهري ، عن عروة بن الزبير ، فذكره. فقال الحميدي عقيب الحديث : فقيل لسفيان : فإنها تحد عليه أربعة أشهر وعشرا. فقال سفيان : لم يقل لنا هذا الزهري في حديثه ، إنما قاله لنا أيوب بن موسى في حديثه.

5988 - (م ط س) صفية بنت أبي عبيد أنها سمعت حفصةَ زوجَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم- تُحدِّثُ عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم- بمثل حديث قبلَه أنه قال : «لا يَحِلُّ -[155]- لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تُحِدَّ على ميت فوق ثلاثة أيام ، إلا على زوجها» .
زاد في رواية : «فإنها تُحِدُّ عليه أربعة أشهر وعشراً» .
وفي رواية عنها عن حفصة : - أو عن عائشة ، أو عن كلتيهما - وذكر مثله ، دون الزيادة.
أخرجه مسلم ، وأخرج الموطأ الرواية الثانية ، وأخرج النسائي الرواية الأولى بالزيادة ، ولم يقل : بمثل حديث قبلَه.
وله في أخرى عنها عن بعضِ أزواجِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم- ، وهي أُمُّ سلمةَ نحوه (1) .
__________
(1) رواه مسلم رقم (1490) في الطلاق ، باب وجوب الإحداد ، والموطأ 2 / 598 في الطلاق ، باب ما جاء في الإحداد ، والنسائي 6 / 189 في الطلاق ، باب عدة المتوفى عنها زوجها .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه مالك الموطأ صفحة (370) عن نافع ، عن صفية بنت أبي عبيد ، فذكرته.
(*) وأخرجه أحمد (6/286) قال : قرأت على عبد الرحمن بن مهدي : مالك ، عن نافع ، عن صفية بنت أبي عبيد ، عن عائشة ، أو حفصة أم المؤمنين ، فذكرته.
(*) وأخرجه أحمد (6/286) قال : حدثنا يونس بن محمد. قال : حدثنا ليث ، يعني ابن سعد. وفي (6/287) قال : حدثنا عفان. قال : حدثنا عبد العزيز بن مسلم. قال : حدثنا عبد الله بن دينار. ومسلم (4/204) قال : حدثنا يحيى بن يحيى وقتيبة وابن رمح ، عن الليث بن سعد (ح) وحدثناه شيبان بن فروخ.
قال : حدثنا عبد العزيز ، يعني ابن مسلم. قال : حدثنا عبد الله بن دينار.
كلاهما - الليث ، وعبد الله بن دينار - عن نافع ، أن صفية بنت أبي عبيد ، حدثته عن حفصة ، أو عن عائشة ، أو عن كلتيهما ، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.. الحديث.
(*) وأخرجه أحمد (6/184) قال : حدثنا هاشم بن القاسم. قال : حدثنا ورقاء ، عن عبد الله بن دينار. قال : سمعت صفية تقول : «قالت عائشة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- ، أو حفصة ، أو هما تقولان : قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-» الحديث ليس فيه : نافع.
(*) وأخرجه أحمد (6/286) قال : حدثنا يزيد بن هارون. قال : أخبرنا يحيى بن سعيد. (ح) وحدثنا إسماعيل. قال : حدثنا أيوب. ومسلم (4/204) قال : حدثناه أبو غسان المسمعي ومحمد بن المثنى قالا:حدثنا عبد الوهاب. قال : سمعت يحيى بن سعيد. وابن ماجه (2086) قال : حدثنا هناد بن السري. قال : حدثنا أبو الأحوص ، عن يحيى بن سعيد. والنسائي (6/189) قال : أخبرنا محمد بن بشار. قال : حدثنا عبد الوهاب ، عن يحيى بن سعيد.
كلاهما - يحيى بن سعيد ، وأيوب - عن نافع ، عن صفية بنت أبي عبيد ، أنها سمعت حفصة بنت عمرو، فذكرته. ليس فيه : عائشة.
(*) وأخرجه مسلم (4/204) قال : حدثنا أبو الربيع. قال : حدثنا حماد ، عن أيوب (ح) وحدثنا ابن نمير. قال : حدثنا أبي. قال : حدثنا عبيد الله. جميعا عن نافع ، عن صفية بنت أبي عبيد ، عن بعض أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- ، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- بمعنى حديثهم.

5989 - (خ م د س) أم عطية - رضي الله عنها - قالت : «كُنَّا نُنْهَى أن نُحِدَّ على ميت فوق ثلاث ، إلا على زوج أربعة أشهر وعشراً ، ولا نكتحل ، ولا نتطيَّب ، ولا نلبَس ثوباً مصبوغاً ، إلا ثوبَ عَصب ، وقد رُخِّص لنا عند الطهر : إذا اغتسلت إحدانا من مَحِيضِها ، في نُبْذَة من كُسْت أظفار» .
زاد في رواية : «وكُنَّا نُنْهى عن اتِّباع الجنائزِ» . -[156]-
وفي أخرى قالت : قال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم- : «لا يَحِلُّ لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر تُحِدُّ فوق ثلاث ، إلا على زوج ، فإنها لا تكتحل ، ولا تلبَس ثوباً مصبوغاً ، إلا ثوب عَصب» .
وفي أخرى : «لا تُحِدُّ امرأة على ميت فوق ثلاث ، إلا على زوج ... وذكره ، وزاد : ولا تَمَسُّ طِيباً إلا إذا طهرت : نُبْذَة من قُسْط أو أظفار» . أخرجه البخاري ومسلم.
وللبخاري قال : «تُوُفِّيَ ابنٌ لأمِّ عَطِيَّةَ ، فلما كان يومُ الثالث : دعت بصفْرة ، فمسحت ، وقالت : نُهينا أن نُحِدَّ أكثر من ثلاث إلا لزوج» .
وفي رواية أبي داود : «أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم- قال : لا تُحِدُّ المرأة فوق ثلاث إلا على زوج ، فإِنها تُحِدُّ أربعة أشهر وعشراً ، ولا تَلبَس ثوباً مصبوغاً إلا ثوبَ عَصْب ، ولا تكتحل ، ولا تمسُّ طِيباً ، إلا [أدْنَى طُهرتها] ، إذا طهرت من حيضها : بنُبْذَة من قسط أو أظفار» . قال يعقوب -[هو الدَّوْرَقي]- مكان «عصب» : «إلا مغسولاً» . وزاد : «ولا تَخْتَضِب» .
وفي رواية النسائي مثل أبي داود ، وزاد بعد : «تكتحل» : «ولا تمتشط» ، وقال : «قسط وأظفار» . ولم يذكر قول يعقوب.
وله في أخرى «لا يَحِلُّ لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تُحِدَّ -[157]- على ميت فوق ثلاث ، إلا على زوج ، ولا تكتحل ولا تختضب ، ولا تلبَس ثوباً مصبوغاً» (1) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(عَصْب) العَصْب من البرود ، وهو الذي صُبغ غزله.
(نُبْذَة) النبذة : القدر اليسير من الشيء.
(كُسْت) الكُست : لغة في القُسْط ، وهو شيء معروف يُتَبخَّر به.
(أظفار) الأظفار : ضرب من العِطر ، ليس له واحد من لفظه.
__________
(1) رواه البخاري 9 / 432 و 433 في الطلاق ، باب القسط للحادة عند الطهر ، وباب تلبس الحادة ثياب العصب ، وفي الحيض ، باب الطيب للمرأة عند غسلها من المحيض ، وفي الجنائز ، باب اتباع النساء الجنائز ، وباب إحداد المرأة على زوجها ، ومسلم رقم (938) في الطلاق ، باب وجوب الإحداد ، وأبو داود رقم (2302) و (2303) في الطلاق ، باب فيما تجتنبه المعتدة في عدتها ، والنسائي 6 / 203 في الطلاق ، باب ما تجتنب الحادة من الثياب المصبغة ، وباب الخضاب للحادة .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح : أخرجه أحمد (5/85) قال : حدثنا محمد بن عبد الرحمن الطفاوي. قال : حدثنا هشام. (ح) ويزيد. قال : أخبرنا هشام بن حسان. وفي (6/408) قال : حدثنا ابن نمير. قال : حدثنا هشام. والدارمي (2291) قال : أخبرنا محمد بن يوسف. قال : حدثنا زائدة ، عن هشام بن حسان. والبخاري (1/85 ، 7/77) قال : حدثنا عبد الله بن عبد الوهاب. قال : حدثنا حماد بن زيد ، عن أيوب وفي (1:85) قال:أبو عبد الله أو هشام بن حسان. وفي (7/78) قال : حدثنا الفضل بن دكين. قال : حدثنا عبد السلام بن حرب ، عن هشام. ومسلم (4/204 ، 205) قال : حدثنا حسن بن الربيع. قال: حدثنا ابن إدريس ، عن هشام. (ح) وحدثناه أبو بكر بن أبي شيبة. قال : حدثنا عبد الله بن نمير. (ح) وحدثني عمرو الناقد. قال : حدثنا يزيد بن هارون.
كلاهما عن هشام. (ح) وحدثني أبو الربيع الزهراني. قال : حدثنا حماد ،. قال : حدثنا أيوب. وأبو داود (2302) قال : حدثنا يعقوب بن إبراهيم الدورقي. قال : حدثنا يحيى بن أبي بكير. قال : حدثنا إبراهيم بن طهمان. قال : حدثني هشام بن حسان (ح) وحدثنا عبد الله بن الجراح الهقستاني ، عن عبد الله، يعني ابن بكر السهمي ، عن هشام.وفي (2303) قال : حدثنا هارون بن عبد الله ومالك بن عبد الواحد المسمعي. قالا : حدثنا يزيد بن هارون ، عن هشام ، وابن ماجة (2087) قال : حدثنا أبو بكر ابن أبي شيبة. قال : حدثنا عبد الله بن نمير ، عن هشام بن حسان. والنسائي (6/202) قال : أخبرنا حسين بن محمد. قال : حدثنا خالد. قال : حدثنا هشام. وفي (6/204) قال : أخبرنا محمد بن منصور. قال : حدثنا سفيان. قال : حدثنا عاصم.
ثلاثتهم - هشام بن حسان ، وأيوب ، وعاصم الأحول - عن حفصة بنت سيرين ، فذكرته.

5990 - (ط د س) أم سلمة - رضي الله عنها - قالت : قال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم- : «لا تَلْبَسُ المتوفَّى عنها زوجُها المُعَصْفَرَ من الثياب ، ولا المُمَشَّقةَ ، ولا الحُليَّ ، ولا تختضب ، ولا تكتحل» . أخرجه أبو داود ، والنسائي ، ولم يذكر النسائي الحُليَّ (1) . -[158]-
وفي رواية لهما عن أُم حكيم بنت أَسِيد عن أُمها «أن زوجَها تُوفي وكانت تشتكي عينها فتكتحل بكُحل الجلاء قال أحمد [وهو ابن صالح] : الصواب بكحل الجَلا فأرسلت مولاة لها إلى أُم سلمة ، فسأَلتْها عن كحل الجِلاَءِ ؟ فقالت ، لا تكتحلي به ، إلا من أمر لا بدَّ منه يشتد عليكِ ، فتكتحلين بالليل ، وتَمْسَحيِنَه بالنهار ، ثم قالت عند ذلك أُم سلمة : دخل عليَّ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- حين تُوفِّيَ أبو سلمةَ ، وقد جعلت عليَّ صَبِراً ، فقال : ما هذا يا أُمَّ سلمةَ ؟ فقلت : إنما هو صَبِر يا رسولَ الله ليس فيه طِيب ، قال : إنه يَشُبُّ الوجهَ ، فلا تجعليه إلا بالليل وتَنْزَعِيه بالنهار ، ولا تمتشطي بالطّيب ولا بالحِنَّاء ، فإنه خضاب ، قلت : بأي شيء أمتشطُ يا رسولَ الله ؟ قال : بالسِّدْر ، وتُغلِّفين به رَأْسَكِ» هذا لأبي داود.
وأخرج النسائي مثله ، ولم يَذْكُرْ قولَ أحمد [بن صالح] ، ولا قوله : «تنزعينه بالنهار» (2) .
وفي رواية الموطأ قال مالك : «بلغه : أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم- دخل على أمِّ سلمة وهي حَادٌّ على أبي سلمةَ وقد جعلت على عينيها صَبِرَاً ، فقال : ما هذا يا أمَّ سلمةَ ؟ فقالت : إنما هو صَبِر يا رسولَ الله ، قال : اجْعلِيه بالليل ، -[159]- وامْسَحِيه بالنهار» .
وله في أخرى «أنها قالت لامرأة حادٍّ على زوجها ، اشتكت عينيها فبلغ ذلك منها : اكْتَحِلي بكُحل الجِلاَءِ [بالليل] ، وامسحيه بالنهار» .
وله في أخرى أنها كانت تقول : «تجمع الحادُّ رأْسَها بالسِّدْرِ والزَّيْت» (3) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(المُمَشَّقة) الثياب الممشَّقة : هي المصبوغة بالمِشق ، والمشق - بالكسر - المَغْرة ، والمَغْرة ساكنة الغين ، وقد تحرَّك.
(الجَلا) مفتوحاً مقصوراً : كُحل الإثمد ، والجِلاء - بالكسر والمد - : كُحل ، وقال الأزهري : الجَلاَ ، والجَلاَء : الإثمد ، وقيل : الكحل ، وقد جاء في بعض نسخ الموطأ بالكسر والمد ، والرواية في حديث أبي داود " الجِلاء " بالمد ، وقال : قال أحمد الصواب " الجَلاَ " يعني : بالقصر ، قال الخطابي : سمي بذلك لأنه يجلو العين.
(يَشُبُّ الوجه) أي : يوقده وينورِّه ، من شبَّ النار : إذا أوقدها.
(تغلِّفين) غَلَّفت المرأة وجهها بالغالية : جعلتها عليه ، وكذلك غَلَّفت شعرها : إذا لطخته بها ، فأكثرت منها.
__________
(1) رواه أبو داود رقم (2304) في الطلاق ، باب فيما تجتنبه المعتدة في عدتها ، والنسائي 6 / 203 و 204 في الطلاق ، باب ما تجتنب الحادة من الثياب المصبغة ، إسناده حسن .
(2) رواه أبو داود رقم (2304) في الطلاق ، باب فيما تجتنبه المعتدة في عدتها ، والنسائي 6 / 203 و 204 في الطلاق ، باب الرخصة للحادة أن تمتشط بالسدر ، وإسناده ضعيف .
(3) رواه مالك في " الموطأ " بلاغاً 2 / 598 و 600 في الطلاق ، باب ما جاء في الإحداد ، وقد وصله أبو داود والنسائي كما في الحديث الذي قبله ، وإسناده .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه أحمد (6/302) وأبو داود (2304) قال : حدثنا زهير بن حرب. والنسائي (6/203) قال : أخبرنا محمد بن إسماعيل بن إبراهيم.
ثلاثتهم - أحمد بن حنبل ، وزهير بن حرب ، ومحمد بن إسماعيل - قالوا. حدثنا يحيى بن أبي بكير. قال : حدثنا إبراهيم بن طهمان. قال : حدثني بديل ، عن الحسن بن مسلم ، عن صفية بنت شيبة. فذكرته.

5991 - (ط) نافع مولى ابن عمر - رحمه الله - «أن صفية بنتَ أبي عبيد اشتكت عينها وهي حَادٌّ على زوجها ابن عمر ، فلم تكتحل ، حتى كادت عيناها ترَمصَان» أخرجه الموطأ (1) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(تَرْمَصَان) رَمِصت العين : إذا حصل فيها ذلك الوسخ الذي يجتمع فيها ، فإن سال فهو غَمَص ، وإن جمد فهو رَمَص.
__________
(1) 2 / 599 في الطلاق ، باب ما جاء في الإحداد ، وإسناده صحيح .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه مالك في الموطأ بشرح الزرقاني (3/303) عن نافع فذكره.

الفصل الثالث : في أحكام متفرقة
5992 - (ط) سعيد بن المسيب وسليمان بن يسار - رحمهما الله- «أن طُليحة الأسدية (1) كانت تحت رُشيد الثقفيِّ ، فطلقها ، فنكحت في عدَّتها ، فضربها عمر، وضرب زوجها بالمِخْفَقَة ضربات ، وفرَّق بينهما ، ثم قال عمر : أيُّما امرأة نكحت في عدتها ، فإن كان زوجها الذي تزوج بها لم يدخل بها : فُرِّقَ بينهما ، واعتدت بقية عِدَّتها من الأول ، ثم كان الآخرُ خاطباً من -[161]- الخُطَّاب ، وإن دخل بها : فُرِّق بينهما ، ثم اعتدَّت بقية عِدَّتها من الأَول ، ثم اعتدَّت من الآخر ، ثم لا يجتمعان أبداً» .
قال ابن المسيب : ولها مهرها كاملاً بما استحلَّ منها. أخرجه الموطأ (2) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(بالمِخْفَقة) الدِّرَّة ، والخَفْق : الصَّفْع والضرب.
__________
(1) قال الزرقاني في " شرح الموطأ " : قال أبو عمر - يعني ابن عبد البر - : كذا وقع " الأسدية " في بعض نسخ الموطأ من رواية يحيى - يعني الليثي - وهو خطأ وجهل ، لا أعلم أحد قاله ، وإنما هي تيمية أخت طلحة بن عبد الله أحد العشرة ، التيمي .
(2) 2 / 536 في النكاح ، باب جامع ما لا يجوز من النكاح ، ورجال إسناده ثقات .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه مالك في الموطأ بشرح الزرقاني (3/188) عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب وعن سليمان ابن يسار فذكره.

5993 - () عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - تلا قوله تعالى : {وَالمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة : 228] ، وقوله تعالى : {[يَا أَيُّهَا النَّبيُّ] إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا العِدَّةَ وَاتَّقُوا اللهَ رَبَّكُمْ لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلا أَنْ يأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لا تَدْرِي لَعَلَّ اللهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْراً . فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أو فَارِقُوهُنَّ بِمَعْروفٍ وَأشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِله ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ باللهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً . وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ على اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللهَ بَالِغُ أمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللهُ لِكلِّ شَيءٍ قَدْراً . والَّلائِي يَئِسْنَ مِنَ المَحِيضِ مِن نسَائِكُمْ -[162]- إنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللائِي لَمْ يَحِضْنَ} [الطلاق : 1 - 4] فقال : «هذه عِدَدُ المُطَلَّقَات ، واستثنى الله تعالى من ذلك غيرَ المدخولِ بها ، بقوله : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إذَا نَكَحْتُمُ المُؤْمِنَاتِ ثم طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أنْ تَمسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا} [الأحزاب : 49] ، وقال تعالى : {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مَنْكم وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أشْهُرٍ وعَشْراً} [البقرة : 234] قال : ثم أنزل الله رُخْصَةَ الحوامل منهنَّ بقوله : {وَأُولاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق : 4] من مطلَّقة أَو مُتوفّى عنها» . أخرجه ... (1) .
__________
(1) كذا في الأصل بياض بعد قوله : أخرجه ، وفي المطبوع : أخرجه رزين .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
لم أقف عليه.

الكتاب الخامس : في العاريَّة
5994 - (د) صفوان بن أمية - رضي الله عنه - «أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم- اسْتَعَارَ مِنه أدراعاً يومَ حُنين ، فقال : أَغَصْبٌ يا محمد ؟ قال : بل عَارِيَّة مضمونة» . أخرجه أبو داود (1) .
وفي رواية ذكرها رزين قال : قال لي رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- : «إذا أَتَتْكَ رُسُلِي فأعْطِهم ثلاثين دِرْعاً وثلاثين بعيراً ، قال : قلتُ : يا رسول الله ، أعَارِيَّة مضمونة ، أو عارِيَّة مُؤدَّاة ؟ قال : بل عاريَّة مُؤدَّاة» (2) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(أدْراعاً) الأدراع : جمع قلة لدِرْع ، وهو الزَّرَدِيَّة ، ويجمع على أدْرُع ، وفي الكثرة على دُروع ، وقد استعمل «الأدراع» في هذا الحديث للكثرة ، وإن كانت جمع قلة اتساعاً. -[164]-
(بل عارِيَّة) العاريَّة يجب ردُّها إجماعاً مهما كانت عينها باقية ، فإن تلفت وجب ضمان قيمتها عند الشافعي ، ولا تضمن فيها عند أبي حنيفة.
__________
(1) رقم (3562) في البيوع ، باب في تضمين العارية ، ورواه أيضاً أحمد في " المسند " 3 / 401 و 6 / 465 ، والحاكم وذكر له شاهداً من حديث ابن عباس ، وهو حديث حسن .
(2) هذه الرواية عند أبي داود رقم (3566) في البيوع ، باب في تضمين العارية ، وهو حديث حسن بشواهده .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه أحمد (3/400) (6/465) وأبو داود (3562) قال : حدثنا الحسن بن محمد ، وسلمة بن شبيب. والنسائي في الكبرى الورقة (75-ب) قال : أخبرنا عبد الرحمن بن محمد بن سلام.
أربعتهم - أحمد بن حنبل ، والحسن بن محمد ، وسلمة بن شبيب ، وعبد الرحمن بن محمد - قالوا : حدثنا يزيد بن هارون ، قال : حدثنا شريك ، عن عبد العزيز بن رفيع ، عن أمية بن صفوان بن أمية ، فذكره.
(*) أخرجه أبو داود (3563) قال : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، قال : حدثنا جرير ، عن عبد العزيز بن رفيع ، عن أناس من آل عبد الله بن صفوان ، «أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، قال : يا صفوان ، هل عندك من سلاح» . والحديث.
(*) وأخرجه أبو داود (3564) قال : حدثنا مسدد ، قال : حدثنا أبو الأحوص ، قال : حدثنا عبد العزيز بن رفيع ، عن ناس من آل صفوان ، قال : استعار النبي -صلى الله عليه وسلم- فذكره معناه.
(*) وأخرجه النسائي في الكبرى الورقة (75-ب) قال : أخبرنا أحمد بن سليمان ، قال : حدثنا عبيد الله يعني ابن موسى ، قال : أخبرنا إسرائيل ، عن عبد العزيز ، عن ابن أبي مليكة ، عن عبد الرحمن بن صفوان بن أمية ، أن رسول الله ، -صلى الله عليه وسلم- ، استعار من صفوان... الحديث.
(*) أخرجه النسائي في الكبرى تحفة الأشراف (4945) عن علي بن حجر ، عن هشيم ، عن حجاج ، عن عطاء ، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، استعار من صفوان أدراعا وأفراسا. وساق الحديث.

5995 - (د) أناس من آل عبد الله بن صفوان أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم- قال : «يا صفوان ، هل عندكَ من سلاح ؟ قال : عَاريَّة ، أو غصباً ؟ قال : عاريَّة ، فأعاره ما بين الثلاثين إلى الأربعين درعاً ، وَغَزَا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- حُنَيْناً ، فلما هزم المشركين جُمعت دُرُوعُ صفوان ، فَفَقَدَ منها أدراعاً ، فقال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم- لصفوان : إنا قد فَقَدنا من أدراعك أدراعاً ، فهل نَغْرَمُ لك ؟ قال : لا يا رسولَ الله ، لأن في قلبي اليوم ما لم يكن يومئذ» . أخرجه أبو داود (1) .
__________
(1) رقم (3563) و (3564) في البيوع ، باب في تضمين العارية ، وهو مرسل ، وفيه جهالة أناس من آل عبد الله بن صفوان ، ولكن يشهد لبعضه الذي قبله .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه أبو داود (3563) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، ثنا جرير ، عن عبد العزيز بن رفيع ، عن أناس من آل عبد الله بن صفوان فذكره.
والحديث فيه جهالة أناس من آل عبد الله بن صفوان وهو مرسل.

5996 - (ت) أنس بن مالك - رضي الله عنه - «أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم- استعار قَصْعة ، فضاعتْ ، فضمنها لهم» . أخرجه الترمذي (1) .
__________
(1) رقم (1360) في الأحكام ، باب ما جاء فيمن يكسر له الشيء ما يحكم له من مال الكاسر ، من حديث سويد بن عبد العزيز عن حميد عن أنس ، وقد تفرد به سويد ، وهو ضعيف ، وقال الترمذي : هذا حديث غير محفوظ .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه الترمذي (1360) حدثنا علي بن حجر أخبرنا سويد بن عبد العزيز عن حميد عن أنس أن النبي فذكره.
وقد تفرد به سويد وهو ضعيف. وقال أبو عيسى : هذا حديث غير محفوظ.

5997 - (ت د) سمرة بن جندب - رضي الله عنه - عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم- قال : «عَلى اليَدِ ما أخذتْ حتى تُؤدِّيَ» ، قال قتادة : ثم نَسِيَ الحسنُ ، فقال : هو أمينُك لا ضمان عليه - يعني العاريَّةَ.
أخرجه أبو داود والترمذي (1) .
__________
(1) رواه أبو داود رقم (3561) في البيوع ، باب في تضمين العارية ، والترمذي رقم (1266) في -[165]- البيوع ، باب ما جاء في أن العارية مؤداة ، ورواه أيضاً أحمد وابن ماجة والحاكم ، كلهم من حديث الحسن عن سمرة ، والحسن مختلف في سماعه من سمرة ، وقال الترمذي : هذا حديث حسن ، أقو ل : ويشهد لمعناه الذي قبله والذي بعده .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه أحمد (5/8) قال : حدثنا محمد بن جعفر ، ومحمد بن بشر. وفي (5/12) قال : حدثنا عبد الوهاب الخفاف. وفي (5/13) قال : حدثنا يحيى بن سعيد. والدارمي (2599) قال : أخبرنا محمد بن المنهال ، قال : حدثنا يزيد بن زريع. وأبو داود (3561) قال : حدثنا مسدد بن مسرهد ، قال : حدثنا يحيى. وابن ماجه (2400) قال : حدثنا إبراهيم بن المستمر ، قال : حدثنا محمد بن عبد الله (ح) وحدثنا يحيى بن حكيم ، قال : حدثنا ابن أبي عدي. والترمذي (1266) قال : حدثنا محمد بن المثنى ، قال : حدثنا ابن أبي عدي. والنسائي في الكبرى تحفة الأشراف (4584) عن عمرو بن علي ، عن خالد بن الحارث.
ثمانيتهم - ابن جعفر ، وابن بشر ، وعبد الوهاب ، ويحيى ، ويزيد ، ومحمد بن عبد الله ، وابن أبي عدي ، وخالد - عن سعيد بن أبي عروبة ، عن قتادة عن الحسن ،فذكره.
الحسن مختلف في سماعه من سمرة وقال الترمذي : حديث حسن.

5998 - (د ت) أبو أمامة الباهلي - رضي الله عنه - قال : سمعتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم- يقول في خُطبته عامَ حجَّة الوَدَاع «العاريَّةُ مؤدَّاة ، والزعيم غارِم ، والدَّيْنُ مَقْضِيّ» .
أخرجه الترمذي ، وأخرج أبو داود هذا الطرف الآخَر في جملة حديث طويل ، قد أخرجه هو والترمذي ، وهو مذكور في موضعه (1) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(الزعيم غارم) الزَّعيم : الكفيل والضَّمين ، والغرامة : إعطاء ما تضمَّنَهُ وتكفَّل به.
__________
(1) رواه أبو داود رقم (3565) في البيوع ، باب في تضمين العارية ، والترمذي رقم (1265) في البيوع ، باب ما جاء في أن العارية مؤداة ، ورقم (2121) في الوصايا ، باب ما جاء في لا وصية لوارث ، وقال الترمذي : هذا حديث حسن ، وهو كما قال ، قال : وفي الباب عن سمرة وصفوان بن أمية وأنس .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه أحمد (5/267) قال : حدثنا أبو المغيرة. وأبو داود (2870 ، 3565) قال : حدثنا عبد الوهاب بن نجدة الحوطي. وابن ماجه (2007) (2295) (2398) (2713) قال : حدثنا هشام بن عمار. وفي (2405) قال : حدثنا هشام بن عمار ، والحسن بن عرفة. والترمذي (670) قال : حدثنا هناد. وفي (1265 ، 2120) قال : حدثنا هناد ، وعلي بن حجر. وعبد الله بن أحمد (5/267) قال : حدثنا يحيى ابن معين.
سبعتهم - أبو المغيرة ، وابن نجدة ، وهشام ، وابن عرفة ، وهناد ، وابن حجر ، وابن معين - قالوا : حدثنا إسماعيل بن عياش ، قال : حدثنا شرحبيل بن مسلم الخولاني ، فذكره.

5999 - (خ) أبو هريرة - رضي الله عنه - أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم- قال : «نِعْمَ المَنِيحَةُ اللَّقْحَةُ الصَّفيُّ مِنْحَة (1) ، والشَّاةُ الصفيُّ تَغْدُو بإنَاء -[166]- وَتَرُوحُ بِإِناء» . أخرجه البخاري (2) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(المنيحة) : الناقة أو الشاة يُعطيها صاحبها غيره ، لينتفع بلبنها ، ثم يعيدها.
(اللقحة) : الناقة ذات اللبن.
(الصَّفيُّ) شاةٌ صفيٌّ : إذا كانت غزيرةَ اللبن كريمةً.
__________
(1) قال الحافظ في " الفتح " : وقوله : منحة ، منصوب على التمييز ، قال ابن مالك : فيه وقوع التمييز بعد فاعل " نعم " ظاهراً ، وقد منعه سيبويه إلا مع الإضمار ، مثل {بئس للظالمين بدلا} وجوزه المبرد ، وهو الصحيح ، وقال أبو البقاء : اللقحة : هي المخصوصة بالمدح ، و " منحة " ، منصوب على التمييز توكيداً ، وهو كقول الشاعر :
فنعم الزاد زاد أبيك زاداً .
(2) 5 / 179 في الهبة ، باب فضل المنيحة ، وفي الأشربة ، باب شرب اللبن .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه البخاري (2629) حدثنا يحيى بن بكير حدثنا مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة فذكره.

الكتاب السادس : في العُمْرى والرُّقْبَى
6000 - (خ م ط ت د س) جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - قال : «قضى النبيُّ - صلى الله عليه وسلم- بالعُمْرَى لمن وُهِبَتْ له» .
وفي رواية : «أَيُّما رَجُل أُعْمِرَ عُمْرَى له ولعَقِبِه ، فهي للذي أُعْطيها لا ترجع إلى الذي أعطاها ، لأنه أَعطَى عطاء وقعت فيه المواريث» .
وفي أخرى : «من أعمر رجلاً عُمرى له ولعقبه ، فقد قطع قولُه حقَّه فيها ، وهي لمن أُعمِر وعَقِبِهِ» .
وفي أخرى : «أَيُّما رَجُل أعمر رجلاً عُمرى له ولعقبه ، فقال : قد أعطيتُكها وَعَقِبَكَ ، ما بقي منكم أحد ، فإنها لمن أُعطيها ، وإنها لا ترجع إلى صاحبها ، من [أجل] أنه أعطى عطاء وقعت فيه المواريث» .
وفي أخرى قال : «إِنما العُمرى التي أجاز رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- أن يقولَ : هي لك ولعقبك ، فأما إِذا قال : هي لك ما عشت : فإنها ترجع إلى صاحبها» . قال مَعْمَر : وكان الزهريُّ يفتي به.
وفي أخرى «أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم- قضى فيمن أُعْمِر عمرى له ولعقبه ، -[168]- فهي له بَتْلَة ، لا يجوز للمعطِي فيها شرط ولا ثُنْيَا» .
وفي أخرى : أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم- قال : «العُمْرى جائزة» أخرجه البخاري ومسلم.
ولمسلم : «أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم- قال : العُمرى ميراث لأهلها» .
وله في أخرى قال : قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم-: «أَمْسِكوا عليكم أموالَكم ولا تُفسِدوها ، فإنه من أعمر عُمرى فهي للذي أُعمِرَ حيّاً وميتاً ، ولعقبِه» .
وله في أخرى قال : «جعل الأنصار يُعمِرُونَ المهاجرين ، فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- : أمسكوا عليكم أموالكم...» الحديث بمعناه.
وفي أخرى قال أبو الزبير : «أَعْمَرتِ امرأَة بالمدينة حائطاً لها ابْناً لها ، ثم تُوفِّيَ ، وتوفّيت بعدَهُ ، وترك وَلَداً ، وله إخوة بنون للمعمِرة ، فقال ولد المُعْمِرة : رجع الحائط إلينا ، وقال بنو المعمَر : بل كان لأبينا حياتَه وموتَه ، فاختصموا إلى طارق - مولى عثمان - فدعا جابراً ، فشهد على رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم- بالعُمرى لصاحبها ، فقضى بذلك طارق ، ثم كتب إلى عبد الملك ، فأخبره بذلك ، وأَخبر بشهادة جابر ، فقال عبد الملك : صَدَقَ جابر ، فأمضى ذلك طارق ، فإن ذلك لبني المُعْمَر حتى اليومِ» .
وفي أخرى : «أن طارقاً قضى بالعُمرى للوارِث ، لقول جابر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم-» . -[169]-
وأخرج الموطأ ، وأبو داود ، والترمذي ، والنسائي الرواية الثانية.
وفي أخرى لأبي داود «أن نبيَّ الله - صلى الله عليه وسلم- كان يقول : العُمرى لمن وهبت له» .
وله في أخرى : «أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم- قال : من أُعْمِر عُمرى فهي له ولعقبه ، يرثُها من يرثُه من عقبه» .
وله في أخرى : «أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم- قال : لا تُرقِبوا ولا تُعمِروا ، فمن أُرقِب شيئاً أو أُعمِر [ه] فهو لورثته» .
وله في أخرى قال : «قضى رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- في امرأة من الأنصار أعطاها ابنُها حديقة من نخل ، فماتت ، فقال ابنُها : إِنما أعطيتها حياتَها ، وله إِخوة ، فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- : هي لها حياتَها وموتَها ، قال : كنت تصدقت بها عليها ، قال : ذلك أبعدُ لك» .
وله في أخرى : قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم- : «العُمرى جائزة لأهلها ، والرُّقبى جائزة لأهلها» .
وأخرج الرواية الرابعة ، ولم يذكر قول معمر عن الزهري.
وأخرج الترمذي أيضاً رواية أبي داود الآخرة.
وأخرج النسائي أيضاً أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم- خطبهم فقال : «العُمرى جائزة» .
وفي أخرى : لم يذكر «خَطَبهم» . -[170]-
وفي أخرى : «عن عطاء ، ولم يذكر جابراً ، قال : نهى رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- عن العُمرى والرُّقبى ، قلتُ : وما الرُّقبى ؟ قال : يقول الرجل : هي لك حياتَك ، فإن فعلتم فهو جائز» .
وفي أخرى عن عطاء ، ولم يذكر جابراً ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم- : «من أُعطي شيئاً حياتَه فهو له حياتَه وموتَه» .
وأخرج رواية أبي داود الأولى ، والثانية ، والثالثة التي أولها : «لا تُرقِبوا ولا تُعمِروا» .
وله في أخرى : «قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم- : من أُعمِر شيئاً فهو له حياتَه ومماتَه» .
وفي أخرى «قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم- : يا معشر الأنصار أمسكوا عليكم أموالكم لا تُعمِروها ، فإنه من أُعمِر شيئاً فإنه لمن أُعمِره حياتَه ومماتَه» .
وفي أخرى : «قال : أمسكوا عليكم أموالكم ولا تُعمِروها ، فمن أُعمِر شيئاً حياتَه فهو له حياتَه وبعد موته» .
وفي أخرى : «قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم- : الرقبى جائزة» .
وأخرج الرواية الآخرة من روايات أبي داود.
وله في أخرى : «قال : العمرى لمن أعمرها ، هي له ولعقبه يرثها من يرثه من عقبه» . -[171]-
وأخرج الرواية الثالثة من روايات البخاري ومسلم ، والخامسة ، وزاد : قال أبو سلمة : لأنه أعطى عطاء وقعت فيه المواريث ، فقطعت المواريث شرطه.
وله في أخرى : «أنه قضى أنَّ من أعمر رجلاً عمرى له ولعقبه ، فإنها للذي أعمرها يرثها من صاحبها الذي أعطاها ما وقع من مواريث الله وحقِّه» .
وله في أخرى : «أنه قال : أَيُّما رجل أعمر رجلاً عمرى له ولعقبه ، قال : قد أعطيتكها وعقبَك ما بقي منكم أحد ، فإنها لمن أُعطيها لا ترجع إلى صاحبها من أجل أنه أعطاها عطاء وقعت فيه المواريث» .
وفي أخرى : «أنه قضى بالعمرى أن يهب الرجلُ الرجلَ ولعقبه الهبةَ ويستثني : إن حدث بك حدث وبعقبك فهو إليَّ ، وإلى عقبي ، إنها لمن أُعطيها ولِعَقِبهِ» (1) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(العُمْرَى) يقال : أعْمَرْتُه داراً أو أرضاً : إذا أعطيتَه إياها ، وقلت له : هي لك مدَّة عُمُري أو عُمُرِك ، فإذا متَّ رجعتْ إليَّ ، والاسم «العمرى» -[172]-
(الرُّقْبى) يقال : أرْقَبْتُه داراً أو أرضاً : إذا أعطيتَه إياها على أن تكون للباقي منكما. وقلت : إن متُّ قبلك فهي لك ، وإن متَّ قبلي فهي لي ، والاسم «الرقبى» وهي من المراقبة ، لأن كل واحد منهما يرقب موت صاحبه ، أي : ينتظر.
(بَتَلَ) البَتْل : القطع ، بَتَلَهُ ، يبتِله : إذا قطعه ، المعنى : أنه يتملَّكها ملكاً لا يتطرَّق إليه نقض.
(ثُنيا) الثُّنيا : الرجوع ، أي : ليس للمعطي أن يرجع فيها.
(حائطاً) الحائط : البستان من النخل.
(حديقة) الحديقة : البستان عليه جدار يُحْدِق به ، أي يُحيط به.
__________
(1) أخرجه البخاري 5 / 176 في الهبة ، باب ما قيل في العمرى والرقبى ، ومسلم رقم (1625) في الهبات ، باب العمرى ، والموطأ 2 / 756 في الأقضية ، باب القضاء في العمرى ، وأبو داود رقم (3550) و (3551) و (3552) و (3553) و (3554) و (3555) و (3556) و (3557) و (3558) في البيوع ، باب في العمرى ، وباب من قال فيه ولعقبه ، وباب في الرقبى ، والترمذي رقم (1350) في الأحكام ، باب ما جاء في العمرى ، والنسائي 6 / 272 - 278 في العمرى ، باب ذكر اختلاف ألفاظ الناقلين لخبر جابر في العمرى ، وباب ذكرى الاختلاف على الزهري فيه ، وباب ذكر اختلاف يحيى بن أبي كثير ومحمد بن عمرو ، على أبي سلمة فيه .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح :
1- أخرجه أحمد (3/302) قال : حدثنا يحيى ، عن هشام ، وفي (3/302) قال : وحدثناه أبو داود ، عن سفيان. وفي (3/304) قال : حدثنا إسحاق ، قال : حدثنا هشام. وفي (3/393) قال : حدثنا حسن الأشيب ، قال : حدثنا شيبان. والبخاري (3/216) قال : حدثنا أبو نعيم ، قال : حدثنا شيبان. ومسلم (5/68) قال : حدثنا عبيد الله بن عمر القواريري ، قال : حدثنا خالد بن الحارث ، قال :حدثنا هشام. (ح) وحدثناه محمد بن المثنى ، قال : حدثنا معاذ بن هشام ، قال : حدثنا أبي وأبو داود (3550) قال : حدثنا موسى بن إسماعيل ، قال : حدثنا أبان. والنسائي (6/277) قال : أخبرنا محمد بن عبد الأعلى ، قال : حدثنا خالد بن الحارث ، قال : حدثنا هشام ، وفي (6/277) قال : أخبرنا يحيى بن أبي كثير درست ، قال : حدثنا أبو إسماعيل.
خمستهم - هشام ، وسفيان ، وشيبان ، وأبان ، وأبو إسماعيل - عن يحيى بن أبي كثير.
2- وأخرجه أحمد (3/360) قال : حدثنا يعقوب ، قال : حدثنا ابن أخي ابن شهاب. وفي (3/399) قال : حدثنا عبد الرزاق ، ومحمد بن بكر ، قالا : أنبأنا ابن جريج. ومسلم (5/67) قال : حدثنا يحيى بن يحيى ، قال : قرأت على مالك وفي (5/67) قال : حدثنا يحيى بن يحيى ، ومحمد بن رمح ، قالا : أخبرنا الليث (ح) وحدثنا قتيبة ، قال : حدثنا ليث. (ح) وحدثني عبد الرحمن بن بشر العبدي ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا ابن جريج. وفي (5/68) قال :حدثنا محمد بن رافع ، قال : حدثنا ابن أبي فديك ، عن ابن أبي ذئب. وأبو داود (3553) قال : حدثنا محمد بن يحيى بن فارس ، ومحمد بن المثنى ، قالا : حدثنا بشر بن عمر ، قال : حدثنا مالك يعني ابن أنس. وفي (3554) قال : حدثنا حجاج ابن أبي يعقوب ، قال : حدثنا يعقوب ، قال : حدثنا أبي ، عن صالح. وابن ماجه (2380) قال : حدثنا محمد بن رمح ، قال : أنبأنا الليث بن سعد. والترمذي (1350) قال : حدثنا الأنصاري ، قال : حدثنا معن ، قال : حدثنا مالك والنسائي (6/275) قال : أخبرنا عيسى بن مساور ، قال : حدثنا الوليد، قال : حدثنا أبو عمرو الأوزاعي. (ح) وأخبرنا قتيبة بن سعيد ، قال : حدثنا الليث (ح) وأخبرنا محمد بن سلمة ، والحارث بن مسكين ، قراءة عليه وأنا أسمع ، عن ابن القاسم ، عن مالك. وفي (6/276) قال : أخبرنا عمران بن بكار ، قال : حدثنا أبو اليمان ، قال : حدثنا شعيب. (ح) وأخبرنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم ، عن ابن أبي فديك ، قال : حدثنا ابن أبي ذئب. (ح) وأخبرنا أبو داود سليمان بن سيف ، قال : حدثنا يعقوب ، قال : حدثنا أبي عن صالح. (ح) وأخبرنا محمد بن عبد الله بن يزيد ، قال : حدثنا أبي ، قال : حدثنا سعيد ، قال : حدثني يزيد بن أبي حبيب.
تسعتهم - ابن أخي ابن شهاب ، وابن جريج ، ومالك ، والليث ، وابن أبي ذئب ، وصالح ، والأوزاعي، وشعيب ، ويزيد بن أبي حبيب - عن ابن شهاب.
كلاهما - يحيى بن أبي كثير ،وابن شهاب- عن أبي سلمة بن عبد الرحمن ، فذكره.
(*) لفظ حديث يحيى بن أبي كثير : «قضى النبي -صلى الله عليه وسلم- بالعمرى أنها لمن وهبت له»
(*) وأخرجه أبو داود (3552) قال : حدثنا أحمد بن أبي الحواري. والنسائي (6/275) قال : أخبرنا محمد بن هاشم البعلبكي.
كلاهما - أحمد ، ومحمد - قالا : حدثنا الوليد بن مسلم ، قال : حدثنا الأوزاعي ، عن الزهري ، عن عروة ، وأبي سلمة ، عن جابر بن عبد الله ، فذكره.
(*) وأخرجه أبو داود (3551) قال : حدثنا مؤمل بن الفضل الحراني ، قال : حدثنا محمد بن شعيب. والنسائي (6/274) قال : أخبرني محمود بن خالد ، قال : حدثنا عمر (ح) وأخبرني عمرو بن عثمان ، قال : أنبأنا بقية بن الوليد.
ثلاثتهم - محمد بن شعيب ، وعمر ، وبقية - عن الأوزاعي ، قال : حدثنا ابن شهاب ، عن عروة ، عن جابر ، فذكره. ولفظ حديثه : «من أعمر عمرى فهي له ولعقبه ، يرثها من يرثه من عقبه» .

6001 - (خ م د س) أبو هريرة - رضي الله عنه - أن نبيَّ الله - صلى الله عليه وسلم- قال : «العُمرى جائزة» .
وفي رواية قال : «العمرى ميراث لأهلها» . أخرجه البخاري، ومسلم.
وأخرج أبو داود والنسائي الأولى.
وللنسائي في أخرى : «أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم- قال : مَن أُعمِر شيئاً فهو له» .
وفي أخرى : «لا عمرى ، فمن أُعمِر شيئاً فهو له» .
وفي رواية عن قتادة قال : سألني سليمان بن هشام عن العمرى ، فقلت : حدَّث محمد بن سيرين عن شريح قال : قضى نبي الله - صلى الله عليه وسلم- أن العمرى جائزة ، قال قتادة : وقلت : حدَّثني النضر بن أنس عن بشير بن نَهِيك عن أبي هريرة أن نبيَّ الله - صلى الله عليه وسلم- قال : «العمرى جائزة» . قال قتادة : وقلتُ : كان الحسن -[173]- يقول : «العمرى جائزة» . قال قتادة : فقال الزهري : إنما العمرى : إذا أُعْمِرَ وعَقبه من بعده ، فإذا لم يَجْعل عَقِبَه من بعده : كان للذي يَجعل شرطَه ، قال قتادة : فسُئِلَ عطاءُ بن أبي رَباح ؟ فقال : حدَّثني جابر بن عبد الله : أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم- قال : «العمرى جائزة» ، قال قتادة : فقال الزهري : كان الخلفاء لا يقضون بهذا ؟ قال عطاء : قضى بها عبد الملك ابن مَرْوان. [أخرجه البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي] (1) .
__________
(1) رواه البخاري 5 / 176 في الهبة ، باب ما قيل في العمرى والرقبى ، ومسلم رقم (1626) في الهبات ، باب العمرى ، والنسائي 6 / 277 في العمرى ، باب ذكر اختلاف يحيى بن أبي كثير ومحمد بن عمرو على أبي سلمة فيه ، أبو داود رقم (3548) في البيوع ، باب في العمرى .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح : أخرجه أحمد (2/347) قال : حدثنا بهز وعفان. قالا : حدثنا همام. وفي (2/429، 3/319) قال : حدثنا يحيى ، عن ابن أبي عروبة. وفي (2/468) قال : حدثنا محمد بن جعفر. قال : حدثنا شعبة. (ح) وحجاج. قال : حدثني شعبة. وفي (2/489) قال : حدثنا محمد بن جعفر. قال : حدثنا سعيد. والبخاري (3/216) قال : حدثنا حفص بن عمر. قال : حدثنا همام. ومسلم (5/69) قال : حدثنا محمد بن المثنى وابن بشار. قالا : حدثنا محمد بن جعفر.
قال : حدثنا شعبة. (ح) وحدثنيه يحيى بن حبيب. قال : حدثنا خالد ، يعني ابن الحارث. قال : حدثنا سعيد وأبو داود (3548) قال : حدثنا أبو الوليد الطيالسي. قال : حدثنا همام. والنسائي (6/277) قال : أخبرنا محمد بن المثنى. قال : حدثنا محمد. قال : حدثنا شعبة. (ح) وأخبرنا محمد بن المثنى. قال : حدثنا معاذ بن هشام. قال : حدثني أبي.
أربعتهم - همام ، وسعيد بن أبي عروبة ، وشعبة ، وهشام الدستوائي - عن قتادة قال : حدثني النضر بن أنس. عن بشير بن نهيك ، فذكره.

6002 - (د س) زيد بن ثابت - رضي الله عنه - قال : قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- : «من أُعْمِر شيئاً فهو لِمُعمَرِه : محياه ومماتَه ، ولا تُرْقِبوا ، فمن أُرْقِب شيئاً فهو لسبيله» . أخرجه أبو داود والنسائي.
وللنسائي : أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم- قال : «الرُّقْبى جائزة» .
وفي أخرى له : «أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم- : جعل الرقبى للذي أُرْقِبَها» .
وفي أخرى له قال : قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- : «العمرى ميراث» .
وفي أخرى : «العمرى للوارِث» . وفي أُخرى : «العمرى جائزة» .
وفي أخرى : «قضى بالعمرى للوارث» (1) .
__________
(1) رواه أبو داود رقم (3559) في البيوع ، باب في الرقبى ، والنسائي 6 / 269 في الرقبى ، باب ذكر الاختلاف على ابن أبي نجيح في خبر زيد بن ثابت ، وفي العمرى في فاتحته ، وإسناده حسن .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه أحمد (5/189) قال : حدثنا إبراهيم بن خالد ، قال : حدثنا رباح ، عن عمر بن حبيب. وفي (5/189) قال : حدثنا عبد الله بن الحارث ، عن شبل ، وأبو داود (3559) قال : حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي ، قال : قرأت على معقل.
ثلاثتهم - عمر ، وشبل ، ومعقل - عن عمرو بن دينار ، عن طاووس ، عن حجر ، فذكره.
(*) أخرجه النسائي (6/272) قال : أخبرنا محمد بن عبيد الله بن يزيد بن إبراهيم ، قال : أخبرني أبي ، أنه عرض على معقل ، عن عمرو بن دينار ، عن حجر ولم يذكر طاووسا.

6003 - (س) عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما - أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم- قال : «لا تُرْقِبُوا أَموالكم ، فمن أُرقِب شيئاً ، فهو لمن أُرْقِبَهُ» .
وفي رواية قال : قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- : «العمرى جائزة لمن أُعمِرها ، والرقبى جائزة لمن أُرقِبها ، والعائدُ في هبته كالعائِد في قَيْئه» .
وفي أخرى عن طاوس ، قال : لعله : عن ابن عباس ، قال : «لا رُقبى ، فمن أُرقِبَ شيئاً فهو سبيلُ الميراث» .
وفي أخرى قال ابن عباس : «العمرى والرُّقبى سواء» . وفي أخرى قال ابن عباس : «لا تَحِلُّ العُمرى ولا الرُّقبى ، فمن أُعمِر شيئاً فهو له ، ومن أرقب شيئاً فهو له» .
وفي أخرى قال ابن عباس : «لا تصلح العمرى ولا الرقبى ، فمن أُعمِر شيئاً أو أُرْقِبَه : فإنه لمن أُعمرَه وأُرقِبَه : حياتَه ومماتَهُ» .
وفي أخرى - مرسلاً - عن طاوس قال : قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- : «لا تحلُّ الرقبى فمن أَرقَب بِرُقْبى فهو سبيل الميراث» .
وفي أخرى : أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم- قال : «العمرى جائزة» .
وفي أخرى عن طاوس مُرسلاً قال : «بَتَل رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- العمرى والرقبى» . أخرجه النسائي (1) .
__________
(1) 6 / 269 في الرقبى ، باب ذكر الاختلاف على ابن أبي نجيح في خبر زيد بن ثابت ، وباب ذكر الاختلاف على أبي الزبير ، وفي العمرى في فاتحته ، وهو حديث صحيح .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه النسائي (6/269) أخبرني محمد بن وهب ، قال : حدثنا محمد بن سلمة ، قال : حدثني أبو عبد الرحيم ، قال : حدثني زيد ، عن أبي الزبير ، عن طاووس ، عن ابن عباس فذكره.

6004 - (س) عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم- قال : «لا عمرى ولا رقبى ، فمن أُعْمِر شيئاً أو أُرْقِبه فهو له حياتَه ، ومماتَه» .
وفي رواية عن حبيب بن أبي ثابت عن ابن عمر - ولم يسمعه - قال : قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- : «لا عُمرى ، ولا رُقبى...» وذكره. قال عطاء : «هو للآخَر» .
وفي أخرى عن حبيب قال : سمعتُ ابن عمر يقول : «نهى رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- عن الرُّقبى ، وقال : من أُرْقِبَ رُقْبى ، فهي له» . أخرجه النسائي (1) .
__________
(1) 6 / 273 و 274 في العمرى ، باب ذكر اختلاف ألفاظ الناقلين لخبر جابر في العمرى ، وهو حديث حسن بشواهده .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه النسائي (6/273) أخبرنا عبيد الله بن سعيد قال : حدثنا محمد بن بكر ، قال : أخبرني عطاء ، عن حبيب بن أبي ثابت ، عن ابن عمر ولم يسمعه منه.

6005 - (س) عبد الله بن الزبير - رضي الله عنهما - أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم- قال: «أيُّما رَجل أَعْمَرَ [عُمْرَى] له ، ولعقبه : فهي له ، ولمن يَرِثه من عقبه ، موروثة» أخرجه النسائي (1) .
__________
(1) 6 / 275 في العمرى ، باب ذكر الاختلاف على الزهري فيه ، وإسناده حسن .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه النسائي (6/275) أخبرني محمد بن عبد الله بن عبد الرحيم ، قال : حدثنا عمرو بن أبي سلمة الدمشقي ، عن أبي عمر الصنعاني ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عبد الله بن الزبير فذكره.

6006 - (ت) سمرة بن جندب - رضي الله عنه - أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم- قال : «العمرى جائزة لأهلها ، أو ميراث لأهلها» . أخرجه الترمذي (1) .
__________
(1) رقم (1349) في الأحكام ، باب ما جاء في العمرى ، ورواه أبو داود رقم (3549) في البيوع ، باب في العمرى ، وهو حديث حسن ، قال الترمذي : وفي الباب عن زيد بن ثابت ، وجابر ، وأبي هريرة ، وعائشة ، وابن الزبير ، ومعاوية .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه الترمذي (1349) حدثنا محمد بن المثنى ، حدثنا ابن أبي عدي ، عن سعيد ، عن قتادة ، عن الحسن ، عن سمرة ،فذكره.

6007 - (ط) نافع - مولى ابن عمر - رحمه الله - «أن ابن عمر وَرِث من حفصة ابنة عمر دارها ، وكانت قد أسكنتْ فيها ابنةَ زيد بن -[176]- الخطاب ما عاشت ، فلما تُوفِّيتْ بنتُ زيد : قبضَ عبد الله بنُ عمرَ المسكن ورأى أنه له» . أخرجه الموطأ (1) .
ترجمة الأبواب التي أولها عين ، ولم ترد في حرف العين
(العرايا) : في كتاب البيع ، من حرف الباء.
(عامل الزكاة) : في كتاب الزكاة ، من حرف الزاي.
(العورة) : في كتاب الصلاة ، من حرف الصاد .
(العُطاس) : في كتاب الصحبة ، من حرف الصاد.
(عيادة المريض) : في كتاب الصحبة من حرف الصاد.
(العقيقة) : في كتاب الطعام ، من حرف الطاء.
(العَتيرة) : في كتاب الطعام ، من حرف الطاء.
(العين) : في كتاب الطب ، من حرف الطاء.
(عمرة القضاء) : في كتاب الغزوات ، من حرف الغين.
(العَصَبِيَّة) : في كتاب الفتن ، من حرف الفاء.
(عذاب القبر) : في كتاب الموت ، من حرف الميم.
(العَزْل) : في كتاب النكاح ، من حرف النون.
__________
(1) 2 / 756 في الأقضية ، باب القضاء في العمرى ، وإسناده صحيح . أقول : وإلى هنا انتهت نسخة المؤلف بخطه ، وهي المجلد الرابع فقط ، وكان ابتداؤها من الكتاب الثاني من حرف الصاد ، في الصوم إلى آخر حرف العين وشرح غريبه ، وكان انتهاؤه من كتابتها بالموصل سنة ست وثمانين وخمسمائة هجرية ، أي قبل : وفاته بعشرين عاماً رحمه الله تعالى . وعليها سماعات كثيرة لعلماء أجلاء تغمدهم الله تعالى جميعاً برحمته ورضوانه .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه مالك في الموطأ بشرح الزرقاني (4/62) عن نافع فذكره.

بسم الله الرحمن الرحيم
حرف الغين
ويشتمل على سبعة كتب
كتاب الغزوات ، كتاب الغَيْرة ، كتاب الغضب والغيظ ، كتاب الغصب ، كتاب الغِيبة ، كتاب الغناء ، كتاب الغدر
الكتاب الأول : في الغزوات والسَّرايا والبُعوث
عدد غزوات النبيِّ - صلى الله عليه وسلم-
6008 - (خ م ت) أبو إسحاق [عبد الله بن عمرو السبيعي] : «أن عبد الله بن يزيد خرج يَسْتَسقي بالناس ، فصلَّى ركعتين ، ثم اسْتَسقى ، قال : فلقيتُ يومئذ زيدَ بنَ أرقم - قال : وليس بيني وبينَه غيرُ رجل ، أو بيني وبينه رَجُل - فقلت له : كم غزا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- ؟ قال : تِسْعَ عشْرَةَ [غزوة] ، فقلتُ : كم غزوتَ أنتَ معه ؟ قال : سَبْعَ عشْرَةَ غزوة ، قلتُ : فما أوَّلُ غَزاة غزاها ؟ قال : ذاتُ العُسَيْر - أو العُشَيْرِ» . -[178]-
وفي حديث وهب عن شُعبةَ «فذكرتُ ذلك لقتادة ، فقال : العُشَير» . وفي حديث الحسن بن موسى : «وأنه حَجَّ بعدما هاجر حجَّة واحدة ، حَجَّةَ الوَدَاع ، قال أبو إِسحاق : وبمكة أخرى» .
وفي رواية قال أبو إسحاق : «كُنْتُ إلى جَنْبِ زيدِ بن أرقم ، فقيل له : كم غزا النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم- من غزوة ؟ قال : تِسْعَ عشرة... وذكره» . أخرجه البخاري ومسلم ، وأخرج الترمذي الآخِرة (1) .
__________
(1) رواه البخاري 8 / 116 في المغازي ، باب كم غزا النبي صلى الله عليه وسلم ، وباب غزوة العشيرة ، وباب حجة الوداع ، ومسلم رقم (1254) ، في الحج ، باب بيان عدد عمر النبي صلى الله عليه وسلم وزمانهن ، وفي الجهاد والسير ، باب عدد غزوات النبي صلى الله عليه وسلم ، والترمذي رقم (1676) في الجهاد ، باب ما جاء في غزوات النبي صلى الله عليه وسلم وكم غزا .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
1- أخرجه أحمد (4/368 ، 4/371) قال : حدثنا وكيع ، قال : حدثنا إسرائيل ، وأبي يعني الجراح.
2- وأخرجه أحمد (4/370) قال : حدثنا حسن بن موسى. والبخاري (5/223) قال : حدثنا عمرو بن خالد.ومسلم (4/60) قال : حدثني زهير بن حرب ، قال : حدثنا الحسن بن موسى. وفي (5/199) قال : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال : حدثنا يحيى بن آدم.
ثلاثتهم - حسن ، وعمرو ، ويحيى - عن زهير.
3- وأخرجه عبد بن حميد (261) قال : أخبرنا عبيد الله بن موسى ، والبخاري (2016) قال : حدثنا عبد الله ، وعبد الله بن رجاء عن إسرائيل.
4- وأخرجه أحمد (4/373) قال : حدثنا محمد بن جعفر. والبخاري (5/90) قال : حدثني عبد الله بن محمد ، قال : حدثنا وهب. ومسلم (5/199) قال : حدثنا محمد بن المثنى ، وابن بشار ، قالا : حدثنا محمد بن جعفر. والترمذي (1676) قال : حدثنا محمود بن غيلان ، قال : حدثنا وهب بن جرير، وأبو داود الطيالسي.
ثلاثتهم - محمد ، ووهب ، وأبو داود - عن شعبة.
أربعتهم - إسرائيل ، والجراح ، وزهير ، وشعبة - عن أبي إسحاق ، فذكره.

6009 - (خ) البراء بن عازب - رضي الله عنه - قال : «غزوتُ مَعَ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم- خمسَ عشْرَةَ غزوة» . أخرجه البخاري (1) .
__________
(1) 8 / 116 في المغازي ، باب كم غزا النبي صلى الله عليه وسلم .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه البخاري (4472) حدثنا عبد الله بن رجاء ، حدثنا إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، حدثنا البراء ، فذكره.

6010 - (خ م) بريدة - رضي الله عنه - قال : «غزا النبيُّ - صلى الله عليه وسلم- سِتَّ عشْرةَ غزوة» . أخرجه البخاري.
وفي رواية مسلم : «أنه غزا مع النبيِّ - صلى الله عليه وسلم- سِتَّ عَشْرَةَ غَزْوَة» .
وفي أخرى له «أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم- غزا تِسْعَ عَشْرَةَ غَزوَة ، قاتل في ثمان منهن» (1) .
__________
(1) رواه البخاري 8 / 116 في المغازي ، باب كم غزا النبي صلى الله عليه وسلم ، ومسلم رقم (1814) في الجهاد ، باب عدد غزوات النبي صلى الله عليه وسلم .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح : أخرجه أحمد (5/349) والبخاري (6/20) قال : حدثني أحمد بن الحسن ، قال : حدثنا أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال. ومسلم (5/220) قال : حدثني أحمد بن حنبل ، قال : حدثنا معتمر بن سليمان ، عن كهمس ، عن ابن بريدة ، فذكره.
(*) أخرجه أحمد (5/349) قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا الجريري ، عن عبد الله بن بريدة : «أن أباه غزا مع النبي -صلى الله عليه وسلم- ست عشرة غزوة» مرسلا.

6011 - (خ م) سلمة بن الأكوع - رضي الله عنه - قال : «غزوتُ مَعَ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم- سبع غَزَوات ، فذكر خيبرَ ، والحُدَيْبِيةَ ، ويومَ حُنَيْن ، ويومَ القَرَد ، قال يزيد بن أبي عبيد : ونسيتُ بَقِيَّتَها» .
وفي رواية : أنه سمعه يقول : «غزوتُ معَ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم- سبع غَزوات ، وخرجت فيما يَبْعَثُ من البعوث تسعَ غَزَوات ، مرَّة علينا أبو بكر ، ومَرَّة علينا أسامةُ» . أخرجه البخاري [ومسلم] (1) .
__________
(1) رواه البخاري 7 / 399 في المغازي ، باب بعث النبي صلى الله عليه وسلم أسامة بن زيد إلى الحرقات من جهينة ، ومسلم رقم (1815) في الجهاد ، باب عدد غزوات النبي صلى الله عليه وسلم .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح : أخرجه أحمد (4/54) قال : حدثنا حماد بن مسعدة. والبخاري (5/183) قال : حدثنا قتيبة بن سعيد ، قال : حدثنا حاتم. وفي (5/184) قال : وقال عمر بن حفص بن غياث ، حدثنا أبي. وفيه (5/184) قال : حدثنا أبو عاصم الضحاك بن مخلد. وفيه (5/184) قال : حدثنا محمد بن عبد الله ، قال : حدثنا حماد بن مسعدة. ومسلم (5/200) قال : حدثنا محمد بن عباد ، قال : حدثنا حاتم يعني ابن إسماعيل. (ح) وحدثنا قتيبة بن سعيد ، قال : حدثنا حاتم.
أربعتهم - حماد ، وحاتم ، وحفص بن غياث ، وأبو عاصم - عن يزيد بن أبي عبيد ، فذكره.

غزوة بدر
6012 - (م د) أنس بن مالك - رضي الله عنه - «أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم- شاور حين بلغه إِقْبَالُ أبي سفيان ، قال : فتكلَّم أبو بكر ، فأَعرَضَ عنه ، ثم تكلَّمَ عمرُ ، فأعرضَ عنه ، فقام سعدُ بنُ عُبادَةَ ، فقال : إيَّانا تريدُ يا رسولَ الله ؟ والذي نفسي بيده ، لو أمرتنا أن نُخِيضَها البحرَ لأخَضْناها ، ولو أمرتنا أن نَضْرِبَ أَكْبَادَها إلى بَرْك الغِمَاد لفعلنا ، قال : فندَب رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- الناسَ فانطلقوا ، حتى نزلوا بدراً ، وورَدتْ عليهم رَوَايا قريش ، وفيهم غلام أسودُ لبني الحجَّاجِ ، فأخذوه ، فكان أصحابُ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم- يسألونه عن أبي سفيان ، وأصحابه ؟ فيقول : مالي علم بأبي سفيان ، ولكنْ هذا -[180]- أبو جهل ، وعُتبةُ ، وشَيْبَةُ ، وأُميَّةُ بنُ خَلف في الناس ، فإذا قال ذلك ضربوه ، فقال : نعم أنا أُخبركم ، هذا أبو سفيان ، فإذا تركوه فسألوه قال : ما لي بأبي سفيان عِلْم ، ولكنْ هذا أبو جهل ، وعتبةُ ، وشيبةُ ، وأُمَيَّةُ بنُ خلف في الناس ، فإِذا قال هذا أيضاً ضربوه ، ورسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- قائم يُصلِّي ، فلما رأى ذلك انصرف ، وقال : والذي نفسي بيده ، لَتَضْرِبونه إذا صَدَقَكم ، وتتركونَهُ (1) إذا كذبكم ، قال : فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- : هذا مَصْرَعُ فلان - ويضع يده على الأَرض هاهنا ، وهاهنا - قال : فما مَاطَ أحدُهم عن موضع يدِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم-» . أخرجه مسلم.
وأخرجه أبو داود ، وأوَّلُ حديثه : «أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم- نَدَبَ أصحابه ، فانطلق إلى بدر ، فإذا هم بروايا قريش ، فيها عبد أسودُ لبني الحجاج...» وذكر الحديث إلى آخره بتغيير شيء من ألفاظه ، ثم قال في آخره : «والذي نفسي بيده ، ما جاوز أحد منهم عن موضعِ يدِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم- ، فأمر بهم رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- ، فأُخِذُوا بأرجلهم ، فسُحِبوا ، فَأُلْقُوا في القَلِيب» (2) . -[181]-

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(رَوَايا) جمع راوية ، وهي المزادة ، والمراد به هاهنا : الجمال التي تحمل المزاد ، والجمل : راوية ، وتسمى به المزادة.
(مَصرع) المصرع : موضع القتل.
(ما ماط) أي : ما زال وما بعُد ، والمَيْط : الميل والعدول.
(ندب) ندبتُ الرجل لهذا الأمر : أي : هيأته له ، وبعثته فيه ، فانتدب ، أي : أجاب.
(القَلِيب) : البئر لم تُطْوَ ، وإنما هي حفيرةٌ قُلِب ترابها ، فسمِّيتْ قليباً.
__________
(1) في نسخ مسلم المطبوعة : لتضربوه إذا صدقكم وتتركوه ، بحذف النون ، وهي لغة .
(2) رواه مسلم رقم (1779) في الجهاد ، باب غزوة بدر ، وأبو داود رقم (2681) في الجهاد ، باب في الأسير ينال منه ويضرب .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه مسلم في المغازي (32) عن أبي بكر ، عن عفان ، عن حماد بن سلمة ، عن ثابت عن أنس.الأشراف (1/125) .
أخرجه أبو داود (2681) حدثنا موسى بن إسماعيل ، قال : ثنا حماد ، عن ثابت ، عن أنس فذكره.

6013 - (م) أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال : «بَعَثَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- بَسْبَسَةَ (1) عَيْناً ينظر ما صنعت عِيرُ أبي سفيان ، فجاء وما في البيت أحد غيري وغيرُ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم- ، قال : لا أدري ، ما استثنى بعض نسائه... قال : فحدَّثه الحديثَ ، فخرج رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- فتكلَّم ، فقال : إن لنا طَلِبَة ، فمن كان ظَهرُه حاضراً فليركب معنا ، فجعل رجال يستأذنونه في ظهرهم (2) في عُلْوِ المدينة ، فقال : لا ، إلا من كان ظهْرُه حاضراً ، -[182]- فانطلق رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- وأصحابُه حتى سبقوا المشركين إلى بَدْر ، وجاء المشركون ، فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- : لا يُقْدِمَنَّ أحد منكم إلى شيء حتى أكونَ أنا أُوذِنه (3) ، فدنا المشركون ، فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- : قوموا إلى جنة عَرْضُها السماوات والأرض ، قال : يقول عُمَيْر (4) بن الحُمام الأنصاري : يا رسولَ الله ، جنة عرضها السماوات والأرض ؟ قال : نعم ، قال : بخ بخ يا رسولَ الله ، فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- : ما يحملك على قولك : بخ بخ ؟ قال : لا والله يا رسولَ الله ، إلا رَجَاءَ (5) أن أكونَ من أهلها ، قال : فإنك من أهلها قال : فاخترج تَمَرَات من قَرَنِه ، فجعل يأكلُ منهن ، ثم قال : لئن أنا حَييتُ حتى آكل تمراتي هذه إنها لحياة طويلة ، قال : فرمى بما كان معه من التمر ثم قاتلهم حتى قُتِل» . أخرجه مسلم (6) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(العِير) الإبل تحمل الميرة والمتاع ونحوه.
(الظَّهْر) هاهنا : الدواب التي كانوا يركبونها.
(أُوذِنُه) الإيذان : الإعلام بالشيء ، آذنتُه أوذِنُه إيذاناً.
(بخٍ بخٍ) كلمة تُقال للتعجب من الشيء لمدحه واستعظامه ، وتكرر -[183]- للمبالغة ، فإن وَصَلْتَ جَرَرت ونَوَّنْت ، وربما شدَّدت.
(فاخترج) افتعل ، من الإخراج ، أي : أخرج.
(قَرَنِه) القرن : جَعبة تتخذ من جلد تخزن فيها السهام.
__________
(1) وهو بسبسة بن عمرو ، ويقال له : بسبس ، وفي المطبوع : بسيسة ، بالتصغير ، وهو كذلك في نسخ مسلم المطبوعة .
(2) في نسخ مسلم المطبوعة : في ظهرانهم .
(3) في نسخ مسلم المطبوعة : حتى أكون أنا دونه .
(4) في الأصل : عمر ، وهو خطأ ، والتصحيح من صحيح مسلم وكتب الرجال .
(5) وفي بعض النسخ : رجاءة ، وكلاهما صحيح .
(6) رقم (1901) في الإمارة ، باب ثبوت الجنة للشهيد .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه مسلم (1901) حدثنا أبو بكر بن النضر بن أبي النضر وهارون بن عبد الله ومحمد بن رافع وعبد بن حميد ، وألفاظهم متقاربة قالوا حدثنا هاشم بن القاسم حدثنا سليمان وهو ابن المغيرة - عن ثابت عن أنس بن مالك فذكره.

6014 - (م ت) عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما - قال : حدَّثني عمرُ بنُ الخطاب قال : «لما كان يومُ بدر نظرَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- إلى المشركين وهم ألف ، وأصحابُه ثلاثُمائة وتسعةَ عشر رجلاً ، فاستقبل نبيُّ الله - صلى الله عليه وسلم- القِبْلَةَ ، ثم مدَّ يديه ، فجعل يَهْتِفُ بربِّهِ يقول : اللهم أنْجِزْ لي ما وعدتني ، اللهم آتِني ما وعدتني ، اللهم إن تَهْلِكْ هذه العصابةُ من أهل الإسلام لا تُعبدْ في الأرض ، فما زال يهتف بربِّه مادَّاً يديه [مُسْتَقبلَ القبلة] ، حتى سقط رداؤه عن مَنْكِبيه ، فأتاه أبو بكر ، فأخذ رداءه ، فألقاه على منكبيه ، ثم التزمه فأخذه من ورائه ، وقال : يا نبيَّ الله ، كفاك (1) مُنَاشَدَتُك ربَّك ، فإنه سَيُنْجِزُ لك ما وعدَك ، فأنزل الله - عز وجل - : {إذْ تَسْتَغِيثُون رَبَّكم فَاسْتَجَابَ لكم أني مُمِدُّكم بألف من الملائكة مُرْدِفِين} [الأنفال : 9] فأمدَّه الله بالملائكة» .
قال سماك : فحدَّثني ابنُ عباس قال : «بينما رجل من المسلمين يومئذ يَشْتَدُّ في أَثَرِ رجل من المشركين أمامه ، إذْ سمع ضربة بالسَّوْطِ فوقه ، وصوتَ الفارسِ يقول : أقدِمْ حَيْزُوم ، إذ نظر إلى المشرك أمامه خَرَّ مُسْتَلْقِياً ، فنظر إليه ، فإِذا هُوَ قد خُطِم أنفُه وشُقَّ -[184]- وجهُه ، كضربة السَّوْط ، فاخضرَّ ذلك أجمعُ ، فجاء الأنصاريُّ ، فحدَّث بذلك رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم- ، فقال : صدقتَ ، ذلك من مَدَدِ السماء الثالثة ، فقَتَلُوا يومئذ سبعين ، وأَسروا سبعين» .
قال ابنُ عباس : «فلما أَسَروا الأُسَارى ، قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- لأبي بكر وعمر : ما تَروْن في هؤلاء الأُسارى ؟ فقال أبو بكر : يا رسولَ الله ، هم بَنو العمِّ والعشيرةِ ، أرى أن تأخُذَ منهم فدية ، فتكون لنا قوَّة على الكفار ، فعسى الله أن يهديَهم إلى الإسلام. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم- : ما ترى يا ابن الخطاب ؟ قال : قلتُ : لا والله ، يا رسول الله ، ما أرى الذي رأى أبو بكر ، ولكني أرى أن تُمَكِّنَّا، فنضربَ أعناقهم ، فتمكِّن عليّاً من عَقيل [فيضربَ عُنقَه] ، وتمكِّني من فلان - نسيباً لعمر - فأضربَ عنقه، فإن هؤلاء أئمة الكفر وصناديدُها ، فَهَوِي رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- ما قال أبو بكر ، ولم يَهْوَ ما قلتُ ، فلما كان من الغدِ جئتُ ، فإذا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- وأبو بكر قاعِدَيْن يبكيان ، فقلتُ : يا رسول الله ، أخبرني : من أيِّ شيء تبكي أنت وصاحبُك ؟ فإن وجدتُ بكاء بَكَيْت ، وإن لم أجد بكاء تباكَيْت لبكائكما ، فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- : أبكي للذي عرض عليَّ أصحابُك من أخذهم الفِداءَ ، لقد عُرض عليَّ عذابُهم أدنى من هذه الشجرة - لشجرة قريبة من نبيِّ الله - صلى الله عليه وسلم- وأنزل الله عز وجل : {ما كان لِنَبِيٍّ أنْ يكون له أسْرَى حتَّى يُثْخِنَ في الأرض تُرِيدون -[185]- عَرَضَ الدُّنيا واللهُ يُريد الآخرةَ وَاللهُ عزيزٌ حكيم . لَوْلا كتابٌ مِن الله سَبَقَ لَمَسَّكُم فِيما أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ . فكلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلالاً طَيِّباً} [الأنفال : 67 - 69] فأحلَّ الله الغنيمةَ لهم» . أخرجه مسلم.
وأَخرج الترمذي منه إلى قوله : «فأمدَّه الله بالملائكة» .
وأَخرج أبو داود منه طرفاً قال : حدَّثني عمرُ بنُ الخطَّاب قال : «لمَّا كان يومُ بدر، فأخذ - يعني النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -الفِدَاءَ ، فأنزلَ الله - عزَّ وجلَّ - : {ما كان لنبيٍّ أن يكون له أسرى حتى يُثْخِنَ في الأرض} - إلى قوله - : {لَمسَّكم فيما أخذتم} من الفِدَاءِ ، ثم أحلَّ لهم الغنائمَ» .
أخرج منه هذا القَدْرَ في «باب فداء الأسير» ، ولقلّة ما أخرج منه أثبتناه ، ولم نُثْبت له علامة (2) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(هتف به) : إذا ناداه وصاح به ، والمراد به : الدعاء والتضرع في السؤال.
(العصابة) : الجماعة من الناس.
(يُناشده) المناشدة : المسألة والطلب ، والابتهال إلى الله تعالى. -[186]-
(مُردِفِين) أي : متتابعين ، يتبع بعضهم بعضاً.
(يشتدّ) الشدُّ : العَدْوُ.
(حَيْزُوم) : اسم فرس من خيل الملائكة الذين أمَدَّ الله بهم المسلمين يوم بدر.
(خُطِم أنفه) الحَطْم - بالحاء المهملة - الدَّقُّ والكسر ، وبالخاء المعجمة : الأثر على الأنف ، كما يُخْطَم البعيرُ بالكيِّ ، يقال : خطمتُ البعير : إذا وسمتَه بكيٍّ في الأنف إلى أحد خديه ، والخِطام : السِّمة في عرض الوجه إلى الخدِّ.
(صَنَادِيدِها) الصناديد جمع صِنْدِيد ، وهو السيد الشجاع.
(فَهوِيَ) هَوِيت الشيء أهواه : إذا ملت إليه ، ورغبت فيه.
(يُثخِن) قوله تعالى {ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن} أي : حتى يُكثر فيها القتل ، ويتمكَّن منها ، وتقوى شوكته.
__________
(1) وفي بعض النسخ : كذلك .
(2) رواه مسلم رقم (1763) في الجهاد ، باب الإمداد بالملائكة في غزوة بدر وإباحة الغنائم ، والترمذي رقم (3081) في تفسير القرآن ، باب ومن سورة الأنفال ، ورواه أيضاً أبو داود مختصراً رقم (2690) في الجهاد ، باب في فداء الأسير بالمال .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه مسلم في المغازي (20) عن هناد بن السري ، عن ابن المبارك.و (20) عن زهير بن حرب، عن عمر بن يونس.
كلاهما عن عكرمة بن عمار ، عن سماك عن ابن عباس عن عمر بن الخطاب ، وأبو داود في الجهاد (131:1) عن أحمد بن حنبل ، عن أبي نوح ، عن عكرمة بن عمار ببعضه : لما كان يوم بدر فأخذ النبي الفداء أنزل الله : ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض ، (8/67) بهذه القصة اوالترمذي في التفسير [الأنفال 9:2] عن ابن بشار ، عن عمر بن يونس.بالقصة الأولى.. إلى قوله «فأمدهم الله بالملائكة» وقال : حسن صحيح غريب ، لا نعرفه من حديث عمر إلا من حديث عكرمة بن عمار ، عن أبي زميل. الأشراف (8/44) .

6015 - (خ) عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال : «شهدتُ من المقدادِ بنِ الأسودِ مشهداً ، لأنْ أكونَ أنا صاحبُهُ : أحبُّ إليَّ مما عُدِلَ به ، أتى النبيَّ - صلى الله عليه وسلم- وهو يدعو على المشركين يومَ بَدْر فقال : يا رسولَ الله إِنا لا نقول كما قالت بنو إِسرائيل لموسى عليه السلام : {اذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ} [المائدة : 24] ، ولكن امْضِ ونحن معك ، فكأنه سُرِّي عن رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم-» .
وفي رواية «ولكنَّا نُقَاتلُ عن يمينك وعن شِمالك وبين يَدَيكَ وخَلْفَكَ ، فرأيتُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم- أشرقَ وجهُهُ ، -[187]- وسَرَّه (1)» . أخرجه البخاري (2) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(سُرِّيَ) عن المحزون وغيره : إذا كشف عنه ما به.
__________
(1) يعني قوله .
(2) 7 / 223 و 224 في المغازي ، باب قول الله تعالى : {إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم} ، وفي تفسير سورة المائدة ، باب قوله : {فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون} .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه البخاري (3952) حدثنا أبو نعيم حدثنا إسرائيل عن مخارق عن طارق بن شهاب قال «سمعت ابن مسعود يقول فذكره»

6016 - (خ) عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما - أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم- قال يومَ بدر : «هذا جبريلُ آخذ برأس فرسه ، عليه أدَاةُ الحرب» . أَخرجه البخاري (1) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(أداة) الحرب : آلتها ، وأراد بها : السلاح.
__________
(1) 7 / 242 في المغازي ، باب شهود الملائكة بدراً ، قال الحافظ في " الفتح " : الحديث هو من مراسيل الصحابة ولعل ابن عباس حمله عن أبي بكر ، فقد ذكر ابن إسحاق أن النبي صلى الله عليه وسلم في يوم بدر خفق خفقة ثم انتبه فقال : أبشر يا أبا بكر أتاك نصر الله ، هذا جبريل آخذ بعنان فرسه يقوده على ثناياه الغبار ، ووقعت في بعض المراسيل تتمة لهذا الحديث مقيدة ، وانظر " الفتح " 7 / 242 و 243 .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه البخاري (3995) حدثني إبراهيم بن موسى أخبرنا عبد الوهاب حدثنا خالد عن عكرمة عن ابن عباس فذكره.
قال الحافظ في الفتح الحديث هو من مراسيل الصحابة ولعل ابن عباس حمله عن أبي بكر فقد ذكر ابن إسحاق «أن النبي في يوم بدر خفق خفقه ثم انتبه فقال أبشر يا أبا بكر أتاك نصر الله ، هذا جبريل آخذ بعنان فرسه يقوده على ثناياه الغبار» ، ووقعت في بعض المراسيل تتمة لهذا الحديث مقيدة وانظر الفتح (7/242،243) .

6017 - (خ) عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما - أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم- قال- وهو في قُبَّة يومَ بَدْر - : «اللهم أَنْشُدُكَ عهدَكَ ووعدَك ، اللهمَّ إن تَشَأْ لا تُعْبَدْ بعدَ اليوم ، فأخذ أبو بكر بيده ، وقال : حَسْبُك يا رسولَ الله ، أَلْحَحْتَ على رَبِّكَ ، فخرج وهو [يَثِبُ] في الدِّرع ، وهو -[188]- يقول : {سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ . بَل السَّاعَةُ مَوْعِدُهُم والساعَةُ أَدْهَى وأَمَرُّ} [القمر : 45 ، 46]» . أخرجه البخاري (1) .
__________
(1) 7 / 224 - 226 في المغازي ، باب قول الله تعالى : {إذا تستغيثون ربكم} ، وفي الجهاد ، باب ما قيل في درع النبي صلى الله عليه وسلم ، وفي تفسير سورة {اقتربت الساعة} باب قوله تعالى : {سيهزم الجمع ويولون الدبر} ، وباب قوله : {بل الساعة موعدهم والساعة أدهي وأمر} .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه البخاري (3953) حدثني محمد بن عبد الله بن حوشب. حدثنا عبد الوهاب حدثنا خالد عن عكرمة عن ابن عباس فذكره.

6018 - (د) عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما - أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم- «خرج يومَ بدر في ثلاثمائة وخمسة عشر رجلاً ، فلما انتهى إليها قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- : اللهمَّ إنَّهم حُفَاة فَاحْمِلْهم ، اللهمَّ إنهم عُرَاة فَاكْسُهُمْ ، اللهمَّ إنهم جِياع فأَشْبِعْهُمْ ، ففتح الله له يومَ بدر ، فَانْقَلبوا - حين انْقَلبوا - وما منهم رجل إلا وقد رجع بجمَل ، أو جملين ، واكْتَسَوْا ، وشَبِعُوا» . أخرجه أبو داود (1) .
__________
(1) رقم (2747) في الجهاد ، باب في نفل السرية تخرج من العسكر ، وإسناده حسن .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه أبو داود (2747) حدثنا أحمد بن صالح ، ثنا عبد الله بن وهب ، ثنا يحيى ، عن أبي عبد الرحمن الحبلي ، عن عبد الله بن عمرو فذكره.

6019 - (خ ت) البراء بن عازب - رضي الله عنه - قال : «كنا أصْحابَ محمد نَتَحدَّثُ : أن عِدَّةَ أصحاب بدر على عِدَّة طالوت الذين جاوزُوا (1) معه النهر - ولم يُجاوزْ معه إلا مؤمن - بضعةَ عشرَ وثلاثَمائة» . وفي رواية قال البراء : «لا ، والله ما جاوز معه النّهرَ إلا مؤمن» . أخرجه البخاري.
وفي رواية الترمذي إلى قوله : «أصحاب طالوت» (2) . -[189]-

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(بضعة) البضع : ما بين الثلاثة إلى التسعة.
__________
(1) وفي بعض الروايات : جازوا .
(2) رواه البخاري 7 / 228 في المغازي ، باب عدة أصحاب بدر ، والترمذي رقم (1598) في السير ، باب ما جاء في عدة أصحاب بدر .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه البخاري (3958) حدثني عبد الله بن رجاء حدثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن البراء فذكره.
وأخرجه الترمذي (1598) حدثنا واصل بن عبد الأعلى ، حدثنا أبو بكر بن عياش عن أبي إسحاق عن البراء فذكره قال أبو عيسى : هذا حديث حسن صحيح وقد رواه الثوري وغيره عن أبي إسحاق.

6020 - (خ) البراء بن عازب - رضي الله عنه - قال : «اسْتُصْغِرْتُ أنا وابنُ عمر يوم بدر ، وكان المهاجرون يومَ بدر : نَيِّفاً على الستين ، والأنصار نَيِّفاً وأربعين ومائتين» .
أخرجه البخاري ، وأفرد الحميديُّ هذا الحديث عن الذي قَبْلَهُ ، وهما حديث واحد ، يشتركان في كمية عددهم يوم بدر ، وحيثُ أفردَهُ اتَّبعناه (1) .
__________
(1) رواه البخاري 7 / 227 في المغازي ، باب عدة أصحاب بدر .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه البخاري (3956) حدثني محمود وحدثنا وهب عن شعبة عن أبي إسحاق عن البراء فذكره

6021 - (ت) عبد الرحمن بن عوف - رضي الله عنه - قال : «عَبَّأَنا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- يومَ بدر ليلاً» . أخرجه الترمذي (1) .
__________
(1) رقم (1677) في الجهاد ، باب ما جاء في الصف والتعبئة عند القتال ، وفي سنده محمد بن حميد الرازي ، وهو ضعيف كما قال الحافظ في " التقريب " ، وفيه أيضاً عنعنة محمد بن إسحاق ، وقال الترمذي : هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه ، وسألت محمد بن إسماعيل (يعني البخاري) عن هذا الحديث فلم يعرفه ، وقال : محمد بن إسحاق سمع من عكرمة ، وحين رأيته (يعني البخاري) كان حسن الرأي في محمد بن حميد الرازي ، ثم ضعفه بعد ، وقال الترمذي : وفي الباب عن أبي أيوب .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه الترمذي (1677) حدثنا محمد بن حميد الرازي ، حدثنا سلمة بن الفضل عن محمد بن إسحاق عن عكرمة عن ابن عباس عن عبد الرحمن بن عوف فذكره.
قال أبو عيسى : وفي الباب عن أبي أيوب ، وهذا حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه ، وسألت محمد بن إسماعيل عن هذا الحديث فلم يعرفه. وقال محمد بن إسحاق ، سمع من عكرمة ، وحين رأيته كان حسن الرأي في محمد بن حميد الرازي ثم ضعفه بعد.

6022 - (خ د) أبو أسيد - رضي الله عنه - قال : قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- يومَ بدر - حين صَفَفْنا لِقُريش - : «إِذا أكْثَبُوكم - يعني : غشَوكم - وفي أخرى يعني : أكثرُوكم – فَارْمُوهُمْ ، وَاسْتَبْقُوا نَبْلَكُم» . أخرجه البخاري ، وأبو داود. -[190]-
وفي أخرى لأبي داود : «إذا أَكثَبُوكم فارمُوهم ، ولا تَسُلُّوا السُّيوفَ حتى يَغْشَوْكم» (1) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(أكثبوكم) أي : قرُبوا منكم ، والكَثْب : القُرْب.
__________
(1) رواه البخاري 7 / 238 في المغازي ، باب فضل من شهد بدراً ، وفي الجهاد ، باب التحريض على الرمي ، وأبو داود رقم (2663) و (2664) في الجهاد ، باب في الصفوف ، وباب في سل السيوف عند اللقاء .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه البخاري (4/46) قال : حدثنا أبو نعيم ، قال : حدثنا عبد الرحمن بن الغسيل وأبو داود (2663) قال : حدثنا أحمد بن سنان ، قال : حدثنا أبو أحمد الزبيري ، قال : حدثنا عبد الرحمن بن سليمان بن الغسيل. وفي (2664) قال : حدثنا محمد بن عيسى ، قال : حدثنا إسحاق بن نجيح ، وليس بالملطي ، عن مالك بن حمزة بن أبي أسيد الساعدي.
كلاهما - عبد الرحمن ، ومالك - عن حمزة بن أبي أسيد ، فذكره.
(*) أخرجه أحمد (3/498) قال : حدثنا محمد بن عبد الله بن الزبير ، قال : أخبرنا عبد الرحمن بن الغسيل، عن عباس بن سهل ، أو حمزة بن أبي أسيد ، عن أبيه ، نحوه.
(*) أخرجه البخاري (5/99) قال : حدثني عبد الله بن محمد الجعفي ، قال : حدثنا أبو أحمد الزبيري ، قال : حدثنا عبد الرحمن بن الغسيل ، عن حمزة بن أبي أسيد ، والزبير بن المنذر بن أبي أسيد ، عن أبي أسيد ، به.
(*) أخرجه البخاري (5/99) قال : حدثني محمد بن عبد الرحيم ، قال : حدثنا أبو أحمد الزبيري ، قال : حدثنا عبد الرحمن بن الغسيل ، عن حمزة بن أبي أسيد ، والمنذر بن أبي أسيد ، عن أبي أسيد ، به.

6023 - () علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - قال : «لما كان يومُ بدر قَاتَلْتُ شيئاً من قتال ، ثم جئتُ إلى رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم- أنْظُر ما صَنَعَ ، فإذا هو ساجد يقول : يا حيُّ يا قيُّوم برحمتكَ أسْتَغِيثُ ، ثم ذهبتُ فقاتلتُ شيئاً من قتال ، ثم رجعت وهو على حاله ساجد يقول : يا حيُّ يا قيومُ ، ثم رَجَعْت فقاتلت ، ثم جئت فإذا هو ساجد ، يقول ذلك ، ففتح الله عليه» . أخرجه ... (1) .
__________
(1) كذا في الأصل بياض بعد قوله : أخرجه ، وفي المطبوع : أخرجه رزين ، وقد ذكره الحافظ في " الفتح " ونسبه للنسائي والحاكم وسكت عليه .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
ذكره الحافظ في الفتح ونسبه للنسائي والحاكم وسكت عليه.

6024 - (خ) عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - حدَّث عن سعد بن معاذ أنه قال : «كان صديقاً لأميَّةَ بن خلف ، وكان أميَّةُ إِذا مرَّ بالمدينة نزل على سعد ، وكان سعد إذا مرَّ بمكة نزل على أميةَ ، فلما قدم النبيُّ - صلى الله عليه وسلم- المدينةَ : انطلق سعد مُعتَمِراً ، فنزل على أُميةَ بمكة ، فقال لأميةَ : انظر لي ساعة [خلوة] ، لعلِّي أطوفُ بالبيت ، فخرج به قريباً من نصف النهار ، فلقيهما أبو جهل ، فقال : يا أبا صَفْوان ، مَن هذا معك ؟ فقال : هذا سعد ، فقال له أبو جهل : ألا أراك -[191]- تطوف بمكة آمناً ، وقد آوْيتُم الصُّبَاةَ ، وزعمتم أنكم تنصرونهم وتُعينونهم ، أما والله ، لولا أنك مع أبي صفوان ما رجِعت إلى أهلِك سالماً ، فقال له سعد - ورفع صوتَه عليه - : أما والله ، لئن منعتني هذا لأَمْنَعَنَّك ما هو أشدُّ عليك منه : طريقَك على المدينة ، فقال له أمية : لا ترفع صوتك يا سعد على أبي الحكم سيّدِ أهل الوادي، فقال سعد : دَعْنا عنك يا أمية ، فوالله ، لقد سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يقول : إنه قاتلُك ، قال : بمكة ؟ قال : لا أدري ، ففزِع لذلك أمية فزعاً شديداً ، فلما رجع أمية إلى أهله ، قال : يا أم صفوان ، ألم تَرَيْ ما قال لي سعد ؟ قالت : وما قال لك ؟ قال : زعم أن محمداً أخبرهم : أنه قاتلي ، فقلت له : بمكة ؟ قال : لا أدري ، فقال أمية : والله لا أخرج من مكة ، فلما كان يوم بدر اسْتَنْفَرَ أبو جهل الناس ، فقال : أدْرِكُوا عِيركم ، فكره أمية أن يخرج ، فأتاه أبو جهل ، فقال : يا أبا صفوان ، إنك متى ما يراك الناس قد تَخَلَّفت ، وأنت سيد أهل الوادي : تخلّفوا معك ، فلم يزل به أبو جهل حتى قال : أمَّا إذْ غَلَبْتَني ، فواللهِ ، لأَشْتَرِينَّ أجودَ بعير بمكة ، ثم قال أمية : يا أمَّ صفوان ، جهِّزيني ، فقالت له : يا أبا صفوان ، وقد نسيت ما قال لك أخوك اليَثْرِبيّ ؟ قال : لا ، وما أريد أن أجوز معهم إلا قريباً ، فلما خرج أمية أخذ لا ينزل منزلاً إلا عَقَل بعيره ، فلم يزل بذلك حتى قتله الله ببدر» .
وفي رواية نحوه ، إلا أن فيه «فجعل أمية يقول لسعد : لا ترفع صوتك ، -[192]- وجعل يُمسكه ، فغضب سعد ، فقال : دَعْنا منك ، فإني سمعت محمداً - صلى الله عليه وسلم- يزعم أنه قاتلك ، قال : إِيَّاي ؟ قال : نعم ، قال : والله ، ما يكذب محمد إذا حَدَّث ، فرجع إلى امرأته ، فقال : أتعلمين ما قال أخي اليثربي ؟ قالت : وما قال ؟ قال : زعم أنه سمع محمداً يزعم أنه قاتلي ، قالت : فوالله ، ما يكذب محمد ، قال : فلما خرجوا إلى بدر وجاء الصَّريخُ ، قالت له امرأته : أما ذكرتَ ما قال لك أخوك اليثربي ؟ قال : فأراد أن لا يخرج ، فقال له أبو جهل : إنك من أشْراف الوادي ، فَسِرْ يوماً أو يومين ، فسار معهم ، فقتله الله» . أخرجه البخاري (1) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(الصُّبَاة) : جمع صابئ ، وهو الذي فارق دينه إلى غيره.
(اسْتَنْفَرَ) الاستنفار : طلب النُّصْرَة من الناس ، ليَنفِروا معه إلى مقصده.
(الصَّرِيخ) : الصائح ، وهو الذي يستنجد الناس.
__________
(1) 7 / 220 - 222 في المغازي ، باب ذكر النبي صلى الله عليه وسلم من يقتل ببدر ، وفي الأنبياء ، باب علامات النبوة في الإسلام .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه البخاري (3950) حدثني أحمد بن عثمان ، حدثنا شريح بن مسلمة ، حدثنا إبراهيم بن يوسف ، عن أبيه ، عن أبي إسحاق قال : حدثني عمرو بن ميمون أنه سمع عبد الله بن مسعود فذكره.

6025 - (خ) عبد الرحمن بن عوف - رضي الله عنه - قال : «كاتبت أميَّةَ بن خلف كتاباً : أن يحفظني في صاغِيَتي بمكة ، وأحفظه في صاغِيته بالمدينة ، فلما ذكرت «الرحمن» قال : لا أعرف الرحمن ، كاتبْني باسمك الذي كان لك في الجاهلية ، فكاتبته «عبد عمرو» فلما كان يوم بدر خرجت -[193]-[إلى جَبَل] لأحرزه من القتل (1) فأبصره بلال ، فخرج حتى وقف على مجلس من مجالس الأنصار ، فقال : يا معشر الأنصار ، أُمَيَّةَ بن خلف (2) ، لا نجوتُ إن نجا أميَّةُ ، فخرج معه فريق من الأنصارِ في آثارنا ، فلما خَشِيت أن يلحقونا خلّفت لهم ابنَه ، لأشغلهم به ، فقتلوه ، ثم أتونا (3) حتى يتبعونا ، وكان أميةُ رجلاً ثقيلاً. [فلما أَدركونا] قلت له : ابْرُك ، فبرك ، فألقيت عليه نفسي لأمنعَه ، فتخَلَّلُوه (4) بالسيوف من تحتي حتى قتلوه ، فأصاب أحدُهم رجلي بسيفه ، وكان عبد الرحمن يُرينا ذلك الأثر في ظهر قدمه» . أخرجه البخاري (5) .
وفي رواية : «فلما كان يوم بدر ، حصل لي دِرْعَان ، فلقيني أمية ، فقال : خُذني وابني ، فأنا خير لك من الدِّرعين ، أَفْتدي منك ، فرآه بلال ، فقال : أميَّةُ رأسُ الكفر ، لا نجوتُ إِن نجا أمية ، فقتلهما ، فكان ابنُ عوف يقول : يرحم الله بلالاً ، فلا دِرْعيَّ ، ولا أَسيريَّ» (6) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(لأُحْرِزَه) أي : لأحوطه وأحفظه من القتل ، ومنه الحِرز ، وهو -[194]-[الموضع] الذي يحفظ فيه الشيء.
(فتَخلّلوه) تخلَّلوه بالسيوف ، أي : قتلوه بها طعناً ، جعل السيوف في هذه الحالة كالأخِلَّة ، حيث لم يقدروا أن يضربوه بها.
__________
(1) كذا في الأصل ، لأحرزه من القتل ، والذي في نسخ البخاري المطبوعة : لأحرزه حين نام الناس .
(2) أي : عليكم أمية بن خلف .
(3) في نسخ البخاري المطبوعة : ثم أبوا .
(4) وفي بعض النسخ : فتجللوه ، بالجيم .
(5) 4 / 392 في الوكالة ، باب إذا وكل المسلم حربياً في دار الحرب أو في دار الإسلام جاز ، وفي المغازي ، باب دعاء النبي صلى الله عليه وسلم على كفار قريش .
(6) لعل هذه الرواية بهذه الزيادة لرزين ، وقد رواها البخاري مختصرة في المغازي ، باب دعاء النبي صلى الله عليه وسلم على كفار قريش بلفظ : كاتبت أمية بن خلف ، فلما كان يوم بدر ، فذكر قتله وقتل ابنه ، فقال بلال : لا نجوت إن نجا أمية .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه البخاري (3971) حدثنا عبد العزيز بن عبد الله قال : حدثني يوسف بن الماجشون عن صالح بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف عن أبيه عن جده عبد الرحمن فذكره.

6026 - (خ م) عبد الرحمن بن عوف - رضي الله عنه - قال : «إني لواقف في الصفِّ يوم بدر ، فنظرتُ عن يميني وعن شِمالي فإذا أنا بغلامين من الأنصارِ حديثة أسنانُهما ، فَتَمنَّيتُ أن أكون بين أَضْلَع منهما ، فغمزني أحدُهما ، فقال : أيْ عَمّ ، هل تعرف أبا جهل ؟ قلت : نعم ، فما حاجتُك إِليه يا ابن أخي ؟ قال : أُخبِرت أنه يَسُبُّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم- ، والذي نفسي بيده ، لئن رأيته لا يُفارق سَوادي سَوَادَه ، حتى يموتَ الأعْجَلُ منا ، قال : فتعجَّبت لذلك ، قال : وغمزني الآخَر فقال لي مثلها ، فلم أنْشَب أن نظرت إلى أبي جهل يجول في الناس ، فقلت : ألا تريان ؟ هذا صاحبكما الذي تسألاني عنه ، قال : فابتدراه بسيفيهما فضرباه حتى قتلاه ، ثم انصرفا إلى رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم- فأخبراه ، فقال : أيُّكما قتله ؟ فقال كل واحد منهما : أنا قتلته ، فقال : هل مَسَحْتُمَا سَيْفَيْكُما ؟ قالا : لا ، فنظر رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- في السَّيفين ، فقال : كلاكما قتله ، وقضى رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- بسلَبه لمُعَاذ بن عمرو بن الجَموح ، والرجلان : معاذُ بن عمرو بن الجموح ، ومُعاذ بن عَفْراء» أخرجه البخاري ، ومسلم.
وفي أخرى قال : «إني لَفِي الصفِّ يومَ بدر ، إذ الْتَفَتُّ فإذا عن يميني ، وعن يساري فَتَيان حديثا السنِّ ، فكأني لم آمَنْ بمكانهما ، إذ قال لي أحدهما -[195]- سراً من صاحبه : يا عمّ ، أَرِني أبا جهل ، فقلت : يا ابن أخي ما تصنع بهِ ؟ قال : عاهدتُ الله عز وجل إن رأيتُه لأقتلنَّه ، أَو أموتَ دونه ، فقال لي الآخر سراً من صاحبه مثلَه ، قال : فما سرَّني أني بين رجلين مكانهما ، فأشرتُ لهما إليه ، فَشدَّا عليه مثل الصَّقْرين ، حتى ضرباه ، وهما ابنا عفراءَ» (1) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(بين أضْلَعَ منهما) أي : أقوى منهما وأشد ، والضَّلِيع : القوي الشديد.
(سَوادي) السَّواد بالفتح : الشخص ، وبالكسر ، السِّرَار ، والأول المراد.
(لم أنْشَبْ) أي : لم ألبث.
__________
(1) رواه البخاري 7 / 239 في المغازي ، باب فضل من شهد بدراً ، وفي الجهاد ، باب من لم يخمس الأسلاب ومن قتل قتيلاً فله سلبه من غير أن يخمس وحكم الإمام فيه ، ومسلم رقم (1752) في الجهاد ، باب استحقاق سلب القتيل .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح : أخرجه أحمد (1/192) (1673) قال : حدثنا أبو سلمة يوسف بن يعقوب الماجشون عن صالح بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف. والبخاري (4/111) قال : حدثنا مسدد ، قال : حدثنا يوسف بن الماجشون ، عن صالح بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف. وفي (5/95) قال : حدثنا علي بن عبد الله ، قال : كتبت عن يوسف بن الماجشون ، عن صالح بن إبراهيم. وفي (5/100) قال : حدثني يعقوب ، قال : حدثنا إبراهيم بن سعد ، عن أبيه ومسلم (5/148) قال : حدثنا يحيى بن يحيى التميمي ، قال : أخبرنا يوسف بن الماجشون ، عن صالح بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف.
كلاهما - صالح ، وسعد بن إبراهيم - عن إبراهيم بن عبد الرحمن ، فذكره.
(*) في رواية علي بن عبد الله ، عن يوسف بن الماجشون ، عن صالح بن إبراهيم عن أبيه ، عن جده في بدر، يعني حديث ابني عفراء. ولم يذكر متن الحديث.

6027 - (خ م) أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال : قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- يوم بدر : «من ينظر لنا ما صنع أبو جهل ؟ فانطلق ابنُ مسعود فوجده قد ضربه ابنا عَفْراء ، حتى بَرَد ، قال : فأخذ بلحيته ، فقال : أنت أبو جهل ؟ وفي كتاب البخاري: أنت أبا جهل (1) ؟ هكذا قالها أنس ، فقال : وهل فوق رجل قتلتموه ؟ أو قال : قتله قومُه ؟» .
وفي رواية : «قال أبو جهل : فلو غيرَ أكَّار قتلني ؟» . -[196]- أخرجه البخاري ومسلم (2) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(أكَّار) الأكَّار : الفلاح ، وأراد بقوله ذلك استصغاراً واستعظاماً ، كيف مثلُه يقتل مِثلَه.
__________
(1) على لغة من يثبت الألف في الأسماء الستة .
(2) رواه البخاري 7 / 229 في المغازي ، باب قتل أبي جهل ، وباب شهود الملائكة بدراً ، ومسلم رقم (1800) في الجهاد ، باب قتل أبي جهل .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح : أخرجه البخاري في المغازي (8:2) عن أحمد بن يونس و (8:3) عن عمرو بن خالد.
كلاهما عن زهير بن معاوية (8:4) عن محمد بن المثنى ، عن ابن أبي عدي (8:5) عن معاذ بن معاذ فرقهما (12:24) عن يعقوب بن إبراهيم الدورقي ، عن إسماعيل بن علية ، ومسلم فيه المغازي (43:1) عن علي بن حجر عن ابن علية (43:2) عن حامد بن عمر ، عن معتمر.
خمستهم عن سليمان التيمي عن أنس بن مالك الأشراف (1/231) .

6028 - (خ د) عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال : «مررتُ فإِذا أبو جهل صَرِيع ، قد ضُرِبت رِجله ، فقلتُ : يا عَدوَّ الله يا أبا جهل ، قد أَخْزَى الله الآخِرَ - قال : ولا أهابُه عند ذلك - فقال : أبْعَدُ من رجل قتله قومه ، فضربته بسيف غيرِ طائل ، فلم يُغْنِ شيئاً حتى سقط سيفُه من يده ، فضربته حتى بردَ» . أخرجه أبو داود (1) .
وزاد رزين قال : «فَنَفَّلَني رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- سيفَه لَمَّا أَجْهَزْتُ عليه ، وكان قد أُثخِن» (2) .
وفي رواية ذكرها رزين : أنه قال : «لما ضربته بسيفي ، فلم يُغْنِ شيئاً بَصقَ في وجهي ، وقال : سيفُك كَهَام ، فخذْ سيفي فاجْتَزَّ به رأسي من عُرْشي ، ليكون أنْهى للرقبة» . والعُرشُ : عِرق في أصل الرقبة. -[197]-
وفي رواية البخاري مختصراً : «أنه أتى أبا جهل يومَ بدر ، وبه رَمَق ، فقال : هل أعْمَدُ من رجل قتلتموه» (3) .
وفي أخرى : ذكرها رزين قال : «استقبل النبيُّ - صلى الله عليه وسلم- الكعبةَ حين طرحوا على ظهره سَلا الجزور ، فدعا على نَفَر من قريش : على شيبة بن ربيعة ، وعتبة بن ربيعة ، والوليد بن عتبة ، وأبي جهل بن هشام ، فأشهدُ بالله ، لقد رأيتُهُم صَرْعى يومَ بدر، قد غيّرتْهم الشمس ، فكان يوماً حاراً ، قال : فأتيت أبا جهل وبه رَمَق ، وقد قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- : مَن ينظر ما صنع أبو جهل ؟ فانطلقت فوجدتُه قد ضربه ابنا عَفْراءَ ، حتى برد ، فقلت : أنت أبو جهل ؟ وأخذت بلحيته وهو صريع ، وقد ضُربت رِجله ، فقلت: هل أخْزاكَ الله يا عدوَّ الله ؟ - قال : ولا أهابُه عند ذلك - فقال : هل فوق رجل قتلتموه - أو قال : قتله قومه - فلو غَيْرَ أكَّار قتلني ؟ قال : فضربته بسيفي ، وسيفه بيده ، فلم يُغْنِ شيئاً ، فبصق إلى وجهي ، وقال : سيفك كَهَام ، خُذْ سيفي ، فاجْتَزَّ به رأسي من عُرشي ، فأجهزتُ عليه ، فنفَّلني رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- سيفَه لما أجهزت عليه ، وكان قد أُثخِن ، قال : وكان عُتبةُ قد أشار على أبي جهل بالانصراف ، فقال له أبو جهل : قد انتَفَخَ سَحْرُه من الخَوف، فقال له عتبةُ : سَيَعْلَمُ مُصَفِّر اسْتِهِ : أيُّنا انْتَفَخ سحره» . -[198]-
وقد أَخرج البخاري ومسلم حديثَ سَلا الجزور ، ودعاء النبيِّ - صلى الله عليه وسلم- على الجماعة المذكورين ، وقَتْلَهم ببدر ، وسيجيء الحديثُ بطوله في «كتاب النبوة» من حرف النون (4) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(برد) : إذا سكن ، وأراد به الموت.
(أخزى) أخزاه يخزيه : إذا أهانه.
(أبعدُ من رجل قتله قومه) يروى هذا الكلام " هل أعمَدُ من رجل قتله قومه " و" أبعد من رجل " فأما " أعمد " فإنه بمعنى : أعجب ، يقولون : أنا أعمد من كذا وكذا ، أي : أعجب منه ، وقيل : أعمد ، بمعنى : أغضب ، من قولهم : عمد عليه ، أي : غضب ، وقيل : معناه : أتوجَّع وأشتكي ، من قولهم : عمدني الأمر ، فعمدت ، أي : أوجعني فوجعت ، والمراد بذلك كله : هل زاد على رجلٍ قتله قومه ؟ وهل كان إلا هذا ؟ أي : إنه ليس بعارٍ ، ومنه قوله : أعمد من كيلٍ محقّ ، أي : هل زاد على هذا ؟ وأما " أبعد من رجل " فإن الخطابي قال : رواه أبو داود " أبعد من رجل " وهو خطأ ، وإنما هو " أعمد " بالعين قبل الميم ، وهي كلمة للعرب ، معناها : كأنه يقول : هل زاد على رجل قتله قومه ؟ يُهَوِّن على نفسه ما حل به من الهلاك ، ويجوز أن لا يكون -[199]- خطأ ، فإن له معنى ، وذلك راجع إلى هذا التأويل ، أي : هل أعظم من ذلك أو أكثر منه ؟ فإن الشيء إذا كان عظيماً قليل الوقوع ، قيل : هذا أمر بعيد ، أي : لا يقع مثله ، فقوله : «هل أبْعَدُ من رجل قتله قومه ؟» يعني أنك استعظمت أمري ، واستبعدت قتلي ، فهل هو أبعد من رجل قتله قومه ؟
(غير طائل) أي : غير ماضٍ ولا قاطع.
(فَنَفَّلَني) أي : أعطاني نافلة ، أي : زيادة على نصيبي.
(أجهزت) على الجريح : إذا حررت قتله بالسيف وأسرعت في قتله.
(كَهَام) سيف كهام : كليل الحدِّ لا يقطع.
(عُرشي) العُرش بالعين المهملة والشين المعجمة : عرق في أصل العنق.
(أثْخَن) الإثخان : شدة القتل وألم الجراح.
(الجزور) : البعير ، ذكراً كان أو أنثى.
(سلا) الناقة : الغشاوة التي يكون فيها الولد ، وهي بمنزلة المشيمة للإنسان.
(رمق) الرمق : بقية الروح وآخِرُ النَّفس.
(انتفخ سحره) السَّحْر : الرئة ، ويقال : انتفخ سحر فلان ، وذلك عند شدة الخوف.
(مصفّراً أسته) هذه كلمة تقال للمتنعِّم الذي لم تحنكه التجارب ، كأنه -[200]- أخذ من الصفير ، يريد يضرِّط نفسه بيده ، وهو كقولك : يا ضَرَّاط ، وقيل : إنه أراد بذلك : أنه رماه بالأُبنَة ، وأنه كان يزعفر استه ، وقيل : إن أبا جهل كان به ذلك.
__________
(1) رقم (2709) في الجهاد ، باب في الرخصة في السلاح يقاتل به في المعركة من حديث أبي عبيدة ابن عبد الله بن مسعود عن أبيه ، وإسناده منقطع ، فإن عبيدة لم يسمع من أبيه ، ولكن للحديث شواهد بمعناه يقوى بها ، وانظر " الفتح " 7 / 229 .
(2) رواه أبو داود بمعناه رقم (2722) في الجهاد ، باب من أجاز على جريح مثخن ينفل من سلبه ، ورواه أيضاً أحمد في " المسند " مثل رواية أبي داود الأولى 1 / 444 وزاد فيه : فنفلني سيفه ، وهو حديث حسن .
(3) رواه البخاري 7 / 229 في المغازي ، باب دعاء النبي صلى الله عليه وسلم على كفار قريش .
(4) رواه البخاري 7 / 127 في فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، باب ما لقي النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه من المشركين بمكة ، ورواه أيضاً مسلم رقم (1794) في الجهاد ، باب ما لقي النبي صلى الله عليه وسلم من أذى المشركين والمنافقين .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه البخاري (5/94) قال : حدثنا ابن نمير. قال : حدثنا أبو أسامة. قال : حدثنا إسماعيل. قال : أخبرنا قيس ، فذكره.
أخرجه أحمد (1/403) (3824) قال : حدثنا أسود بن عامر ، قال : حدثنا شريك. وفي (1/403) (3825) قال : حدثنا أسود ، قال : حدثنا زهير. وفي (1/406) (3856) (1/422) (4008) قال: حدثنا أمية بن خالد ، قال : حدثنا شعبة. وفي (1/444) (4246) قال : حدثنا وكيع ، قال : حدثنا إسرائيل وفي (1/444) (4247) قال :حدثنا معاوية بن عمرو ، قال :حدثنا أبو إسحاق. عن سفيان وأبو داود (2709) قال : حدثنا محمد بن العلاء ، قال : أخبرنا إبراهيم يعني ابن يوسف بن إسحاق بن أبي إسحاق السبيعي ، عن أبيه والنسائي في الكبرى تحفة الأشراف (9619) عن عمرو بن يزيد الجرمي ، عن أمية بن خالد القيسي ، عن شعبة.
ستتهم - شريك ، وزهير ، وشعبة ، وإسرائيل ، وسفيان الثوري ، ويوسف بن إسحاق - عن أبي إسحاق، عن أبي عبيدة ، فذكره.

6029 - (خ) الزبير بن العوام القرشي - رضي الله عنه - قال : «لَقِيتُ يوم بدر عُبَيْدةَ - ويقال : عَبِيدة - بنَ سعيد بنِ العاص ، و هو مُدَجَّج ، لا يُرى منه إلا عيناه ، وكان يُكْنى أبا ذاتِ الكَرش ، فقال : أنا أبو ذات الكَرِش ، فحملتُ عليه بالعَنَزة ، فطعنتُه في عينه ، فمات ، قال هشام بن عروة : فأُخْبِرتُ أن الزبير قال : لقد وضعتُ رجلي عليه ، ثم تَمطَّيتُ فكان الجَهدُ : أن نَزَعْتُها ، وقد انْثَنى طرفاها ، قال عروة : فسأله إياها رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- ، فأعطاه إِيَّاها ، فلما قُبِض أخذها ، ثم طلبها أبو بكر ، فأعطاه إِياها ، فلما قُبِض أبو بكر أخذها ، ثم سألها عمرُ ، فأعطاه إياها ، فلما قبض عمر أخذها ، ثم طلبها عثمان منه ، فأعطاه إياها ، فلما قُتِلَ وَقَعَتْ إلى آلِ عليّ ، فطلبها عبد الله بن الزبير ، فكانت عنده حتى قُتِل» . أخرجه البخاري (1) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(مُدَجَّج) المدَّجج : الغائص في سلاحه. -[201]-
(العَنَزَة) : شِبْهُ العكّازة ، في رأسها سنان كسنان الرمح.
(الجُهْد) بضم الجيم : الوسع والطاقة ، وبفتحها : المشقة ، وقيل : هما لغتان في المشقة.
__________
(1) 7 / 243 في المغازي ، باب شهود الملائكة بدراً .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه البخاري (399) حدثني عبيد بن إسماعيل ، حدثنا أبو أسامة ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، قال : قال الزبير فذكره.

6030 - (د) علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - قال : «لما كانَ يومُ بدر : تقدَّم عُتبة بن ربيعة ، وتَبِعه ابنُه وأخوه ، فنادى : مَن يُبارِزْ ؟ فانْتَدَب له شباب من الأنصار ، فقال : ممَّن أنتم ؟ فأخبروهم ، فقالوا : لا حاجةَ لنا فيكم ، إنما أرَدْنا بني عمِّنا ، فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- : قم يا حمزة ، [قم] يا علي ، قم يا عُبيدة بن الحارث ، فأقبل حمزةُ إلى عتبة ، وأقبلتُ إلى شيبةَ ، واخْتُلفتْ بين عُبيدة والوليد ضربتان ، فأثْخَن كلُّ واحد منهما صاحبَه ، ثم مِلْنا على الوليد ، فقتلناه ، واحتملنا عُبيدةَ» . أخرجه أبو داود (1) .
وفي رواية ذكرها رزين : «لما كان يوم بدر تقدَّم عتبة بن ربيعة ، وشَيْبة أخوه ، والوليد بن عتبة...» وذكره ، وفيها : «إِنما أردْنا أكْفاءَنا مِن بني عمِّنا» . وفيه قال عليّ : «فأما أنا وحمزة : فأنْجَزْنا صاحبينا ، وأما عبيدة والوليد : فأثخن كل واحد منهما صاحبه...» وذكره.
__________
(1) رقم (2665) في الجهاد ، باب في المبارزة ، وهو جزء من حديث طويل رواه أحمد في " المسند " رقم (948) ، وإسناده حسن ، ونقله الحافظ ابن كثير في " البداية والنهاية " 3 / 277 - 278 وقال : هذا سياق حسن ، وأورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " 6 / 75 و 76 وقال : رواه أحمد والبزار ، ورجال أحمد رجال الصحيح غير حارثة بن مضرب ، وهو ثقة .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه أبو داود (2665) حدثنا هارون بن عبد الله ،ثنا عثمان بن عمر ، أخبرنا إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن حارثة بن مضرب ، عن علي ، قال فذكره.
أورده الهيثمي في مجمع الزوائد (6/75و76) وقال : رواه أحمد والبزار ، ورجال أحمد رجال الصحيح غير حارثة بن مضرب وهو ثقة.

6031 - (م س) أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال : «كنا مع عمر بين مكة والمدينة ، فتراءَينا الهلالَ ، وكنتُ رجلاً حديدَ البصر ، فرأيتُه ، وليس أحد يزعم أنه رآه غيري ، فجعلت أقول لعمر : أما تراه ؟ فجعل لا يراه ، قال : يقول عمر : سأراه ، وأنا مُسْتَلْق على فراشي ، ثم أنشأ يحدِّثنا عن أهل بدر ، فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- كان يُرِينا مَصارعَ أهل بدر بالأمس ، يقول : هذا مصرع فلان غداً إن شاء الله ، وهذا مصرع فلان إن شاء الله ، قال عمر : فوالذي بعثه بالحق ما أخطؤوا الحدودَ التي حدَّها رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- ، قال : فجُعلوا في بئر بعضُهم على بعض ، فانطلق رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- حتى انتهى إليهم ، فقال : يا فلان بنَ فلان ، ويا فلان بن فلان ، هل وجدتم ما وعدكم الله ورسولُه حقاً ، فإني قد وجدتُ ما وعدني الله حقاً ؟ فقال عمر : يا رسولَ الله كيف تُكلِّم أجساداً لا أرْوَاحَ فيها ؟ فقال : ما أنتم بأسمعَ لما أقول منهم ، غير أنهم لا يستطيعون أن يردُّوا عليَّ شيئاً» . أخرجه مسلم ، وأخرج النسائي نحوه (1) .
__________
(1) رواه مسلم رقم (2873) في الجنة وصفة نعيمها ، باب عرض مقعد الميت من الجنة أو النار عليه ، والنسائي 4 / 109 في الجنائز ، باب أرواح المؤمنين .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه مسلم في صفة النار (18:12) عن إسحاق بن عمر بن سليط (18:12) عن شيبان بن فروخ.
كلاهما عن سليمان بن المغيرة ، عن ثابت عن أنس به والنسائي في الجنائز (117:2) عن عمرو بن علي، عن يحيى ، عن سليمان بن المغيرة نحوه رواه ابن المبارك ، عن حميد ، عن أنس فلم يذكر عمر في إسناده (8/13) الأشراف.

6032 - (خ م) أنس بن مالك - رضي الله عنه - عن أبي طلحة عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم- : «كان إذا ظهر على قوم أقام بالعَرْصَةِ ثلاث ليال» . -[203]-
وعن أبي طلحة قال : «لما كان يومُ بدر ، وظهر عليهمُ نبيُّ الله - صلى الله عليه وسلم- ، أمر ببضعة وعشرين رجلاً - وفي رواية : بأربعة وعشرين رجلاً - من صناديد قريش ، فأُلْقُوا في طَوِيّ من أَطْوَاءِ بدر خبيث مُخْبِث ، وكان إذا ظهر على قوم أقام بالعَرْصَة : ثلاثَ ليال ، فلما كان ببدر اليومَ الثالث : أمر براحلته فَشُدَّ عليها رحلُها ، ثم مشى ، واتَّبَعه أصحابه ، قالوا : ما نرى ينطلق إلا لبعض حاجته ، حتى قام على شَفَة الرَّكيِّ ، فجعل يُناديهم بأسمائهم ، وأسماء آبائهم : يا فلان بن فلان ، ويا فلان بن فلان ، أيَسُرُّكم أنكم أطعتم الله ورسوله ؟ فإنا قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقاً ، فهل وجدتم ما وعد ربكم حقاً ؟ فقال عمر : يا رسولَ الله ، ما تُكلِّم من أجساد لا أرواحَ لها ؟ فقال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم- : والذي نفس محمد بيده ، ما أنتم بأسمعَ لما أقول منهم» . قال قتادة : أحياهم الله حتى أسمعهم قولَه ، توبيخاً ، وتصغيراً ، ونِقْمة ، وحسرة ، وندماً. أخرجه البخاري ومسلم (1) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(العَرْصَة) عرصة الدار : ساحتها.
(طوي) الطَّوي : البئر ، وجمعه أطواء. -[204]-
(الرَّكِيِّ) الرَّكِيَّة : البئر ، وجمعها رُكِيّ.
__________
(1) رواه البخاري 7 / 234 في المغازي ، باب دعاء النبي صلى الله عليه وسلم على كفار قريش ، وفي الجهاد ، باب من غلب العدو فأقام على عرصتهم ثلاث ليال ، ومسلم رقم (2875) في الجنة وصفة نعيمها ، باب عرض مقعد الميت من الجنة أو النار عليه .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح : أخرجه أحمد (4/29) قال : حدثنا معاذ بن معاذ. وفيه قال : حدثنا عبد الوهاب بن عطاء. وفيه قال : حدثنا روح والدارمي (2462) قال : أخبرنا المعلى بن أسد ، قال : حدثنا معاذ بن معاذ. والبخاري (4/89) قال : حدثنا محمد بن عبد الرحيم ، قال : حدثنا روح بن عبادة. وفي (5/97) قال : حدثني عبد الله بن محمد ، سمع روح بن عبادة ومسلم (8/164) قال : حدثني يوسف بن حماد ، قال : حدثنا عبد الأعلى. (ح) وحدثنيه محمد بن حاتم ، قال : حدثنا روح بن عبادة. وأبو داود (2695) قال : حدثنا محمد بن المثنى ، قال : حدثنا معاذ بن معاذ (ح) وحدثنا هارون بن عبد الله ، قال : حدثنا روح. والترمذي (1551) قال : حدثنا قتيبة ومحمد بن بشار ، قالا : حدثنا معاذ بن معاذ والنسائي في الكبرى تحفة الأشراف (3770) عن أبي قدامة ، عن معاذ بن معاذ.
أربعتهم - معاذ ، وعبد الوهاب ، وروح ، وعبد الأعلى - عن سعيد بن أبي عروبة ، عن قتادة ، فذكره.

6033 - (م) أنس بن مالك - رضي الله عنه - أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم- «ترك قَتلى بدر ثلاثاً ، ثم أتاهم ، فقام عليهم ، فناداهم ، فقال : يا أبا جهل بن هشام ، يا أميَّةَ بن خلف ، يا عتبةَ بن ربيعة ، يا شَيبة بن ربيعة ، أليس قد وجدتم ما وعد ربكم حقاً ، فإني قد وجدت ما وعدني ربي حقاً ؟ فسمع عمرُ بن الخطَّاب قول النبيِّ - صلى الله عليه وسلم- ، فقال : يا رسولَ الله ، كيف يسمعون ؟ أو أنَّى يُجيبون ، وقد جَيّفُوا ؟ قال : والذي نفسي بيده ، ما أنتم بأسمع لما أقول منهم ، ولكنهم لا يقدرون أن يجيبوا ، ثم أُمر بهم فسُحِبوا ، فأُلْقوا في قَليب بدر» . أخرجه مسلم (1) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(جيَّفوا) جاف القتيل وجَيَّف : إذا أنتن.
__________
(1) رقم (2874) في الجنة وصفة نعيمها ، باب عرض مقعد الميت من الجنة أو النار عليه .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه مسلم (2874) حدثنا هداب بن خالد ، حدثنا حماد بن سلمة ، عن ثابت البناني ، عن أنس بن مالك ، فذكره.

6034 - (خ م) عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - قال : وقف النبيُّ - صلى الله عليه وسلم- على قَلِيب بدر ، فقال : هل وجدتم ما وعد ربكم حقاً ؟ ثم قال : إنهم الآن يسمعون ما أقول لكم ، فَذُكِرَ لعائشةَ ، فقالت : إنما قال : إنهم ليعلمون أن الذي كنتُ أقول لهم هو الحق ، ثم قرأتْ : {إنك لا تُسمِعُ الموتى...} حتى قرأت الآية [النمل : 80] . -[205]-
وللبخاري عن ابن شهاب قال : هذه مغازي رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - ... فذكر الحديث - فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- وهو يَلْعَنُهُم : «هل وجدتم ما وعد ربكم حقاً ؟» قال موسى : قال نافع : قال عبد الله : قال ناس من أصحابه : «يا رسولَ الله : تُنادي أُناساً أمواتاً ؟ قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- : ما أنت بأسمع لما قلت منهم» . أخرجه البخاري ومسلم (1) .
وللبخاري أيضاً قال : «اطلع النبيُّ - صلى الله عليه وسلم- على أهل القَليب فقال : وجدتم ما وعدكم ربكم حقاً ؟ فقيل له : تدعو أمواتاً ؟ فقال : ما أنتم بأسمع منهم ، ولكن لا يجيبون» .
__________
(1) رواه البخاري 7 / 236 في المغازي ، باب شهود الملائكة بدراً ، وفي الجنائز ، باب ما جاء في عذاب القبر ، ومسلم رقم (932) في الجنائز ، باب الميت يعذب ببكاء أهله عليه .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح : أخرجه أحمد (2/38) (4958) قال : حدثنا عبدة بن سليمان ، أبو محمد الكلابي. والبخاري (5/98) قال : حدثني عثمان ، قال : حدثنا عبدة. وفي (5/98) قال : حدثني عبيد بن إسماعيل ، قال : حدثنا أبو أسامة. ومسلم (3/44) قال : حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا أبو أسامة. (ح) وحدثناه أبو بكر بن أبي شيبة ، قال : حدثنا وكيع. والنسائي (4/110) قال : حدثنا محمد بن آدم ، قال : حدثنا عبدة.
ثلاثتهم - عبدة بن سليمان ، وأبو أسامة ، ووكيع - عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، فذكره.

6035 - (خ د) جبير بن مطعم - رضي الله عنه - قال : «لما أسَرَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- مَن أسَر يوم بدر من المشركين قال : لو كان المطعِم بنُ عَدِيّ حيّاً ، ثم كلَّمني في هؤلاء النَّتْنَى ، لتركتهم له» . أخرجه البخاري وأبو داود (1) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(النَّتْنَى) أراد بهم الأسرى ، وجعلهم نَتْنَى ، لأنهم كفار مشركون ، والمشركون نجس ، فاستعار لهم النتن مجازاً.
__________
(1) رواه البخاري 7 / 249 في المغازي ، باب شهود الملائكة بدراً ، وفي صفة الصلاة ، باب الجهر في المغرب ، وفي الجهاد ، باب فداء المشركين ، وفي تفسير سورة {والطور} ، وأبو داود رقم (2689) في الجهاد ، باب في المن على الأسير بغير فداء .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه الحميدي (558) وأحمد (4/80) قالا : حدثنا سفيان. والبخاري (4/111) (5/110) قال : حدثنا إسحاق بن منصور ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر وأبو داود (2689) قال : حدثنا محمد بن يحيى بن فارس ، قال : حدثنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر.
كلاهما - سفيان ، ومعمر - عن الزهري ، عن محمد بن جبير ، فذكره.

6036 - (ت) علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم- قال : «إن جبريل عليه السلام هبط عليه ، فقال له : خَيِّر أصحابك في أسارى -[206]- بدر : إمَّا القتل ، وإمَّا الفداء ، على أن يُقتَل منهم من قابِلٍ مثلهم ، فقالوا : اختَرْنَا الفداء ، ويقتل منا فنَسْتَشْهِد» . أخرجه الترمذي (1) .
__________
(1) رقم (1567) في السير ، باب ما جاء في قتل الأسارى والفداء ، وإسناده صحيح ، وقال الترمذي : وفي الباب عن ابن مسعود وأنس وأبي برزة وجبير بن مطعم .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه الترمذي (1567) حدثنا أبو عبيدة بن أبي السفر واسمه أحمد بن عبد الله الهمداني ومحمود ابن غيلان قالا : حدثنا أبو داود الحفري حدثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة عن سفيان بن سعيد ، عن هشام عن ابن سيرين عن عبيدة عن علي فذكره.
قال أبو عيسى : هذا حديث حسن غريب من حديث الثوري ، لا نعرفه إلا من حديث ابن أبي زائدة.

6037 - (د) عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما - قال : قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- يوم بدر : «من فَعَل كذا وكذا ، فله من النَّفَل كذا وكذا ، فتقدَّم الفتيان ، ولزم المشيخةُ الراياتِ ، فلم يبارحُوها (1) ، فلما فتح الله عليهم ، قالت المشيخةُ : كنا رِدْءاً لكم، لو انهزمتم فِئْتم إلينا ، فلا تذهبوا بالمَغنَمِ دوننا ونبقى ، فأبى الفِتيان ، وقالوا : جعله رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- لنا ، فأنزل الله تعالى : {يسألونك عن الأنفال قل الأنفال للَّه والرسول فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم وأطيعوا الله ورسوله إن كنتم مؤمنين . إنما المؤمنون الذين إذا ذُكِرَ الله وَجِلَتْ قلوبهم وإذا تُلِيَتْ عليهم آياتُه زادتهم إيماناً وعلى ربهم يتوكلون . الذين يقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون . أولئك هم المؤمنون حقاً لهم درجات عند ربهم ومغفرةٌ ورزقٌ كريم . كما أخرجك ربك من بيتك بالحق وإن فريقاً من المؤمنين لكارهون} [الأنفال : 1- 5] يقول : فكان ذلك خيراً لهم ، فكذلك أيضاً فأطيعوني ، فإني أعلم بعاقبة هذا منكم» .
وفي رواية يقول : «فكما كان خروجه خيراً لكم ، فكذلك فأطيعوا الله -[207]- ربَّكم ، فإنه أعلم بعاقبة أموركم ومصالحها ، فاصطلحوا ، ورضِي كلّ بقَسم الله فيهم» .
وفي رواية بإسناده ومعناه ، قال : «فقسمها رسول الله - صلى الله عليه وسلم- بالسواء» . أخرجه أبو داود (2) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(النَّفَل) بفتح الفاء : الغنيمة ، وأصله الزيادة ، وهو أيضاً : ما يُعطاه الإنسان زيادة على سهمه من الغنيمة ، وتروى بسكون الفاء.
(رِدْءاً لكم) الرِّدء : المسعِد والمعين.
(فِئتم) فاء ، يفيء : إذا رجع ، يعني : إن خفتم أمراً رجعتم إلينا.
__________
(1) في نسخ أبي داود المطبوعة : فلم يبرحوها .
(2) رواه أبو داود رقم (2737) و (2738) و (2739) في الجهاد ، باب في النفل ، وهو حديث صحيح .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه أبو داود (2737) حدثنا وهب بن بقية ، قال : أخبرنا خالد ، عن داود ، عن عكرمة ، عن ابن عباس فذكره و (2728) حدثنا زياد بن أيوب ، ثنا هشيم ، أخبرنا داود بن أبي هند ، عن عكرمة عن ابن عباس فذكره.

6038 - (ت) عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما - أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم- «تَنفَّل سيفه ذا الفَقَار يوم بدر ، وهو الذي رأى فيه الرؤيا يومَ أُحد» . أخرجه الترمذي (1) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(تنفَّل) تنفَّل الشيء : إذا أخذه زيادة عن السهم.
(ذا الفَقار) اسم سيف النبي - صلى الله عليه وسلم- ، سمي بذلك لأنه كان فيه حُفَر -[208]- صغار حسان ، فيقال للحفرة : فُقْرة.
(الرؤيا) التي رآها النبي - صلى الله عليه وسلم- يوم أحد : هي أنه رأى كأن في سيفه فُلُولاً ، فأوَّلها : هزيمة ، وكانت يوم أحد.
__________
(1) رقم (1561) في السير ، باب ما جاء في النفل ، ورواه أيضاً أحمد في " المسند " 1 / 271 ، وابن ماجة رقم (2808) في الجهاد ، باب السلاح ، وإسناده حسن .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه أحمد (1/271) (2445) قال : حدثنا سريج. وابن ماجه (2808) قال : حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا ابن الصلت والترمذي (1561) قال : حدثنا هناد.
ثلاثتهم- سريج ، وابن الصلت ، وهناد - عن ابن أبي الزناد ، عن أبيه ، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة ابن مسعود ، فذكره.
جاءت رواية ابن ماجه مختصرة على : «أن رسول الله ، -صلى الله عليه وسلم- ، تنفل سيفه ، ذا الفقار ، يوم بدر» .

6039 - (ت) عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال : «لما كان يوم بدر - وَجِيءَ بالأُسارى - قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم- : ما تقولون في هؤلاء الأُسارى ؟ - فذكر في الحديث قصة - فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم- : لا يَنْفَلِتَنَّ أحد منهم إلا بِفداء ، أو ضَرب عُنُق ، قال عبد الله : فقلت : يا رسولَ الله ، إِلا سَهْلَ بن بيضاء (1) ، فإني سمعته يذكر الإِسلام ، قال : فسكت رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- قال : فما رأيتني في يوم أخْوَفُ أن تقع عليَّ حجارة من السماء مِنِّي في ذلك اليوم ، حتى قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم- : إلا سَهْلَ بن بيضاء ، قال : ونزل القرآن بقول عمر : {ما كان لِنَبِيٍّ أن يكون له أسْرى حتى يُثْخِنَ في الأرض...} إلى آخر الآيات. [الأنفال : 67 - 71]» . أخرجه الترمذي (2) .
__________
(1) الذي في نسخ الترمذي المطبوعة ، و " مسند أحمد " ، والحاكم ، وغيرهم سهيل بن بيضاء ، وهو خطأ ، انظر " مسند أحمد " رقم (3632) .
(2) رواه الترمذي رقم (1714) في السير ، باب ما جاء في المشورة ، ورقم (3085) في التفسير ، باب ومن سورة الأنفال ، من حديث عمرو بن مرة عن أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود ، وإسناده منقطع ، فإن أبا عبيدة بن عبد الله بن مسعود لم يسمع من أبيه ، قال الترمذي : هذا حديث حسن وأبو عبيدة لم يسمع من أبيه ، وقال : وفي الباب عن عمر ، وأبي أيوب ، وأنس ، وأبي هريرة ، وانظر " تحفة الأحوذي " 5 / 186 و 187 في الجمع بين هذا الحديث وحديث علي رضي الله عنه الذي تقدم رقم (6027) .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه الترمذي (1714) حدثنا هناد ، حدثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن عمرو بن مرة ، عن أبي عبيدة ، عن عبد الله فذكره.

6040 - (د) يحيى بن عبد الله عبد الرحمن بن سعد بن زرارة - رحمه الله - قال : «لما قُدِم بالأَسرى حين قُدِم بهم ، قال : وسَوْدَةُ بنْتُ زَمْعَة عند آل عَفْراءَ [في مَناخهم على عوف ومُعَوَّذ ابنَي عفراءَ] ، وذلك قبل أن يُضرَب عليهن الحجاب ، قال : تقول سودةُ : والله ، إني لعندهم إذ أتيتُ ، فقيل : هؤلاء الأُسارى قد أُتِيَ بهم ، فرجعتُ إلى بيتي ورسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- فيه وإذا أبو يزيد سُهَيْل بن عمرو في ناحية الحُجرة مجموعة يداه إلى عنقه بحبل..» وذكر الحديث.هكذا قال أبو داود ، ولم يذكر لفظه (1) .
__________
(1) رقم (2680) في الجهاد ، باب في الأسير يوثق ، وإسناده حسن .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه أبو داود (2680) حدثنا محمد بن عمرو الرازي ، قال : ثنا سلمة يعني ابن الفضل ، عن ابن إسحاق ، قال : حدثني عبد الله بن أبي بكر ، عن يحيى بن عبد الله بن عبد الرحمن بن سعد بن زرارة فذكره.

6041 - (د) عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما - «أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم- جعل فِداءَ أهلِ الجاهليةِ يومئذ أربَعمائة» . أخرجه أبو داود (1) .
__________
(1) رقم (2691) في الجهاد ، باب في فداء الأسير بالمال ، وفي سنده أبو العنبس الكوفي الأكبر ، وهو مجهول .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه أبو داود (2691) حدثنا عبد الرحمن بن المبارك العيشي ، قال : ثنا سفيان بن حبيب ، قال: ثنا شعبة ، عن أبي العنبس ، عن أبي الشعثاء ، عن ابن عباس ، فذكره.

6042 - (خ) أنس بن مالك - رضي الله عنه - «أنَّ رجالاً من الأنصار استأْذَنُوا رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم- ، فقالوا : ائذن لنا فلْنَتْرُك لابن أُختنا عباس فداءه ، فقال : لا تَدَعوا منه دِرهماً» . أخرجه البخاري (1) .
__________
(1) 7 / 247 و 248 في المغازي ، باب شهود الملائكة بدراً ، وفي العتق ، باب إذا أسر أخو الرجل أو عمه هل يفادى إذا كان مشركاً ، وفي الجهاد ، باب فداء المشركين .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه البخاري (4018) حدثني إبراهيم بن المنذر حدثنا محمد بن فليح عن موسى بن عقبة قال : ابن شهاب حدثنا أنس بن مالك فذكره.

6043 - (د) عائشة - رضي الله عنها - قالت : «لما بعثَ أهلُ مكة في فِداء أُساراهم بعثتْ زينبُ في فِداءِ زوجها أبي العاص بن الربيع بمال ، -[210]- وبعثت فيه بقِلادة لها كانت عند خديجة ، أدْخلَتْها بها على أبي العاص ، فلمَّا رآها رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- رَقَّ لها رِقَّة شديدة ، وقال : إنْ رَأيتُم أن تُطلقوا لها أسيرَها ، وتردُّوا عليها الذي لها ؟ فقالوا : نعم ، و كان رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- أخذَ عليه ، أو وعده : أن يُخَليَ سبيلَ زينبَ إليه ، وبعثَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- زيدَ بنَ حارثةَ ورجلاً من الأنصار ، فقال لهما : كونا ببطنِ يَأجِجَ ، حتى تمرَّ بكما زينبُ ، فتصحباها حتى تأتيا بها» . أخرجه أبو داود (1) .
__________
(1) في الجهاد ، باب في فداء الأسير بالمال ، وفيه عنعنة ابن إسحاق .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه أبو داود (2692) حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي ، ثنا محمد بن سلمة ، عن محمد بن إسحاق ، عن يحيى بن عباد ، عن أبيه عباد بن عبد الله بن الزبير ، عن عائشة فذكرته. وفيه عنعنة ابن إسحاق.

6044 - (ت) عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما - قال : «لما فرغ رسول الله - صلى الله عليه وسلم- من بدر قيل له : عليك العِيرُ ، ليس دونها شيء ، قال : فناداه العباس من وَثاقه : لا يصلح لك ؛ لأن الله وعدك إِحدى الطائفتين ، وقد أعطاك الله ما وعدك ، قال : صدقت» . أخرجه الترمذي (1) .
__________
(1) رقم (3081) في التفسير ، باب ومن سورة الأنفال ، ورواه أيضاً أحمد في " المسند " 1 / 229 و 314 و 326 ، من حديث إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي عن سماك بن حرب عن عكرمة مولى ابن عباس عن ابن عباس ، وسماك بن حرب روايته عن عكرمة خاصة مضطربة ، وقد تغير بأخرة فكان ربما يلقن ، ومع ذلك فقد قال الترمذي : هذا حديث حسن .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه الترمذي (3080) حدثنا عبد بن حميد ، حدثنا عبد الرزاق ، عن إسرائيل ، عن سماك ، عن عكرمة ، عن ابن عباس فذكره.

6045 - (خ) عائشة - رضي الله عنها - قالت : تزوَّجَ أبو بكر امرأة من كَلْب ، يقال لها : أُمُّ بَكْر ، فلما هاجر أبو بكر طلَّقها ، فتزوَّجَها ابنُ عَمِّها ، هذا الشاعر الذي قال هذه القصيدة ، وهو أبو بكر ابن -[211]- الأسود (1) يرثي كُفَّار قريش (2) :
وماذا بالقَليبِ قَليبِ بَدْر ... من الشِّيزَى تُزَيَّن بالسَّنَامِ ؟
وماذا بالقليبِ قليبِ بَدْر ... من القَيْنَاتِ والشَّرْب الكِرَام ؟
تُحيِّي بالسلامةِ (3) أُمُّ بَكْر ... وهل لي بعد قومي من سلام ؟
يُحدِّثنا الرَّسولُ : بأنْ سَنَحْيا ... وكيف حَياةُ أصداء وهامٍ ؟
أخرجه البخاري (4) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(الشِّيزَى) والشِّيز : خشب أسود يتخذ منه قِصاع ، والمراد به في الحديث : الجِفَان.
(الشَّرْب) : القوم يشربون الخمر ، الشين مفتوحة والراء ساكنة.
(القَينَات) جمع قَينة ، وهي الأمة المغنِّية.
(الأصداء) جمع صدى ، وهو الصوت الذي يسمعه الصائح في الجبل ونحو ذلك ، وهو من لوازم الحياة ، فإذا هلك الإنسان : لم يبق له صدى ، ومنه قولهم : أصم الله صداه ، أي : أهلكه. -[212]-
(وهام) جمع هامة ، كانت العرب تزعم : أن الميت يخرج من رأسه طائر ، المعنى : كيف حياة من قد هلك ؟ فكنى عنه بالأصداء والهام.
__________
(1) هو أبو بكر شداد بن الأسود بن عبد شمس بن مالك بن جعونة ، ويقال له : ابن شعوب .
(2) يعني يوم بدر لما قتلوا وألقاهم النبي صلى الله عليه وسلم في القليب .
(3) وفي بعض النسخ : تحييني السلامة ، وفي بعضها : تحيينا السلامة ... .
(4) 7 / 201 في فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم : باب هجرة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه إلى المدينة .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه البخاري (3921) حدثنا أصبغ حدثنا ابن وهب عن يونس عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير عن عائشة فذكرته.

6046 - (م ت د) عائشة - رضي الله عنها - قالت : «خرجَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- قِبَل بدر ، فلما كان بحَرَّةِ الوَبَرَة : أدركه رَجُل قد كان يُذكَر منه جَوْلَة (1) وَنَجْدة ، ففرح أصحاب النبيِّ - صلى الله عليه وسلم- ، حين رَأَوْهُ ، فلما أدركه ، قال : يا رسول الله جئت أتبعُك لأصيبَ معك ، فقال له رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- : تُؤمن بالله ورسوله ؟ قال : لا. قال : فارجع ، فلن أستعين بمشرك. قالت : ثم مضى ، حتى إذا كان بالشجرة : أدركه الرَّجُلُ ، فقال [له] كما قال أوَّل مَرَّة ، وقال له رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- مثلَ أول مرة ، فمضى ، ثم رجع ، فأدركه بالبَيْداء ، فقال له رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- : تؤمن بالله ورسوله ؟ قال : نعم ، قال : فانْطَلِقْ» . أخرجه مسلم.
وأخرجه الترمذي إِلى قوله : «فلن أستعينَ بمشرك» ، قال : وفي الحديث كلام أكثر من هذا (2) .
وأخرجه أبو داود مختصراً «أن رجلاً من المشركين لَحِق بالنبي - صلى الله عليه وسلم- يُقاتِلُ معه ، فقال : ارجع ، إنا لا نستعين بمشرك» (3) . -[213]-

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(جولة) الجولة : الحملة في الحرب.
(نجدة) النجدة : القوة والشجاعة.
__________
(1) في نسخ مسلم المطبوعة : جرأة .
(2) يريد رواه مسلم المطولة التي قبل هذه .
(3) رواه مسلم رقم (1817) في الجهاد ، باب كراهة الاستعانة في الغزو بكافر ، والترمذي رقم (1558) في السير ، باب ما جاء في أهل الذمة يغزون مع المسلمين هل يسهم لهم ، وأبو داود رقم (2732) في الجهاد ، باب في المشرك يسهم له .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه أحمد (6/67) قال : حدثنا أبو المنذر. وفي (6/148) قال : حدثنا عبد الرحمن. والدارمي (2500) قال : أخبرنا إسحاق ، عن روح ، ومسلم (5/200) قال : حدثني زهير بن حرب. قال : حدثنا عبد الرحمن بن مهدي. (ح) وحدثنيه أبو الطاهر. قال : حدثني عبد الله بن وهب. وأبو داود (2732) قال : حدثنا مسدد ويحيى بن معين. قالا : حدثنا يحيى. والترمذي (1558) قال : حدثنا الأنصاري. قال : حدثنا معن. والنسائي في الكبرى تحفة الأشراف (1635812) عن عمرو بن علي، عن يحيى ، وعبد الرحمن فرقهما. (ح) وعن إسحاق بن إبراهيم ، عن وكيع. (ح) وعن محمد بن سلمة ، عن عبد الرحمن بن القاسم.
ثمانيتهم - أبو المنذر إسماعيل بن عمر ، وعبد الرحمن بن مهدي ، وروح بن عبادة ، وعبد الله بن وهب ، ويحيى بن سعيد ، ومعن بن عيسى ، ووكيع ، وعبد الرحمن بن القاسم - عن مالك بن أنس ، عن الفضيل بن أبي عبد الله ، عن عبد الله بن نيار الأسلمي ، عن عروة بن الزبير ، فذكره.
(*) أخرجه الدارمي (2499) قال : أخبرنا إسحاق بن إبراهيم. قال : حدثنا وكيع ، عن مالك بن أنس ، عن عبد الله بن نيار ، عن عروة ، فذكره. ليس فيه : الفضيل بن أبي عبد الله ، ولفظه : «إنا لا نستعين بمشرك» .
(*) وأخرجه ابن ماجه (2832) قال : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وعلي بن محمد. قالا : حدثنا وكيع. قال : حدثنا مالك بن أنس ، عن عبد الله بن يزيد ، عن نيار ، عن عروة بن الزبير ، فذكره. قال علي في حديثه : عبد الله بن يزيد ، أو زيد.
قال المزي عقب هذا الإسناد : كذا عنده ، وهو تخليط فاحش ، والصواب ما تقدم. تحفة الأشراف (12/16358) .

6047 - (م) أبو الطفيل - رحمه الله - قال : حدَّثَنا حذيفةُ بنُ اليمان قال : «ما منعني أنْ أشهدَ بَدْراً إلا أنِّي خرجتُ أنا وأبي ، حُسَيْل ، فأَخذَنا كُفَّارُ قُريش ، فقالوا : إِنَّكم تُريدون محمداً ، فقلنا : [ما نُريده] ، ما نريد إلا المدينةَ ، فأخذوا منَّا عهدَ الله وميثاقَه : لَنَنْصَرِفَنَّ إلى المدينة ، ولا نُقَاتِلَ معه ، فأتينا رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم- ، فأخبرناه الخبر ، فقال : انْصَرِفا نَفِي لهم بعهدهم ، ونستعينُ الله عليهم» . أخرجه مسلم (1) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(نَفِي لهم) وفَى لهم بالعهد يفيء : إذا وقف عنده ولم يَغْدِر به ، والأمر منه : فِ له بعهده ، وفيه لغة أخرى : أوْفَى يُوفي.
__________
(1) رقم (1787) في الجهاد ، باب الوفاء بالعهد .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه مسلم (1787) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، حدثنا أبو أسامة ، عن الوليد بن جميع ، حدثنا أبو الطفيل ، حدثنا حذيفة بن اليمان فذكره ،

6048 - (خ) الزبير بن العوام - رضي الله عنه - قال : «ضُرِبَتْ يومَ بدر للمهاجرين بمائة سهم» . أخرجه البخاري (1) .
قال البخاري : فجميع مَنْ شَهِدَ بَدْراً من قريش ممن ضُرِبَ له -[214]- بسهمه : أحد وثمانون رجلاً (2) ، وكان عروة بن الزبير يقول : قال الزبير : «قُسِمَتْ سُهمانُهم ، فكانوا مائة» . والله أعلم (3) .
تسمية من سُمي من أهل بدر في الجامع للبخاري النبي محمد بن عبد الله الهاشمي - صلى الله عليه وسلم - ، عبد الله بن عثمان أبو بكر الصديق القرشي ، عمر بن الخطاب العدوي ، عثمان بن عفان القرشي - خلَّفه النبي - صلى الله عليه وسلم - على ابنته ، وضرب له بسهمه - علي بن أبي طالب الهاشمي ، إياس بن البكير ، بلال بن رباح مولى أبي بكر الصديق ، حمزة بن عبد المطلب الهاشمي ، حاطب بن أبي بَلْتَعَة حليف لقريش ، أبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة القرشي ، حارثة بن الرُّبيِّع (4) الأنصاري ، قتل يوم بدر ، وهو حارثة بن سراقة (5) ، كان في النَّظَّارة ، خُبَيب بن عدي الأنصاري ، خُنَيس بن حذافة السهمي ، رِفاعة بن رافع الأنصاري ، رِفَاعة بن عبد المنذر - أبو لُبَابة - الأنصاري ، الزبير بن العوام القرشي ، زيد بن سهل أبو طلحة الأنصاري ، أبو زيد الأنصاري ، سعد بن مالك الزهري (6) ، سعد بن -[215]- خولة القرشي ، سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل القرشي ، سهل بن حنيف الأنصاري ، ظُهَير بن رافع الأنصاري ، وأخوه [واسمه : مُظْهِر] ، عبد الله بن مسعود الهذلي ، عبد الرحمن بن عوف الزهري ، عُبيدة بن الحارث القرشي ، عُبادة بن الصامت الأنصاري ، عمرو بن عوف حليف بني عامر بن لؤي ، عقبة بن عمرو الأنصاري (7) ، عامر بن ربيعة العنزي (8) ، عاصم بن ثابت الأنصاري ، عُويم بن ساعدة الأنصاري ، عِتْبان بن مالك الأنصاري ، قُدامة بن مظعون ، قَتادة بن النعمان الأنصاري ، معاذ بن عمرو بن الجموح ، مُعَوّذ بن عفراء (9) ، وأخوه مالك بن ربيعة (10) أبو أسيد الأنصاري ، مِسْطح بن أُثَاثة بن عَبَّاد بن المطلب بن عبد مناف ، مُرارة -[216]- ابن الربيع الأنصاري ، مَعْن بن عدي الأنصاري ، مِقداد بن عمرو الكندي حليف بني زهرة ، هلال بن أمية الأنصاري [رضي الله عنهم] (11) .
__________
(1) 7 / 251 في المغازي ، باب شهود الملائكة بدراً .
(2) قال الحافظ في " الفتح " : هو بقية كلام موسى بن عقبة عن ابن شهاب .
(3) قال الحافظ في " الفتح " : هو بقية كلام موسى بن عقبة عن ابن شهاب .
(4) الربيع : أمه .
(5) هو حارثة بن سراقة بن الحارث بن عدي بن النجار الأنصاري النجاري ، وأمه الربيع بنت النضر عمة أنس بن مالك رضي الله عنهما .
(6) هو سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه .
(7) هو أبو مسعود البدري رضي الله عنه .
(8) قال الحافظ في " الفتح " : ووقع في رواية الكشميهني : العدوي ، وكلاهما صواب ، فإنه عنزي الأصل ، عدوي الحلف .
(9) عفراء : أمه ، واسم أبيه الحارث .
(10) في الأصل والبخاري : معوذ بن عفراء وأخوه مالك بن ربيعة ، فكأنه يريد أن أخا معوذ هو مالك بن ربيعة ، وفي المطبوع : معوذ بن عفراء ، وأخوه أبو معاذ : مالك بن ربيعة ، وكلاهما خطأ ، وأخو معوذ ومعاذ ابني عفراء ، هو عوف بن الحارث وأمه عفراء ، وأما مالك بن ربيعة فليس أخو معوذ ، بل هو : مالك بن ربيعة الأنصاري الساعدي أبو أسيد ، قال الحافظ في " الفتح " : ونبه عياض على أن من لا معرفة له قد يتوهم أن مالكاً أخو معاذ ، لأن سياق البخاري هكذا : معاذ بن عفراء وأخوه مالك بن ربيعة ، وليس ذلك مراده ، بل قوله : أخوه ، أي عوف ، ولم يسمه ، ثم استأنف فقال : مالك بن ربيعة ، ولو كتبه بواو العطف لارتفع اللبس ، وكذا وقع عند بعض الرواة .
(11) ذكره البخاري في صحيحه 7 / 251 في المغازي ، باب تسمية من سمي من أهل بدر في الجامع الذي وضعه أبو عبد الله على حروف المعجم ، قال الحافظ في " الفتح " : أي دون من لم يسم فيه ، ودون من لم يذكر فيه أصلاً ، والمراد بالجامع : هذا الكتاب ، والمراد بمن سمي ، من جاء ذكره فيه برواية عنه أو عن غيره بأنه شهدها لا لمجرد ذكره دون التنصيص على أنه شهدها ، وبهذا يجاب عن ترك إيراده مثل أبي عبيدة بن الجراح فإنه شهدها باتفاق ، وذكر في الكتاب في عدة مواضع ، إلا أنه لم يقع فيه التنصيص على أنه شهد بدراً ، وقال الحافظ : فجملة من ذكر من أهل بدر هنا أربعة وأربعون رجلاً .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه البخاري (4027) حدثني إبراهيم بن موسى ، أخبرنا هشام ، عن معمر ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن الزبير فذكره.

6049 - (د) ذو الجوشن - رجل من بني الضِّباب قال : «أتيتُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم- بعد أن فرغَ من أهل بدر - بابن فرس لي ، يقال لها : القَرْحاءُ ، فقلتُ : يا محمد ، قد جئتُكَ بابن القرحاء لتتخذه ، قال : لا حاجةَ لي فيه ، وإن شئتَ أن أُقِيضَك به المختارة من دروع بدر ، فقلت : ما كنتُ لأقيضه اليوم بغُرَّة ، قال : فلا حاجة لي فيه» . أخرجه أبو داود (1) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(بغُرة) سمي الفرس في هذا الحديث : غرة ، وأكثر ما جاء ذكر الغُرَّة -[217]- في الحديث بمعنى : النسمة من الإنس : عبد ، أو أمة ، وقال الهروي : [الغُرَّة] عند العرب : النفيس من كل شيء ، وقد ذهب الخطابي إلى أنه أراد بالغرة في الحديث : الفرس ، وهذا يقتضي أن الهاء في قوله : «ما كنت لأُقِيضه» عائدة إلى الدِّرع ، ويكون قد ذكر الدرع ، لأن تأنيثها غير حقيقي ، أي : ما كنت لأقيض الدرع بغرة ، يعني : بالفرس ، وفي ذلك بُعْد ، لأن القياس في الخطاب : أن يكون هذا القول من النبي - صلى الله عليه وسلم- ، لا من الأعرابي ، وإنما كان يكون قول الأعرابي : ما كنت لأقيض فرسي بدرع ، أو يكون الأعرابي قد أراد بالغرة الدرع ، حتى ينتظم الخطاب في الجواب ، ويجوز أن يكون أراد بالغرة : العبد أو الأمة ، والنفيس من كل شيء ، فيكون التقدير : ما كنت لأقيض فرسي بالشيء النفيس ، أو بالعبد ، أو الأمة ، فكيف أقيضه بدرع ؟ وإنما جئتك به لتأخذه بغير عوض ، هدية أو هبة ، والله أعلم.
__________
(1) رقم (2786) في الجهاد ، باب حمل السلاح إلى أرض العدو ، من حديث عيسى بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي عن ذي الجوشن رجل من الضباب ، وهو حديث ضعيف ، وقال أبو القاسم البغوي : لا أعلم لذي الجوشن غير هذا الحديث ، ويقال : إن أبا إسحاق سمعه من شمر بن ذي الجوشن عن أبيه ، والله أعلم ، قال المنذري في " تهذيب سنن أبي داود " : والحديث لا يثبت ، لأنه دائر بين الانقطاع ، أو راويه من لا يعتمد على روايته .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه أبو داود (2786) حدثنا مسدد ، ثنا عيسى بن يونس ، أخبرني أبي ، عن أبي إسحاق ، عن ذي الجوشن رجل من الضباب فذكره.

6050 - (خ) عبد الله بن شداد بن الهاد الليثي قال : «رأيتُ رِفاعةَ بنَ رافع الأنصاريَّ ، وكان شهد بدراً» . لم يزد البخاري على هذا القَدْر (1) .
__________
(1) 7 / 247 في المغازي ، باب فضل من شهد بدراً .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه البخاري (4014) حدثنا آدم ، حدثنا شعبة ، عن حصين بن عبد الرحمن قال : سمعت عبد الله بن شداد بن الهاد الليثي فذكره.

6051 - (خ) محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان -[مولى بني عامر]-[218]- قال : «إن محمد بن إياس بن البُكَيْر ، وكان أبوه شهد بدراً أخبره ، هكذا ذكره البخاري ، لم يزد على هذا القَدْر» (1) .
__________
(1) 7 / 241 في المغازي ، باب فضل من شهد بدراً .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه البخاري (3991) قال الليث : حدثني يونس ، عن ابن شهاب ، وسألناه فقال أخبرني محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان مولى بن عامر بن لؤي ، فذكره.
قال الحافظ «وصله المصنف في التاريخ الكبير» قال : قال لنا عبد الله بن صالح أنبأنا الليث.

6052 - (خ) عبد الله بن عامر بن ربيعة - وكان من أكبر بني عَدِيّ ، وكان أبوه شهد بدراً مع رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم- قال : «إن عمر استعمل قُدامَةَ بنَ مَظْعون على البحرين ، وكان ممن شهد بدراً ، وهو خال عبد الله بن عمر ، وحفصةَ» . أخرجه البخاري هكذا ، لم يزد (1) .
__________
(1) 7 / 246 و 247 في المغازي ، باب فضل من شهد بدراً .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
ذكره البخاري تعليقا في ترجمة باب (7/253) في المغازي ، باب حديث بني النضير ومخرج رسول الله إليهم ، قال الحافظ في الفتح : وصله عبد الرزاق في مصنفه عن معمر عن الزهري أتم من هذا ، ولفظه عن الزهري وهو في حديثه عن عروة : ثم كانت غزوة بني النضير وهم طائفة من اليهود على رأس ستة أشهر من وقعة بدر وكانت منازلهم ونخلهم بناحية المدينة محاصرهم رسول الله حتى نزلوا على الجلاء وعلى أن لهم ما أقلت الإبل من الأمتعة والأموال ، لا الحلقة يعني السلاح فأنزل الله فيهم : {سبح لله} . إلى قوله : {لأول الحشر} . وقاتلهم حتى صالحهم على الجلاء فأجلاهم إلى الشام وكانوا من سبط يصيبهم جلاء فيما خلا ، وكان الله قد كتب عليهم الجلاء ولولا ذلك لعذبهم في الدنيا بالقتل والسباء.

حديث بني النّضير
قال البخاري : وقال الزهري ، عن عروة : كانت على رأس ستة أشهر من وقعة بدر قبل أُحد (1) .
6053 - (د) عبد الرحمن بن كعب بن مالك - رضي الله عنهما - عن رجل من أصحاب رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم- : «أن كفار قريش كتبوا إلى ابن أُبيّ ، وإلى جميع مَن كان عنده من عَبَدة الأوثان بالمدينة من الأوس والخزرج ، -[219]- ورسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- يومئذ بالمدينة قبل وقعة بدر. يقولون : إنكم آوَيْتُمْ الصُّبَاةَ - وفي رواية : صاحِبَنَا - وإنا نُقْسِمُ باللاتَ والعُزَى : لَتَقْتُلُنَّه ، أو لتُخْرِجُنَّه ، أو لَنَسِيرَنَّ إليكم بأجمعنا ، حتى نقتُلَ مقاتِلَتَكم ، ونستبيح ذَرارِيَكُم - وفي رواية نساءَكم - فلما بلغ ذلك عبد الله وكُلَّ مَن كان لم يسلم من الأوس والخزرج : أجمعوا على قتال من أسلم منهم ، وعلى قتال رسول الله - صلى الله عليه وسلم- ومن كان معه ، وأَجْمَعَ المسلمونَ منهم لقتالهم ، فجاءهم رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- فقال : قد بلغ وعيد قريش منكم المبَالِغَ ، ما كانت قريش تَكيدُكم بأكثر مما تريدون أن تكيدوا به أنفسكم ، تُريدون أن تقاتلوا أبناءكم وإخوانكم ، فلما سمعوا ذلك من رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم- تفرَّقوا ، فبلغ ذلك كفارَ قريش ، ثم كانت وقعةُ بدر ، فكتبت [كفار] قريش إلى اليهود : إنكم أهلُ الحلقَةِ والحصون ، فَلتُقاتلنَّ صاحبَنا ، أو لَيَكوننَّ بيننا وبينكم أمر ، فلما بلغ كتابُهم إليهم : اجتمعت بنو النضير على الغَدْر ، فأرسلوا إلى رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم- أن اخرُجْ إلينا في ثلاثين من أصحابك ، ويخرج منا ثلاثون حَبْراً ، فنلتقي بمكان مَنْصف ، فيسمعون منك ، فإن صدقوك وآمنوا بك : آمنَّا أجمعون ، فأعلمه جبريل بكيدهم ، فغدا عليهم بالكتائب [فحصرهم] ، فقال : إنكم والله لا تأمَنون عندي إلا بعهد تُعاهدونني عليه ، فأبوا أن يعطوه عهداً ، فقاتلهم يومهم ذلك ، ثم غدا من الغد على بني قُريظة بالكتائب ، وترك بني النضير ، ودعاهم إلى أن يعاهدوه ، فعاهدوه ، فانصرف عنهم ، وغدا على بني النضير -[220]- بالكتائب ، فقاتلهم حتى نزلوا على الجلاء ، فَجَلَتْ بنو النضير ، واحتملوا ما أقلَّت الإبلُ من أمتعتهم ، وأبواب بيوتهم وخَشَبِها ، فكان نخلُ بني النضير لرسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - خاصة ، أعطاه الله إياها ، وخصه بها ، فقال : {ومَا أفَاءَ اللهُ على رسُولِهِ مِنْهم فَما أَوْجَفْتُمْ عليه مِن خَيْلٍ وَلاَ رِكَابٍ} [الحشر : 6] يقول : بغير قتال ، فأعطى رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- منها للمهاجرين ، [وقَسَمها بينهم] وقسم منها لرجلين من الأنصار ، كانا ذوي حاجة ، ولم يقسم لأحد من الأنصار منهما غيرهما ، وبقي منها صدقةُ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم- التي هي في أيدي بني فاطمة» أخرجه أبو داود (2) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(الأوثان) جمع وثن ، وهو الصنم.
(ذراريكم) الذراري الأطفال ، جمع ذرية.
(نستبيح) استباحتهم : نَهبُهم وسبيهم والتصرف فيهم.
(وعيد) الوعيد : التخويف والتهديد.
(بكيدكم) كاده يكيده : إذا مكر به وخدعه.
(الحلقة) بسكون اللام : الدِّرع ، وقيل : اسم جامع للسلاح. -[221]-
(حَبْر) الحَبْر : العالم الفاضل.
(مُنْصَف) المنصف بالفتح : نصف الطريق ، أراد : أنهم يجتمعون في موضع لا يميل إلى جهته ولا جهتهم ، ليكون أعدل وأقرب إلى الأمن.
(الكتائب) جمع كتيبة ، وهي الجيش.
(الجلاء) النفي عن الأوطان.
(أَقَلَّت الإبل) الأحمال ، أي : حملتها.
(ما أفاء الله) الفيء : ما يحصل للمسلمين من أموال الكفار من غير حرب ولا قتال.
(أَوجَفْتُمْ) الإيجاف : الإسراع والحث في السير ، وأراد به : الإسراع في القتال.
(رِكَاب) الرِّكاب جماعة الإبل فوق العشرة.
__________
(1) ذكره البخاري تعليقاً في ترجمة باب 7 / 253 في المغازي ، باب حديث بني النضير ومخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم ، قال الحافظ في " الفتح " : وصله عبد الرزاق في " مصنفه " عن معمر عن الزهري أتم من هذا ، ولفظه عن الزهري وهو في حديثه عن عروة : ثم كانت غزوة بني النضير وهم طائفة من اليهود على رأس ستة أشهر من وقعة بدر وكانت منازلهم ونخلهم بناحية المدينة فحاصرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نزلوا على الجلاء وعلى أن لهم ما أقلت الإبل من الأمتعة والأموال ، لا الحلقة - يعني السلاح - فأنزل الله فيهم : {سبح لله ...} إلى قوله : {لأول الحشر} ، وقاتلهم حتى صالحهم على الجلاء فأجلاهم إلى الشام وكانوا من سبط لم يصبهم جلاء فيما خلا ، وكان الله قد كتب عليهم الجلاء ولولا ذلك لعذبهم في الدنيا بالقتل والسباء .
(2) رقم (3004) في الخراج والإمارة ، باب في خبر بني النضير ، وهو حديث صحيح ، ورواه ابن مردويه بمعناه وأخصر منه بإسناد صحيح ، وأورده السيوطي في " الدر المنثور " وزاد نسبته إلى عبد الرزاق ، وعبد بن حميد ، وابن المنذر ، والبيهقي في " الدلائل " .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه أبو داود (3004) حدثنا محمد بن داود بن سفيان ، ثنا عبد الرزاق ، أخبرنا معمر ، عن الزهري ، عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك عن رجل من أصحاب النبي ، فذكره.

6054 - (خ م ت د) عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - : «أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم- حرَّقَ نخلَ بني النضير وقطع ، وهي البُوَيْرَةُ ، قال : ولها يقول حسان بن ثابت :
وهانَ على سَرَاة بني لُؤيّ ... حريقٌ بالبُوَيْرةِ مُسْتَطِيرُ
زاد في رواية قال : فأجابه أبو سفيان بن الحارث :
أدام الله ذلك من صَنيع ... وحرَّق في نواحيها السعيرُ
ستعلمُ أيُّنا منها بِنُزْه ... وتعلمُ أيَّ أرْضِينا تَضِيرُ» . -[222]-
أخرجه البخاري ، وله ولمسلم «أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم- قطع نخلَ بني النَّضير ، وحرّق - زاد في رواية : ولها يقول حسّان :
وهان على سَرَاة بني لُؤيّ ... حريقٌ بالبُوَيْرَةِ مُسْتَطيرُ
وفي ذلك نزلت {مَا قَطَعْتُم من لِينَةٍ أوْ تَرَكْتُموهَا قَائِمَةً على أُصُولِهَا فَبِإذْنِ الله} [الحشر : 5]» .
وفي أخرى : أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم- حرّق نخل بني النضير ، وقطع ، وهي البُويرةُ ، قال : فأنزل الله عز وجل {ما قطعتم من لينة أو تركتموها قائمة على أصولها فبإذن الله ولِيُخْزِيَ الفَاسِقين}» . ولمسلم قال : «حرَّق رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- نخل بني النضير» .
وأخرج أبو داود والترمذي الرواية الثالثة (1) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(سَرَاة) السَّراة جمع سريّ ، وهو النفيس الشريف على غير قياس.
(بِنُزْهٍ) أي : ببعد ، وفلان يتنزَّه عن الفحش ، أي : يبعد منه. -[223]-
(يَضِير) ضَارَهُ يَضِيرُهُ ضَيْراً ، مثل : ضَرَّه يضرُّه ضرّاً.
(لِيْنَة) اللينة نوع من أنواع النخيل.
(مستطير) استطار الضوء وغيره : إذا تفرَّق واتسع.
__________
(1) رواه البخاري 7 / 256 في المغازي ، باب حديث بني النضير ، وفي الحرث والمزارعة ، باب قطع الشجر والنخيل ، وفي الجهاد ، باب حرق الدور والنخيل ، وفي تفسير سورة الحشر ، ومسلم رقم (1746) في الجهاد ، باب جواز قطع أشجار الكفار وتحريقها ، والترمذي رقم (3298) في التفسير ، باب ومن سورة الحشر ، وأبو داود رقم (2615) في الجهاد ، باب في الحرق في بلاد العدو .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح : أخرجه الحميدي (685) قال : حدثنا سفيان ، عن موسى بن عقبة. قال سفيان : ولم أسمعه منه وأحمد (2/7) (4532) و (2/52) (5136) قال : حدثنا عبد الرحمن ، قال : حدثنا سفيان، عن موسى بن عقبة. وفي (2/80) (5520) قال : حدثنا عبد الرزاق. قال : أخبرنا سفيان ، عن موسى بن عقبة. وفي (2/86) (5582) قال : حدثنا موسى بن طارق أبو قرة الزبيدي ، من أهل زبيد من أهل الحصيب باليمن ، عن موسى ، يعني ابن عقبة. وفي (132) (6054) قال : حدثنا يونس ، قال : حدثنا ليث. وفي (2/140) (6251) قال : حدثنا حجاج ، وأبو النضر ، قالا : حدثنا ليث. والدارمي (2463) قال : حدثنا عبد الله بن سعيد ، قال : حدثنا عقبة بن خالد ، قال : حدثنا عبيد الله. والبخاري (3/136) قال : حدثنا موسى بن إسماعيل ، قال : حدثنا جويرية. وفي (4/76) قال : حدثنا محمد بن كثير ، قال : أخبرنا سفيان ، عن موسى بن عقبة. وفي (5/113) قال : حدثنا آدم ، قال : حدثنا الليث. وفي (5/113) قال : حدثني إسحاق ، قال : أخبرنا حبان ، قال : أخبرنا جويرية بن أسماء. وفي (6/184) قال : حدثنا قتيبة ، قال : حدثنا ليث. ومسلم (5/145) قال : حدثنا يحيى بن يحيى ، ومحمد بن رمح ، قال : أخبرنا الليث. (ح) وحدثنا قتيبة بن سعيد ، قال : حدثنا ليث. (ح) وحدثنا سعيد بن منصور ، وهناد بن السري ، قالا : حدثنا ابن المبارك ، عن موسى بن عقبة. (ح) وحدثنا سهل ابن عثمان، قال : أخبرني عقبة بن خالد السكوني ، عن عبيد الله. وأبو داود (2615) قال : حدثنا قتيبة ابن سعيد ، قال : حدثنا الليث. وابن ماجه (2844) قال : حدثنا محمد بن رمح ، قال : أنبأنا الليث بن سعد. وفي (2845) قال : حدثنا عبد الله بن سعيد ، قال : حدثنا عقبة بن خالد ، عن عبيد الله. والترمذي (1552 ، 3302) قال : حدثنا قتيبة ، قال : حدثنا الليث. والنسائي في الكبرى الورقة (115-ب) قال : أخبرنا قتيبة بن سعيد ، قال : حدثنا الليث. (ح) وأخبرنا عبد الرحمن بن خالد ، حدثنا حجاج ، قال : قال ابن جريج ، عن موسى بن عقبة.
أربعتهم - موسى بن عقبة والليث بن سعد ، وعبيد الله بن عمر وجويرية بن أسماء- عن نافع ، فذكره.

6055 - (د) بنت محيصة عن أبيها - رضي الله عنهما - أنه لما أعلم الله رسوله - صلى الله عليه وسلم- بما هَمَّتْ به اليهودُ من الغَدْر ، قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- : «مَنْ ظَفَرتم به من رجال يهودَ فاقتلوه ، قالت : فَوثَب مُحَيِّصَةُ على شَيْبةَ - رجل من تجار اليهود ، وكان يُلابسهم - فقتله ، قالت : وكان عمِّي حُويصة إذ ذاك لم يسلم ، وكان أسَنَّ من أبي ، فجعل حُويصة يضربَه ويقول : أي عدوَّ الله ، أما والله لَرُبَّ شحم في بطنك من ماله ، قالت ، فقال له : إني قتلتُه لأنه أمرني بذلك مَن لو أمرني بقتلك ما تركتُك ، فأسلم عمي عند ذلك» .
أخرج أبو داود منه قوله : «قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- ... إلى قوله : من ماله» (1) .
__________
(1) رقم (3002) في الخراج والإمارة ، باب كيف كان إخراج اليهود من المدينة ، وفي سنده جهالة .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه أبو داود (3002) قال : حدثنا مصرف بن عمرو ، قال : حدثنا يونس ، قال : قال ابن إسحاق : حدثني مولى لزيد بن ثابت ، قال : حدثتني ابنة محيصة ، فذكره.

إجْلاء يهود المدينة
6056 - (خ م د) عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - قال : «حاربت النضيرُ وقُريظةُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم- ، فأجلى بني النضير ، وأقرَّ قريظةَ ، ومَنَّ -[224]- عليهم ، حتى حاربت قريظةُ بعد ذلك ، فقتل رجالَهم وقسم نساءهم وأموالهم وأولادهم بين المسلمين ، إلا بعضهم ، لَحِقُوا بالنبي - صلى الله عليه وسلم- ، فآمنهم وأسلموا ، وأجْلَى يهودَ المدينة كلَّهم : بني قَيْنُقاع - وهم رَهْط عبد الله بن سَلاَم - ويهودَ بني حارثة ، وكلَّ يهودي كان بالمدينة» .
أخرجه البخاري ومسلم وأبو داود (1) .
__________
(1) رواه البخاري 7 / 255 و 256 في المغازي ، باب حديث بني النضير ، ومسلم رقم (1766) في الجهاد ، باب إجلاء اليهود من الحجاز ، وأبو داود رقم (3005) في الإمارة ، باب في خبر بني النضير .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح : أخرجه أحمد (2/149) (6367) قال : حدثنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا ابن جريج والبخاري (5/112) قال : حدثنا إسحاق بن نصر ، قال : حدثنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا ابن جريج. ومسلم (5/159) قال : حدثني محمد بن رافع ، وإسحاق بن منصور. قال ابن رافع : حدثنا. وقال إسحاق : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا ابن جريج. (ح) وحدثني أبو الطاهر ، قال : حدثنا عبد الله بن وهب ، قال : أخبرني حفص بن ميسرة. وأبو داود (3005) قال : حدثنا محمد بن يحيى بن فارس ، قال : حدثنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا ابن جريج.
كلاهما - ابن جريج ، وحفص بن ميسرة - عن موسى بن عقبة ، عن نافع ، فذكره.

6057 - (خ م د) أبو هريرة - رضي الله عنه - قال : «بينما نحن في المسجد يوماً : خرج رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- ، فقال : انطلقوا إلى اليهود ، فأتاهم ، فقال : أسْلِمُوا تَسْلَمُوا ، فقالوا : قد بَلَّغتَ ، فقال : ذلك أريدُ ، أسلموا تَسلمَوا : فقالوا : قد بلَّغتَ يا أبا القاسم ، فقال لهم رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- : ذلك أريدُ ، ثم قالها الثالثة ، ثم قال : اعلموا أن الأرض لله ولرسوله ، وأني أريد : أن أجلِيَكُم من هذه الأرض ، فمن يجدْ منكم بماله شيئاً فليَبِعه ، وإلا فاعلموا أن الأرض لله ولرسوله» أخرجه البخاري ومسلم وأبو داود (1) .
__________
(1) رواه البخاري 12 / 272 و 273 في الإكراه ، باب بيع المكره ونحوه ، وفي الجهاد ، باب إخراج اليهود من جزيرة العرب ، وفي الاعتصام ، باب قول الله تعالى : {وكان الإنسان أكثر شيء جدلاً} ، ومسلم رقم (1765) في الجهاد ، باب إجلاء اليهود من الحجاز ، وأبو داود رقم (3003) في الخراج والإمارة ، باب كيف كان إخراج اليهود من المدينة .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح : أخرجه أحمد (2/451) قال : حدثنا حجاج بن محمد. والبخاري (4/120) قال : حدثنا عبد الله بن يوسف. وفي (9/26) قال : حدثنا عبد العزيز بن عبد الله. وفي (9/131) قال : حدثنا قتيبة. ومسلم (5/159) قال : حدثنا قتيبة بن سعيد وأبو داود (3003) قال : حدثنا قتيبة بن سعيد. والنسائي في الكبرى تحفة الأشراف (10/14310) عن قتيبة.
أربعتهم - حجاج بن محمد ، وعبد الله بن يوسف ، وعبد العزيز بن عبد الله ، وقتيبة بن سعيد - عن الليث بن سعد ، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري ، عن أبيه ، فذكره.

6058 - () عمرو بن أمية - رضي الله عنه -[قال] : «كتب عامر بنُ الطفيل إلى رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم- : قد قَتلتَ رجلين لهما منك جِوار ، فابعث بديتهما ، فانطلق رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- إلى قُباءَ ثم مال إلى بني النضير يستعينهم في دِيتهما ، ومعه نفر من المسلمين ، فاستَند إلى جدار ، فكلَّمهم فقالوا : نعم ، فقام أحدُهم ، فَصَعِدَ على رأس الجدار ليُدَلِّيَ عليه صخرة ، فأخبر جبريلُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم- ، فقام ، ثم اتَّبَعه المسلمون ، فقال : لقد همَّت اليهود بقتلي ، فقال لمحمد بن مَسْلمة : اذهب إلى اليهود ، فقل : اخرجوا من المدينة ، ولا تُساكنوني فيها ، فأجْلاهم رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- بعد أن أراد غير ذلك ، فرغب فيهم عبد الله بن أُبيِّ بن سَلول ، فوهبهم له» . أخرجه ... (1) .
__________
(1) كذا في الأصل بياض بعد قوله : أخرجه ، وفي المطبوع : أخرجه رزين ، وانظر " سيرة ابن هشام " 3 / 199 في أمر إجلاء بني النضير ، و " مجمع الزوائد " 6 / 128 ، و " فتح الباري " 7 / 254 .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
انظر سيرة ابن هشام (3/199) في أمر إجلاء بني النضير ومجمع الزوائد (6/128) وفتح الباري (7/254) .

قتل كعب بن الأشرف
6059 - (خ م د) جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - قال : قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- : «مَن لِكَعْبِ بن الأشرف ، فإنه قد آذى الله ورسولَه ؟ قال محمدُ بنُ مسلمةَ : [يا رسولَ الله] ، أتُحِبُّ أن أقتلَهُ ؟ قال : نعم ، قال : ائْذنْ لي فَلأقُلْ ، قال : قُلْ ، قال : فأتاه ، فقال له ، وذكر ما بينَهم ، وقال : إن هذا الرجل قد أراد الصدقةَ ، وقد عَنَّانَا ، فلما سمعه قال : وأيضاً والله -[226]- لَتَمَلُّنَّه ، قال : إنا قد اتَّبعناه الآن ، ونكره أن نَدَعَه ، حتى ننظرَ إلى أيِّ شيء يصيرُ أمرُهُ ؟ قال : وقد أردتُ أن تُسلفني سَلَفاً قال : فما تَرَهنُني ؟ [قال : ما تريد ، قال :] ترهنني نساءَكم ؟ قال : أنت أجملُ العرب ، أنرهنُك نساءنا ؟ قال له : ترهنوني أولادَكم ؟ قال : يُسَبُّ ابنُ أحدنا ، فيقال : رُهن في وَسقين من تمر ، ولكن نرهنُك اللأْمَةَ - يعني : السلاح - قال : فنعم ، وواعَدهُ ، أن يأتيَه بالحارثِ ، وأبي عَبسِ بن جَبْر ، وعَبَّادِ بن بِشْر ، قال : فجاؤوا ، فدعَوه ليلاً ، فنزل إليهم ، قال سفيان : قال غيرُ عمرو : قالت له امرأتُه : إني لأسمع صوتاً كأنه صوتُ دم ، قال : إنما هو محمد ورضيعي أبو نائلةَ ، إن الكريم لو دُعِيَ إلى طَعنة ليلاً لأجاب ، قال محمد : إني إذا جاء فسوف أمدُّ يدي إلى رأسه ، فإذا استمكنتُ منه فدُونَكم ، قال : فلما نزل ، نزل وهو مَتَوشِّح ، فقالوا : نجدُ منك رِيح الطِّيب ؟ قال : نعم ، تحتي فلانة ، [هي] أعْطَرُ نساءِ العرب ، قال : فتأذن لي أن أشُمَّ منه ؟ قال : نعم ، فَشُمَّ ، فتناول فشم ، ثم قال : أتأذن لي أن أعود ؟ قال : فاستمكنَ منه ، ثم قال : دونكم ، فقتلوه» .
وفي أخرى نحوه ، وفيه «قد أردنا أن تُسْلِفَنا وَسقاً أو وَسْقَينِ وحدَّثنا [عمرو بن دينار] غيرَ مَرَة ، فلم يذكر وَسْقاً أو وسقين ، فقلت له : فيه وَسْقاً أو وَسْقَين ؟ فقال : أرى فيه وَسْقاً أو وَسْقَين» وفيه : «فيُسبَّ أحدُهم ، فيقال : رُهن بوَسْق أو وَسْقين ، هذا عار علينا» وفيه «فواعده أن يأتيَه ، -[227]- فجاءه ليلاً ، ومعه أبو نائلةَ ، وهو أخو كعب من الرضاعة» وفيه «ولو وجداني نائماً ما أنْبَهاني (1) ، وقال : إن الكريم لو دُعي إلى طعنة بالليل لأجاب» وفيه «قال لهما : إذا ما جاء ، فإني قائل بشَعره ، فأشُمُّه ، فإذا رأيتموني اسْتَمْكَنتُ من رأسه ، فدونَكم فاضربوه - وقال مرة : أشُمُّ ثم أُشِمُّكم - فنزل إليهم متوشِّحاً ، وهو يَنْفَحُ منه رِيحُ الطّيب ، فقال : ما رأيتُ كاليوم ريحاً - أي أطيب- قال كعب : وكيف لا ؟ وعندي أعطرُ نساءِ العرب ، وأجمل العرب» وقال في آخره : «ثم أتَوُا النبيَّ - صلى الله عليه وسلم- ، فأخبروه» وفيه «فجاء محمد بن مسلمة معه برجلين» قيل لسفيان : سمَّاهم عمرو ؟ قال : سمّى بعضَهم ، وقال غيرُ عمرو : أبو عبس بن جَبْر ، والحارث بن أوس ، وعبَّاد بن بشر.
أخرجه البخاري ومسلم ، وأخرج أبو داود مثل ما تقدَّم إلى قوله : «يعني السلاح» قال : نعم (2) فلما أتاه ناداه ، فخرج إليه وهو متطيِّب يَنْضَح رأسُه ، فلما أن جلس إليه - وقد كان جاء معه ثلاثةُ نفر أو أربعة - فذُكروا له ، فقال : عندي فلانة ، وهي أعطر نساء العرب ... وذكر الحديث إلى آخره ، ولم يسمِّ أحداً من الرجال الذين استصحبهم (3) . -[228]-

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(عَنَّانا) العَنَاء : التعب ، وتكليف ما يشق.
(وَسْقاً) الوَسْق مفتوح الواو : ستون صاعاً.
(اللامة) مخففة : الدِّرع (4) ، وجمعها لأم ، وقيل : هي آلة الحرب.
(مُتَوشح) التوشح بالرداء : هو أن تجعله كالوشاح ، وهو شيء مضفور من سيور مرصع ، تجعله المرأة على خصرها ، فإذا جُعل الرداء في ذلك الموضع كان متوشّحاً به.
(نَفَح) الطِّيب : إذا فاحت رائحته ، وكذلك نضح طيباً ، أي : فاح ، وأصله من العرق ، أي : عرق ففاحت ريحه.
__________
(1) جملة " ولو وجداني نائماً ما أنبهاني " لم نجدها عند البخاري ومسلم ، ولعلها من زيادات الحميدي .
(2) في المطبوع : قال عمرو ، وهو خطأ .
(3) رواه البخاري 7 / 259 - 261 في المغازي ، باب قتل كعب بن الأشرف ، وفي الرهن ، باب رهن السلاح ، وفي الجهاد ، باب الكذب في الحرب ، وباب الفتك بأهل الحرب ، ومسلم رقم (1801) في الجهاد ، باب قتل كعب بن الأشرف طاغوت اليهود ، وأبو داود رقم (2768) في الجهاد ، باب في العدو يؤتى على غرة ويتشبه بهم .
(4) قال المصنف في " النهاية " : ولأمة الحرب : أداته ، وقد يترك الهمز تخفيفاً .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح : أخرجه الحميدي (1250) والبخاري (3/186 ، 5/115) قال : حدثنا علي بن عبد الله. وفي (4/78) قال : حدثنا قتيبة بن سعيد. وفي (4/78) أيضا قال : حدثني عبد الله بن محمد. ومسلم (5/184) قال : حدثنا إسحاق بن إبراهيم الحنظلي ، وعبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن المسور الزهري. وأبو داود (2768) قال : حدثنا أحمد بن صالح. والنسائي في الكبرى تحفة الأشراف (2524) عن عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن.
سبعتهم - الحميدي ، وعلي ، وقتيبة ، وعبد الله بن محمد ، وإسحاق بن إبراهيم ، وعبد الله بن محمد الزهري ، وأحمد بن صالح - عن سفيان بن عيينة ، عن عمرو ، فذكره.

قتل أبي رافع : عبد الله بن أبي الحقيق
ويقال : سلام بن أبي الحقيق ، كان بخيبر ، ويقال : إنه كان في حصن له بأرض الحجاز ، وقال الزهري : هو بعد كعب بن الأشرف .

6060 - (خ) البراء بن عازب - رضي الله عنه - قال : «بعثَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- رَهْطاً إلى أبي رافع ، فدخل عليه عبد الله بنُ عَتِيك بيتَه ليلاً وهو نائم ، فقتله» .
وفي رواية قال : «بعثَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- إلى أبي رافع اليهوديِّ رجالاً من الأنصار ، وأمَّر عليهم عبد الله بنَ عتيك ، وكان أبو رافع يؤذي -[229]- رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم- ، ويعينُ عليه ، وكان في حِصْن له بأرض الحجاز ، فلما دَنَوْا منه وقد غَرَبتِ الشمسُ وراح الناسُ بسَرْحِهم - قال عبد الله لأصحابه : اجلسوا مكانَكم ، فإني مُنطلق ومُتَلطِّف بالبَوَّاب ، لعلي أدخلُ ، فأقبل حتى دنا من الباب ، ثم تقنَّع بثوبه ، كأنه يقضي حاجة ، وقد دخل الناسُ ، فهتف به البوَّاب : يا عبد الله إن كنت تريد أن تدخلَ فادخل ، فإني أريدُ أن أغلقَ البابَ ، فدخلتُ فكَمَنْتُ ، فلما دخل الناسُ أغلق البابَ ، ثم عَلَّق الأغاليق على وَدّ ، قال : فقمتُ إلى الأقاليد فأخذتُها ، ففتحتُ الباب - وكان أبو رافع يُسْمَر عنده ، وكان في علاليَّ له - فلما ذهب عنه أهل سَمَره صَعِدتُ إليه ، فجعلتُ كُلَّما فتحتُ باباً أغلقتُ عليَّ من داخل ، قلت : إنِ القومُ نَذِرُوا بي ، لم يخلُصوا إليَّ حتى أقتلَهُ ، فانتهيتُ إليه ، فإذا هو في بيت مظلم وسط عياله ، لا أدري أين هو من البيت ؟ فقلتُ : أبا رافع ، قال : مَن هذا ؟ فأهويتُ نحو الصوت ، فأضرِبُهُ ضربة بالسيف ، وأنا دَهِش ، فما أغْنَيْتُ شيئاً ، وصاح ، فخرجتُ من البيت ، فأمكث غير بعيد ، ثم دخلتُ إليه ، فقلتُ : ما هذا الصوت يا أبا رافع ؟ فقال : لأمِّك الويل ، إنَّ رجلاً في البيت ضربني قبلُ بالسيف ، قال : فأضربُه ضربة ، فأثْخَنتْه ولم أقتله ، ثم وضعتُ صبيب (1) السيف في بطنه ، حتى أخذ في ظهره ، فعَرَفتُ أني قتلتُه ، فجعلتُ أفتحُ الأبواب باباً باباً ، حتى انتهيتُ إلى درجة له ، فوضعتُ رجلي ، -[230]- وأنا أرى أني قد انتهيتُ إلى الأرض ، فوقعتُ في ليلة مُقْمِرة ، فانكسرتْ ساقي ، فعصَبتُها بعِمامتي ، ثم انطلقتُ حتى جلستُ على الباب ، فقلتُ : لا أخرج الليلةَ حتى أعلم : أقتلته ؟ فلما صاح الديكُ : قام النّاعي على السُّور ، فقال : أنْعَى (2) أبا رافع تاجرَ أهل الحجاز ، فانطلقتُ إلى أصحابي ، فقلتُ : النجاءَ ، فقد قَتَلَ الله أبا رافع ، فانتهيتُ إلى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم- ، فحدَّثْتُهُ ، فقال: ابسُطْ رِجْلَكَ ، فبسطتُ رجلي ، فمسحها ، فكأنَّها لم أشْتَكِها قطُّ» .
وفي رواية قال : «بعثَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم- إلى أبي رافع عبد الله بنَ عتيك وعبد الله بن عُتبة في ناس معهم ، فانطلقوا حتى دَنَوْا من الحصن ، فقال لهم عبد الله بنُ عتيك : امكُثوا أنتم ، حتى أنطلق أنا فأنظرَ ، قال : فتلَطَّفتُ أن أدخلَ الحصنَ ، فَفَقَدوا حِماراً لهم ، قال : فخرجوا بقَبَس يطلبونه ، قال : فخشيتُ أن أُعْرَف ، فغطَّيتُ رأسي ، وجلستُ كأني أقضي حاجة ، ثم نادى صاحبُ الباب : من أراد أن يدخُلَ فليدخلْ قبل أن أُغْلِقَهُ ، فدخلتُ ، ثم اختبأتُ في مَربِط حمار عند باب الحصن ، فتعشَّوْا عند أبي رافع ، وتحدَّثُوا حتى ذهبَ ساعة من الليل ، ثم رَجَعُوا إلى بيوتهم ، فلما هَدَأت الأصواتُ ، ولا أسمعُ حركة خرجتُ ، قال : ورأيتُ صاحبَ الباب حيثُ وضع مفتاح الحصن في كوة فأخذتُه ، ففتحتُ به باب الحصن ، قال : قلتُ : إن نَذِرَ بي القومُ انطلقتُ على مَهَل ، ثم عَمَدتُ إلى أبواب بيوتهم ، -[231]- فغلَّقتُها عليهم من ظاهر ، ثم صَعِدْتُ إلى أبي رافع في سُلَّم ، فإذا البيتُ مظلم قد طُفئ سِرَاجُه ، فلم أدْرِ أين الرَّجلُ ؟ فقلتُ : يا أبا رافع ، قال : من هذا ؟ قال : فعمَدتُ نحو الصوت ، فأضربُه ، وصاح ، فلم تُغْنِ شيئاً ، قال : ثم جئتُ كأني أغيثُه ، فقلتُ : ما لك يا أبا رافع ، وغَيَّرتُ صوتي ، فقال : أَلا أُعْجِبُك ؟ لأمِّكَ الويلُ ، دخل عليَّ رجل فضربني بالسيف ، قال: فعمَدتُ له أيضاً ، فأضربُه أخرى ، فلم تغن شيئاً ، فصاح ، وقام أهلُه ، قال : ثم جئتُ ، وغَيَّرت صوتي كهيئة المغيث ، فإذا هو مستلق على ظهره ، فأضَعُ السيف في بطنه ، ثم انْكَفئ عليه ، حتى سمعتُ صوت العظم ، ثم خَرَجْتُ دَهِشاً ، حتى أتيتُ السُّلَّم ، أريدُ أن أنزلَ ، فأسقطُ منه ، فانخلعتْ رجلي ، فعصبتها ، ثم أتيتُ أصحابي أحْجُلُ ، فقلت : انطلقوا ، فبَشِّروا رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم- ، فإنِّي لا أبرحُ حتى أسمع صوتَ الناعية ، فلما كان في وجه الصبح صَعِد الناعيةُ ، فقال : أنعَى أبا رافع» - وفي نسخة أن أبا رافع قد مات - قال : فقمتُ أمشي ما بي قَلَبة ، فأدركتُ أصحابي قبل أن يأتوا النبيَّ - صلى الله عليه وسلم-[فبشَّرْتُهُ] .
[وفي رواية «بعثَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- رهطاً من الأنصار إلى أبي رافع ليقتلوه ، فانطلق رجل منهم ، فدخل حصنَهم ، قال : فدخلت في مربِط دواب لهم ، قال : وأغلقوا الحصن ، ثم إنهم فَقَدُوا حماراً لهم ، فخرجوا يطلبونه ، -[232]- فخرجتُ فيمن خرج ، أريهم أني أطلبه معهم ، فوجدوا الحمار ، فدخلوا ودخلتُ ، فأغلقوا باب الحصن ليلاً ، ووضعوا المفاتيح في كُوَّة حيث أراها ، فلما ناموا أخذتُ المفاتيح ، ففتحتُ باب الحصن ، ثم دخلت عليه ... ثم ذكر نحوه في قتل أبي رافع ووقوعه من السُّلَّم ، قال : فَوُثِئَتْ رجلي ، فخرجت إلى أصحابي ، فقلت : ما أنا ببارح حتى أسمعَ النَّاعيةَ ، فما برحتُ حتى سمعتُ نَعايا أبي رافع تاجرِ أهل الحجاز ، فقمتُ وما بي قَلَبَة ، حتى أتينا النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم- فأخبرناه»] أخرجه البخاري (3) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(رَهْطاً) الرهط : الجماعة من الناس دون العشرة.
(بسرحهم) السَّرح : المواشي ، لأنها تسرح نهاراً في المرعى.
(الأقاليد) والأغاليق : المفاتيح.
(وَدّ) الوَدُّ : الوَتِد في لغة تميم.
(يسمر) السَّمَر : الحديث في الليل.
(فأهويت) أهويتُ إلى الشيء : إذا مددتَ يدك إليه.
(نذِروا) نَذِر القوم بفلان : إذا علموا به. -[233]-
(انكفأ) ينكفئ انكفاء : إذا رجع من حيث جاء.
(ظُبَة السيف) : طرفه وجمعها ظُبى ، وصبيب السيف قد اختلفوا فيه ، فقيل : هو بالصاد المهملة ، وهو طرفه ، قال الحربي : هو آخر ما بلغ سيلانه حين ضُرب وعمل ، وقيل : هو بالظاء المعجمة ، ولا أرى له معنى ، وأما ظُبَة السيف : فطرفه ، وقد ذكرت ، وأما بالضاد المعجمة : فلا مدخل له هاهنا ، والصحيح : أنه بالصاد المهملة كما قلنا ، والله أعلم.
(النّجاء) أي : اطلبوا النجاة ، وهي الخلاص من طلب العدوِّ.
(بقَبَس) القبس : الشُّعْلَة من النار.
(هدأت) الأصوات ، أي : سكنت.
(كوَّة) الكَُوَّة : الثقبة النافذة في الحائط.
(أحْجُل) الحَجل : مشْي قريب الخطو ، كمشي المقيَّد.
(وُثِئتْ) قَدُمُه فهي مَوثُوءَة - تهمز ولا تهمز - : إذا توجعت وتألمت ، والمراد به هاهنا : أنها انخلعت أو كادت.
(الناعية) : النادبة والنائحة ، والجمع : النعايا ، ويكون للرجل ، والهاء فيه زائدة للمبالغة ، لا للتأنيث.
(قَلَبة) يقال : ما به قَلَبه ، أي : ما به شيء من ألم يحتاج أن ينقلب ليبصر ، وقيل : هو من القَلَبة ، وهو داء يأخذ البعير في قلبه فيقتله. -[234]-
(برحت) برح به الأمر ، أي : أضرَّ به ولقي منه شدة.
__________
(1) وفي بعض نسخ البخاري : ضبيب بالضاد المعجمة ، وفي بعضها : ظبة ، بالظاء المعجمة ، وسيأتي شرحها .
(2) قال الحافظ في " الفتح " كذا ثبت في الروايات ، بفتح العين ، قال ابن التين : هي لغة ، والمعروف : انعوا .
(3) 7 / 263 - 265 في المغازي ، باب قتل أبي رافع بن عبد الله بن الحقيق ، وفي الجهاد ، باب قتل النائم المشرك .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه البخاري (4/76) قال : حدثنا علي بن مسلم. وفي (4/77) قال : حدثنا عبد الله بن محمد ، قال : حدثنا يحيى بن آدم. وفي (5/117) قال : حدثنا إسحاق بن نصر ، قال : حدثنا يحيى بن آدم.
كلاهما - علي بن مسلم ، ويحيى - قالا : حدثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة ، قال : حدثني أبي. وفي (5/117) قال البخاري : حدثنا يوسف بن موسى ، قال : حدثنا عبيد الله بن موسى ، عن إسرائيل. وفي (5/118) قال : حدثنا أحمد بن عثمان ، قال : حدثنا شريح بن مسلمة ، قال : حدثنا إبراهيم بن يوسف، عن أبيه.
ثلاثتهم - زكريا ، وإسرائيل ، ويوسف - عن أبي إسحاق ، فذكره.

6061 - (ط) عبد الرحمن بن كعب - رضي الله عنهما - «أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم- نهى الذين قتلوا ابن أبي الحُقَيْق عن قتل النِّساءِ والوُلدان ؟ قال : فكان رجل منهم يقول : بَرِحَت بِنا امرأتُهُ بالصِّياح ، فأرفَعُ السيف عليها ، ثم أذكر نَهْيَ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم- ، فأكُفُّ عنها ، ولولا ذلك لاسترحنا منها» أخرجه «الموطأ» (1) .
__________
(1) 2 / 447 في الجهاد ، باب النهي عن قتل النساء والولدان في الغزو ، وهو حديث مرسل ، قال الزرقاني : قال ابن عبد البر : اتفق رواة الموطأ على إرساله ، ولا أعلم أحداً أسنده عن مالك ، إلا الوليد بن مسلم ، فقال : عن أبيه يعني كعباً .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه مالك في الموطأ بشرح الزرقاني (3/14) عن ابن شهاب عن ابن لكعب من مالك فذكره.
وهو حديث مرسل قال الزرقاني : قال ابن عبد البر اتفق رواة الموطأ على إرساله ، ولا أعلم أحدا أسنده عن مالك إلا الوليد بن مسلم قال : عن أبيه يغني كعبا.
قلت : الوليد بن مسلم ثقة لكنه كثير التدليس والتسوية وهو شر أنواع التدليس وهو قد عنعن هنا.

غزوة أحد
6062 - (خ م ت) زيد بن ثابت - رضي الله عنه - «لمَّا خَرَجَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- إلى أُحُد رجع ناس ممن خَرج معه ، فكان أصحاب النبيِّ - صلى الله عليه وسلم- فيهم فرقتين ، قالت فِرقَة : نقتُلُهم ، وقالت فرقة : لا نقتلُهم ، فنزلت {فَما لَكُم في المُنَافِقِين فِئَتَيْنِ} [النساء : 88] وقال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم- : إنها طَيْبَةُ تَنْفي الرجالَ ، كما ينفي الكِيرُ خَبَثَ الحديد» أخرجه البخاري ومسلم والترمذي (1) . -[235]-

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(طَيْبَة) اسم المدينة ، سميت بذلك تفاؤلاً بالطيب.
__________
(1) رواه البخاري 7 / 275 في المغازي ، باب غزوة أحد ، وفي فضائل المدينة ، باب المدينة تنفي الخبث ، وفي تفسير سورة النساء ، باب {فما لكم في المنافقين فئتين والله أركسهم بما كسبوا} ومسلم رقم (2776) في المنافقين في فاتحته ، والترمذي رقم (3031) في التفسير ، باب ومن سورة النساء .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح : أخرجه أحمد (5/184 ، 187) قال : حدثنا بهز. وفي (5/287) قال : حدثنا عفان. وفي (5/188) قال : حدثنا فياض بن محمد ، قال : حدثنا محمد بن جعفر. وعبد بن حميد (242) قال: حدثني سليمان بن حرب. والبخاري (3/29) قال : حدثنا سليمان بن حرب. وفي (5/122) قال: حدثنا أبو الوليد. وفي (6/59) قال : حدثني محمد بن بشار ، قال : حدثنا غندر ، وعبد الرحمن بن مهدي. ومسلم (4/121 ، 8/121) قال : حدثنا عبيد الله بن معاذ - وهو العنبري - قال : حدثنا أبي. وفي (8/121) قال : حدثني زهير بن حرب ، قال : حدثنا يحيى بن سعيد (ح) وحدثني أبو بكر بن نافع ، قال : حدثنا غندر.والترمذي (3028) قال : حدثنا محمد بن بشار ، قال : حدثنا محمد بن جعفر غندر، والنسائي في الكبرى تحفة الأشراف (3727) عن محمد بن بشار ، عن محمد بن جعفر غندر.
سبعتهم - بهز ، وعفان ومحمد بن جعفر غندر ، وسليمان ، وأبو الوليد ، وعبد الرحمن ، ومعاذ - عن شعبة ، عن عدي بن ثابت ، عن عبد الله بن يزيد ، فذكره.

6063 - (خ د) البراء بن عازب - رضي الله عنه - قال : «لقينا المشركين يومئذ ، وأجلس النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم- جيشاً من الرُّماة ، وأمَّرَ عليهم عبد الله بنَ جُبَير وقال : لا تبرحوا ، فإن رأيتمونا ظَهَرنا عليهم فلا تبرحوا ، وإن رأيتموهم ظهروا علينا فلا تُعِينونا ، فلما لقِينا هَرَبُوا ، حتى رأيتُ النساءَ يَشْتَدِدْنَ في الجَبَل ، رفعن عن سُوقِهِنَّ ، قد بَدَتْ خَلاخِيلُهنَّ ، فأخذوا يقولون : الغنيمة ، الغنيمةَ ، فقال عبد الله [بنُ جُبير] : عهد [إليَّ] النبيُّ - صلى الله عليه وسلم- : أن لا تبرحوا ، فأبَوْا ، فلما أبَوْا صرفَ الله وجوهَهم ، فأصيبَ سبعون قتيلاً ، وأشرف أبو سفيان فقال : أفي القوم محمد ؟ فقال : لا تجيبوه ، قال : أفي القوم ابنُ أبي قُحافةَ ؟ فقال : لا تجيبوه ، قال : أفي القوم ابنُ الخطاب ؟ فقال : إن هؤلاء قُتِلوا ، فلو كانوا أحياء لأجابوا ، فلم يملك عمرُ نفسَه ، فقال : كذبتَ يا عدوَّ الله ، أبْقَى الله لك ما يُحزنك ، قال أبو سفيان : أُعْلُ هُبَل ؟ فقال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم- أجيبوهُ ، قالوا : ما نقول ؟ قال : قولوا : الله أعلى وأجَلُّ ، قال أبو سفيان : لنا العُزَّى ، ولا عُزّى لكم ، فقال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم- : أجيبوه ، قالوا : ما نقول ؟ قال : قولوا : الله مولانا ، ولا مولَى لكم ، قال أبو سفيان : يوم بيومِ بدر ، والحربُ سِجال ، وتجدون مُثْلة ، لم آمُرْ بها ، ولم تَسُؤْني» . -[236]-
زاد في رواية رزين : قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- : «أجيبوه ، فقالوا : ما نقول ؟ قال : قولوا : لا سواء ، قتلانا في الجنة ، وقتلاكم في النار» .
وفي رواية (1) قال : «جعلَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- على الرَّجَّالة يومَ أحُد - وكانوا خمسين رَجُلاً ، وهم الرُّماة - عبد الله بنَ جُبير ، فقال : إن رأيتمونا تَخْطَفُنا الطير فلا تبرحوا ، حتى أُرْسِلَ إليكم ، فهزمهم الله ، فأنا والله رأيتُ النساءَ يَشْتَدِدْنَ ، وقد بدت خلاخيلُهن وأسْوُقُهن ، رافعات ثيابهنَّ ، فقال أصحابُ عبد الله بن جبير : الغنيمةَ ، أي قومِ ، الغنيمةَ ، ظهر أصحابُكم فما تنتظرون ؟ فقال عبد الله بن جبير : أنسيتُم ما قال لكم رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- ؟ فقالوا : والله لنأتين الناس فلنصيبنَّ من الغنيمة ، فلما أتَوْهم صُرفت وجوههم ، فأقبلوا منهزمين ، فذلك قوله تعالى : {والرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ في أُخْرَاكُمْ} [آل عمران : 153] فلم يبق مع النبيِّ - صلى الله عليه وسلم- غيرُ اثْنَيْ عشر رجلاً ، فأصابوا منَّا سبعين ، وكان النبيُّ - صلى الله عليه وسلم- قد أصاب من المشركين يوم بَدْر أربعين ومائة : سبعين أسيراً ، وسبعين قتيلاً ، فقال أبو سفيان : أفي القوم محمد ؟ - ثلاث مرات - فنهاهم النبيُّ - صلى الله عليه وسلم- أن يجيبوه ، ثم قال : أفي القوم ابنُ أبي قحافة ؟ - ثلاث مرات - ثم قال : أفي القوم ابنُ الخطَّاب ؟ - ثلاث مرات - ثم رجع إلى أصحابه ، فقال : أمَّا هؤلاء فقد قُتلوا ، فما ملك عمرُ نفسَه ، فقال : كذبتَ والله يا عدوَّ الله ، إن الذين عددتَ لأحْياء كلُّهم ، وقد بقي -[237]- لك ما يسوؤُك ، قال : يوم بيوم بدر ، والحرب سِجال ، إنكم ستجدون في القوم مُثْلة لم آمر بها ، ولم تسؤْني ، ثم أخذ يرتجز : أُعْلُ هُبَلْ ، أُعْلُ هُبَل ، فقال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم- : ألا تجيبوه ؟... وذكره إلى قوله : ولا مولَى لكم» . أخرجه البخاري.
وأخرج أبو داود الرواية الثانية إلى قوله : «صُرفت وجوههم ، ثم قال : وأقبلوا منهزمين» وفي رواية «فأنا والله رأيتُ النساءَ يُسْنِدْنَ في الجبل» (2) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(يَشْتَددن) الشَّدُّ : العَدْوُ ، هكذا جاء في كتاب الحميدي «يشتددن» والذي جاء في كتاب البخاري «يَشْتَدْن» هكذا بدال واحدة ، وقد نقطها نقط الشين والتاء ، وكثيراً ما يجيء هذا النوع في كتب الحديث بترك إظهار التضعيف ، وهو قبيح في العربية ، لأن الإدغام إنما جاز في الحرف المضعَّف لما سكن الأول وتحرك الثاني ، فأدغمه ، وصح الإدغام ، فقالوا ، شدَّ يشد ، واشتدّ يشتدّ ، فأما إذا صرت إلى الإخبار عن جماعة النساء ، فتقول : شَدَدْن يَشْدُدْن واشْتَدَدْنَ يَشْتددِنَ ، فيظهر التضعيف ، لأن نون جماعة النساء مفتوحة ، ولا يكون قبلها إلا ساكن ، فإذا سكن ما قبلها ، وهو الحرف -[238]- الثاني من الحرف المشدَّد ، والحرف الأول من المشدَّد ساكن أيضاً ، فاجتمع ساكنان ، ولا يُمكن النطق بهما ، فحرك الأول ، لأن الثاني قُصِدَ سكونه لأجل نون جماعة النساء ، فإذا تحرَّك الأول ظهر التضعيف ، ولا يجوز إدغامه ، بل لا يمكن ، والذي جاء في سنن أبي داود «يُسْنِدْن» بسين مهملة ونون ، قال الخطابي ومعناه : يُصعِدن فيه ، يُقال : سند الرجل وأسند في الجبل : إذا صعِد فيه ، والسند : ما ارتفع من الأرض ، ويحتمل أن يكون الذي جاء في كتاب البخاري ، وهو بدال واحدة ، إنما أراد ما أراده أبو داود ، والنُّسَّاخ أحالوه بالنقط إلى غيره.
(أسْوقهن) السُّوق : جمع ساق الإنسان.
(أُعْلُ هُبَل) هُبَل : اسم صنم ، وقوله : «اعْلُ» أمر بالعلو.
(العُزَّى) اسم صنم ، وهو تأنيث الأعزِّ.
(الحرب سجال) أي تكون لنا مرة ، ولكم مرة ، وأصله من المُسْتَقِين بالدَّلْو ، وهو السَّجْل ، يكون لهذا دَلْو، ولهذا دَلْو.
(مُثلَة) المثلة : تشويه خِلْقَة القتيل بجَدْعٍ أو قطع.
(تخطَفنا الطير) الاختطاف : الأخذ بسرعة ، وهذا تمثيل لشدة ما يتوقع أن يلقاه ، أي : لو رأيتمونا وقد أخذتنا الطير وأعدَمَتْنا من الأرض فلا تبرحوا مكانكم. -[239]-
(صرف وجوههم) كنى بصرف الوجوه عن الهزيمة ، فإن المنهزم يلوي وجهه عن الجهة التي كان يطلبها إلى ورائه.
(أُخْراكم) أي في أخراكم.
__________
(1) هي للبخاري أيضاً .
(2) رواه البخاري 7 / 269 - 272 في المغازي ، باب غزوة أحد ، وباب فضل من شهد بدراً ، وباب {إذ تصعدون ولا تلوون على أحد} ، وفي الجهاد ، باب ما يكره من التنازع والاختلاف في الحرب ، وفي تفسير سورة آل عمران ، باب قوله : {والرسول يدعوكم في أخراكم} ، وأبو داود رقم (2662) في الجهاد ، باب في الكمناء .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
1- أخرجه أحمد (4/293) قال : حدثنا حسن بن موسى. وفي (4/294) قال : حدثنا يحيى بن آدم. والبخاري (4/79 ، 5/100 ، 126 ، 6/48) قال : حدثنا عمرو بن خالد وأبو داود (2662) قال : حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي. والنسائي في الكبرى تحفة الأشراف (1837) عن زياد بن يحيى ، وعمرو بن يزيد.
كلاهما عن أبي داود. (ح) وعن هلال بن العلاء ، عن حسين بن عياش.
ستتهم - حسن ، ويحيى ، وعمرو ، والنفيلي ، وأبو داود ، وحسين - عن زهير.
2- وأخرجه البخاري (5/120) قال : حدثنا عبيد الله بن موسى ، عن إسرائيل.
كلاهما - زهير ، وإسرائيل - عن أبي إسحاق ، فذكره.

6064 - (خ) عائشة - رضي الله عنها - قالت : هُزِمَ المشركون يوم أُحُد هزيمة بَيِّنة ، تُعرف فيهم ، فصرخَ إبليسُ : أي عبادَ الله ، أُخراكم ، فرجعت أُوْلاهم ، فاجْتَلَدَتْ هي وأُخراهم ، فنظر (1) حذيفة بن اليمان ، فإذا هو بأبيه ، فقال : أبي ، أبي ، قال : قالت : فوالله ما انحجزوا حتى قتلوه ، فقال حذيفةُ : يغفر الله لكم ، قال عروة : فوالله ما زالتْ في حذيفة منها بقيةُ خير ، حتى لقيَ الله.
زاد في رواية «وقد كان انهزم منهم قوم ، حتى لَحِقُوا بالطائف» . أخرجه البخاري (2) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(اجْتَلدت) الاجتلاد : افتعال من الجَلد ، وهو الضرب.
(انحجزوا) الاحتجاز والانْحجاز : الكفُّ عن الشيء.
__________
(1) في نسخ البخاري المطبوعة : فبصر .
(2) 7 / 279 في المغازي ، باب {إذ همت طائفتان منكم أن تفشلا والله وليهما} ، وفي بدء الخلق ، باب صفة إبليس وجنوده ، وفي فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، باب ذكر حذيفة بن اليمان ، وفي الأيمان والنذور ، باب إذا حنث ناسياً في الأيمان ، وفي الديات ، باب العفو في الخطأ بعد الموت ، وباب إذا مات في الزحام أو قتل .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه البخاري (4/152) قال : حدثنا زكريا بن يحيى. قال : حدثنا أبو أسامة. وفي (5/49) قال : حدثني إسماعيل بن خليل. قال : أخبرنا سلمة بن رجاء.وفي (5/125) قال : حدثني عبيد الله بن سعيد. قال : حدثنا أبو أسامة. وفي (8/7) قال : حدثني محمد بن حرب. قال : حدثنا أبو مروان يحيى بن أبي زكريا. وفي (8/9) قال : حدثني إسحاق بن منصور. قال : أخبرنا أبو أسامة. وفي (8/169) قال : حدثنا فروة بن أبي المغراء. قال : حدثنا علي بن مسهر.
أربعتهم - أبو أسامة ، وسلمة ، ويحيى ، وعلي - عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، فذكره.

6065 - (خ م) أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال : «لما كان -[240]- يومُ أحُد : انهزم الناسُ عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم- ، وأبو طلحةَ بين يدي النبيِّ - صلى الله عليه وسلم- مُجوِّبٌ عليه بِحَجَفَة ، وكان أبو طلحة رجلاً رامياً ، شَديدَ النَّزْع ، لقد كَسَرَ يومئذ قَوْسَيْنِ ، أو ثلاثة ، وكان الرجلُ يمرُّ معه الجَعْبةُ من النَّبْل ، فيقول : انْشُرْها لأبي طلحة ، قال : ويُشْرف النبيُّ - صلى الله عليه وسلم- ينظر إلى القوم ، فيقول أبو طلحةَ : يا نبيَّ الله ، بأبي وأمِّي ، لا تُشرف يصبْك (1) سهم من سهام القوم ، نَحْري دون نَحْرِك ، ولقد رأيتُ عائشةَ وأمَّ سُلَيم ، وإنهما لَمُشَمِّرَتانِ ، أرى خَدَم سُوقِهِما ، تنقلان (2) القِرَب على مُتُونِهما ، ثم تُفْرِغانِهِ في أفواه القوم ، ثم ترجعان فتملآنها ، ثم تجيئان فَتُفْرِغانِهِ في أفواه القوم ، ولقد وقع السيفُ من يد أبي طلحة : إمَّا مرتين ، وإمَّا ثلاثاً ، [من النعاس]» أخرجه البخاري ومسلم.
وللبخاري قال : «كان أبو طلحةَ يتترَّسُ مع النبيِّ - صلى الله عليه وسلم- بِتُرْس واحد ، وكان أبو طلحة حَسَنَ الرَّمْي ، فكان إذا رمَى يُشْرِف النبيُّ - صلى الله عليه وسلم- فينظر إلى موضع نَبْله» (3) . -[241]-

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(مُجَوَبٌ) عليه : أي ساتر له ، قاطع بينه وبين الناس ، وهو من الجَوْب : القطع ، ويتجوَّب : يتفعّل منه.
(شديد النَّزع) النَّزع : مدُّ القوس ، وشدَّته : كناية عن استيفاء السهم جميعه في جَذْبه.
(الجَعْبة) التي تكون فيها السهام ، تُتّخذ من الجلود.
(يشرف) الإشْراف : الاطِّلاع على الشيء.
(خَدَم سُوقها) الخَدَمة : الخلخال ، وهو سَيْر غليظ مثل الحلقة يُشَدُّ في رسغ البعير.
__________
(1) في بعض النسخ : يصيبك ، بالرفع ، وكلاهما صواب .
(2) وفي بعض النسخ : تنقزان ، والمعنى : تسرعان المشي كالهرولة ، والنقز : الوثب ، قال الخطابي : أحسب الرواية : تزفران ، بدل تنقزان ، والزفر حمل القرب الثقال ، أقول : وقد جاء ذلك في رواية عند البخاري ، تزفران القرب يوم أحد .
(3) رواه البخاري 7 / 278 في المغازي ، باب {إذ همت طائفتان منكم أن تفشلا والله وليهما} وفي الجهاد ، باب غزو النساء وقتالهن مع الرجال ، وباب المجن ومن يتترس بترس صاحبه ، وفي فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، باب مناقب أبي طلحة ، ومسلم رقم (1811) في الجهاد ، باب غزوة النساء مع الرجال .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح : أخرجه البخاري (4/40) و (5/46) و (5/125) ومسلم (5/196) قال : حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي.
كلاهما - البخاري ، والدارمي- قالا : حدثنا أبو معمر. عبد الله بن عمرو ، قال : حدثنا عبد الوارث بن سعيد ، قال : حدثنا عبد العزيز بن صهيب ، فذكره.

6066 - (خ ت م) أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال : «غَابَ عَمِّي أنَسُ بن النَّضْر عن قتال بَدْر ، فقال : يا رسولَ الله ، غِبْتُ عن أول قتال قاتلتَ المشركين ، لئِن الله أشهدني قِتَالَ المشركين لَيَرَيَنَّ الله ما أصنعُ - وفي رواية : لئن أشهدني الله معَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم- ليرينَّ الله ما أجدُ - فلما كان يومُ أحد ، [و] انكشف المسلمون ، فقال : اللهم إني أعتذرُ إليك مما صنع هؤلاءِ - يعني أصحابَه - وأبْرَأُ إليك مما صنع هؤلاء - يعني المشركين - ثم تقدَّم ، فاستقبله سعدُ بنُ مُعاذ ، فقال : يا سعد بنَ معاذ ، الجنة وربِّ النَّضْرِ ، إني أجدُ ريحها من دون أُحُد ، قال سعد : فما استطعت يا رسولَ الله ما صنع ، قال أنس : فوجدنا به بضعة وثمانين ضربة بالسيف ، أو طعنة برُمح ، أو رمية بسهم -[242]- ووجدناه قد قُتل ، و [قد] مَثَّل به المشركون ، فما عرَفه أحد إلا أُخْتُه -[وهي الرُّبيِّع بنت النضر]- بشَامَة ، أو بِبنانه (1) ، قال أنس : كنا نُرى - أو نظن - أن هذه الآية نزلت فيه وفي أشباهه {من المؤمنين رجالٌ صَدَقُوا ما عَاهَدُوا اللهَ عليه فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ ومِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلا} [الأحزاب : 23]» أخرجه البخاري والترمذي.
وعند مسلم ، قال أنس : «عمِّي [الذي] سُمِّيتُ به : لم يشهدْ معَ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم- بَدْرا ، فشقَّ عليه ، وقال : أولُ مَشْهَد شَهِدَهُ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- غِبتُ عنه ، فإنْ أراني الله مَشْهَداً فيما بعدُ مع رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم- ليَرَينَّ الله ما أصنعُ ، قال : فهاب أن يقول غيرَها ، قال : فشهد مع رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم- يومَ أُحُد ، قال : فاستقبل سعدَ بنَ معاذ ، فقال له أنس : يا أبا عمرو : أين ؟ ثم قال (2) : واهاً لِريحِ الجنة ، أجده دون أُحُد ، قال : فقاتَلهم حتى قُتل ، قال : فوُجِدَ في جسده بِضْع وثمانون ، من بين ضربة ورَمية وطَعْنَة ، ثم ذكر نحو ما تقدم» (3) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(أو ببنانه) البَنَان : الأصابع ، واحدها : بنانة.
__________
(1) هذه الروية بالشك رواية محمد بن طلحة ، وأكثر الروايات " ببنانه " من غير شك .
(2) أي أنس بن النضر .
(3) رواه البخاري 7 / 274 في المغازي ، باب غزوة أحد ، وفي الجهاد ، باب قول الله تعالى : {من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه} ، ومسلم رقم (1903) في الإمارة ، باب ثبوت الجنة للشهيد ، والترمذي رقم (3198) في التفسير ، باب ومن سورة الأحزاب .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه البخاري (4048) قال : أخبرنا حسان بن حسان حدثنا محمد بن طلحة حدثنا حميد عن أنس ، فذكره.
ومسلم في الجهاد (14:6) عن محمد بن حاتم ، عن بهز عن سليمان بن المغيرة عن ثابت عن أنس ، والترمذي في التفسير (33/2) عن أحمد بن محمد ، عن ابن المبارك ، عن سليمان بن المغيرة ، عن ثابت، عن أنس.وقال : حسن صحيح.
والنسائي في المناقب في الكبرى عن محمد بن حاتم بن نعيم ، عن حبان بن موسى ، عن ابن المبارك نحوه. وفي التفسير في الكبرى عن عبد الله بن الهيثم ، عن أبي داود عنه وعن حماد بن سلمة.
كلاهما عن ثابت عن أنس. الأشراف (1/135) .

6067 - (م) أنس بن مالك - رضي الله عنه - «أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم- أفْرِدَ يوم أُحُد في سبعة من الأنصار ، ورجلين من قريش ، فلما رَهِقُوا قال : من يَرُدُّهم عنا وله الجنة؟ - أو هو رفيقي في الجنة - فتقدَّم رجل من الأنصار ، فقاتل حتى قتل ، ثم رَهِقوه أيضاً ، فقال : مَن يَرُدُّهم عنا وله الجنة ؟ - أو هو رفيقي في الجنة - فتقدَّم رجل من الأنصار ، فقاتل حتى قُتل ، فلم يزل كذلك حتى قُتِلَ السَّبعةُ ، فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- لصاحبيه : ما أنْصَفْنا أصحابَنا» أخرجه مسلم (1) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(رَهِقوه) رَهِقَه يَرْهَقه رهقاً ، أي : غشيه ، والإرهاق : الإعْجال. وقيل : رهقوه ، أي : قربوا منه ، ومنه المراهق ، وهو الغلام الذي قارب الاحتلام.
__________
(1) رقم (1789) في الجهاد ، باب غزوة أحد .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه مسلم (1789) حدثنا هداب بن خالد الأزدي ، حدثنا حماد بن سلمة ، عن علي بن زيد وثابت البناني ، عن أنس بن مالك فذكره.

6068 - (س) جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - قال : «لما كان يومُ أحُد وولَّى الناسُ ، كان رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- في ناحية في اثني عشر رجلاً من الأنصار ، فيهم طلحةُ بنُ عبيد الله ، فأدركهم المشركون ، فالتفتَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- ، فقال : مَن للقوم ؟ فقال طلحةُ : أنا ، فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- : كما أنتَ ، فقال رجل من الأنصار : أنا يا رسولَ الله ، [فقال : أنتَ] ، فقاتل حتى قُتل ، ثم التفتَ فإذا المشركون ، فقال : مَن للقوم ، فقال طلحةُ : أنا ، -[244]- قال : كما أنت ، فقال رجل من الأنصار : أنا يا رسولَ الله ، فقال أنتَ ، فقاتل حتى قُتل ، ثم لم يزل يقول ذلك ، ويخرج إليهم رجل من الأنصار ، فيقاتل قتال مَن قَبْله ، حتى بقي رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- وطلحةُ بن عبيد الله ، فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- : مَن للقوم ؟ فقال طلحةُ : أنا فقاتل ، [طلحةُ] قِتال الأحَدَ عَشر ، حتى ضُرِبت يدُه ، فقُطعت أصابعُه ، فقال : حَسِّ (1) ، فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- : لو قلتَ : بسم الله لَرَفَعَتْكَ الملائكة والناسُ ينظرون ، ثم ردَّ الله المشركين» أخرجه النسائي (2) .
__________
(1) كلمة تقال عند التوجع .
(2) 6 / 29 و 30 في الجهاد ، باب ما يقول من يطعنه العدو ، من حديث عمارة بن غزية عن أبي الزبير عن جابر ، وجود إسناده الحافظ في " الفتح " 7 / 277 في المغازي ، باب {إذ همت طائفتان منكم أن تفشلا والله وليهما} .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه النسائي (6/29) أخبرنا عمرو بن سواد ، قال : أنبأنا ابن وهب ، قال : أخبرني يحيى بن أيوب ، وذكر آخر قبله ، عن عمارة بن غزية ، عن أبي الزبير ، عن جابر بن عبد الله ، فذكره.
قلت : أبا الزبير ذا هو محمد بن مسلم بن تدرس وهو مدلس وقد عنعنه ومن المقرر في علم المصطلح ، أن المدلس لا يحتج بحديثه إذا لم يصرح بالتحديث ، وهذا هو الذي صنعه أبو الزبير هنا وعنعن ولم يصرح اللهم إلا ما كان من رواية الليث بن سعد عنه فإنه لم يرو عنه إلا ما صرح فيه بالتحديث.
قال الحافظ الذهبي في ترجمته وأما أبو حزم ، فإنه يرد من حديثه ما يقول فيه عن جابر ، ونحوه لأنه عندهم حميد يدلس ، فإذا قال : سمعت وأخبرنا احتج به ، ويحتج به ابن حزم إذا قال : عن ، مما رواه عنه الليث بن سعد خاصة وذلك لأن سعيد بن أبي مريم قال : حدثنا الليث قال : جئت أبا الزبير ، فدفع إلي كتابين ، فانقلبت بهما ، ثم قلت في نفسي : لو أنني عاودته فسألته أسمع هذا من جابر ؟ فسألته ، فقال : منه ما سمعت ، ومنه ما حدثت به ، فقلت أعلم لي على ما سمعت منه ، فأعلم بي على هذا الذي عندي ثم قال الذهبي وفي «صحيح مسلم» عدة أحاديث مما لم يوضح فيها أبو الزبير السماع من جابر ، ولا هي من طريق الليث عنه ، ففي القلب منها شيء.
وقال الحافظ في ترجمته من «التقريب» . صدوق إلا أنه يدلس.
وأورده في المرتبة الثالثة من كتابه «طبقات المدلسين» (ص ، 15) وقال في مقدمة الكتاب في صدد شرح مراتبه : الثالثة : من أكثر من التدليس فلم يحتج الأئمة من أحاديثهم إلا بما صرحوا فيه بالسماع ، ومنهم من رد حديثهم مطلقا ، ومنهم من قبلهم ، كأبي الزبير المكي.

6069 - (م) أنس بن مالك - رضي الله عنه - «أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم- أخذ سيفاً يوم أحُد ، فقال: مَن يأخذُ مني هذا ؟ فبسطوا أيديَهم - كلُّ إنسان منهم يقول : أنا ، أنا - فقال : فمن يأخذه بحقه ؟ فأحْجَم القومُ ، فقال سِماك بن خَرَشَة ، أبو دُجَانَة : أَنا آخُذُه بحقِّه ، قال : فأخذه فَفَلَقَ به هَامَ المشركين» . أخرجه مسلم (1) .
__________
(1) رقم (2470) في فضائل الصحابة ، باب من فضائل أبي دجانة .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه مسلم (2470) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، حدثنا عفان ، حدثنا حماد بن سلمة ، حدثنا ثابت ، عن أنس فذكره.

6070 - (خ ت) أبو طلحة - رضي الله عنه - قال : «كنتُ فيمن تغشَّاه النُّعاسُ يوم أُحُد ، حتى سقط سيفي من يدي مراراً ، يسقط وآخذُه ، -[245]- ويسقط وآخذه» أخرجه البخاري.
وفي رواية الترمذي قال : «غُشِيَنا ونحن في مَصَافِّنا يومَ أُحُد ، وحَدَّث أنه كان فيمن غَشِيَهُ النُّعاس يومئذ ، قال : فجعل سيفي يسقط من يدي وآخذُه ، ويسقط من يدي وآخذهُ ، والطائفة الأخرى المنافقون ليس لهم هَمّ إلا أنفسَهم ، أجْبَنَ قومٍ وأرْعَبَه وأخْذَلَه للحق» .
وفي أخرى له قال : «رفعتُ رأسي يوم أُحُد ، فجعلتُ أنظر ، وما منهم يومئذ أحد ، إلا يَمِيدُ تحت حَجفَتِه من النُّعاس ، فذلك قوله تعالى : {ثُمَّ أَنْزَلَ عليكم مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أمَنَةً نُّعَاساً} [آل عمران : 154] (1)» .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(أرْعَبَه) الرُّعْب : الخوف والفزع.
(تميد) ماد الشيء يميد : إذا تحرَّك ، ومال من جانب إلى جانب.
(أمَنَة) الأمَنَة والأمن واحد.
__________
(1) رواه البخاري 7 / 280 في المغازي ، باب {ثم أنزل عليكم من بعد الغم أمنة نعاساً} ، وفي تفسير سورة آل عمران ، باب قوله تعالى : {أمنة نعاساً} ، والترمذي رقم (3010) و (3011) في التفسير ، باب ومن سورة آل عمران .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
البخاري في التفسير (3/11) عن أبي يعقوب إسحاق بن إبراهيم بن عبد الرحمن ، عن حسين بن محمد ، عن شيبان ، وفي المغازي (21) قال لي خليفة ثنا يزيد بن زريع ، عن سعيد.
كلاهما عن قتادة عن أنس عن زيد بن سهل قال :قال أبو طلحة ، والترمذي في التفسير (آل عمران 4:19) عن يوسف بن حماد ، عن عبد الأعلى ، عن سعيد عن أنس عن زيد بن سهل ، وهو أتم و (آل عمران 4:17) عن عبد بن حميد ، عن روح بن عبادة ، عن حماد بن سلمة ، عن ثابت عن أنس عن زيد بن سهل بمعناه «رفعت رأسي يوم أحد ، وجعلت أنظر وما منهم يومئذ أحد إلا يميد تحت حجفته من النعاس» ، وقال : حسن صحيح. والنسائي فيه التفسير ، في الكبرى ، عن عمرو بن علي ، عن ابن مهدي ، عن حماد نحوه. وعن محمد بن مثنى عن خالد بن الحارث ، عن قتيبة ، عن ابن أبي عدي.
كلاهما عن حميد ، عن أنس قال : قال أبو طلحة : كنت فيمن ألقى عليه النعاس. فذكر نحوه الأشراف (3/246) .

6071 - (خ م س) جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - قال : قال رجل لرسولِ الله - صلى الله عليه وسلم- يوم أُحُد : «أرأيتَ إنْ قُتِلتُ أين أنا ؟ قال : في الجنة ، -[246]- قال : فألْقى تمْرات في يده ، ثم قاتل حتى قُتل» أخرجه البخاري ومسلم والنسائي (1) .
__________
(1) رواه البخاري 7 / 273 في المغازي ، باب غزوة أحد ، ومسلم (1899) في الإمارة ، باب ثبوت الجنة للشهيد ، والنسائي 6 / 33 في الجهاد ، باب ثواب من قتل في سبيل الله عز وجل .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح : أخرجه الحميدي (1249) وأحمد (3/308) والبخاري (5/121) قال : حدثنا عبد الله بن محمد ، ومسلم (6/43) قال : حدثنا سعيد بن عمرو الأشعثي ، وسويد بن سعيد ، والنسائي (6/33) قال : أخبرنا محمد بن منصور.
ستتهم - الحميدي ، وأحمد ، وعبد الله بن محمد ، والأشعثي ، وسويد ، ومحمد بن منصور - عن سفيان ، عن عمرو ، فذكره.

6072 - (خ م) سعيد بن المسيب - رحمه الله - قال : سمعتُ سعد بن أبي وقَّاص يقول : «نَثَلَ لي النبيُّ - صلى الله عليه وسلم- كِنَانَتَهُ يوم أحُد ، فقال : ارْمِ ، فداك أبي وأمِّي» .
وفي رواية عامر بن سعد عن أبيه «أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم- جمع له أبويه يوم أُحُد ، قال : كان رجل من المشركين قد أحرق المسلمين ، فقال له النبيُّ - صلى الله عليه وسلم- : ارمِ ، فِداك أبي وأمي ، قال : فنزعتُ له بسهم ليس فيه نَصل ، فأصبتُ جَنْبَه ، فسقط فانكشفت عَوْرَتُه ، فضحكَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- ، حتى نظرتُ إلى نواجذه» . أخرجه مسلم.
وأخرج هو والبخاري قال : «جمع لي رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- أبويه يوم أُحُد» لم يزد على هذا (1) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(كِنانته) الكنانة : الجَعبة التي يكون فيها النُّشَاب. -[247]-
(نَثَل) ما فيها : ألقاه منها ونثره.
__________
(1) رواه البخاري 7 / 276 في المغازي ، باب {إذ همت طائفتان منكم أن تفشلا والله وليهما} ، وفي فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، باب مناقب سعد بن أبي وقاص ، ومسلم رقم (2411) و (2412) في فضائل الصحابة ، باب في فضل سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح : أخرجه البخاري (5/154) قال : حدثني عبد الله بن محمد. والنسائي في عمل اليوم والليلة (197) قال : أخبرنا محمد بن خليل.
كلاهما - عبد الله ، ومحمد بن خليل - عن مروان بن معاوية ، قال : حدثنا هاشم بن هاشم السعدي ، قال : سمعت سعيد بن المسيب ، فذكره.

6073 - (خ م) سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه - قال : «رأيتُ على يمين رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم- وعلى شِماله يوم أُحُد : رجلين عليهما ثياب بَيَاض ، يُقاتلان عنه كأشَدِّ القتال ، ما رأيتهما قبلُ ولا بعدُ - يعني جبريل وميكائيل عليهما السلام» . أخرجه البخاري ومسلم (1) .
__________
(1) رواه البخاري 7 / 276 في المغازي ، باب {إذ همت طائفتان منكم أن تفشلا والله وليهما} ، وفي اللباس ، باب الثياب البيض ، ومسلم رقم (2306) في الفضائل ، باب في قتال جبريل وميكائيل عن النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح :
1- أخرجه أحمد (1/171) (1468) قال : حدثنا سليمان بن داود الهاشمي. وفي (1/171) (1471) قال : حدثنا يعقوب. وسعد والبخاري (5/124) قال : حدثنا عبد العزيز بن عبد الله. ومسلم (7/72) قال : حدثني إسحاق بن منصور ، قال : أخبرنا عبد الصمد بن عبد الوارث.
خمستهم - سليمان ، ويعقوب ، وسعد ، وعبد العزيز ، وعبد الصمد - عن إبراهيم بن سعد.
2- وأخرجه أحمد (1/177) (1530) قال : حدثنا محمد بن عبيد والبخاري (7/192) قال : حدثنا إسحاق بن إبراهيم الحنظلي ، قال : أخبرنا محمد بن بشر. ومسلم (7/72) قال : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، قال : حدثنا محمد بن بشر ، وأبو أسامة.
ثلاثتهم - محمد بن عبيد ، وابن بشر ، وأبو أسامة حماد بن أسامة - عن مسعر.
كلاهما - إبراهيم بن سعد ، ومسعر - عن سعد بن إبراهيم ، عن أبيه ، فذكره.

6074 - (خ) جعفر بن عمرو بن أمية الضمري - رحمه الله - قال : «خرجتُ مع عبيد الله بن عدي بن الخيار ، فلما قَدِمنا حِمْصَ ، قال لي عبيدُ الله : هل لكَ في وَحْشِيّ نسألُه عن قتل حمزةَ ؟ قلت : نعم ، وكان وَحْشيّ يسكن حمصَ ، فسألنا عنه ؟ فقيل لنا : هو ذاك في ظلِّ قصره ، كأنه حَمِيت ، قال : فجئنا حتى وقفنا عليه يسيراً ، فسلَّمنا ، فردَّ السلام ، قال : وعبيدُ الله مُعْتَجِرٌ بعمامته ، ما يرى وحشيّ إلا عَيْنيه ورجليه ، فقال عبيدُ الله : يا وحْشيُّ ، أتعرفني ؟ قال : فنظر إليه ، ثم قال : لا والله ، إلا أني أعلم أن عديَّ بنَ الخيار تزوج امرأة يُقال لها : أمُّ قِتال بنتُ أبي العِيص ، فولدت له غلاماً بمكة ، فكنتُ أسْتَرْضِعُ له ، فحملتُ ذلك الغلام مع أمه ، فناولتُها إياه ، فكأنِّي نظرتُ إلى قَدَمَيْك ، قال : فكشف عبيدُ الله عن وجهه ، ثم -[248]- قال : ألا تخبرنا بقتل حمزةَ ؟ قال : نعم ، إن حمزة قتَلَ طُعَيْمةَ بنَ عدي بن الخيار ببدر ، فقال لي مولايَ جبير بن مطعم : إن قتلت حمزةَ بعمِّي فأنتَ حُرّ ، قال : فلما خرج الناسُ عام عَيْنَيْن - وعينين جبل بحيال أُحد ، بينه وبينه واد - خرجتُ مع الناس إلى القتال ، فلما أن اصطفُّوا للقتال خرج سِباع (1) ، فقال : هل من مُبارِز ؟ قال : فخرج إليه حمزةُ بن عبد المطلب ، فقال : يا سباعُ ، يا ابنَ أمِّ أنمار مُقَطِّعةِ البُظُورِ ، أتُحادُّ الله ورسولَه ؟ قال : ثم شدَّ عليه ، فكان كأمسِ الذاهب ، قال : وكمَنْتُ لحمزة تحت صخرة ، فلما دنا مني رميتُه بحَرْبَتي ، فأضعها في ثُنَّتِه (2) ، حتى خرجتْ من بين وَرِكَيه ، قال : فكان ذلك العهدُ به ، فلما رجع الناس رجعتُ معهم ، فأقمتُ بمكة حتى فشا فيها الإسلامُ ، ثم خرجتُ إلى الطائف ، فأرسلوا إلى رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم- رُسُلاً ، وقيل لي : إنه لا يَهِيجُ الرسلَ ، قال : فخرجتُ معهم ، حتى قَدِمْتُ على رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم- ، فلما رآني قال : أنت وحشيّ ؟ قلت : نعم ، قال : أنت قتلت حمزة ؟ قلتُ : قد كان من الأمر ما [قد] بلغك ، قال : فهل تستطيع أن تُغَيِّبَ وجهك عني ؟ قال : فخرجت ، فلما قُبض رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- ، فخرج مسيلمةُ الكذاب قلتُ : لأخرجنَّ إلى مسيلمة لعلي أقتله ، فأُكافئَ به حمزة ، قال : فخرجتُ مع الناس ، فكان من أمره ما كان ، فإذا رجل قائم في ثَلْمَةِ جدار كأنه جمل أوْرَقُ ، ثائرُ الرأس ، قال : فرميتُه بحربتي ، فأضعها بين ثَدْيَيْه -[249]- حتى خرجت من بين كتفيه ، قال : ووثَب رجل من الأنصار ، فضربه بالسيف على هامَتِه ، قال عبد الله بن الفضل : فأخبرني سليمان بن يسار : أنه سمع عبد الله بن عمر يقول : فقالت جارية على ظهر بيت : وَا أميرَ المؤمنين ، قتله العبد الأسودُ» أخرجه البخاري (3) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(حَمِيت) الحَمِيت : الزق الذي لا شعر عليه ، وهو للسَّمن ، قال الجوهري : قال ابن السِّكِّيت : فإذا جعل في نِحْي السمن الرُّبِّ فهو الحَمِيت ، وإنما سمي حَميتاً لأنه مُتِّنَ بالرُّبِّ ، أي : قوي وشدد.
(مُعْتَجر) الاعْتِجار بالعمامة : لَفُّها على الرأس ، دون أن يُتْرَك تحت الذقن منها شيء ، قال الحميدي : وقد جاء في هذا الحديث ، " وما يرى وحشي منه إلا عينيه ورجليه " فلعله كان قد غطى وجهه بعد الاعتجار.
(بحيال) حِيال الشيء : مُقابِلُه.
(مقطِّعة البُظُور) : بظور النساء : اللاتي تُخْفَض منهن ، أي : تختن ، والمقطِّعة : التي تخفِض النساء.
(أتُحادُّ ؟) المُحادَّة : المخالفة ، ومنع الواجب عليه.
-[250]-
(شدَّ عليه) أي : حمل عليه ، وعدا إليه.
(ولا يهيج) هاج الإنسان يهيجه : إذا أفزعه وآذاه.
(فأُكافئ) المكافأة : المجازاة.
(أوْرَق) الوُرْقَة في ألوان الإبل : كالسُّمْرة في الإنسان.
(على هَامَتِه) الهامة : وسط الرأس.
__________
(1) هو سباع بن عبد العزى الخزاعي .
(2) أي : في عانته .
(3) 7 / 282 - 284 في المغازي ، باب قتل حمزة .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه البخاري (4072) حدثني أبو جعفر محمد بن عبد الله ، حدثنا حجين بن المثنى ، حدثنا عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة ، عن عبد الله بن الفضل ، عن سليمان بن يسار ، عن جعفر بن عمرو بن أمية الضمري فذكره.

6075 - (ط) يحيى بن سعيد : «أنه لما كان يوم أحد قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- : من يأتيني بخبر سعد بن الربيع ؟ فقال رجل : أنا يا رسولَ الله ، فذهب الرجل يطوف بين القتلى حتى وجده ، فقال له سعد بن الربيع : ما شأنك ؟ قال : بعثني رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- لآتيه بخبرك ، قال : فاذهب إليه فأقْرِئْهُ مني السلام ، وأخبره أني طُعِنْتُ اثْنتي عشرة طعنة ، كُلُّها قد أُنْفِذت مقاتلي ، واسأله أن يستغفر لي ، وأخبر قومك : أنه لا عذر لهم عند الله إن قُتل رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- وفيهم عين تَطْرِف ، أو أحد حي» .
أخرجه «الموطأ» وليس فيه «واسأله أن يستغفر لي» ولا «عين تطرِف» (1) .
__________
(1) 2 / 466 في الجهاد ، باب الترغيب في الجهاد ، وإسناده معضل ، قال الزرقاني في " شرح الموطأ " : قال ابن عبد البر : هذا الحديث لا أحفظه ، ولا أعرفه مسنداً ، وهو محفوظ عند أهل السير ، وقد ذكره محمد بن إسحاق عن محمد بن عبد الله بن عبد الرحمن بن صعصعة المازني ، قال الزرقاني : قال الحافظ : وفي الصحيح من حديث أنس ما يشهد لبعضه .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه مالك في الموطأ بشرح الزرقاني (3/58) عن يحيى بن سعيد ، فذكره.
قال الزرقاني: قال ابن عبد البر : هذا الحديث لا أحفظه ، ولا أعرفه مسندا ، وهو محفوظ عند أهل السير وقد ذكره محمد بن إسحاق عن محمد بن عبد الله بن عبد الرحمن بن صعصعة. المازني ، قال الزرقاني : قال الحافظ : وفي الصحيح من حديث أنس ما يشهد لبعضه.

6076 - (خ م س) جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - قال : «أصيب -[251]- أبي يوم أحُد ، فجعلت أكشف الثوب عن وجهه وأبكي ، وجعلوا يَنْهَونَني ورسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- لا ينهاني ، وجعلت فاطمةُ بنت عمرو تبكيه ، فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- : تبكيه أو لا تبكيه ، ما زالت الملائكة تُظِلُّه بأجنحتها حتى رفعتموه» .
وفي رواية «لما كان يوم أحُد جيء بأبي مُسَجَّى ، وقد مُثِل به - وفي أخرى : جيء بأبي يوم أُحُد مُجدَّعاً - فوضع بين يدي النبي - صلى الله عليه وسلم- ...» بنحوه.
أخرجه البخاري ومسلم ، والنسائي نحوه (1) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(المُسَجَّى) : المُغطى.
(مُثِل به) التمثيل بالقتيل : تشويه خلقته بجدع أو قطع عضو من أعضائه.
(مجدَّعاً) الجدع : قطع الأنف ونحوه من الأعضاء.
__________
(1) رواه البخاري 3 / 92 في الجنائز ، باب الدخول على الميت بعد الموت إذا أدرج في أكفانه ، وباب ما يكره من النياحة على الميت ، وفي الجهاد ، باب ظل الملائكة على الشهيد ، وفي المغازي تعليقاً ، باب من قتل من المسلمين يوم أحد ، ومسلم رقم (2471) في فضائل الصحابة ، باب من فضائل عبد الله بن عمرو بن حرام والد جابر رضي الله عنهما ، والنسائي 4 / 13 في الجنائز ، باب في البكاء على الميت .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
البخاري في الجنائز (34) عن علي بن عبد الله ، وفي الجهاد (20) عن صدقة بن الفضل ، ومسلم في الفضائل (72:1) عن القواريري وعمرو الناقد والنسائي في الجنائز (12) عن محمد بن منصور.
خمستهم عن سفيان بن عيينة عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله. الأشراف (2/364) .

6077 - (د) السائب بن يزيد - رضي الله عنه - «عن رجل قد سمَّاه أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم- ظاهر يوم أُحد بين دِرْعين ، أو لَبِسَ دِرْعَين» . أخرجه أبو داود (1) . -[252]-

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(ظَاهَر) بين درعين ، أي : لبس إحداهما فوق الأخرى.
__________
(1) رقم (2590) في الجهاد ، باب في لبس الدروع ، ورواه أيضاً أحمد في " المسند " 3 / 449 ، وابن ماجة رقم (2806) في الجهاد ، باب السلاح ، وإسناده حسن .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه أبو داود (2590) حدثنا مسدد ، ثنا سفيان ، قال : حسبت أني سمعت يزيد بن خصيفة ، يذكر ، عن السائب بن يزيد ، عن رجل قد سماه ، فذكره.

6078 - (خ م) أبو هريرة - رضي الله عنه- قال : قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- يوم أُحُد : «اشتد غضب الله على قوم فعلوا بنبيه - يشير إلى ربَاعِيَتهِ- اشْتَدَّ غضبُ الله على رجل يقتلُهُ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- في سبيل الله» أخرجه البخاري ومسلم (1) .
__________
(1) رواه البخاري 7 / 286 في المغازي ، باب ما أصاب النبي من الجراح يوم أحد ، ومسلم رقم (1793) في الجهاد ، باب اشتداد غضب الله على من قتله رسول الله صلى الله عليه وسلم .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح : أخرجه أحمد (2/317) والبخاري (5/129) قال : حدثنا إسحاق بن نصر ، ومسلم (5/179) قال : حدثنا محمد بن رافع.
ثلاثتهم - أحمد بن حنبل ، وإسحاق بن نصر ، ومحمد بن رافع - عن عبد الرزاق بن همام. قال : حدثنا معمر ، عن همام بن منبه ، فذكره.

6079 - (خ) عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما- قال : قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- : «اشتدَّ غضبُ الله على مَن قتله نبيّ في سبيل الله ، اشتد غضبُ الله على قَوْم أدْمَوْا وجهَ نبيّ الله» أخرجه البخاري (1) .
__________
(1) 7 / 287 في المغازي ، باب ما أصاب النبي صلى الله عليه وسلم من الجراح يوم أحد .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه البخاري (4074) حدثني مخلد بن مالك ، حدثنا يحيى بن سعيد الأموي ، حدثنا ابن جريج ، عن عمرو بن دينار ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، فذكره.

6080 - (م ت خ) أنس بن مالك - رضي الله عنه- «أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم- كُسِرَتْ رَباعِيَتُه يوم أُحُد ، وشُجَّ في رأسه ، فجعل يَسْلُتُ الدمَ عن وجهه ، ويقول : كيف يُفْلِحُ قوم شَجُّوا نبيَّهم ، وكسروا ربَاعِيَتَهُ ، وهو يدعوهم إلى الله ، فأنزل الله عز وجل {لَيْسَ لَكَ مِنَ الأمْرِ شَيءٌ أَوْ يَتُوبَ عليهم أَو يُعَذِّبَهُمْ فإنَّهمْ ظَالِمون} [آل عمران : 128] .
أخرجه مسلم والترمذي ، وأخرج البخاري ذكر الشَّجِّ والآية في ترجمة باب (1) . -[253]-

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(شجَّ) رأسه : إذا شَق جلدَه وأجْرَى دمه.
(يَسْلُت) سَلَتَ الدم عن الجرح : إذا مسحه.
__________
(1) رواه مسلم رقم (1791) في الجهاد ، باب غزوة أحد ، والترمذي رقم (3005) و (3006) في -[253]- التفسير ، باب ومن سورة آل عمران . ورواه البخاري تعليقاً 7 / 281 في المغازي ، باب {ليس لك من الأمر شيء} فقال : قال حميد وثابت عن أنس : شج النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد ، فقال : كيف يفلح قوم شجوا نبيهم ، فنزلت {ليس لك من الأمر شيء} ، قال الحافظ في " الفتح " : أما حديث حميد فوصله أحمد والترمذي والنسائي من طرق عن حميد به ، وأما حديث ثابت فوصله مسلم من رواية حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح : أخرجه أحمد (3/253 ، 288) قال : حدثنا عفان وعبد بن حميد (1204) قال : حدثنا روح بن عبادة. ومسلم (5/179) قال :حدثنا عبد الله بن مسلمة بن قعنب.
ثلاثتهم - عفان ، وروح ، والقعنبي - قالوا : حدثنا حماد بن سلمة ، عن ثابت ، فذكره.
وذكره البخاري تعليقا (7/281) في المغازي باب ليس لك من الأمر شيء فقال : قال حميد وثابت عن أنس شجب النبي -صلى الله عليه وسلم- يوم أحد ، فقال :كيف يفلح قوم شجوا نبيهم ، فنزلت ليس لك من الأمر شيء قال الحافظ في الفتح : أما حديث حميد فوصله أحمد والترمذي والنسائي من طرق عن حميد به ، وأما حديث ثابت فوصله مسلم من رواية حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس.

6081 - (م) أنس بن مالك - رضي الله عنه- أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم- كان يقول يوم أُحُد «اللهم إنك إنْ تَشَأْ لا تُعبَدْ في الأرض» . أخرجه مسلم (1) .
__________
(1) رقم (1743) في الجهاد ، باب استحباب الدعاء بالنصر عند لقاء العدو .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه مسلم (1743) حدثني حجاج بن الشاعر ، حدثنا عبد الصمد ، حدثنا حماد ، عن ثابت، عن أنس ، فذكره.

6082 - (خ) السائب بن يزيد - رضي الله عنه - قال : «صحبتُ ابنَ عوف ، وطلحةَ بنَ عبيد الله ، والمقدادَ ، وسعداً ، فما سمعتُ أَحداً منهم يحدِّث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- ، إِلا أَني سمعتُ طلحةَ يُحَدِّثُ عن يَوْمِ أُحُد» . أَخرجه البخاري (1) .
__________
(1) 7 / 278 في المغازي ، باب {إذ همت طائفتان منكم أن تفشلا والله وليهما} ، وفي الجهاد ، باب من حدث بمشاهده في الحرب .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه البخاري (4062) حدثنا عبد الله بن أبي الأسود ، حدثنا حاتم بن إسماعيل ، عن محمد بن يوسف ، قال : سمعت السائب بن يزيد ، فذكره.

6083 - (خ) جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - قال : «اصْطَبَحَ الْخَمْرَ يَومَ أُحُد ناس [ثم] قُتِلُوا شُهَدَاءَ (1)» . -[254]- أخرجه البخاري (2) .
__________
(1) وذلك دليل على أن تحريم الخمر كان بعد أحد ، وقد قال البخاري في تفسير سورة المائدة : عن جابر قال : صبَّح أناس غداة أحد الخمر ، فقتلوا من يومهم جميعاً شهداء ، وذلك قبل تحريمها .
(2) 7 / 273 في المغازي ، باب غزوة أحد ، وفي الجهاد ، باب قول الله تعالى : {ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً بل أحياء عند ربهم يرزقون} ، وفي تفسير سورة المائدة ، باب {إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان} .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه البخاري (4044) أخبرني عبد الله بن محمد ، حدثنا سفيان بن عمرو ، عن جابر ، فذكره.

6084 - (خ م) عائشة - رضي الله عنها - {الَّذينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ والرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ القَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ واتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ} [آل عمران : 172] قالت لعروةَ : «يا ابنَ أُخْتي ، كانَ أَبوَاكَ مِنْهُم الزبيرُ وَأَبو بَكْر ، لمَّا أَصَابَ نبيَّ الله - صلى الله عليه وسلم- ما أَصابَ يومَ أُحد ، فانصرف عنه المشركون خَافَ أَنْ يَرْجِعُوا ، فقال : مَنْ يَذهبُ في إثْرِهِم ؟ فانتدب منهم سبعون رَجُلاً ، قال : كان فيهم أبو بكر والزُّبَيْرُ» . أخرجه البخاري ومسلم.
وفي رواية : قال عُروة : قالت لي عائشةُ : «أَبَواكَ واللهِ من الذين استجابوا للهِ والرسولِ من بعد ما أصابهم القَرْحُ - زاد في رواية - تعني : أبا بكر والزبيرَ» (1) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(القَرح) : الجُرح ، وأراد به : ما نالهم من القتل والهزيمة. -[255]-
(فانْتَدب) أي : أجاب وبادر إلى الأمر المطلوب.
__________
(1) رواه البخاري 7 / 287 في المغازي ، باب {الذين استجابوا لله والرسول} ، ومسلم رقم (2418) في فضائل الصحابة ، باب فضل طلحة والزبير رضي الله عنهما .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح :
1- أخرجه الحميدي (263) قال : حدثنا سفيان. والبخاري (5/130) قال : حدثنا محمد. قال : حدثنا أبو معاوية ومسلم (7/129) قال : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. قال : حدثنا ابن نمير وعبدة. (ح) وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. قال : حدثنا أبو أسامة. وابن ماجة (124) قال : حدثنا هشام بن عمار وهدية بن عبد الوهاب. قالا : حدثنا سفيان بن عيينة.
خمستهم - سفيان بن عيينة ، وأبو معاوية ، وعبد الله بن نمير ، وعبدة بن سليمان ، وأبو أسامة - عن هشام بن عروة.
2- وأخرجه مسلم (7/129) قال : حدثنا أبو كريب محمد بن العلاء. قال : حدثنا وكيع. قال : حدثنا إسماعيل ، عن البهي.
كلاهما - هشام بن عروة ، وعبد الله البهي - عن عروة ، فذكره.

غزوة الرَّجيع (1)
قال البخاري : قال ابن إسحاق : حدثنا عاصم بن عمر : أنها بعد أُحُد (2) .
6085 - (خ د) أبو هريرة - رضي الله عنه - قال : «بَعَثَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم- سَرِيَّة عَيْناً ، وأمَّرَ عليهم عاصمَ بنَ ثابت (3) - وهو جدُّ عاصم بن عمر بن الخطاب - فانطلقوا ، حتى إذا كانوا بين عُسْفَانَ ومكةَ ذُكِرُوا لِحَيّ مِنْ هُذَيل ، يقال : لهم بنو لِحْيَان ، فَتَبِعُوهُمْ بقريب من مائة رام ، فاقْتَفَوْا آثارهم ، حتى أَتَوْا منزلاً نَزَلُوهُ ، فوجدوا فيه نَوَى تمر تَزَوَّدُوه من المدينة ، فقالوا : هذا تمرُ يثربَ ، فَتَبِعُوا آثارهم حتى لَحِقُوهُمْ ، فلما أَحسَّ بهم عاصم وأصحابُه ، لجؤوا إلى فَدفَد ، وجاء القوم ، فأحاطوا بهم ، فقالوا : لكم العهد والميثاق : إن نزلتم إلينا أنْ لا نَقْتُلَ منكم رَجُلاً ، فقال عاصم : أمَّا أنا فلا أنزل في ذِمَّةِ كافر ، اللهم أخْبِر عنَّا رسولَكَ ، -[256]- فقاتلوهم ، فَرَمْوهُمْ حتى قَتلوا عاصماً في سبعةِ نَفَر بالنَّبْلِ ، وَبَقِيَ خُبَيْب وزيد ، ورجل آخرُ ، فأعطَوْهُمُ العَهْدَ والميثاقَ ، فلما أَعْطَوْهم العهدَ والميثاقَ نزلوا إِليهم ، فلما استمكَنُوا منهم ، حَلُّوا أَوْتَارَ قِسِيِّهِم فَرَبَطُوهم بها ، فقال الرجل الثالث الذي معهم : هذا أَوَّلُ الغَدْرِ ، فأَبَى أَن يَصْحَبَهُم ، فجرَّرُوهُ وعالجوه على أن يَصْحَبَهُمْ ، فلم يفعلْ ، فقتلوه ، وانطلقوا بخُبَيْب وزيد ، حتى باعوهما بمكة ، فاشترى خُبيباً بنو الحارث بن عامر بن نوفل ، وكان خبيب هو قتل الحارثَ يومَ بدر ، فمكثَ عندهم أسيراً ، حتى إذا أَجْمَعُوا قَتْلَهُ ، استعار موسى من [بعض] بنات الحارث ، لِيَسْتَحِدَّ بها ، فأعارَتْه ، قالت : فَغَفَلْتُ عَنْ صَبيّ لي ، فَدَرَجَ إليه حتى أتاه ، فوضعه على فخذه ، فلما رأيتُهُ فَزِعتُ منه فَزْعَة عَرفَ ذلك مني ، وفي يده الموسى ، فقال : أَتَخْشَيْنَ أَنْ أَقْتُلَهُ ؟ ما كنتُ لأفعل ذلك إن شاء الله ، وكانت تقول : ما رأيتُ أسيراً قَطُّ خيراً من خُبَيْب ، لقد رأيتُهُ يأكلُ من قِطْفِ عِنَب وما بمكة يومئذ ثَمَرَة ، وإنَّه لموثَق في الحديد ، وما كان إلا رزق رزقه الله خُبَيْباً (4) ، فلما خرجوا به من الحَرَم ليقتلوه ، قال : دَعُوني أُصلِّي ركعتين ، ثم انصرف إليهم ، فقال : لولا أن تَرَوا أَنَّ ما بي جَزَع من الموت لَزِدْتُ ، فكان أَوَّلَ مَنْ سَنَّ الركعتين عند القتل ، وقال : اللهم أحصِهِمْ عَدَداً. -[257]-
وقال :
فَلَسْتُ أُبالي حِينَ أُقْتَلُ مُسْلِماً ... عَلى أَيِّ شِقّ كَانَ في الله مَصْرَعِي
وَذَلِكَ في ذَاتِ الإِلَهِ ، وَإِن يَشَأْ ... يُبَارِكْ على أَوصَالِ شِلْوٍ مُمَزَّعِ
ثم قام إليه عُقبةُ بنُ الحارث ، فقتله ، وبعثتْ قريش إلى عاصم ، ليُؤتَوْا بشيء من جسده بعد موته (5) - وكان قَتل عظيماً من عظمائهم يوم بدر - فبعث الله عليه مثل الظُّلَّة من الدَّبْرِ ، فحمتْهُ [من رُسُلهم] ، فلم يقدروا منه على شيء» .
وفي رواية قال : «بعثَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- عَشْرَة رَهْط عيناً ، وأَمَّر عليهم عاصمَ بنَ ثابت الأنصاريَّ - جدّ عاصم بن عمر بن الخطاب - ، فانطلقوا حتى إذا كانوا بالهدْأَة ، بين عسفان ومكةَ...» وذكر الحديث.
وفي رواية : «بقريب من مائتي رجل ، [كلُّهم رامٍ]» ، وفيه : «لجؤوا إلى موضع» ، وفيه فقال عاصم : «أيها القوم ، أما أنا» ، وفيه : «منهم خُبيب وزيد بن الدّثِنَّة» ، وفيه «حتى باعوهما بمكة بعد وقعة بدر ، فابتاع بنو الحارث بن عامر بن نوفل بن عبد مناف خُبَيْباً» وفيه «فلما أخرجوه من الحرم ليقتلوه في الحِلِّ» ، وفيه قال : «اللهم أحصهم عَدَداً ، واقتُلهم بَدَداً ، ولا تُبْقِ منهم أحداً» . -[258]-
وقال :
وَلَسْتُ أُبالي حِينَ أُقْتَلُ مُسْلِماً ... عَلى أي جَنْب كان في الله مَصرَعي
وذلك في ذاتِ الإله ، وإن يشأْ ... يُبَارِكْ على أَوصَالِ شِلْوٍ مُمَزَّعِ
ثم قام إليه أبو سَروَعة ، عقبةُ بن الحارث [فقتله] ، وكان خبيب هو سَنَّ لكلِّ مسلم قُتِلَ صبراً : الصلاةَ ، وأخبر - يعني النبيَّ - صلى الله عليه وسلم- أصحابَهُ يوم أصيبوا خَبَرَهُمْ ، وبَعَثَ ناس من قريش إلى عاصم بن ثابت ، حين حُدِّثوا : أنه قُتِلَ - أن يُؤتَوْا بشيء منه يُعْرَفُ ، وكان قَتَلَ رَجُلاً من عظمائهم ، فبعث الله لعاصم مثل الظُّلَّةِ من الدَّبْرِ ، فَحَمْتهُ من رُسُلهم ، فلم يقدِروا أن يقطعوا منه شيئاً. أخرجه البخاري.
وأخرجه أبو داود إلى قوله : «يستحدُّ بها» ، ثم قال : «فلما خرجوا به ليقتلوه ، قال لهم خُبَيْب : دعوني أركعُ رَكْعتين ، ثم قال : والله ، لولا أن تحسبوا أن ما بي جزع لزدتُ» .
وأخرجه في موضع آخر قال : «ابتاع بنو الحارث بن عامر بن نوفل خُبَيْباً - وكان خُبيب هو قتل الحارث بن عامر يوم بدر - فلبث خبيب عندهم أسيراً ، حتى أجمعوا على قتله ، فاستعار من بعض بنات الحارث موسى يستحدُّ بها ، فأَعارته...» وذكر الحديث إلى قوله : ما كنتُ لأفعلَ ذلك.
قال أبو داود : وروى الزهريُّ هذه القصة ، قال : أخبرني عبيد الله بن عياض : «أنَّ بنتَ الحارث أخبرتْهُ : أَنَّهم حين اجتمعوا - يعني لقتله - استعار -[259]- منها موسى ليستحدَّ بها ، فأعارتْهُ» ، وهذه الحكاية عن الزهريِّ قد أخرجها البخاريُّ أيضاً في رواية له (6) .
وفي رواية رزين زيادة : «قال عاصم : أما أنا فلا أنزل في ذِمّةِ كافر ، اللهم أَخْبِرْ عَنَّا رسولَكَ ، فجعل يرميهم ويقول :
ما عِلَّتي وأنا جَلد نَابلُ ... والقوسُ فيها وتَرٌ عُنَابِلُ»

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(فَدْفَد) الفَدْفَد : الموضع الذي فيه غِلَظٌ وارتفاع.
(عالجوه) أي : مارسوه ، وأراد به : أنهم خَدَعُوه لِيَتْبَعَهُم ، فأبى.
(ليستحدَّ) الاستحداد : حلق العانة. -[260]-
(قِطْفٌ) القِطْف : العُنْقُود ، وهو اسم لكل ما يُقْطَف.
(شِلْو) الشِّلْو : العضو من أعضاء الإنسان.
(ممزَّع) الممزَّع : المفرَّق.
(الظُّلّة) : الشيء الذي يُظَلِّل من فوق.
(الدَّبْر) : جماعة النَّحْل.
(بدَداً) البَدَد : المتفرِّقون أشتاتاً.
(صَبراً) قَتْل الصَّبْر : هو أن يُقْتَل بأي أنواع القتل كان ، من غير أن يكون في حرب ولا قتال.
(نَابِل) النَّابل : الذي معه النَّبل.
(عُنَابِل) العُنابل : الغليظ.
__________
(1) الرجيع في الأصل : اسم للروث ، سمي بذلك لاستحالته ، والمراد هنا : اسم موضع من بلاد هذيل كانت الوقعة بالقرب منه فسميت به ، وغزوة الرجيع كانت في أواخر السنة الثالثة للهجرة .
(2) ذكره البخاري تعليقاً 7 / 291 في المغازي ، باب غزوة الرجيع .
(3) هو عاصم بن ثابت بن أبي الأقلح - بالقاف والحاء المهملة - الأنصاري . قال الحافظ في " الفتح " : كذا في الصحيح : وأمر عليهم عاصم بن ثابت ، وفي السيرة أن الأمير عليهم كان مرثد بن أبي مرثد ، وما في الصحيح أصح .
(4) قال الحافظ في " الفتح " : قال ابن بطال : هذا يمكن أن يكون الله جعله آية على الكفار وبرهاناً لنبيه لتصحيح رسالته .
(5) الذي في نسخ البخاري المطبوعة : ليؤتوا بشيء من جسده يعرفونه .
(6) رواه البخاري 7 / 291 - 295 في المغازي ، باب غزوة الرجيع ، باب فضل من شهد بدراً وفي الجهاد ، باب هل يستأسر الرجل ومن لم يستأسر ، وفي التوحيد ، باب ما يذكر في الذات والنعوت وأسامي الله ، وأبو داود رقم (2660) و (2661) في الجهاد ، باب في الرجل يستأسر ، ورقم (3112) في الجنائز ، باب المريض يؤخذ من أظفاره وعانته . قال الحافظ في " الفتح " : وفي الحديث أن للأسير أن يمتنع من قبول الأمان ولا يمكن من نفسه ولو قتل أنفة من أنه يجري عليه حكم كافر ، وهذا إذا أراد الأخذ بالشدة ، فإن أراد الأخذ بالرخصة فله أن يستأمن ، وفيه الوفاء للمشركين بالعهد والتورع عن قتل أولادهم ، والتلطف بمن أريد قتله ، وإثبات كرامة الأولياء ، والدعاء على المشركين بالتعميم ، والصلاة عند القتل ، وفيه إنشاء الشعر وإنشاده عند القتل ، ودلالة على قوة يقين خبيب ، وشدته في دينه ، وفيه أن الله يبتلي عبده المسلم بما شاء كما سبق في علمه ليثيبه ، ولو شاء ربك ما فعلوه ، وفيه استجابة دعاء المسلم وإكرامه حياً وميتاً ، وغير ذلك من الفوائد مما يظهر بالتأمل ، وإنما استجاب الله له في حماية لحمه من المشركين ولم يمنعهم من قتله كما أراد من إكرامه بالشهادة ، ومن كرامته حمايته من هتك حرمته لقطع لحمه ، وفيه ما كان عليه مشركو قريش من تعظيم الحرم والأشهر الحرم .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح : أخرجه أحمد (2/294) قال : حدثنا سليمان بن داود. قال : أخبرنا إبراهيم بن سعد (ح) ويعقوب. قال : حدثنا أبي. وفي (2/310) قال : حدثنا عبد الرزاق. قال : حدثنا معمر والبخاري (4/82 و9/147) قال : حدثنا أبو اليمان. قال : أخبرنا شعيب. وفي (5/100) قال : حدثنا موسى بن إسماعيل. قال : حدثنا إبراهيم. وفي (5/132) قال : حدثني إبراهيم بن موسى. قال : أخبرنا هشام ابن يوسف ، عن معمر. وأبو داود (2660) قال : حدثنا موسى بن إسماعيل. قال : حدثنا إبراهيم ، يعني ابن سعد. وفي (2661) قال : حدثنا ابن عوف. قال : حدثنا أبو اليمان. قال : أخبرنا شعيب. والنسائي في الكبرى تحفة الأشراف (10/14271) عن عمران بن بكار بن راشد ، عن أبي اليمان ، عن شعيب.
ثلاثتهم - إبراهيم بن سعد ، ومعمر بن راشد ، وشعيب بن أبي حمزة - عن ابن شهاب الزهري ، عن عمرو بن أبي سفيان الثقفي ، فذكره.
(*) في رواية شعيب : عن الزهري. قال : فأخبرني عبيد الله بن عياض ، أن بنت الحارث أخبرته ، أنهم حين اجتمعوا استعار منها موسى يستحد بها فأعارته.. فذكر الحديث.
(*) في رواية إبراهيم بن سعد عند أحمد والبخاري : «عمر بن أسيد بن جارية الثقفي حليف بني زهرة» .
وفي رواية إبراهيم عند أبي داود : «عمرو بن جارية الثقفي حليف بني زهرة» .
وفي رواية شعيب عند البخاري وأبي داود : «عمرو بن أبي سفيان بن أسيد بن جارية الثقفي ، وكان حليف لبني زهرة» .
وفي رواية شعيب عند النسائي : «عمر بن أبي سفيان بن أسيد بن جارية الثقفي» .

6086 - (خ) جابر - رضي الله عنه - قال : «الذي قتل خبيباً : هو أبو سَرْوعة» . أخرجه البخاري (1) .
__________
(1) 7 / 296 في المغازي ، باب غزوة الرجيع .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه البخاري (4087) حدثنا عبد الله بن محمد ، حدثنا سفيان ، عن عمرو ، سمع جابرا ، فذكره.

غزوة بئر معونة
6087 - (خ م) أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال : «بعثَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- أقواماً من بني سُلَيم إلى بني عامر في سبعين» . -[261]-
وفي رواية «أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم- بعث خاله - أخاً لأمِّ سُلَيم ، واسمه : حرام في سبعين راكباً ، فلما قَدِمُوا قال لهم خالي : أَتَقَدَّمُكم ، فإن آمنوني حتى أُبَلِّغَهم عن رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم- ، وإلا كنتم مني قريباً ، فتقدَّم ، فآمنوه ، فبينما يُحدِّثهم عن رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم- ، إذ أَومَؤُوا إلى رجل منهم ، فطعنه فأنفذه ، فقال : الله أكبر ، فُزْتُ وربِّ الكعبة (1) ، ثم مالوا على بقية أصحابه ، فقتلوهم ، إلا رجلاً أعرجَ صَعِد الجبل. قال همام : وأُراه آخرَ معه ، فأخبر جبريلُ عليه السلام النبيَّ - صلى الله عليه وسلم- أنهم قد لَقُوا ربَّهم ، فرضي عنهم وأرضاهم ، قال : فكُنَّا نقرأُ : «أن بَلِّغوا قومَنا أَنَّا قد لَقِينا رَّبنا ، فرضي عَنَّا وأرضانا» ثم نسخ بعدُ ، فدعا عليهم أربعين صباحاً على رِعْل وذَكْوان [وبني لِحْيان] وبني عُصَيَّة الذين عَصَوُا الله ورسولَهُ» .
وفي رواية : «أن رِعلاً وذَكْوَانَ ، وبني لِحيان استمدُّوا رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم-[على عدوّ] فأمدَّهم بسبعين من الأنصار كُنَّا نسمِّيهم : القُراءَ في زمانهم ، كانوا يحتطبون بالنهار ، ويصلُّون بالليل ، حتى إذا كانوا ببئر مَعُونةَ قتلوهم ، وغدروا بهم ، فبلغ ذلك النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم- ، فقنتَ شهراً يدعو في الصبح على أَحياء من العرب ، على رِعْل وذَكْوان وعُصيةَ وبني لحيان ، قال أنس : -[262]- فقرأنا فيهم قرآناً ، ثم إن ذلك رُفِعَ (2) : بَلِّغوا [عَنَّا] قومَنا...» وذكره.
وفي رواية قال : «دعا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- على الذين قَتلوا أصحابَ بئرِ معونَة : ثلاثين صباحاً ، يدعو على رِعْل وذَكوان [ولِحيان] وعُصَيَّةَ ، عَصَتِ الله ورسولَهُ. قال أنس : فأنزلَ الله عز وجل لنبيِّه في الذين قُتلوا في بئر معونةَ قرآناً قرأناه ، حتى نسخَ بعدُ : أن بلِّغوا قومنا أنْ قد لَقينا رَّبنا ، فرضي عنا ، ورَضِينا عنه» . أخرجه البخاري ومسلم.
وللبخاري عن أنس قال : «لما طُعِنَ حَرَامُ بنُ مِلْحان - وكان خالَه - يوم بئر معونة ، قال بالدم هكذا ، فَنضحَه على وجهه ورأسه ، ثم قال : فُزتُ وربِّ الكعبة» .
ولمسلم قال : «جاء ناس إلى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم- ، فقالوا : ابعث معنا رجالاً يعلِّمونا القرآنَ والسُّنَّةَ ، فبعث إليهم سبعين رجلاً من الأنصار يقال لهم : القُرَّاءُ ، فيهم خالي حَرَام ، يقرؤون القرآنَ ، ويتدارَسُون بالليل يتعلَّمون وكانوا بالنهار يجيئون بالماء فيضعونه في المسجد ، ويحتطبون فيبيعونه ، ويشترون به الطعام لأَهل الصُّفَّة والفقراءِ ، فبعثهم النبيُّ - صلى الله عليه وسلم- إليهم ، فعرضوا لهم ، فقتلوهم قبل أن يبلُغوا المكان ، فقالوا : اللهم أبلغ عَنَّا نَبِيَّنا : أنا قد لَقِيناكَ ، -[263]- فَرَضينا عنكَ ، ورَضِيتَ عَنَّا ، قال : وأتى رجل حَرَاماً - خالَ أنس - من خَلْفِهِ ، فطعنه برُمح حتى أَنْفَذَهُ ، فقالَ حَرَام : فُزْتُ وربِّ الكعبة ، فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- لأصحابه : إنَّ إخوانَكم قد قُتلوا ، وإنهم قالوا : اللهم بَلِّغْ عنا نبيَّنا : أنَّا قد لَقِينَاكَ ، فَرَضِينا عنك ، ورَضِيت عنا» .
وفي رواية للبخاري «أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم- بعثَ خاله - أخاً لأمِّ سُليم - في سبعين راكباً ، وكان رئيسَ المشركين عامرُ بن الطُّفَيل خَيَّر بين ثلاث خصال ، فقال : يكونُ لك أهلُ السَّهْل ، ولي أَهْلُ المدَرِ ، أو أكون خليفتَك ، أو أغزوكَ بَأهلِ غَطَفَان بألف وألف ، فطُعِن عامر في بيت أُمِّ فلان ، فقال : غُدَّة كَغُدَّة البَكر ، في بيت امرأة من آل فلان ، ائتوني بفرسي ، فمات على ظهر فرسه ، فانطلق حَرَام أَخو أُمِّ سليم - وهو رجل أعرجُ - ورجل من بني فلان ، قال : كونا قريباً حتى آتيهم ، فإن آمنوني كنتم قريباً ، وإِن قتلوني أتيتُم أصحابَكم ، فقال : أتؤْمنوني أن أبلِّغ رسالةَ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم-...» وذكر الحديث مثل الأولى.
وهذه الرواية لم يذكرها الحميديُّ في كتابه ، ولهذا الحديث روايات مختصرة ، تتضمَّن ذِكْرَ القنوت ، وقد ذكرناها في «كتاب الصلاة» من حرف الصاد (3) . -[264]-

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(أهل السهل) أراد بأهل السهل : أهل البادية ، فإنه جعل في مقابلها أهل المدر ، وأهل المدر : هم أهل المدن والقرى.
(طُعِنَ) الرجل : إذا رُمِيَ بالطاعون.
(غُدَّةٌ) غدَّة البعير : الطاعون يطعن الذي يعرض له.
__________
(1) أي بالشهادة .
(2) أي نسخت تلاوته .
(3) رواه البخاري 7 / 296 و 297 في المغازي ، باب غزوة الرجيع ، وفي الوتر ، باب القنوت قبل الركوع ، وفي الجهاد ، باب من ينكب أو يطعن في سبيل الله ، ومسلم رقم (677) في -[264]- المساجد ومواضع الصلاة ، باب استحباب القنوت في جميع الصلاة إذا نزلت بالمسلمين نازلة ، وفي الإمارة ، باب ثبوت الجنة للشهيد .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح : أخرجه البخاري (4091) حدثنا موسى بن إسماعيل ، حدثنا همام ، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة ، قال : حدثني أنس ، فذكره.
ومسلم (677) حدثنا يحيى بن يحيى. قال قرأت على مالك ، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة ، عن أنس بن مالك ، فذكره.

غزوة فَزارة
6088 - (م د) سلمة بن الأَكوع - رضي الله عنه - قال : «غَزَونا فَزارةَ ، وعلينا أبو بكر ، أَمّره رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - ، فلما كان بيننا وبين الماء ساعة أَمَرَنا أبو بكر فَعرّسْنا ، ثم شَنَّ الغارةَ ، فورَدَ الماءَ فقَتَلَ من قَتل عليه ، وسَبَى من سَبَى ، وأَنظُرُ إلى عُنُق من الناس فيهم الذَّراريُّ ، فخشيتُ أن يسبقوني إلى الجبل ، فَرَمَيْتُ بسهم بينهم وبين الجبل ، فلما رَأَوُا السَّهْمَ وقفوا ، فجئتُ بهم أَسُوقُهم ، وفيهم امرأة من بني فزارة ، عليها قَشْعٌ من أَدَم - قال : القَشْعُ : النِّطَعُ - معها ابنة لها من أحسن العرب ، فَسُقْتُهُم حتى أتيتُ بهم أبا بكر فنفَّلني أبو بكر ابنتَها ، فَقَدِمْنا المدينةَ ، وما كشفتُ لها ثوباً ، فلقيني رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- في السوق ، فقال : يا سلمةُ ، هبْ لي المرأةَ ، -[265]- فقلتُ : يا رسول الله ، لقد أعجبتني ، وما كشفتُ لها ثوباً (1) ، ثم لقيني رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- من الغدِ في السوق ، فقال : يا سلمةُ ، هب لي المرأةَ ، لله أبوكَ ، فقلتُ : هي لك يا رسول الله ، فوالله ما كشفتُ لها ثوباً ، فبعث بها نبيُّ الله - صلى الله عليه وسلم- إلى أهل مكة ، ففدى بها ناساً من المسلمين كانوا أُسِرُوا بمكةَ» ، أخرجه مسلم وأبو داود (2) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(شن الغارة) الغارة : النهب ، وشَنُّها : تفريقها في كل ناحية.
(عُنق) من الناس ، أي : جماعة.
(قَشْع) القَشْع : الجلد اليابس ، وجمعه قِشَع ، على غير قياس ، لأن واحد قَشْع قَشْعة ، مثل بَدْرَة وبِدَر.
__________
(1) كناية عند الوقاع .
(2) رواه مسلم رقم (1755) في الجهاد ، باب التنفيل وفداء المسلمين بالأسارى ، وأبو داود رقم (2697) في الجهاد ، باب الرخصة في المدركين يفرق بينهم .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه أحمد (4/46) قال : حدثنا بهز. وفي (4/47) مختصرا قال : حدثنا قران بن تمام وفي (4/51) قال : حدثنا هاشم بن القاسم ، ومسلم (5/150) قال : حدثنا زهير بن حرب ، قال : حدثنا عمر بن يونس وأبو داود (2697) قال : حدثنا هارون بن عبد الله ، قال : حدثنا هاشم بن القاسم. وابن ماجه (2846) قال : حدثنا علي بن محمد ، ومحمد بن إسماعيل ، قالا : حدثنا وكيع.
خمستهم - بهز ، وقران ، وهاشم ، وعمر ، ووكيع - عن عكرمة بن عمار ، عن إياس بن سلمة ، فذكره.

غزوة الخندق ، وهي الأحزاب
قال البخاري : قال موسى بن عقبة : كانت في شوال سنة أربع (1) . -[266]-
6089 - (خ م ت) أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال : «خرج رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- إلى الخندق ، فإذا المهاجرون والأنصار يَحْفِرُون في غَداة باردة ، ولم يكن لهم عبيد يعملون ذلك لهم ، فلما رأى ما بهم من النَّصَب والجوع ، قال :
اللهم إن العيشَ عيشُ الآخره ... فاغفرْ للأنصار والمهاجره (2)
فقالوا مجيبين له :
نحنُ الَّذينَ بايعوا محمدا ... على الجهاد ما بقينا أبدا»
وفي رواية قال : «كانت الأنصار يوم الخندق تقول :
نحنُ الذين بايعوا محمدا ... على الجهاد ما بقينا أبدا
فأجابهم النبيُّ - صلى الله عليه وسلم- :
اللهم لا عيش إلا عيش الآخره ... فأكرم الأنصار والمهاجره»
وفي أخرى قال : «جعل المهاجرون يحفرون الخندق حول المدينة وينقُلون التراب على مُتُونهم ، وهم يقولون :
نحن الذين بايعوا محمدا ... على الإسلام ما بقينا أبدا
قال : يقول النبيُّ - صلى الله عليه وسلم- وهو يجيبهم : -[267]-
اللهمَ لا خيرَ إِلا خيرُ الآخره ... فباركْ في الأنصار والمهاجره
قال : فيُؤتَوْن (3) بملء كَفّ (4) من الشعير ، فيُصنَع لهم بِإهَالَةٍ سَنِخَة توضع بين يدي القوم ، والقومُ جياع ، وهي بَشِعَة في الحَلْق ، ولها ريح مُنكرَة» . أخرجه البخاري.
وله ولمسلم : أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم- قال :
اللهم لا عيشَ إِلا عيشُ الآخرة ... فاغفرْ للأنصار والمهاجره
ومنهم مَن قال : «فأصلحْ» ، ومنهم من قال : «فأكرمْ» ، وأخرج الترمذي هذا الأخير مثل مسلم (5) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(بإهالة) الإهَالة : كل شيء من الأدهان مما يُؤتَدَم به.
(سَنِخَة) السَّنِخَة : المُتَغَيِّرة الرائحة مثل الزَّنِخَة.
(بَشِعة) البَشِع : الكريه الطَّعم.
__________
(1) رواه البخاري معلقاً 7 / 302 فقال : وقال موسى بن عقبة : كانت - يعني غزوة الخندق ، وهي الأحزاب - في شوال سنة أربع ، قال الحافظ في " الفتح " : هكذا رويناه في مغازيه - يعني موسى بن عقبة - قال : وتابع موسى على ذلك مالك ، وأخرجه أحمد عن موسى بن داود عنه ، قال الحافظ : وقال ابن إسحاق : كانت في شوال سنة خمس ، وبذلك جزم غيره من أهل المغازي ، وانظر بقية الكلام عليه في " الفتح " : 7 / 302 .
(2) قال الحافظ في " الفتح " : قال ابن بطال : هو قول ابن رواحة ، يعني : تمثل به النبي صلى الله عليه وسلم .
(3) قال الحافظ في " الفتح " : قائل ذلك أنس بن مالك ، وهو موصول بالإسناد المذكور إليه .
(4) روي بالإفراد والتثنية .
(5) رواه البخاري 7 / 303 في المغازي ، باب غزوة الخندق ، و في الجهاد ، باب التحريض على القتال ، وباب حفر الخندق ، وباب البيعة في الحرب أن لا يفروا ، وفي فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، باب دعاء النبي صلى الله عليه وسلم : أصلح الأنصار والمهاجرة ، وفي الرقاق ، باب ما جاء في الرقاق ، وفي الأحكام ، باب كيف يبايع الإمام الناس ، ومسلم رقم (1805) في الجهاد ، باب غزوة الأحزاب وهي غزوة الخندق ، والترمذي رقم (3856) في المناقب ، باب مناقب أبي موسى الأشعري رضي الله عنه .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح : أخرجه أحمد (3/169) (278) قال : حدثنا حجاج. وفي (3/172 ، 276) قال : حدثنا محمد بن جعفر. والبخاري (5/42) قال : حدثنا آدم. ومسلم (5/188) قال : حدثنا محمد بن المثنى وابن بشار ، قالا : حدثنا محمد بن جعفر. والترمذي (3857) قال : حدثنا محمد بن بشار ، قال : حدثنا محمد بن جعفر. والنسائي في فضائل الصحابة (209) قال : أخبرنا إسحاق بن إبراهيم ، عن النضر وفي (210) قال : أخبرنا محمد بن المثنى ، قال : حدثنا محمد بن جعفر.
أربعتهم - حجاج ، وابن جعفر ، وآدم ، والنضر - قالوا : حدثنا شعبة ، عن قتادة ، فذكره.

6090 - (خ م ت) سهل بن سعد - رضي الله عنه - قال : «جاءنا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- ونحن نَحْفِرُ الخندق ، وننقُلُ الترابَ على أكتادِنا (1) - وفي رواية - : على أكتافِنا- فقال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم- : اللهم لا عيشَ إلا عيشُ الآخرةِ ، فاغفر للمهاجرين والأنصارِ» . أخرجه البخاري ومسلم.
وأَخرجه الترمذي ، ولم يذكر «أكتادَنا» (1) ، ولا «أكتافنا» ، وقال : «ونحن ننقُل الترابَ ، فَبَصُرَ بنا ، فقال...» وذكره (2) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(أكتادَنا) الأكتاد : جمع كَتَد ، وهو ما بين الكاهل إلى الظهر.
__________
(1) في المطبوع : أكبادنا ، وهو تصحيف .
(2) رواه البخاري 7 / 302 و 303 في المغازي ، باب غزوة الخندق ، وفي فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، باب دعاء النبي صلى الله عليه وسلم : أصلح الأنصار والمهاجرة ، وفي الرقاق ، باب ما جاء في الرقاق ، ومسلم رقم (1804) في الجهاد ، باب غزوة الأحزاب وهي غزوة الخندق ، والترمذي رقم (3855) في المناقب ، باب مناقب أبي موسى الأشعري رضي الله عنه .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح :
1- أخرجه أحمد (5/332) قال : حدثنا قتيبة بن سعيد. والبخاري (5/42) قال : حدثني محمد بن عبيد الله. وفي (5/137) قال : حدثنا قتيبة. ومسلم (5/188) قال : حدثنا عبد الله بن مسلمة القعنبي. والنسائي في فضائل الصحابة (207) قال : أخبرنا قتيبة بن سعيد.
ثلاثتهم - قتيبة ، ومحمد بن عبيد الله ، والقعنبي - قالوا : حدثنا عبد العزيز بن أبي حازم.
2- وأخرجه البخاري (8/109) قال : حدثني أحمد بن المقدام. والترمذي (3856) قال : حدثنا محمد بن عبد الله بن بزيع. كلاهما - أحمد بن المقدام ، ومحمد بن عبد الله - قالا : حدثنا الفضيل بن سليمان.
كلاهما - عبد العزيز ، والفضيل - عن أبي حازم ، فذكره.

6091 - (خ م) البراء بن عازب - رضي الله عنه - قال : رأيتُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم- ينقُلُ معنا الترابَ ، وهو يقول :
واللهِ لولا الله ما اهتدينا ... ولا صُمْنا ولا صَلَّينا
ومنهم من يقول : ولا تصدَّقنا ولا صلَّيْنا.
فأنْزِلَنْ سكينة علينا ... وثَبِّت الأقدام إِنْ لاقينا -[269]-
والمشركون قد بَغَوْا علينا ... إذا أرادوا فِتْنَة أَبَيْنا
ويرفع بها صوته (1) .
وفي رواية : «ولقد وَارَى الترابُ بياضَ بَطْنِهِ» . أخرجه البخاري ومسلم.
وللبخاري قال : «كان رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- ينقُلُ الترابَ يوم الخندق حتى اغْمَرَّ بطنُه- أو اغْبَرَّ بطنُهُ (2) - زاد في رواية : حتى وَارَى عَنِّي الغبارُ جِلْدَةَ بطنه ، وكان كثيرَ الشَعر (3) ، فسمعته يرتجز بكلمات لابن رَوَاحَةَ ، ثم اتفقا - ويقول : والله لولا الله ما اهتدينا. وذكر الحديث.
قال : ويرفع بها صوته : أَبَيْنا ، أبينا» (4) . -[270]-

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(اغمرَّ بطنه) أي : وارى التراب جلده وسَتَره.
__________
(1) أي في كلمة " أبينا " .
(2) قال الحافظ في " الفتح " : كذا قع بالشك بالغين المعجمة فيهما ، فأما التي بالموحدة ، فواضح من الغبار ، وأما التي بالميم ، فقال الخطابي : إن كانت محفوظة فالمعنى : وارى التراب جلدة بطنه ، ومنه غمار الناس ، وهو جمعهم إذا تكاثف ودخل بعضهم في بعض ، قال : وروي " أعفر " بمهملة وفاء ، والعفر بالتحريك : التراب ، وقال عياض : وقع للأكثر بمهملة وفاء ومعجمة موحدة ، فمنهم فيهما من ضبطه بنصب " بطنه " ومنهم من ضبطه برفعها وعند النسفي : حتى غبر بطنه أو اغبر بمعجمة فيهما وموحدة ، ولأبي ذر وأبي زيد : حتى اغمر ، ولا وجه لها إلا أن يكون بمعنى ستر كما في الرواية الأخرى : حتى وارى عني التراب بطنه ، قال : وأوجه هذه الروايات " اغبر " بمعجمة وموحدة ورفع " بطنه " .
(3) قال الحافظ في " الفتح " : ظاهر هذا أنه كان كثير شعر الصدر ، وليس كذلك ، فإن في صفته صلى الله عليه وسلم أنه كان دقيق المسربة ، أي : الشعر الذي في الصدر إلى البطن ، فيمكن أن يجمع بأنه مع دقته كثيراً ، أي : لم يكن منتشراً ، بل كان مستطيلاً ، والله أعلم .
(4) رواه البخاري 7 / 308 و 309 في المغازي ، باب غزوة الخندق ، و في الجهاد ، باب حفر الخندق ، وباب الرجز في الحرب ورفع الصوت في حفر الخندق ، وفي القدر ، باب ما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله ، وفي التمني ، باب قول الرجل : لولا الله ما اهتدينا ، ومسلم رقم (1803) في الجهاد ، باب غزوة الأحزاب وهي الخندق .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح :
1- أخرجه أحمد (4/282) قال : حدثنا عفان ، قال : حدثنا عمر بن أبي زائدة.
2- وأخرجه أحمد (4/285 ، 291) قال : حدثنا عفان. وفي (4/291) قال : حدثنا محمد بن جعفر. والدارمي (2459) قال : أخبرنا أبو الوليد. والبخاري (4/31) قال : حدثنا أبو الوليد. وفي (4/31) قال : حدثنا حفص بن عمر. وفي (5/139) قال : حدثنا مسلم بن إبراهيم. وفي (9/104) قال : حدثنا عبدان ، قال : أخبرني أبي ومسلم (5/187) قال : حدثنا محمد بن المثنى ، وابن بشار ، قالا : حدثنا محمد بن جعفر. وفي (5/188) قال : حدثنا محمد بن المثنى ، قال : دحثنا عبد الرحمن بن مهدي. والنسائي في الكبرى تحفة الأشراف (1875) عن علي بن الحسين الدرهمي ، عن أمية بن خالد.
ثمانيتهم - عفان ، وابن جعفر ، وأبو الوليد ، وحفص ، ومسلم ، وعثمان والد عبدان ، وابن مهدي ، وأمية - عن شعبة.
3- وأخرجه أحمد (4/291) قال : حدثنا معاوية ، قال : حدثنا أبو إسحاق ، عن سفيان.
4- وأخرجه أحمد (4/300) قال : حدثنا وكيع.وفي (4/302) قال : حدثنا حسين بن محمد. قالا: وكيع ، وحسين -: حدثنا إسرائيل.
5- وأخرجه البخاري (4/78) قال : حدثنا مسدد ، قال : حدثنا أبو الأحوص.
6- وأخرجه البخاري (5/140) قال : حدثني أحمد بن عثمان ، قال : حدثنا شريح بن مسلمة ، قال : حدثني إبراهيم بن يوسف ، قال : حدثني أبي.
7- وأخرجه البخاري (8/158) قال : حدثنا أبو النعمان ، قال : أخبرنا جرير بن حازم.
8- وأخرجه النسائي في عمل اليوم والليلة (533) قال : أخبرنا عبد الحميد بن محمد ، قال : حدثنا مخلد، قال : حدثنا يونس.
ثمانيتهم - عمر ، وشعبة ، وسفيان ، وإسرائيل ، وأبو الأحوص ، ويوسف ، وجرير ، ويونس - عن أبي إسحاق ، فذكره.

6092 - (م) يزيد بن شريك (1) - رحمه الله - قال : «كُنَّا عند حُذَيفة ، فقال رجل : لو أدركتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم- ، قاتلتُ معه وأَبْلَيْتُ ، فقال حُذَيفةُ : أنتَ كنتَ تفعل ذلك ؟ لقد رأيتُنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم- ليلةَ الأحزاب ، وأَخَذَتْنا ريح شديدة وقُرّ ، فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- : ألا رجل يأتيني بخبر القوم جعله الله معي يوم القيامة ؟ فسكتْنا ، فلم يُجِبْه منا أحد ، ثم قال : ألا رجل يأتيني بخبر القوم جعله الله معي يوم القيامة ؟ [فسكتنا] ، فلم يُجِبْه منا أحد ، [ثم قال : ألا رجل يأتيني بخبر القوم جعله الله معي يوم القيامة ؟ فسكتْنا ، فلم يجبه منا أحد] ، فقال : قم يا حذيفةُ [فَائْتِنا بخبر القوم] فلم أَجد بُدّاً إذ دعاني باسمي إلا أن أقومَ ، قال : اذهب ، فائتني بخبر القوم ، ولا تَذْعَرْهم عليَّ (2) ، فلما وَلَّيْتُ من عنده جعلتُ كأنما أمشي في حمَّام حتى أتيتُهم ، فرأيت أبا سفيان يَصْلِي ظهره بالنار ، فوضعتُ سهماً في كَبِد القوس ، فأردت أن أرميَهُ ، فذكرتُ قولَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم- : لا تَذْعَرْهم عليَّ ، ولو رميتُهُ لأصبتُه ، فرجعتُ وأنا أمشي في مثل الحمّام ، فلما أتيتُه ، -[271]- فأخبرتُهُ خبر القوم ، وفرغتُ ، قُرِرْتُ فألبَسَني رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- من فَضْل عباءَة كانت عليه يُصَلِّي فيها. فلم أَزلْ نائماً حتى أصبحتُ ، فلما أصبحت قال : قم يا نَوْمَان» . أخرجه مسلم (3) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(يَصْلِي ظهره) صليت اللحم أصْلِيه صَلْياً : إذا شويته ، وصليت الرجل ناراً : إذا أدخلته فيها ، فجعلته يصلاها ، والمراد به هاهنا : إدْفاء ظهره بالنار.
(كَبِدُ القَوْس) : وسطها.
(قُرِرْت) أقرّ : أي أصابني القُرُّ ، وهو البرد.
(يا نَوْمان) النَّوْمان : كثير النوم ، قال الجوهري : وهو مختص بالنداء.
__________
(1) في المطبوع : يزيد بن شريد ، وهو خطأ ، والتصحيح من " صحيح مسلم " وكتب الرجال .
(2) أي : لا تفزعهم علي ولا تحركهم علي .
(3) رقم (1788) في الجهاد ، باب غزوة الأحزاب .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه مسلم (1788) حدثنا زهير بن حرب ، وإسحاق بن إبراهيم ، جميعا عن جرير ، قال زهيرة حدثنا جرير ، عن الأعمش ، عن إبراهيم التيمي ، عن أبيه ، قال ، فذكره.

6093 - (خ) سليمان بن صُرَد - رضي الله عنه - قال : «سمعتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم- يقول : - حين أَجْلى الأحزابَ عنه - الآن نَغْزُوهم ، ولا يغزونا ، نحن نسير إِليهم (1)» أخرجه البخاري (2) .
__________
(1) قال الحافظ في " الفتح " : وفيه علم من أعلام النبوة ، فإنه صلى الله عليه وسلم اعتمر في السنة المقبلة ، فصدته قريش عن البيت ، ووقعت الهدنة بينهم إلى أن نقضوها ، فكان ذلك سبب فتح مكة ، فوقع الأمر كما قال صلى الله عليه وسلم ، قال : وأخرج البزار بإسناد حسن من حديث جابر شاهداً لهذا الحديث ، ولفظه : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يوم الأحزاب وقد جمعوا له جموعاً كثيرة : لا يغزونكم بعد هذا أبداً ، ولكن أنتم تغزونهم .
(2) 7 / 311 في المغازي ، باب غزوة الخندق .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه البخاري (4110) حدثني عبد الله بن محمد ، حدثنا يحيى بن آدم ، حدثنا إسرائيل ، سمعت أبا إسحاق ، يقول : سمعت سليمان بن صرد يقول ، فذكره.

6094 - (خ) عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - قال : «أولُ مَشْهَد شهدتُهُ [يومُ] الخَندقِ (1)» . أخرجه البخاري (2) .
__________
(1) أي : باشرت في القتال .
(2) 7 / 309 في المغازي ، باب غزوة الخندق .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه البخاري (4107) حدثني عبدة بن عبد الله ، حدثنا عبد الصمد ، عن عبد الرحمن ، هو ابن عبد الله بن دينار عن أبيه ، أن ابن عمر فذكره.

مرجع النبي صلى الله عليه وسلم وخروجه إلى بني قريظة ومحاصرته إياهم
6095 - (خ م) عائشة - رضي الله عنها - قالت : «لما رجعَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- من الخندق ، ووضعَ السلاحَ واغتسل ، أتاه جبريل فقال : قد وضعتَ السلاح ؟ والله ما وضعناه ، اخرج إليهم ، قال : فإلى أين ؟ قال : هاهنا- وأشار إلى بني قريظة - فخرج النبيُّ - صلى الله عليه وسلم- إليهم» .
وفي رواية قالت : «أُصِيبَ سعد يومَ الخندق ، رماه رجل من قريش يقال له : حِبَّان بن العَرِقة ، رماه في الأكْحَل ، فضربَ عليه رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- خَيْمة في المسجد ، ليعودَهُ من قريب ، فلما رجع رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- من الخندق ، وضع السلاح واغتسل ، فأتاه جبريلُ وهو يَنْفُض رأسه من الغبار ، فقال : قد وضعتَ السلاح ؟ والله ما وضعتُه ، اخرج إليهم ، فقال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم- فأين ؟ فأشار إلى بني قريظة ، فأتاهم رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- ، فنزلوا على حُكْمِهِ ، فردَّ الحُكْمَ إلى سعد ، قال : فإني أحْكُمُ فيهم : أن تُقْتَل المقاتِلةُ ، وأن تُسْبى النساءُ والذُّرِّيَّةُ ، وأن تُقسَمَ أموالُهم» ، قال هشام : -[273]- فأخبرني أبي عن عائشة أن سعداً قال : «اللهم إنكَ تعلم أنه ليس أحد أحبَّ إليَّ أن أُجاهدَهم فيك من قوم كذَّبوا رسولَك وأخرجوه ، اللهم فإني أظنّ أنك قد وضعتَ الحربَ بيننا وبينهم ، فإن كان بقي من حرب قريش شيء فأبقني [لهم] حتى أجاهدَهم فيك ، وإن كنتَ وضعتَ الحرب فافْجُرْها واجعل موتي فيها ، فانفجرتْ من لَبّته ، فلم يَرُعْهم - وفي المسجد خيمة من بني غِفار - إلا الدمُ يسيل إليهم ، فقالوا : يا أهل الخيمة ، ما هذا الذي يأتينا من قِبَلكم ؟ فإذا سعد يَغْذُو جُرحُه دماً ، فمات منها» . أخرجه البخاري.
وأخرج مسلم إلى قوله : «وتُقْسَمَ أموالُهم» ، ولم يسمّ فيها اسمَ ابنِ العَرِقة ، إنَّمَا قال : «رماه رجل من قريش : ابنُ العَرِقَةِ» ، وقال فيه : «والله ما وضعناه» ، وقال عن هشام : «قال أبي : فأُخبِرتُ أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قال : لقد حَكَمْتَ فيهم بِحُكْمِ الله» .
وله في أخرى عن هشام قال : «أخبرني أبي عن عائشةَ أن سعداً قال : - وتحجَّر كَلْمُه للبُرْءِ - فقالَ : اللهم إنك تعلم أنه ليس أحد أحَبَّ إليَّ أن أُجاهدَ فيك من قوم كَذَّبوا رسولكَ وأخرجوه ، اللهم فإن كان بقي من حرب قريش شيء فأبقني أجاهدْهم فيك ، اللهم فإني أظنُّ أنكَ قد وضعتَ الحرب بيننا وبينهم ، فإن كنتَ قد وَضَعْتَ الحرب بيننا وبينهم فافْجُرها ، واجعل موتي فيها ، فانفجرت من لَبَّته... وذكر باقيه... إلى قوله: فمات فيها» . -[274]-
وفي رواية له قال بهذا الإسناد نحوه ، غير أنه قال : «فانفجرت من ليلته (1) ، قال : فما زال يسيل حتى مات» ، وزاد في الحديث قال : فذاك حين يقول الشاعر :
ألا يا سعد ، سعد بني معاذ ... فما فعلت (2) قريظة والنضير؟
لعمرك إن سعد بني معاذ ... غداة تحملوا لَهُوَ الصبور
تركتم قِدْرَكم (3) لا شيء فيها ... وقدر القوم حامية تفور (4)
وقد قال الكريم (5) أبو حباب ... أقيموا قينقاع ولا تسيروا
وقد كانوا (6) ببلدتهم ثقالاً (7) ... كما ثقلت بميطان (8) الصخور (9) -[275]-
هذا الشعر لم يذكره الحميديُّ في كتابه.
وأخرج أبو داود من أوله طرفاً في «باب عيادة المريض مراراً» ، وهذا لفظه : قال : «لما أُصِيب سعدُ بنُ معاذ يوم الخندق رماه رجل في الأكْحَلِ ، فضرب عليه رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- خيمة في المسجد ليعودَه من قريب» . وأخرج النسائي أيضاً مثلَ أبي داود (10) .
وحيث اقتصرا على هذا القدر لم نُثْبِتْ لهما علامة ، وقد ذكرنا ما أخرجاه في عيادة المريض من «كتاب الصحبة (11)» من حرف الصاد.

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(في الأكْحَل) الأكْحَل : عِرْقٌ في وسط اليد يكثر فَصْدُه.
(فلم يَرُعْهُم إلا كذا) أي : لم يفزعهم إلا هو ، والرَّوْع : الفزَع.
(يَغْذُو) غذا الجرح - بالذال المعجمة - يغذو غَذْواً : إذا سال دماً.
(تَحَجَّر كَلْمُه) الكَلْم : الجُرْح ، وتحجُّره : اشتداده وقوته ، أي : صار مثل الحجر قوياً لا وجع به.
__________
(1) قال الحافظ في " الفتح " : وفي رواية الكشميهني : من ليلته ، وهو تصحيف .
(2) قال النووي في " شرح مسلم " : هكذا هو في معظم النسخ ، وكذا حكاه القاضي عن المعظم ، وفي بعضها : لما فعلت ، باللام ، بدل الفاء ، وقال : وهو الصواب والمعروف في السير .
(3) أراد بقوله : تركتم قدركم : الأوس ، لقلة حلفائهم ، فإن حلفاءهم قريظة ، وقد قتلوا .
(4) أراد بقوله : وقدر القوم حامية تفور : الخزرج ، لشفاعتهم في حلفائهم بني قينقاع حتى من عليهم النبي صلى الله عليه وسلم وتركهم لعبد الله بن أبي بن سلول ، وهو أبو حباب المذكور في البيت الذي يليه .
(5) في المطبوع : وقد قال الكريب ، وهو تحريف .
(6) أي : بنو قريظة .
(7) أي : راسخين من كثرة مالهم من القوة والنجدة والمال كما رسخت الصخور ، وهي الحجارة الكبار بتلك البلدة .
(8) اسم جبل من أرض الحجاز في ديار بني مزينة .
(9) إنما قصد الشاعر تحريض سعد على استبقاء بني قريظة حلفائه ، ويلومه على حكمه فيهم ، ويذكره بفعل عبد الله بن أبي بن سلول ، ويمدحه لشفاعته في حلفائهم بني قينقاع .
(10) رواه البخاري 7 / 313 في المغازي ، باب مرجع النبي صلى الله عليه وسلم من الأحزاب ومخرجه إلى بني قريظة ، وفي الجهاد ، باب الغسل بعد الحرب والغبار ، ومسلم رقم (1769) في الجهاد ، باب جواز قتال من نقض العهد ، وأبو داود رقم (3101) في الجنائز ، باب في العيادة مراراً ، والنسائي 2 / 45 في المساجد ، باب ضرب الخباء في المساجد .
(11) في المطبوع : من كتاب الصحة ، وهو خطأ .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه البخاري (4117) حدثني عبد الله بن أبي شيبة ، حدثنا ابن نمير ، عن هشام ، عن أبيه ، عن عائشة ، فذكرته. وأخرجه مسلم (1769) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، ومحمد بن العلاء الهمداني كلاهما ، عن ابن نمير ، قال ابن العلاء : حدثنا ابن نمير ، حدثنا هشام ، عن أبيه ، عن عائشة ، فذكرته.

6096 - (خ م) عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - «أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم- لما رجع من الأحزاب قال : لا يُصَلِّينَّ أحد العصرَ (1) إلا في بني قُريظة ، فأدرك بعضُهم العصرَ في الطريق ، فقال بعضهم : لا نُصلي حتى نأتيَها ، وقال بعضهم : بل نصلي ، لم يُرِدْ ذلك منا ، فذُكر للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم- ، فلم يُعَنِّفْ أحداً منهم» . أخرجه البخاري ومسلم (2) .
__________
(1) قال الحافظ في " الفتح " : كذا وقع في جميع النسخ عند البخاري ، ووقع في جميع النسخ عند مسلم " الظهر " ، مع اتفاق البخاري ومسلم على روايته عن شيخ واحد بإسناد واحد ، وقد وافق مسلماً أبو يعلى وآخرون ، وكذلك أخرجه ابن سعد عن أبي عتبان مالك بن إسماعيل عن جويرية بلفظ الظهر ، وابن حبان من طريق أبي عتبان كذلك ، ولم أره من رواية جويرية إلا بلفظ الظهر ، غير أن أبا نعيم في " المستخرج " أخرجه من طريق أبي حفص السلمي عن جويرية فقال : العصر ، وأما أصحاب المغازي ، فاتفقوا على أنها العصر ... ، وانظر تتمة الكلام عليه في " الفتح " 7 / 314 - 316 .
(2) رواه البخاري 7 / 313 في المغازي ، باب مرجع النبي صلى الله عليه وسلم من الأحزاب ، وفي صلاة الخوف ، باب صلاة الطالب والمطلوب راكباً وإيماءً ، ومسلم رقم (1770) في الجهاد ، باب المبادرة بالغزو .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح : أخرجه البخاري (2/19، 5/143) ، ومسلم (5/162) كلاهما - البخاري، ومسلم- عن عبد الله بن محمد بن أسماء الضبعي، قال: حدثنا جويرية بن أسماء ، عن نافع ، فذكره.

6097 - (خ) أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال : «كأني أنظر إِلى الغُبارِ سَاطِعاً في زُقاق بني غَنْم ، موكبُ جبريل ، حين سار رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- إلى بني قريظةَ» . أخرجه البخاري (1) .
__________
(1) رواه البخاري 7 / 313 في المغازي ، باب مرجع النبي صلى الله عليه وسلم من الأحزاب ، وفي بدء الخلق ، باب ذكر الملائكة ، وفي المطبوع ، أخرجه البخاري ومسلم ، وقد رمز له في أوله : بـ خ م ، وليس الحديث عند مسلم .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح : أخرجه البخاري (4118) حدثنا موسى ، حدثنا جرير بن حازم ، عن حميد بن هلال ، عن أنس ، فذكره.

6098 - (ت) جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - «أنَّ سعدَ بنَ معاذ رُمِيَ يوم الأحزاب ، فقطعوا أَكْحَلَه - أو أَبْجَلَه - فَحسَمه رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- بالنار ، فانْتَفَخَتْ يدُه ، فتركه ، فَنَزَفه الدمُ ، فحسمه أخرى ، فانتفخت يده ، فلما رأى ذلك قال : اللهم لا تُخْرِجْ نفسي حتى تُقِرَّ عيني من بني قريظة ، فاستمسك عِرْقُه ، فما قَطَر قَطْرَة حتى نزلوا إِلى رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم- على حكمه ، فَحكَم فيهم : أن يُقْتَل رجالهم ، وتُسْتَحْيا نساؤهم ، يستعين بهنَّ المسلمون ، فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- : أَصَبْتَ حُكْمَ الله فيهم ، وكانوا أربعمائة ، قال : فلما فرغ من قتلهم انْفَتَقَ عِرْقُه ، فمات» . أخرجه الترمذي (1) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(أبجله) الأبْجَلُ : عرق ، وهو من الفرس والبعير بمنزلة الأكحل من الإنسان.
(فَحَسَمه) الحَسْمُ : الكيُّ لينقطع الدم.
(تُستحيا) الاستحياء : الإبقاء ، وهو استفعال من الحياة.
__________
(1) رقم (1582) في السير ، باب في النزول على الحكم ، وقال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح وهو كما قال ، قال الترمذي : وفي الباب عن أبي سعيد وعطية القرظي .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه الترمذي (1582) حدثنا قتيبة، حدثنا الليث، عن أبي الزبير، عن جابر، فذكره.
قال أبو عيسى : هذا حديث حسن صحيح.

6099 - (خ م د) أبو سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال : «نزل أهل قريظة على حكم سعد بن معاذ ، فأرسل رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- إلى سعد ، فأتى -[278]- على حمار ، فلما دنا من المسجد - وقال مسلم : قريباً من المسجد - قال للأنصار : قوموا إلى سيّدِكم - أو قال : خيرِكم- فقال : هؤلاءِ نزلوا على حُكْمِكَ ، فقال : تُقتَل مُقاتِلتُهم ، وتُسْبَى ذَرارِيهم ، فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- : قضيتَ بحكمِ الله ، وربما قال : بحكم المَلِكِ» .
ولمسلم : «لقد حَكَمْتَ فيهم بحكم الله» .
وقال مرة : «بحكم الملك» . أخرجه البخاري ومسلم.
وأخرج أبو داود إلى قوله : «خيركم» .
وفي رواية : «على حمار أقمَرَ» (1) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(أقمر) الأقمر من الألوان : هو الأبيض ، يقال : حمار أقمر.
__________
(1) رواه البخاري 7 / 316 و 317 في المغازي ، باب مرجع النبي صلى الله عليه وسلم من الأحزاب ، وفي الجهاد ، باب إذا نزل العدو على حكم رجل ، وفي فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، باب مناقب سعد بن معاذ ، وفي الاستئذان ، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم : قوموا إلى سيدكم ، ومسلم رقم (1768) في الجهاد ، باب جواز قتل من نقض العهد ، وأبو داود رقم (5215) و (5216) في الأدب ، باب ما جاء في القيام .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح : أخرجه أحمد (3/22) قال: حدثنا محمد. وفي (3/22) قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، وفي (3/22) قال: حدثنا حجاج. وفي (3/22، 71) قال: حدثنا عفان. وعبد بن حُميد (995) قال: حدثني سليمان بن حرب،. والبخاري (4/81) قال: حدثنا سليمان بن حرب، وفي (5/44) وفي الأدب المفرد (945) قال: حدثنا محمد بن عَرْعَرَة. وفي (5/143) قال: حدثني محمد بن بشار، قال: حدثنا غُنْدَر. وفي (8/72) قال: حدثنا أبو الوليد. ومسلم (5/160) قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، ومحمد بن المُثنى ، وابن بشار. ثلاثتهم عن محمد بن جعفر غُنْدَر. (ح) وحدثنا زهير بن حرب، قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي. وأبو داود (5215) قال: حدثنا حفص بن عمر. وفي (5216) قال: حدثنا محمد بن بشار، قال: حدثنا محمد بن جعفر. والنسائي في فضائل الصحابة (118) قال: أخبرنا عمرو بن علي، عن محمد. وفي الكبرى تحفة الأشراف (3960) عن إسماعيل بن مسعود، عن خالد بن الحارث.
تسعتهم - محمد بن جعفر غندر، وعبد الرحمن، وحجاج ، وعفان، وسليمان بن حرب، ومحمد بن عَرْعَرَة، وأبو الوليد، وحفص ، وخالد- عن شُعبة، عن سعد بن إبراهيم، قال: سمعت أبا أمامة بن سهل، فذكره.

6100 - (ت د س) عطية القرظي - رضي الله عنه - قال : «عُرِضْنا على رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم- يومَ قريظةَ ، فكلُّ من أنْبَت قُتِل ، وكلُّ من لَم يُنبِتْ خُلِّيَ سبيلُه ، فكنتُ ممن لم يُنْبِتْ ، فَخُلِّيَ سبيلي» . أخرجه الترمذي وأبو داود والنسائي.
وللنسائي قال : «كنتُ يومَ حُكمِ سعد في بني قريظة غلاماً ، -[279]- فَشَكُّوا فيَّ ، فلم يجدوني أنبتُّ ، فَاسْتُبْقِيتُ ، فها أنذا بين أظهركم» (1) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(أنبتُّ) أراد بالإنبات : نبات شعر العانة ، فجعله علامة على البلوغ ، وليس ذلك حدّاً إلا في أهل الشرك عند الأكثرين ، وقال أحمد بن حنبل - رحمه الله - : الإنبات : حدٌّ يقام به الحدُّ على من أنبت ، ويحكى مثل ذلك عن مالك - رحمه الله- : فأما مَن جعله مخصوصاً بأهل الشرك : فيشبه أن يكون أن أهل الشرك لا يوقف على بلوغهم من جهة السن ، ولا يمكن الرجوع إلى قولهم لأنهم مُتهمون في ذلك لدفع القتل عنهم ، وأداء الجزية ، وغير ذلك من الأحكام ، بخلاف المسلمين ، فإنهم يمكن أن تعرف أوقاتُ [بلوغهم] [و] ولادتهم.
__________
(1) رواه أبو داود رقم (4404) و (4405) في الحدود ، باب في الغلام يصيب الحد ، والترمذي رقم (1584) في السير ، باب ما جاء في النزول على الحكم ، والنسائي 6 / 155 في الطلاق ، باب متى يقع طلاق الصبي ، وقال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح ، وهو كما قال ، قال الترمذي : والعمل على هذا عند بعض أهل العلم أنهم يرون الإنبات بلوغاً إن لم يعرف احتلامه ولا سنه ، وهو قول أحمد وإسحاق .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه الحميدي (888) قال: حدثنا سفيان، وأحمد (4/310) قال: حدثنا وكيع، قال: حدثنا سفيان. وفي (4/383، 5/311) قال: حدثنا هُشيم بن بشير، وفي (4/383، 5/383) قال: حدثنا سفيان. والدارمي (2467) قال: أخبرنا محمد بن يوسف، قال: حدثنا سفيان. وأبو داود (4404) قال: حدثنا محمد بن كثير، قال: أخبرنا سفيان. وفي (4405) قال: حدثنا مُسدد، قال: حدثنا أبو عوانة. وابن ماجة (2541) قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، وعلي بن محمد، قالا: حدثنا وكيع، عن سفيان. وفي (2542) قال: حدثنا محمد بن الصباح، قال: أنبأنا سفيان بن عيينة. والترمذي (1584) قال: حدثنا هناد، قال: حدثنا وكيع، عن سفيان. والنسائي (6/155) قال: أخبرنا محمد بن منصور، قال: حدثنا سفيان. وفي (8/92) قال: أخبرنا إسماعيل بن مسعود، قال: حدثنا خالد، قال: حدثنا شعبة. وفي الكبرى (الورقة/115 - ب) قال: أخبرنا قتيبة بن سعيد، قال: حدثنا أبو عوانة. (ح) وأخبرنا محمود بن غيلان، قال: حدثنا وكيع، قال: حدثنا سفيان.
خمستهم - سفيان بن عُيينة، وسفيان الثوري، وهُشيم بن بشير، وأبو عوانة، وشعبة- عن عبد الملك بن عمير، فذكره.

6101 - (د) عائشة - رضي الله عنها - قالت : «لم يُقتَل من نساء بني قريظة إلا امرأة واحدة ، إنها لَعندي تَحَدَّثُ ، وتضحك ظَهْراً وبَطْناً ، ورسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- يقتلُ رجالهم بالسيوف ، إذ هتف بها هاتف باسمها : أين -[280]- فلانة ؟ قالت : أنا ، فقلتُ : وما شأنكِ ؟ قالت : حَدَث أَحْدَثْتُه ، فانْطُلِق بها فضُرِبَ عنقُها ، فما أنْسى عجباً منها : أنها كانت تَضْحَكُ ظَهْراً وبَطْناً ، وقد علمتْ أنها تُقْتَلُ» . أخرجه أبو داود (1) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(حَدَث) قال الخطابي : يقال : إن الحدث الذي أحدثته : أنها شتمت النبي - صلى الله عليه وسلم-.
__________
(1) رقم (2671) في الجهاد ، باب في قتل النساء ، وإسناده حسن .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه أبو داود (2671) حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي، ثنا محمد بن سلمة، عن محمد بن إسحاق، حدثني محمد بن جعفر بن الزبير، عن عروة بن الزبير، عن عائشة ، فذكرته.

6102 - (خ م) أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال : «كان الرجل يجعلُ للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم- النَّخلات ، حتى افْتَتَحَ قريظةَ والنضيرَ ، فكان بعد ذلك يردُّ عليهم» .
أخرجه البخاري ، وهو طرف من حديث قد أخرجه هو ومسلم ، وقد تقدَّم ذِكْرُه في «كتاب السخاء» من حرف السين (1) .
__________
(1) تقدم الحديث وتخريجه رقم (2989) ج / 5 ص / 11 فليراجع .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
تقدم تخريجه رقم (2989) فليراجع.

غزوة ذات الرِّقاع
قال البخاري : وهي غزوة محارب خصفة (1) من بني ثعلبة ، من غطفان ، فنزل نخلاً ، وهي بعد خيبر ، لأن أبا موسى جاء بعد خيبر (2) -[281]-
قال (3) : وقال أبو هريرة : " صليت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم- في غزوة نجد صلاة الخوف " وإنما جاء أبو هريرة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - أيام خيبر (4) .
6103 - (خ م) جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - «أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم- صلّى بأصحابه في الخوف غزوة السابعة : غزوةَ ذات الرِّقاع» .
أخرجه البخاري ومسلم (5) ، وقد تقدَّم لهما طُرُق طويلة تتضمَّن ذِكْر صلاةِ الخوف ، وذكرناها في «كتاب الصلاة» ، من حرف الصاد.
قال البخاري : وقال ابنُ عباس : «صلَّى رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم-[صلاةَ] الخوف بذي قَرَد» (6) .
وفي رواية عن جابر قال : «خرج النبيُّ - صلى الله عليه وسلم- إِلى ذات الرِّقَاعِ من -[282]- نخل ، فلقَي جمعاً من غَطَفان ، فلم يكن قِتال ، وأخاف الناسُ بعضهم بعضاً ، فصلَّى رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- ركعتي الخوف» (7) .
وفي أُخرى عن أبي موسى : أن جابراً حدَّثهم : «صلى النبيُّ - صلى الله عليه وسلم- بهم يوم مُحارِبَ وثعلبة» (8) .
__________
(1) هو خصفة بن قيس بن غيلان بن إلياس بن مضر ، ومحارب هو ابن خصفة .
(2) ذكره البخاري تعليقاً 7 / 322 في المغازي ، باب غزوة ذات الرقاع ، قال الحافظ في " الفتح " : هكذا استدل به - أي البخاري - وقد ساق حديث أبي بعد قليل ، وهو استدلال صحيح .
(3) يعني البخاري .
(4) ذكره البخاري تعليقاً 7 / 331 في المغازي ، باب غزوة ذات الرقاع ، قال الحافظ في " الفتح " : وصله أبو داود وابن حبان والطحاوي من طريق أبي الأسود أنه سمع عروة يحدث عن مروان بن الحكم أنه سأل أبا هريرة : هل صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم صلاة الخوف ؟ قال أبو هريرة : نعم ، قال مروان : متى ؟ قال : عام غزوة نجد ، نقول : وقد رواه أبو داود رقم (1240) في الصلاة ، باب صلاة الخوف ، وابن حبان رقم (585) موارد .
(5) لم نجد هذا اللفظ عند البخاري ومسلم كما ذكر المصنف ، إنما ذكره البخاري تعليقاً 7 / 323 في المغازي ، باب غزوة ذات الرقاع قال : قال لي عبد الله بن رجاء : أخبرنا عمران القطان عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن جابر ، قال الحافظ في " الفتح " : وقد وصله أبو العباس السراج في مسنده المبوب ، فقال : حدثنا جعفر بن هاشم حدثنا عبد الله بن رجاء ... فذكره .
(6) ذكره البخاري تعليقاً 7 / 324 في المغازي ، باب غزوة ذات الرقاع ، قال الحافظ في " الفتح " : وصله النسائي والطبراني من طريق أبي بكر بن أبي الجهم عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن ابن عباس ، وأخرجه أحمد وإسحاق من هذا الوجه .
(7) ذكره البخاري تعليقاً 7 / 324 في المغازي ، باب غزوة ذات الرقاع ، قال : وقال ابن إسحاق : سمعت وهب بن كيسان سمعت جابراً ... فذكره ، قال الحافظ في " الفتح " : لم أر هذا الذي ساقه عن ابن إسحاق هكذا في شيء من كتب المغازي ولا غيرها ، والذي في السيرة " تهذيب ابن هشام " : قال ابن إسحاق : حدثني وهب بن كيسان عن جابر بن عبد الله قال : خرجت مع النبي صلى الله عليه وسلم إلى غزوة ذات الرقاع من نخل على جمل لي صعب ، فساق قصة الجمل ، وكذلك أخرجه أحمد من طريق إبراهيم بن سعد عن ابن إسحاق ، وقال ابن إسحاق قبل ذلك : وغزا نجداً يريد بني محارب وبني ثعلبة من غطفان حتى نزل نخلاً وهي غزوة ذات الرقاع فلقي بها جمعاً من غطفان فتقارب الناس ولم يكن بينهم حرب وقد أخاف الناس بعضهم بعضاً حتى صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناس صلاة الخوف ثم انصرف الناس ، وهذا القدر هو الذي ذكره البخاري تعليقاً مدرجاً بطريق وهب بن كيسان عن جابر وليس هو عند ابن إسحاق عن وهب كما أوضحته إلا أن يكون البخاري اطلع على ذلك من وجه آخر لم نقف عليه ، أو وقع في النسخة تقديم وتأخير ، فظنه موصولاً بالخبر المسند فالله أعلم ، ولم أر من نبه على ذلك في هذا الموضع .
(8) ذكره البخاري تعليقاً 7 / 324 في المغازي ، باب غزوة ذات الرقاع ، قال : وقال بكر بن سوادة : حدثني زياد بن نافع عن أبي موسى أن جابراً ... فذكره ، قال الحافظ في " الفتح " : وصله سعيد بن منصور والطبري من طريقه بهذا الإسناد .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح : ذكره البخاري تعليقا (7/323) في المغازي ، باب غزوة ذات الرقاع، قال: قال لي عبد الله بن رجاء : أخبرنا عمران القطان عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة ، عن جابر، قال الحافظ في «الفتح» : وقد وصله أبو العباس السراج في مسنده المبوب ، فقال: حدثنا جعفر بن هاشم حدثنا عبد الله بن رجاء... فذكره.

6104 - (خ م) أبو موسى الأشعري - رضي الله عنه - قال : «خرجنا معَ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم- في غَزَاة ونحن سِتَّةُ نَفَر ، بيننا بعير نَعْتَقِبهُ ، فَنَقِبَتْ أقدامُنا ، ونَقِبَتْ قدمايَ ، وسقطتْ أظفاري ، فكنا نَلُفُّ على -[283]- أرجلنا الخِرَقَ ، فسُمِّيت : غزوة ذات الرِّقاعِ ، لِمَا كنا نَعْصِبُ من الخِرَق على أرجلنا ، قال : وحدَّث أبو موسى بهذا الحديث ، ثم كره ذلك ، وقال : ما كنتُ أصنعُ بأن أَذْكُرَهُ ؟ كأنه كره أن يكون شيء من عمله أفْشَاه» . أخرجه البخاري ومسلم.
وفيه في كتاب مسلم : قال أَبو أُسامة : وزادني غيرُ بُرْيد : «واللهُ يُجزي به» (1) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(نَعْتَقِبُه) اعتقاب المركوب : هو أن يركبه واحدٌ بعد واحد.
(نقِب) البعير ، بالكسر: إذا رَقَّت أخفافه ، والمراد به : تقرَّحت وتنفَّطت.
__________
(1) رواه البخاري 7 / 325 في المغازي ، باب غزوة ذات الرقاع ، ومسلم رقم (1816) في الجهاد ، باب غزوة ذات الرقاع .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح : أخرجه البخاري (4128) حدثنا محمد بن العلاء، حدثنا أسامة ، عن بريد بن عبد الله بن أبي بردة ، عن أبي بردة ، عن أبي موسى فذكره.
وأخرجه مسلم (1816) حدثنا أبو عامر عبد الله بن براد الأشعري، ومحمد بن العلاء الهمداني - واللفظ لأبي عامر - قالا: حدثنا أبو أسامة ، عن بريد بن أبي بردة ، عن أبي بردة ، عن أبي موسى ، فذكره.

6105 - (خ م) جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - «غزا مع رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم- قِبَلَ نَجْد ، فلما قَفَل رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- قَفَل معه ، فأدركتْهم القائلةُ في واد كثيرِ العِضَاهِ ، فنزل رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- ، وتفرَّق الناس في العِضاهِ ، يستظلُّون بالشجر، ونزلَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- تحت سَمُرة ، فعلَّق بها سَيْفَهُ ، قال جابر: فَنِمْنا نَوْمَة ، ثم إذا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- يدعونا ، فجئناه فإذا -[284]- عنده أعرابيّ جالس ، فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- : إنَّ هذا اخْتَرَطَ عليَّ سيفي وأنا نائم ، فاستيقظتُ وهو في يده صَلْتاً ، فقال لي : مَن يمنعكَ مني ؟ قلتُ : الله ، فها هو ذا جالس ، ثم لم يُعاقبْهُ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم-» .
أخرجه البخاري ومسلم ، وقد تقدَّم ذلك أيضاً في «صلاة الخوف» من حرف الصاد (1) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(العِضاه) : كل شجر له شوك.
(سَمُرة) السَّمُرةُ : نوع من شجر العِضاه.
(اخترط) السيف : إذا سَلَّه.
(صلتاً) الصَّلْت : المشهور ، أصلتُّ السيف : إذا شهرتَهُ.
__________
(1) رواه البخاري 7 / 329 - 331 في المغازي ، باب غزوة ذات الرقاع ، وفي الجهاد ، باب من علق سيفه بالشجر في السفر عند القائلة ، وباب تفرق الناس عن الإمام عند القائلة ، ومسلم رقم (840) و (843) في صلاة المسافرين ، باب صلاة الخوف ، وقد تقدم الحديث رقم (4054) في الجزء 5 / ص / 733 .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح : تقدم تخريجه رقم (4054) .

غزوة بني المُصْطَلِق من خزاعة
قال البخاري : وهي غزوة المُرَيسيع ، قال : وقال ابن إسحاق : [وذلك]-[285]- سنة ست (1) ، قال : وقال موسى بن عقبة : سنة أربع (2) ، وقال النعمان بن راشد عن الزهري : كان حديث الإفك في غزوة المريسيع (3) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(المُرَيْسيع) : ماء معروف بالحجاز.
6106 - (خ م د) عبد الله بن عون (4) [بن أرْطَبان المزني البصري] قال : «كتبتُ إِلى نافع : أسألُه عن الدعاء قبل القتال ؟ فكتب إِليَّ : إنما كان ذلك في أول الإسلام ، وقد أغار رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- على بني المصطلق ، وهم غارُّون وأنعامُهم تُسْقَى على الماء ، فقَتل مقاتلتهم ، وسَبَى ذراريهم ، وأصاب يومئذ جُويرية» حدثني به عبد الله بن عمر ، وكان في ذلك الجيش. -[286]-
أخرجه البخاري ومسلم وأبو داود (5) ، إِلا أن في كتاب مسلم : قال يحيى بن يحيى: أحسبه قال : «جويرية» ، أو «أَلبتَّة» [بنت الحارث] (6) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(غارُّون) الغرّة : الغفلة ، والغارّ : الغافل.
__________
(1) ذكره البخاري تعليقاً 7 / 332 في المغازي ، باب غزوة بني المصطلق ، قال الحافظ في " الفتح " : كذا هو في مغازي ابن إسحاق رواية يونس بن بكير وغيره عنه ، وقال : في شعبان ، وبه جزم ابن خليفة والطبري ، وروى البيهقي من رواية قتادة وعروة وغيرهما أنها كانت في شعبان سنة خمس ، وكذا ذكرها أبو معشر قبل الخندق .
(2) ذكره البخاري تعليقاً 7 / 332 في المغازي ، باب غزوة بني المصطلق ، قال الحافظ في " الفتح " : كذا ذكره البخاري ، وكأنه سبق قلمه أراد أن يكتب سنة خمس فكتب سنة أربع ، والذي في مغازي موسى بن عقبة من عدة طرق أخرجها الحاكم ، وأبو سعيد النيسابوري والبيهقي في " الدلائل " وغيرهم : سنة خمس .
(3) ذكره البخاري تعليقاً 7 / 333 في المغازي ، باب غزوة بني المصطلق ، قال الحافظ في " الفتح " : وصله الجوزقي والبيهقي في " الدلائل " من طريق حماد بن زيد عن النعمان بن راشد عن الزهري عن عائشة ... فذكر قصة الإفك في المريسيع ، وبهذا قال ابن إسحاق وغير واحد من أهل المغازي أن قصة الإفك كانت في رجوعهم من غزوة المريسيع .
(4) في الأصل : عبد الرحمن بن عون ، وهو خطأ .
(5) رواه البخاري 5 / 123 في العتق ، باب من ملك من العرب رقيقاً فوهب وباع وجامع وفدى ، ومسلم رقم (1730) في الجهاد ، باب جواز الإغارة على الكفار ، وأبو داود رقم (2633) في الجهاد ، باب في دعاء المشركين .
(6) قال النووي في " شرح مسلم " : أما قوله : " ألبتة " فمعناه : أن يحيى بن يحيى قال : " أصاب يومئذ بنت الحارث ، وأظن شيخي سليم بن أخضر : سماها لي في رواية جويرية " أو أعلم ذلك وأجزم به وأقوله ألبتة ، وحاصله أنها جويرية فيما أحفظه إما ظناً وأما علماً ، وفي الرواية الثانية قال : هي جويرية بنت الحارث بلا شك .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح : البخاري في العتق (13:2) عن علي بن الحسن بن شقيق، عن عبد الله بن المبارك - ومسلم في المغازي (3:1) عن يحيى بن يحيى ، عن سليم بن أخضر، و (3:2) عن محمد بن المثنى، عن ابن أبي عدي - وأبو داود في الجهاد (100:1) عن سعيد بن منصور، عن إسماعيل بن علية - والنسائي في السير (الكبرى 3:1) عن محمد بن عبد الله بزيع، عن يزيد بن زريع- خمستهم عن عبد الله بن عون ، عن نافع، عن ابن عمر. الأشراف (6/111) .

غزوة أنْمَار
6107 - (خ) جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - قال : «رأيتُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم- في غزوة أنمار يُصَلّي على راحلته ، متوجّهاً قِبَلَ المشرق ، مُتطوعاً» . أخرجه البخاري (1) .
__________
(1) رواه البخاري 7 / 333 في المغازي ، باب غزوة أنمار ، وفي القبلة ، باب التوجه نحو القبلة حيث كان ، وفي تقصير الصلاة ، باب صلاة التطوع على الدواب ، وباب ينزل للمكتوبة .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح : أخرجه البخاري (4140) حدثنا آدم، حدثنا ابن أبي ذئب، حدثنا عثمان بن عبد الله بن سراقة ، عن جابر ، فذكره.

غزوة الحُدَيْبِيَة
6108 - (خ د) عروة بن الزبير - رضي الله عنهما - عن المِسْوَر بن -[287]- مَخْرَمَة ومَرْوان - يُصدِّق كلُّ واحد منهما حديث صاحبه - قالا : «خرج النبيُّ - صلى الله عليه وسلم- زَمَن الحُدَيْبِيَةِ ، حتى إِذا كانوا ببعض الطريق قال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم- : إِنَّ خالدَ بنَ الوليد بالغَمِيم في خيل لقريش طليعة ، فخذوا ذاتَ اليمين ، فوالله ما شَعَر بهم خالد ، حتى إذا همَّ بقَتَرة الجيش ، فانطلق يركُضُ نذيراً لقريش ، وسار النبيُّ - صلى الله عليه وسلم- حتى إذا كان بالثَّنِيَّة التي يُهْبَطُ عليهم منها بَرَكَتْ به راحلتُهُ ، فقال الناس : حَلْ حَلْ ، فألَحَّتْ ، فقالوا : خَلأَتِ القَصوَاءُ ، خَلأَتِ القصواءُ، فقال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم- : ما خلأتِ القصواءُ ، وما ذاك لها بخُلُق ، ولكن حَبَسها حَابِسُ الفيل ، ثم قال : والذي نفسي بيده لا يسألوني خُطَّة يعظّمون فيها حُرُماتِ الله إلا أعطيتُهم إِياها ، ثم زجرها ، فوثَبَتْ ، قال : فَعَدَلَ عنهم حتى نزل بأقصى الحُدَيبية على ثَمَد قليلِ الماء ، يَتَبَرَّضُه الناسُ تَبرُّضاً ، فلم يلبثِ الناسُ حتى نزحوه ، وشُكِيَ إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم- العطشُ ، فانْتَزَع سهماً من كِنانَتِه ، ثم أمرهم أن يجعلوه فيه ، فوالله ما زال يجيش لهم بالرّيِّ حتى صَدَرُوا عنه ، فبينا هم كذلك إذْ جاءَ بُدَيلُ بنُ وَرْقَاءَ الخزاعيُّ في نفر من قومه من خُزاعةَ - وكانوا عَيْبَةَ نُصْحِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم- من أهل تِهامةَ - فقال : إني تركْتُ كَعْبَ بنَ لُؤيّ وعامرَ بن لؤيّ نزلوا أعدادَ مياه الحديبية ، معهم العُوذُ المطَافِيل ، وهم مقاتلوك ، وصادُّوك عن البيت ، فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- : إِنا لم نجئْ لقتالِ -[288]- أحد ، ولكنا جئنا مُعتمِرين ، وإنَّ قريشاً قد نَهَكَتْهُم الحربُ ، وأضرَّتْ بهم ، فإِن شاؤوا مَادَدْتُهم مُدَّة ، ويُخَلُّوا بيني وبين الناس ، فإن أَظْهرْ عليهم ، فإن شاؤوا أن يدخلوا فيما دخل فيه الناس فعلوا ، وإلا فقد جَمُّوا ، وإن هم أَبَوا ، فوالذي نفسي بيده لأقاتلنَّهم على أمري هذا ، حتى تَنْفَرِدَ سَالِفَتي ، ولَيُنْفِذَنَّ الله أمرَه ، فقال بُديل : سأُبلِّغهم ما تقول ، فانطلق حتى أتى قريشاً ، فقال : إنا قد جئناكم من هذا الرجل ، وقد سمعناه يقول قولاً ، فإن شئتم أن نعرِضَهُ عليكم فَعَلْنا ، فقال سفهاؤهم : لا حاجةَ لنا أن تُخبرَنا عنه بشيء ، وقال ذَوُو الرأي منهم : هاتِ ما سمعتَه يقول ، قال : سمعتُه يقول كذا وكذا - فحدَّثهم بما قال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم- فقام عروةُ بنُ مسعود ، فقال : أي قوم ، ألَسْتُم بالوالد ؟ قالوا : بلى ، قال : أَوَلَسْتُ بالولد ؟ قالوا : بلى ، قال : فهل تتَّهموني ؟ قالوا : لا ، قال : ألستم تعلمون أني اسْتَنْفَرْتُ أهلَ عُكاظ ، فلما بَلَّحوا عليَّ جئتُكم بأهلي وولدي ومن أطاعَني ؟ قالوا : بلى ، [قال] : فإن هذا قد عرض عليكم خُطَّة رُشْد ، اقْبلوها ، ودعوني آتِهِ ، قالوا : ائْتِهِ ، فأتاه ، فجعل يكلِّم النبيَّ - صلى الله عليه وسلم- ، فقال له النبيُّ - صلى الله عليه وسلم- نحواً من قوله لبُديل ، فقال عروةُ عند ذلك : أيْ محمدُ ، أرأيتَ إِن اسْتَأصَلْتَ أمر قومك ، هل سمعتَ بأحد من العرب اجْتَاحَ أصلَه قَبْلَكَ ؟ وإن تكن الأخرى ، فإني واللهِ لأرَى وجوهاً ، وإني لأرى أَوشاباً من الناس ، لَخَلِيقاً أن يَفِرُّوا -[289]- ويَدَعُوكَ ، فقال له أبو بكر : امْصُصْ بِبَظْرِ اللات ، أنحنُ نَفِرُّ عنه وَنَدَعُهُ ؟ فقال : مَن ذَا ؟ قالوا : أبو بكر ، فقال : أما والذي نفسي بيده ، لولا يد كانت لكَ عندي لم أَجْزِك بها لأجبْتُك ، قال : وجعل يكلِّم النبيَّ - صلى الله عليه وسلم- ، فكلما كلَّمه أخذ بلحيته ، والمغيرةُ بنُ شُعبةَ قائم على رأس النبيِّ - صلى الله عليه وسلم- ، ومعه السيف ، وعليه المِغْفَرُ ، فكلما أهْوَى عروةُ بيده إلى لحيةِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم- ضرب يدَه بنَعْل السيف ، وقال : أَخِّرْ يَدَك عن لحية رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم- ، فرفع عُروةُ رأسَهُ ، فقال : من هذا ؟ قالوا : المغيرة بن شعبة ، فقال : أيْ غُدَرُ ألستُ أَسْعَى في غَدْرتِكَ ؟ - وكان المغيرةُ صحب قوماً في الجاهلية ، فقتلهم وأخذ أموالهم ، ثم جاء فأسلم ، فقال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم- : أمَّا الإسلامُ فأقبلُ ، وأمَّا المالُ فلستُ منه في شيء - ثم إن عروةَ جعلَ يَرْمُقُ أصحاب النبيِّ - صلى الله عليه وسلم- بعينه ، قال : فوالله ما تَنَخَّمَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- نُخامة إلا وقعتْ في كفّ رجل منهم فدَلَك بها وجهه وجِلْدَه ، وإذا أمرهم ابتدروا أمره وإذا توضَّأ كادوا يقتتلون على وَضوئه ، وإذا تكلَّم خفضوا أصواتهم عنده ، وما يُحِدُّون إليه النظر تعظيماً له ، فرجع عروةُ إلى أصحابه فقال : أي قوم ، والله لقد وَفدتُ على الملوك ، وَوَفَدْتُ على كسرى وقيصرَ والنجاشيِّ ، والله إِنْ رأيتُ مَلِكا قَطُّ يُعظِّمُهُ أصحابُهُ ما يعظِّمُ أصحابُ محمدٍ محمداً ، والله إِنْ تَنخَّم نُخامة إلا وقعت في كف رجل منهم فَدَلَكَ بها وجهه وجلده ، وإذا أمرهم ابتدروا أمره ، وإذا توضأ كادوا يقتتلون على -[290]- وَضوئه ، وإِذا تكلَّم خَفَضُوا أصواتَهم عنده ، وما يُحِدُّون إِليه النظر تعظيماً له ، وإنه قد عَرَضَ عليكم خُطَّةَ رُشْد فاقبلوها ، فقال رجل من بني كِنانة : دعوني آتِه ، فقالوا : ائْتِه ، فلما أشرف على النبيِّ - صلى الله عليه وسلم- وأصحابه ، قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- هذا فلان ، وهو من قوم يُعظِّمون البُدْنَ ، فابعثوها له [فَبُعِثت له] واستقبله الناسُ يُلبّون ، فلما رأى ذلك قال : سبحان الله ! ما ينبغي لهؤلاءِ أن يُصَدُّوا عن البيت ، فلما رجع إلى أصحابه قال : رأيتُ البُدْنَ قد قُلِّدَتْ وأُشْعِرَتْ ، فما أرى أن يُصَدُّوا عن البيت ، فقام رجل منهم يقال له : مِكْرَزُ بنُ حفص ، فقال : دعوني آتِه ، فقالوا : ائته ، فلما أشرف عليهم قال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم- : هذا مِكْرَزُ بنُ حفص ، وهو رجل فاجر ، فجعل يكلِّم النبيَّ - صلى الله عليه وسلم- ، فبينا هو يكلِّمه ، [إذْ] جاء سُهيل بن عمرو - قال معمر : فأخبرني أيوب عن عكرمة : أنه لما جاء سهيل ، قال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم- : قد سَهُل لكم من أمركم.
قال معمر : قال الزهريُّ في حديثه : فجاء سهيل بن عمرو ، فقال : هاتِ اكْتُبْ بيننا وبينك كتاباً ، فدعا النبيُّ - صلى الله عليه وسلم- الكاتب ، فقال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم- : اكتب : بسم الله الرحمن الرحيم ، فقال سهيل : أما الرحمن ، فوالله ما أدري ما هو ؟ ولكن اكتب : باسمك اللهم ، كما كنتَ تكتبُ ، فقال المسلمون : والله لا نكتُبها إلا بسم الله الرحمن الرحيم ، فقال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم- اكتبْ : باسمك اللهم.
ثم قال : هذا ما قاضى عليه محمد رسولُ الله ، فقال -[291]- سهيل : والله لو كُنَّا نعلم أَنَّكَ رسولُ الله ما صَدَدْناكَ عن البيت ، ولا قاتَلْناكَ ، ولكن اكتب : محمدُ بنُ عبد الله ، قال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم- : والله إني لرسولُ الله ، وإن كذَّبتموني ، اكتب : محمد بن عبد الله - قال الزهريُّ : وذلك لقوله : لا يسألوني خُطّة يُعَظِّمون فيها حرمات الله إِلا أَعطيتُهم إياها - فقال له النبيُّ - صلى الله عليه وسلم- : على أن تُخَلُّوا بيننا وبين البيت فنطوفَ به ، فقال سهيل : والله لا تَتَحدَّثُ العربُ أَنَّا أُخِذْنَا ضُغْطَة ، ولكن ذلك من العام المقبل ، فكتب ، فقال سهيل : وعلى أنَّهُ لا يأتيك مِنَّا رَجُل - وإن كان على دِينِكَ - إلا رَدَدْتَه إلينا، قال المسلمون : سبحان الله ! كيف يُرَدُّ إلى المشركين ، وقد جاء مسلماً ؟ فبينا هم كذلك ، إذْ جاء أَبو جَنْدَل بنُ سُهيل بن عمرو يَرْسُفُ في قيوده ، وقد خرج من أسفل مكةَ ، حتى رمى بنفسه بين أظهر المسلمين ، فقال سهيل : هذا يا محمد أول ما أُقاضيك عليه : أَنْ تردَّهُ إليَّ ، فقال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم- : إنا لم نَقْضِ الكتاب بعدُ ، قال : فوالله إِذاً لا أُصالحك على شيء أبداً ، فقال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم- : فأجِزْه لي ، قال : ما أَنا بمُجيزِهِ لك ، قال : بلى [فافعل] ، قال : ما أنا بفاعل ، قال مِكْرَزُ بنُ حفص : بلى ، قد أجزناهُ لكَ ، قال أبو جندل : أيْ معشر المسلمين ، أُرَدُّ إلى المشركين وقد جئتُ مسلماً ؟ ألا تَرَوْنَ ما قد لقيتُ ؟ - وكان قد عُذِّبَ عذاباً شديداً في الله - فقال عمرُ بنُ الخطاب : فأتيتُ نبيَّ الله - صلى الله عليه وسلم- فقلتُ : ألستَ نبيَّ الله حقّاً ؟ قال : بلى ، قلتُ : أَلسنا -[292]- على الحقِّ وعدوُّنا على الباطل ؟ قال : بلى ، قلتُ : فلم نُعْطِي الدَّنِيَّةَ في ديِننا إذاً ؟ قال : إني رسولُ الله ، ولستُ أعصيه ، وهو ناصري ، قلتُ : أو ليس كنتَ تحدِّثنا أنا سنأتي البيت ونطوف به ؟ قال : بلى ، قال : فأخبرتُكَ أنكَ تأتيه العام ؟ قلت : لا، قال : فإنك آتيه ومُطَّوِّف به ، قال : فأتيتُ أبا بكر ، فقلتُ : يا أبا بكر ، أليس هذا نبيَّ الله حقّاً ؟ قال : بلى ، قلتُ : ألسنا على الحق ، وعدُّونا على الباطل ؟ قال : بلى ، قلتُ : فلم نُعْطِي الدَّنيّةَ في دِيننا إذاً ؟ قال : أيُّها الرجل ، إنَّهُ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- ، وليس يَعصي ربَّه ، وهو ناصرُهُ ، فاسْتَمْسِكْ بِغَرْزهِ ، فواللهِ إنَّهُ على الحقِّ ، قلتُ : أوَليس كان يحدِّثنا : أنَّا سنأتي البيتَ ونطوفُ بهِ ؟ قال : بلى ، أفأخبرَك أنه يأتيه العام ؟ قلت : لا ، قال : فإنك آتيه ومُطَّوِّف به ؟ قال عمرُ : فَعَمِلْتُ لذلك أعمالاً ، قال : فلما فرغ من قضية الكتاب ، قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- لأصحابه : قُوموا فانحروا ، ثم احْلِقوا ، قال : فوالله ما قام منهم رجل حتى قال ذلك ثلاث مرات ، فلما لم يَقُمْ منهم أحد دخل على أُمِّ سَلَمَةَ ، فذكر لها ما لَقيَ من الناس ، قالتْ أُمُّ سلمةَ : يا نبيَّ الله ، أَتُحِبُّ ذلك ؟ اخرج ، ولا تكلِّم أحداً منهم كلمة حتى تنحر بُدْنَكَ ، وتدعو حَالِقَكَ فيحلقك ، فخرج فلم يكلِّم أحداً منهم حتى فعل ذلك ، نحرَ بُدْنَه ، ودعا حالقه فحلقه ، فلما رأوا ذلك ، قاموا فنحروا ، وجعل بعضهم يَحْلِقُ بعضاً ، حتى كادَ بعضُهم يقتُل بعضاً غمّاً ، ثم جاءه نِسوة مؤمنات ، فأنزل الله عز وجل : {يَا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا -[293]- إذَا جَاءَكُم المؤمِناتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللهُ أَعْلَمُ بإيمانِهِنَّ فإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤمِنَاتٍ فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إلى الكُفَّارِ لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ ولا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ وَآتُوهم ما أنفقوا ولا جُنَاح عليكم أن تنكحوهن إِذا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ ولا تُمْسِكُوا بعِصَمِ الكَوَافِرِ} [الممتحنة : 10] فطلَّق عمرُ يومئذ امرأتين كانتا له في الشِّركِ ، فتزوج إحداهما معاويةُ بنُ أبي سفيان ، والأخرى صفوانُ بن أُميَّةَ ، ثم رجع النبيُّ - صلى الله عليه وسلم- إلى المدينة ، فجاءه أبو بَصير - رجل من قُريش - وهو مسلم ، فأرسَلوا في طلبه رَجُلَيْنِ ، فقالوا : العَهْدَ الذي جعلتَ لنا ، فدفعه إلى الرجلين ، فخرجا به ، حتى بلغَا ذا الحُلَيفةِ ، فنزلوا يأكلون من تَمْر لهم ، فقال أَبو بصير لأحد الرجلين : والله إني لأرى سَيْفَكَ هذا جَيِّداً ، فاستلَّهُ الآخَرُ ، فقال : أجَلْ ، والله إنه لَجيِّد ، لقد جَرَّبتُ به ، ثم جَرَّبتُ ، فقال أبو بصيرُ : أرني أنظرْ إليه ، فأمكنَه منه ، فضربه حتى برد ، وفرَّ الآخرُ حتى أتى المدينةَ ، فدخل المسجدَ يعدُو ، فقال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم- حين رآه : لقد رأى هذا ذُعْراً ، فلما انتهى إِلى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم- قال : قُتِل والله صاحبي ، وإني لمقتول ، فجاء أبو بصير ، فقال : يا نبيَّ الله ، قد [والله] أوْفَى الله ذِمَّتَكَ ، قد رددتني إِليهم ، ثم أنجاني الله منهم ، فقال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم- : ويلُ امِّه ، مِسْعَرُ حَرْب ، لو كان له أحد ، فلما سمع ذلك عَرَفَ أنه سَيَرُدُّه إليهم ، فخرج حتى أتى سِيفَ البحر ، قال : وينفلتُ منهم أبو جَنْدل بنُ سهيل فلحق بأبي بصير ، فكان لا يخرج من -[294]- قريش رجل قد أسلم إلا لحق بأبي بصير ، حتى اجتمعتْ منهم عصابة ، فوالله ما يسمعون بِعِير خرجتْ لقريش إلى الشام ، إلا اعترضوا لها ، فقتلوهم وأخذوا أموالهم ، فأرسلت قريش إِلى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم- ، تُنَاشِدُهُ الله والرَّحِمَ لما أرسل إليهم ، فمن أتاه منهم فهو آمن ، فأرسل النبيُّ - صلى الله عليه وسلم-[إليهم] ، فأنزل الله عز وجل : {وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُم وَأَيْدِيَكُم عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيراً . هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكمْ عَنِ المَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْهَديَ مَعْكُوفاً أنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ وَلَوْلا رِجَالٌ مُؤمِنُونَ ونِسَاءٌ مُؤمِنَاتٌ لَمْ تعلموهم أَنْ تَطَؤوهُمْ فَتُصِيبَكُم مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ لِيُدْخِلَ اللهُ في رَحْمَتِهِ مَنْ يَشاءُ لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَاباً أَلِيماً . إِذْ جَعلَ الَّذينَ كَفَرُوا في قُلوبِهِمُ الحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الجَاهِليَّةِ} [الفتح : 24 - 26] وكانت حَمِيَّتُهمْ : أَنَّهُم لم يُقِرُّوا أنه نبيُّ الله ، ولم يُقِرُّوا ببسم الله الرحمن الرحيم ، وحالوا بينهم وبين البيت» .
وقال عُقَيل عن الزهري : قال عروةُ : فأخبرتني عائشةُ : أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم- «كان يمتحنُهنَّ» .
وبلغنا (1) أنه لما أَنْزَلَ الله أن يَرُدُّوا إلى المشركين ما أنفقوا على مَنْ هاجر من أزواجهنَّ (2) وحكم على المسلمين أن لا يُمْسِكوا بِعِصَمِ الكوافِر : أنَّ -[295]- عُمر طلَّق امرأتين : قُرَيبَةَ بنتَ أبي أميَّةَ ، وابنةَ جَرْول الخزاعيِّ ، فتزوجَ قُرَيبةَ معاويةُ ، وتزوج الأُخرى أبو جَهْم ، فلما أبى الكفارُ أن يُقرُّوا بأداء ما أنفق المسلمون على أزواجهم ، أنزل الله عز وجل {وَإن فَاتَكُم شَيْءٌ مِنْ أَزْوَاجِكُم إِلى الكفَّار فَعَاقَبْتُمْ} [الممتحنة : 11] ، والعَقِبُ : ما يُؤدِّي المسلمون إِلى مَن هاجرت امرأتُه من الكفار ، فأمَرَ أن يُعطَى مَن ذهب له زوج من المسلمين ما أنفقَ من صَدَاقِ نِسَائه الكفارِ اللاتي هاجرن ، وما نعلم أحداً من المهاجرات ارتدت بعد إيمانها.
قال : وبلغنا : «أن أبا بصير بن أَسِيد الثقفي قَدِمَ على رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم- مؤمناً مُهَاجراً في المدة ، فكتبَ الأخنسُ بنُ شَريق إلى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم- يسأَله أبا بصير...» فذكر الحديث.
وفي رواية : أن عروةَ سمع مَرْوان والمِسْور يُخْبِرَان عن أصحاب رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم- قال : «لما كاتبَ سُهيلُ بنُ عمرو يومئذ ، كان فيما اشترط سُهَيْل على النبيِّ - صلى الله عليه وسلم- : أنه لا يأتيكَ مِنَّا أَحَد وإن كان على دِينكَ إِلا رددتَه إِلينا ، وخلَّيتَ بيننا وبينه ، فكره المؤمنون ذلك ، وامتعضوا منه ، وأبى سُهَيْل إلا ذلك ، فكاتبه النبيُّ - صلى الله عليه وسلم- على ذلك ، فردَّ يومئذ أبا جندل إلى أبيه سُهيْلِ بن عمرو ، ولم يأتِهِ أحد من الرجال إلا رَدَّهُ في تلك المدَّةِ وإن كان مسلماً ، -[296]- وجاء المؤمناتُ مهاجرات ، وكانت أمُّ كلثوم بنتُ عُقبةَ بن أبي مُعيط ممن خرج إِلى رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم- يومئذ وهي عاتق ، فجاء أهلُها يسألون النبيَّ - صلى الله عليه وسلم- أن يَرْجِعَها إليهم ، فلم يَرْجِعْها إليهم ، حتى أنزل الله فيهنَّ {إذَا جَاءَكم المُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللهُ أَعْلَمُ بإِيمَانِهِنَّ فإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إلى الكُفَّارِ لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ} [الممتحنة : 10] .
قال عروةُ : فأخبرتْني عائشةُ : أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم- كان يمتحنُهنَّ بهذه الآية {يَا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا إذَا جَاءكُمُ المُؤمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللهُ أَعْلَمُ بإِيمَانِهِنَّ فإنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤمِنَاتٍ فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إلى الكُفَّارِ لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ وَآتُوهُمْ مَا أَنْفَقُوا وَلا جُنَاحَ علَيْكمْ أنْ تَنْكِحُوهُنَّ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الكَوَافِرِ وَاسْأَلُوا مَا أَنْفَقْتُمْ وَلْيَسأَلُوا مَا أَنْفَقُوا ذَلِكُمْ حُكْمُ اللهِ يَحْكُم بَيْنَكمْ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ . وَإِنْ فَاتَكُمْ شَيءٌ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ إلَى الكُفَّارِ فَعَاقَبْتُمْ فَآتُوا الَّذِينَ ذَهَبتْ أزْوَاجُهُمْ مِثلَ مَا أَنْفَقُوا وَاتَّقُوا اللهَ الَّذي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ . يَا أَيُّهَا النَّبيُّ إذَا جَاءكَ المُؤْمِناتُ يُبَايِعْنكَ على أنْ لا يُشْرِكْنَ بِاللهِ شَيْئاً وَلا يَسْرِقْنَ ولا يَزْنِينَ ولا يَقْتُلْنَ -[297]- أَوْلادَهُنَّ وَلا يَأتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَينَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلا يَعْصِينكَ في مَعْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ واسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللهَ إنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [الممتحنة : 10 - 12] .
قال عروة : قالت عائشة : فمن أقرَّت بهذا الشرط منهنَّ ، قال لها رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- قد بايعتُكِ كلاماً يُكلّمها به ، والله ما مَسَّتْ يَدُه يدَ امرأة قَطُّ في المُبايعة ، ما بايعهنَّ إِلا بقوله» .
وفي رواية عبد الرزاق مختصرة من حديث المسور وحدَه «أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم- نحر قَبْلَ أن يَحْلِقَ ، وأمر بذلك أصحابه» .
وفي رواية عن عروة «أنه سمع مَرْوَانَ والمِسْوَرَ يخبِران خبراً من خَبَرِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم- في غزوة الحديبية ... فذكر نحو الرواية التي قبلها» ولم يقل : «عن أصحاب رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم-» .
وفي حديث سفيان الذي ثبَّته فيه معمر عن الزهريِّ : أنَّ المسورَ بن مخرمةَ ومَروانَ - يزيدُ أحدُهما على صاحبه - قالا : «خرجَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم- في بضع عشرةَ مائة من أصحاب النبيِّ - صلى الله عليه وسلم- ، فلما أَتى ذَا الحليفةَ قَلَّدَ الهدْيَ وأشْعَرْهُ ، وأحرم منها بعمرة ، وبعث عَيْناً له من خُزاعة ، وسار النبيُّ - صلى الله عليه وسلم- ، حتى إذا كان بغدِير الأشظاظ (3) تلقَّاه عَينُه ، فقال: إن قريشاً جمعوا لكَ جموعاً ، وقد جمعوا لك الأحابيشَ ، وهم مُقاتِلوكَ ، وصادُّوكَ عن البيتِ -[298]- ومانِعوك ، فقال: أَشيروا أيُّها الناس عليَّ ، أتَرون أن أميلَ على عيالهم وذراريِّ هؤلاء الذين يريدون أن يَصُدُّونا عن البيت ، فإن يأتونا كان الله قد قطع جَنْباً (4) من المشركين ، وإلا تركناهم محروبين ، قال أبو بكر : يا رسولَ الله ، خرجتَ عامداً لهذا البيت ، لا تريدُ قِتال أحد ، ولا حربَ أحد ، فتوجَّهْ له ، فمن صدّنا عنه قاتلناه ، قال : امضوا على اسم الله» .
وفي رواية طرف من أوله ، قالا : «خرجَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم- من المدينة في بضع عشرةَ مائة من أصحابه ، حتى إذا كانوا بذي الحُليفة قلّد الهَدْي ، وأشعر [ه] ، وأحرمَ بالعمرة» لم يزد.
زاد في أخرى : «وأحرم منها» ، لا أُحصي كم سمعتُه من سفيان (5) ، حتى سمعتُه يقول : لا أحفظ من الزهريِّ الإشعارَ والتقليدَ ، قال : فلا أدري - يعني موضع الإشعار والتقليد ، أو الحديثَ كلَّه ؟ هذه روايات البخاري.
وفي روايات أبي داود طرف منه أخرجه في «كتاب السُّنَّة» عن المسورِ بنِ مخرمةَ ، قال : «خرج النبيُّ - صلى الله عليه وسلم- زمنَ الحديبية...» فذكر الحديث ، كذا قال أبو داود : فذكر الحديث - قال : «فأتاه - يعني عُروةَ بنَ مسعود - فجعل يكلِّم النبيَّ - صلى الله عليه وسلم- ، فَكُلَّما كلَّمه أخذ بلحيته ، والمغيرةُ بنُ شعبةَ قائم على رأَس النبيِّ - صلى الله عليه وسلم- ، ومعه السيفُ ، وعليه المِغْفَرُ ، فضربَ يَدَهُ بنعل -[299]- السيف ، وقال : أَخِّرْ يدك عن لحيته ، فرفع عروةُ رأسَهُ ، فقال : من هذا ؟ قالوا : المغيرةُ بنُ شعبةَ» .
وأخرج أيضاً في «كتاب الجهاد» بعضه ، وهذا لفظه قال : «خرج رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- زمن الحديبية في بضع عَشرةَ مائة من أصحابه ، حتى إذا كانوا بذي الحليفة قلَّد الهَدْيَ وأشعره ، وأحرمَ بالعمرة...» وساق الحديث ، هكذا قال أبو داود : ... وساق الحديث حتى إذا كان بالثنيَّة التي يُهبَطُ عليهم منها بَرَكَتْ به راحلتُه ، قال الناسُ : حَلْ حَلْ ، خَلت القصواء ، مرتين ، فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- : ما خَلت القصواءُ وما ذاك لها بخُلُق ، ولكنْ حَبسها حابسُ الفيل ، ثم قال : والذي نفسي بيده لا يسألونِّي اليوم خُطّة يعظِّمون بها حُرُماتِ الله عز وجل إلا أعطيتهُم إِياها ثم زجرها فوثبتْ ، فعدل عنهم ، حتى نزل بأقصى الحديبية على ثَمَدٍ قليلِ الماء ، فجاء [ه] بُديلُ بنَ ورْقاءَ الخزاعيُّ ، ثم أتاه - يعني عُروةَ بنَ مسعود - فجعل يكلِّم النبيَّ - صلى الله عليه وسلم- ، فكُلَّمَا كلَّمَهُ أخذ بلحيته ، والمغيرةُ بنُ شعبةَ قائم على رأس النبيِّ - صلى الله عليه وسلم- ، ومعه السيفُ ، وعليه المِغْفَرُ ، فضرب يده بنعل السيف ، وقال : أخِّرْ يدك عن لحيته ، فرفع عُرْوَةُ رأسَهُ ، فقال : من هذا ؟ قالوا : المغيرةُ بنُ شعبة ، قال : أيْ غُدَرُ ، أولستُ أسعى في غَدْرتِكَ ؟ وكان المغيرةُ صحب قوماً في الجاهلية ، فقتلهم وأخذ أموالهم ، ثم جاء فأسلم ، فقال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم- : أمَّا الإسلامُ فقد قَبِلْنَا ، وأمَّا المالُ : فإِنه مَالُ غدر ، لا حاجةَ -[300]- لنا فيه... وذكر الحديث ، كذا قال أبو داود ، فقال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم- : اكتب هذا ما قاضى عليه محمد رسول الله... وقَصَّ الخبر - فقال سُهيل : وعلى أنه لا يأتيكَ مِنَّا رجل وإن كان على دِينكَ إلا رددتَه إلينا ، فلما فرغ من قضية الكتاب قال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم- لأصحابه : قوموا فانحروا ، ثم احلقوا ، ثم جاء نِسْوَة مؤمنات ، مُهاجرات... الآية (6) ، فنهاهم الله أن يردُّوهنَّ ، وأمرهم أن يردُّوا الصَّدَاقَ ، ثم رجع إِلى المدينة ، فجاء أبو بَصير - رجل من قريش - يعني : أرسلوا في طلبه ، فدفعه إلى الرجلين ، فخرجا به ، حتى إذا بلغا ذا الحليفة نزلوا يأكلون من تمر لهم ، فقال أبو بَصير لأحد الرجلين : والله إني لأرى سيفَك هذا يا فلانَ جيِّداً ، فاستلَّه الآخَرُ ، فقال : أجل ، قد جَرَّبْتُ به ، فقال أبو بصير : أرني أنظرْ إِليه ، فأمكنه منه ، فضربه حتى بَرَد ، وفرّ الآخرُ ، حتى أتى المدينةَ ، فدخل المسجد يعدو ، فقال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم- : لقد رأى هذا ذُعْراً ، فقال : قُتِلَ واللهِ صاحبي ، وإني لمقتول ، فجاء أبو بصير ، فقال : قد أوفى الله ذِمَّتَكَ ، وقد رددتَني إليهم ، ثم نجَّاني الله منهم ، فقال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم- : ويلُ امِّه ، مِسْعَر حرب ، لو كان له أحد ، فلما سمع ذلك عرف أنه سيردُّه إليهم ، فخرج إليهم حتى أتى سِيفَ البحر ، وينفلتُ أبو جَنْدل بن سهيل ، فلحق بأبي بصير ، حتى اجتمعت منهم عصابة.
-[301]-
وأخرج أبو داود أيضاً عن المسور ومروان «أنهم اصطلحوا على وَضع الحرب عشرَ سنين ، يأمَنُ فيهنَّ الناسُ ، وعلى أن بيننا عَيْبةً مكفوفة وأنه لا إِسلال ولا إغلال» (7) .
وذكر رزين في رواية زيادة في حديث البخاري بعد قوله : «اكتب : باسمك اللهم» قال : وفي رواية قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- «اكتب الشرط بيننا وبينهم : بسم الله الرحمن الرحيم... وذَكَرَ مِثْلَ ما تقدَّم» ، وزاد بعد قوله : «كيف يُردُّ إلى المشركين وقد جاء مسلماً ؟» قال : وفي رواية زيادة «فكيف نكتبُ هذا ؟ قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- : نعم ، مَن ذهب منا إليهم أبعدَهُ الله ، ومن جاءنا منهم ورددناه ، سيجعل الله له فرجاً» وزاد بعد قوله : «وقد كان عُذّب عذاباً شديداً في الله» ، قال : «فقال عمرُ بنُ الخطاب : فأمكنتُ يدَه من السيف ليضرب به أباه ، فَضَنَّ به ، وعلم بذلك رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- ، فقال لي : يا عمر ، لعلَّه أن يقوم في الله مقاماً يحمدُه عليه» (8) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(قَتَرَة الجيش) : هو الغُّبار الساطع منه ، ولا تكون القَتَرةُ إلا مع سوادٍ في اللون. -[302]-
(نذيرٌ) النذير : الذي يُعلم القومَ بالأمر الحادث.
(بالثنيَّة) الثَّنيَّةُ : الطريق المرتفع في الجبل.
(حَلْ حَلْ) زجر للناقة ، و «حَوْب» زجر للجمل.
(فألحت) أَلَحّ البعير : إذا حَرَن ، وقيل : إنما يقال ذلك للجمل ، فأما الناقة فإنما يقال لها : خَلأَت.
(القصواء) القصواء : اسم ناقة النبي - صلى الله عليه وسلم- ، ولم تكن قصواء ، أي : مشقوقة الأذن ، وإنما كان هذا لقباً لها.
(حابس الفيل) الفيل : هو فيل أبرهة الذي جاء يقصد البيت ليخرِّبه ، فحبس الله الفيل ، فلم يتقدَّم إلى مكة ، وردَّ رأسه راجعاً من حيث جاء ، فأرسل الله عليهم كما قال : {طيراً أبابيل . ترميهم بحجارة من سِجِّيل} والقصة مشهورة.
(خُطة) الخطة : الحال والقضية والطريقة.
(حُرُمات الله) حرمات الله : جمع حرمة ، يريد بها : حُرْمة الحرم ، وحرمة الإحرام ، وحرمة الشهر الحرام. (يتبرَّض) التَّبرُّض : أخذ الشيء قليلاً قليلاً ، وهو أيضاً التَّبَلُّغ بالشيء القليل.
(ثَمَد) الثمد : الماء القليل الذي لا مادة له. -[303]-
(يجيش) جاشت البئر بالماء : [إذا] ارتفعت وفاضت ، وجاشت القِدر : إذا غَلَت.
(بالرِّي) الرَّيُّ : ضد العطش.
(صَدَروا) الصَّدَرُ : الرُّجوعُ بعد الورود.
(عَيْبة نُصح) يقال : فلانٌ عيبة نُصح فلان : إذا كان موضَع سِرِّه وثِقَتِهِ في ذلك.
(أعداد مياه) الماء العدُّ : الكثير الذي لا انقطاع لمادته ، كماء العيون ، وجمعه : أعداد.
(العُوذ) جمع عائذ : وهي الناقة إذا وضعت إلى أن يقوى وَلَدها.
(المطافيل) جمع مُطْفِل ، وهي الناقة معها فصيلها ، فاستعار ذلك للناس ، أراد به النساء والصبيان.
(نَهَكَتْهم الحرب) يقول : نهكته الحرب تنهكه ، أي : أضرت به وأثَّرت فيه ، من نَهْك الحُمَّى ، وهو ألمها وضررها.
(ماددتهم) ماددتَ القوم ، أي : جعلت بينك وبينهم مُدَّة.
(جَمُّوا) : استراحوا ، والجمام : الراحة بعد التعب.
(سالفتي) السالفة : صفحة العنق ، وانفرادها كناية عن الموت ، لأنها لا تنفرد عما يليها إلا بالموت. -[304]-
(استنفرت) القومَ : دعوتهم إلى قتال العدو.
(بَلَّحُوا) أصل التبليح : الإعياء والفتور ، والمراد : امتناعهم من إجابته وتقاعدهم به ، وفيه لغة أخرى «بَلَحُوا» بالتخفيف.
(قد قُلِّدت) تقليد البُدْنِ : هو أن يجعل في رقابها شيء كالقلائد من لحاء الشجر ، أو غيره ، ليعلم أنها هَدْي.
(اجتاح) الاجتياح : إيقاع المكروه بالإنسان ، ومنه الجائحة ، والاجتياح والاستئصال متقاربان في مبالغة الأذى.
(أشوَاباً) الأشواب والأوباش والأوشاب : سواء ، وهم الأخلاط من الناس والرَّعاع.
(خطة) يقال : خطة رشد ، وخطة غَيّ ، والرشد : خلاف الغَيِّ والضلال ، والمراد : أنه قد طلب منكم طريقاً واضحاً في الهدى والاستقامة.
(خليقاً) يقال : فلان خليق بكذا ، أي : جدير ، لا يبعد ذلك من خُلُقه.
(امصص ببظر اللات) اللات : صنم كانوا يعبدونه.
(والبظر) : ما تقطعه الخافضة من الهنة التي تكون في فرج المرأة ، وكان هذا شتماً لهم يدور في ألسنتهم. -[305]-
(فاجر) أصل الفجور : الميل عن الحق والتكذيب به ، وكل انبعاث في شر فهو فجور.
(لولا يد) اليد : النِّعمَة ، وما يمتنُّ الإنسان به على غيره.
(المغفر) : ما يلبسه الدَّارع على رأسه من الزَّرَدِ.
(غُدَر) : معدول عن غادر ، وهو بناء للمبالغة.
(نخامة) النُّخامة : البصقة من أقصى الحلق.
(يُحِدُّونَ) أحددتُ إليه النظر : إذا ملأت عينك منه ولم تهبه ، ولا استحييت منه.
(على وَضوئِه) الوَضوء ، بفتح الواو : الماء الذي يُتوضَّأُ به.
(البُدْن) : الإبل التي تُهدى إلى البيت في حج أو عمرة.
(قاضَى) : فاعل ، من القضاء ، وهو إحكام الأمر وإمضاؤه ، قال الأزهري : «قضى» في اللغة على وجوه ، مَرْجِعها إلى انقطاع الشيء وتمامه.
(ضُغْطَة) الضُّغطة : القهر والضيق.
(يَرسُفُ) رسف المقيَّد في قيده : إذا مشى فيه.
(فأجزه لي) يجوز أن يكون بالزاي والراء ، فأما بالزاي : فمعناه من الإجازة ، أي : اجعله جائزاً غير ممنوع ، ولا محرَّم أو غيره ، وأطلقه ، وإن -[306]- كان بالراء المهملة : فمعناه من الإجارة : الحماية والحفظ ، وكلاهما صالح في هذا الموضع.
(الدَّنِيَّة) : القضية التي لا يُرضى بها ولا تُراد.
(بغرزه) الغرز : الكور للناقة ، كالرِّكاب لسرج الفرس ، إلا أنه من جلد ، فإذا كان من حديد أو خشب : فهو ركاب.
(وَيلُ امِّهِ مِسْعَرُ حَرْب) مسعر الحرب : مُوقِدها ، يقال : سعرتُ النار وأسعرتُها : إذا أوقدتها ، والمِسعَر : الخشب الذي توقَد به النار ، وقوله : «ويل امه» كلمة يتعجَّب بها.
(سِيفُ البحر) : جانبه وساحله.
(بِعصَم الكَوافِر) العِصَم : جمع عِصمَة ، وهو ما يتمسَّك به ، والكوافر : جمع كافرة ، وأراد بعصمها : عقد نكاحها.
(امتَعَضُوا) الامتعاض : كراهيةُ الشيء والغيظ منه.
(العاتق) من الجواري : التي أدركت فَخَدِرَتْ.
(الأحابيش) : الجماعات المجتمعة من قبائل شَتَّى متفرقة.
(جَنْباً) الذي جاء في كتاب الحميدي «كان الله قد قطع جنباً من المشركين» وشرحه في غريبه فقال : الجنب : الأمر ، يقال : ما فعلت هذا في جَنب حاجتي ، إلا في أمر حاجتي ، والجنب : القِطعةُ من الشيء تكون -[307]- معظمه ، أو شيئاً كثيراً منه ، والذي جاء في كتاب البخاري «قد قطع عيناً من المشركين» فإن صحت الرواية ولم تكن غلطاً من الناسخ : فيكون معناه - والله أعلم- من العين : الجاسوس ، أي : كفى الله منهم [من] كان يرصُدنا ، ويتجسَّس علينا أخبارنا.
(محروبين) المحروب : المسلوب ، يقال : حُرِبَ فلان ماله : إذا سُلِبَهُ.
(خَلَتِ القصواء) قد جاء في هذه الرواية «خلت القصواءُ» بترك الهمزة ، واللغة «خَلأَت» فإن صحت الرواية : كان قد خفف الهمزة ، وهو مذهب مشهور في العربية.
(عيبة مكفوفة) المكفوفة : المشرجة والمشدودة (9) ، والعيبة هاهنا : مثل ، والمعنى : بيننا صدور سليمة ، وعقائدُ صحيحة في المحافظة على العهد الذي تعاهدنا ، والعقد الذي عقدنا ، وقد يُشبَّه صدر الإنسان - الذي هو مستودع سَرِّه وموضع مكنون أمره بالعَيبة التي يودِعها متاعَه ، ويصون فيها ثيابه.
(لا إسلال ولا إغلال) الإسلال : من السَّلَّة ، وهي السرقة ، والإغلال : الخيانة ، يقال : أغلَّ الرجل إغلالاً : إذا خان ، وغل من الغَنيمة غلولاً ، وقال بعضهم : إن الإسلال من سلّ السيوف في الحرب ، والإغلال : لبس الدروع ، وليس بمرضٍ . -[308]-
(مقاماً يحمَده عليه) هذا القول من النبيِّ - صلى الله عليه وسلم- في حق سهيل بن عمرو : إشارةً إلى ما كان عند وفاة النبيِّ - صلى الله عليه وسلم- ، وارتداد الناس بمكة ، فقام خطيباً ووعظهم ، وثبَّتهم على الإسلام ، فكان هذا هو المقام الذي يحمده عليه.
__________
(1) هو مقول الزهري ، وصله ابن مردويه في تفسيره من طريق عقيل .
(2) كذا في الأصل : أزواجهن ، والذي في نسخ البخاري المطبوعة : أزواجهم ، وهو أصوب .
(3) وفي بعض النسخ : الأشطاط ، وهو موضع تلقاء الحديبية .
(4) في نسخ البخاري المطبوعة : عيناً ، وانظر الكلمة في " غريب الحديث " .
(5) القائل : علي بن المديني .
(6) قال في " عون المعبود " : كذا في النسخ ، والظاهر أنه سقط بعض الألفاظ من هذا المقام ، وفي " المشكاة " برواية الشيخين : ثم جاء نسوة مؤمنات ، فأنزل الله تعالى {يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات ...} الآية .
(7) رواه البخاري 5 / 241 - 260 في الشروط ، باب الشروط في الجهاد والمصالحة مع أهل الحرب ، وفي باب ما يجوز من الشروط في الإسلام ، وفي الحج ، باب من أشعر وقلد بذي الحليفة ثم أحرم ، وباب النحر قبل الحلق في الحصر ، وفي المغازي ، باب غزوة الحديبية ، وفي تفسير سورة الممتحنة ، وأبو داود رقم (2765) و (2766) في الجهاد باب في صلح العدو ، ورقم (4655) في السنة ، باب في الخلفاء .
(8) رواية رزين هذه رواها أحمد في " المسند " 4 / 326 .
(9) في اللسان : المشرجة المعقودة .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه أحمد (4/323، 328) قال: حدثنا سفيان بن عيينة ، وفي (4/323) قال: حدثنا يزيد بن هارون. قال: أخبرنا محمد بن إسحاق بن يسار. وفي (4/327، 328) قال: حدثنا عبد الرزاق. قال: أخبرنا معمر، وفي (4/331) قال: حدثنا يحيى بن سعيد القطان. قال: حدثنا عبد الله بن المبارك. قال: حدثنا معمر ، والبخاري (2/206) قال: حدثنا أحمد بن محمد. قال: أخبرنا عبد الله. قال: أخبرنا معمر. وفي (3/252) قال: حدثني عبد الله بن محمد. قال: حدثنا عبد الرزاق. قال: أخبرنا معمر. وفي (5/157) قال: حدثنا علي بن عبد الله. قال: حدثنا سفيان. وفي (5/161) قال: حدثنا عبد الله بن محمد. قال: حدثنا سفيان - قال: وثبتني معمر بعد الزهري -. وفي (5/161) قال: حدثني إسحاق، قال: أخبرنا يعقوب. قال: حدثني ابن أخي ابن شهاب، وأبو داود (1754) قال: حدثنا عبد الأعلى بن حماد. قال: حدثنا سفيان بن عيينة. وفي (2766) قال: حدثنا محمد بن العلاء. قال: حدثنا ابن إدريس. قال: سمعت ابن إسحاق. وفي (4655) قال: أنبأنا يعقوب بن إبراهيم. قال: حدثنا يحيى بن سعيد، قال: حدثنا عبد الله بن المبارك. قال: حدثنا معمر. والنسائي في الكبرى (ورقة 114- ب) قال: أخبرنا سعيد بن عبد الرحمن. قال: حدثنا سفيان (قال: وثبتني معمر بعد عن الزهري) . وابن خزيمة (2906) قال: حدثنا محمد بن عيسى. قال: حدثنا سلمة. قال: حدثني محمد بن إسحاق. وفي (2907) قال: حدثنا عبد الجبار بن العلاء. قال: حدثنا سفيان. (ح) وحدثنا علي بن خَشْرم. قال: أخبرنا ابن عيينة.
أربعتهم - سفيان، ومحمد بن إسحاق، ومعمر، وابن أخي ابن شهاب- عن محمد بن مسلم بن شهاب الزهري، عن عروة بن الزبير، فذكره.
(*) أخرجه البخاري (3/11) قال: حدثنا محمود. قال: حدثنا عبد الرزاق. وأبو داود (2765، 4655) قال: حدثنا محمد بن عبيد، أن محمد بن ثور حدثهم. والنسائي (5/169) قال: أخبرنا محمد بن عبد الأعلى. قال: حدثنا محمد بن ثور.
كلاهما - عبد الرزاق، ومحمد بن ثور- عن مَعْمر، عن الزهري، عن عروة بن الزبير، فذكره. ليس فيه -مروان بن الحكم-.
(*) أخرجه البخاري (3/246) قال: حدثنا يحيى بن بكير. قال: حدثنا الليث، عن عُقيل، عن ابن شهاب. قال: أخبرني عروة بن الزبير، أنه سمع مروان والمسور بن مخرمة ، يخبران عن أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، نحوه مختصرا.

6109 - (م) أنس بن مالك - رضي الله عنه - «أن قريشاً صالحوا النبيَّ - صلى الله عليه وسلم-، وفيهم سهيل بن عمرو ، فقال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم- لعليّ : اكتُبْ : بسم الله الرحمن الرحيم ، قال سهيل : أمَّا بسم الله ، فما ندري ما «بسم الله الرحمن الرحيم» ؟ ولكن اكتب ما نعرف : باسمك اللهم ، فقال : اكتب : من مُحمَّد رسولِ الله ، قالوا : لو عَلِمْنا أنَّكَ رسولُ الله لاتَّبعناك ، لكن اكتب اسمك واسم أبيك ، فقال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم- اكتب : من محمد بن عبد الله ، فاشترطوا على النبي - صلى الله عليه وسلم- : أنَّ مَن جاء منكم لم نردَّه ، ومن جاءكم منا رددتمُوه علينا ، فقالوا : يا رسول الله ، أنكتب هذا ؟ قال : نعم ، إنه من ذهب منا إليهم فأبعدَه الله ، ومن جاءنا منهم ، سيجعل الله له فرجاً ومخرجاً» . أَخرجه مسلم (1) .
__________
(1) رقم (1784) في الجهاد ، باب صلح الحديبية في الحديبية .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه مسلم (1784) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا عفان، حدثنا حماد بن سلمة، عن ثابت، عن أنس، فذكره.

6110 - (خ) عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم- : «خرجَ مُعتمِراً ، فحال كُفَّارُ قريش بينه وبين البيت ، فنحر هَدْيَه ، -[309]- وحَلَقَ رأسهُ بالحديبية ، وقاضاهم على أن يعتمِرُوا العامَ المقبلَ ، ولا يحملَ سلاحاً عليهم إلا سيوفاً ، ولا يُقيمَ إلا ما أحبُّوا ، فاعتمر من العام المقبل ، فدخَلَها كما كان صالحهم ، فلما أن أقام بها ثلاثاً ، أمروه أن يَخْرُجَ ، فخرَجَ» . أخرجه البخاري (1) .
__________
(1) 5 / 224 في الصلح ، باب الصلح مع المشركين ، وفي المغازي ، باب عمرة القضاء .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه البخاري (2701) حدثنا محمد بن رافع، حدثنا سريج بن النعمان، حدثنا فليح، عن نافع، عن ابن عمر، فذكره.

6111 - (ت د) علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - قال : «خرج عُبدْان (1) إلى رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم- يوم الحديبية قبل الصلح ، فكتب إليه مواليهم يقولون : يا محمد ، والله ما خرجوا إليكَ رغبة في دينك ، وإنما خرجوا هَرَباً من الرِّقِّ ، فقال ناس : [صدقوا يا رسول الله] رُدَّهم إليهم ، فغضبَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- من ذلك ، وقال : ما أُراكم تَنتهون يا معشر قريش ، حتى يبعثَ الله عليكم مَن يضرب رقابكم على هذا ، وأبى أن يَرُدَّهم ، وقال : هم عُتَقَاءُ الله» . أخرجه أبو داود.
وفي رواية الترمذي قال : «لما كان يومُ الحديبية خرج إِلينا ناس من المشركين ، منهم سهيل بن عمرو ، وأناس من رؤساء المشركين ، فقالوا : يا رسول الله ، قد خرج إليكَ ناس من أبنائنا وإخواننا وأرِقَّائنا ، وليس بهم فِقْه في الدِّين ، وإنما خرجوا فِرَاراً من أموالنا وضِياعنا ، فارددهم إلينا ، فإن لم يكن لهم فِقْه في الدين سَنُفَقِّهُهُم ، فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- : يا معشر -[310]- قريش ، لَتَنْتَهُنَّ أو لَيَبْعَثَنَّ الله عليكم من يَضْرِبُ رِقَابَكُم بالسيف على الدِّين ، قد امتحن الله قلوبهم على الإيمان ، قال أبو بكر وعمر : مَن هو يا رسولَ الله ؟ قال : هو خَاصِفُ النَّعْل ، وكان قد أعطى عليّاً نعلَه يَخصِفُها ، ثم التفت إلينا عليّ فقال : قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- : مَن كذب عليَّ مُتعمِّداً فليتبوأ مقعدَهُ من النار» (2) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(يخصفها) خَصَفَ النعل يخصِفها : إذا خرزها.
__________
(1) جمع عبد .
(2) رواه أبو داود رقم (2700) في الجهاد ، باب في عبيد المشركين يلحقون بالمسلمين فيسلمون ، والترمذي رقم (3716) في المناقب ، باب مناقب علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، وقال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه من حديث ربعي بن حراش عن علي .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه أحمد (1/155) (1335) قال: حدثنا أسود بن عامر، قال: أخبرنا شريك. وأبو داود (2700) قال: حدثنا عبد العزيز بن يحيى الحراني، قال: حدثني محمد، يعني ابن سلمة، عن محمد بن إسحاق، عن أبان بن صالح، والترمذي (3715) قال: حدثنا سفيان بن وكيع، قال: حدثنا أبي، عن شريك.
كلاهما - شريك ، وأبان - عن منصور بن المعتمر، عن ربعي بن حراش، فذكره.

6112 - (م) سلمة بن الأَكوع - رضي الله عنه - قال : «قَدِمْنا الحديبيةَ مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم- ونحنُ أربعَ عشرةَ مائة ، وعليها خمسون شاة لا تُرويها ، قال : فقعدَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- على جَبَا الرَّكِيَّةِ ، فإما دعا ، وإِمَّا بصق (1) فيها ، قال : فَجَاشَتْ ، فَسَقَيْنا وَاسْتَقَيْنَا ، قال : ثم إن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم- دعا [نا] للبيعة في أصل الشجرة ، قال : فبايعتُه في أول الناس ، ثم بايع وبايع ، حتى إِذا كانَ في وسط من الناس قال : بايِع يا سلمةُ ، قال : قلتُ : قد بايعتُكَ يا رسولَ الله في أول الناس ، قال : وأيضاً قال : وقد رآني رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم-[311]- أَعْزَلَ - يعني : ليس معه سلاح - فأعطاني رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- حَجفَة - أو دَرَقَة - ثم بايَعَ ، حتى إذا كان في آخر الناس ، قال : ألا تُبايعني يا سلمةُ ؟ قال : قلتُ : قد بايعتُك يا رسولَ الله في أول الناس ، وفي أوسط الناس ، قال : وأيضاً ، قال : فبايعتُه الثالثَةَ ، ثم قال لي : [يا] سلمةُ ، أين حَجفَتُك - أو دَرَقَتُكَ - التي أعطيتُكَ ؟ قال : قلتُ : يا رسولَ الله ، لقيَني عمّي عامر أعْزَلَ ، فأعطيتُه إياها ، قال : فضحك رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- ، وقال : إنكَ كالذي قال الأول : اللهم أبْغِنِي حبيباً هو أحبُّ إليَّ من نفسي ، ثم إنَّ المشركين وَاسَوْنا الصلحَ ، حتى مشى بعضُنا في بعض ، واصطلحنا ، قال : وكنتُ تَبِيعاً لطلحةَ بنِ عُبيد الله ، أسقي فرَسه وأحُسُّه وأخدُمه ، وآكل من طعامه ، وتركتُ أهلي ومالي مهاجراً إلى الله وإلى رسولِه - صلى الله عليه وسلم- ، فلما اصطلحنا نحن وأهلُ مكةَ ، واختلط بعضُنا ببعض ، أتيتُ شجرة ، فَكَسَحْتُ شوكَها ، فاضطجعتُ في أصلها ، فأتاني أربعة من المشركين من أهلِ مكةَ ، فجعلوا يقعون في رسول الله - صلى الله عليه وسلم- فأَبْغَضْتُهم ، فتحوَّلتُ إلى شجرة أُخرى ، وعلَّقوا سلاحهم ، واضطجعوا ، فبينما هم كذلك إذْ نادى مُناد من أسفل الوادي : يَا لَلْمهاجرين ، قُتِلَ ابنُ زُنَيْم ، قال : فاخترطتُ سيفي ، ثم شددتُ على أُولئك الأربعةِ وهم رُقُود ، فأخذت سلاحهم ، فجعلتُه ضِغْثاً في يدي ، قال : ثم قلتُ : والذي كرَّم وجهَ محمَّد - صلى الله عليه وسلم- ، لا يرفع أحد منكم رأسَهُ ، إلا ضربتُ الذي فيه عيناه ، قال : ثم -[312]- جئتُ بهم أسوقهم إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم- ، قال : وجاء عَمِّي عامر برجل من العَبَلات يقال له : مِكْرَز ، يقودُهُ إلى رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم- على فَرَس مُجَفَّف في سبعين من المشركين ، فنظر إِليهم رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- ، فقال : دعُوهم ، يكنْ لهم بَدْءُ الفُجور وثِناه ، فعفا عنهم رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- وأنزل الله عز وجل {وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ وكانَ اللهُ بِمَا تعْمَلُونَ بَصِيراً} [الفتح : 24] ، قال : ثم خرجنا راجعين إلى المدينة ، فنزلنا منزلاً ، بيننا وبين بني لحيان جبل وهم المشركون ، فاستغفرَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- لمن رَقيَ هذا الجبل الليلةَ ، كأنه طَليعة للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم- وأصحابه ، قال سلمةُ : فرقِيتُ تلك الليلة مرتين أو ثلاثاً ، ثم قَدِمْنا المدينةَ ، فبعثَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- بظَهْره مع رَباح - غلامِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم - وأنا معه ، وخرجتُ معه بفرس لطلحة أُنَدِّيه (2) ، مع الظهر ، فلما أصبحنا إذا عبد الرحمن الفزاريُّ قد أغار على ظَهْر رسول الله - صلى الله عليه وسلم- ، فَاسْتَاقَه أَجْمَعَ ، وقتل راعيَه ، فقلتُ : يا رباحُ ، خذ هذا الفرس فأبْلِغْه طلحةَ بنَ عبيد ، وأخبِرْ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم- أَنَّ المشركين قد أَغاروا على سَرْحه ، ثم قمتُ على أَكمَة ، فاستقبلتُ المدينةَ ، فناديتُ ثلاثاً : يا صَبَاحَاه ، ثم خرجت في آثار القوم أرميهم بالنَّبْل ، وأَرْتَجِزُ ، أقول : -[313]-
أنا ابنُ الأكوَعِ ... واليومُ يومُ الرُّضَّعِ
فألحَقُ رجلاً منهم ، فأصُكُّ سهماً في رَحْله ، حتى خَلَص نَصْلُ السهم إلى كتفه ، قال : قلتُ :
خذها وأنا ابنُ الأكوع ... واليومُ يومُ الرُّضَّعِ
قال : فوالله ، ما زلتُ أرميهم وأَعقِرُ بهم ، فإذا رجع إِليَّ فارس أتيتُ شجرة ، فجلستُ في أصلها ، ثم رميتُه فَعَقَرتُه ، حتى إِذا تَضَايَقَ الجبل ، فدخلوا في تَضَايُقِهِ عَلَوْتُ الجبل ، فجعلتُ أرميهم بالحجارة ، فما زلتُ كذلك أَتْبَعُهم ، حتى ما خلق الله من بعير من ظهر رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم- إلا خَلَّفتُهُ وراءَ ظهري ، وَخَلَّوْا بيني وبينه ، ثم اتَّبَعْتُهم أرميهم ، حتى ألقَوْا أكثرَ من ثلاثين بُرْدَة وثلاثين رُمْحاً ، يَسْتَخِفُّون ، ولا يطرحون شيئاً إلا جعلتُ عليه آرَاماً من الحجارة يعرفُها رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- وأصحابه ، حتى أتوا مُتَضَايقاً من ثَنِيَّة ، فإذا هم قد أتاهم فلانُ بنُ بَدر الفزاريُّ ، فجلسوا يتضحَّوْن - يعني : يتغدَّوْنَ - وجلستُ على رأس قَرْن ، قال الفزاريُّ : ما هذا الذي أرى ؟ قالوا : لقينا من هذا البَرْحَ ، واللهِ ما فارقنا مُنذُ غَلَس يرمينا ، حتى انْتَزَع كلَّ شيء من أيدينا ، قال : فليقُم إِليه نفر منكم أربعة ، قال : فَصَعِدَ إِليَّ منهم أربعة في الجبل ، فلما أمْكنَوني من الكلام ، قلت : هل تعرفوني ؟ قالوا : لا ، ومَن أَنتَ ؟ قال : قلتُ : أنا سلمةُ بنُ الأكوع ، والذي -[314]- كَرَّمَ وجهَ محمد - صلى الله عليه وسلم- ، لا أطلبُ رجلاً منكم إلا أدركتُه ، ولا يطلبني رجل منكم فيدركني ، قال أحدُهم : أنا أظنُّ ، قال : فرجعوا ، فما برحتُ مكاني حتى رأيتُ فَوارِسَ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم- يتخلّلون الشجر ، قال : فإِذا أوَّلهُم الأخرَمُ الأسديُّ ، وعلى إثْرِهِ أبو قتادةَ الأنصاريُّ ، وعلى إِثْرِهِ المقدادُ بنُ الأسودِ الكِنْديُّ ، قال: فأخذتُ بعِنان الأخرم ، قال : فَولَّوْا مُدبرين ، قلتُ : يا أَخْرم ، احْذَرْهم لا يَقْتَطِعُوكَ حتى تلحقَ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم- وأصحابه ، قال : يا سلمةُ إن كنتَ تؤمنُ بالله واليوم الآخر ، وتعلم أن الجنةَ حَقّ ، والنارَ حَقّ ، فلا تَحُلْ بيني وبين الشهادة ، قال : فخلَّيتُهُ ، فالتَقى هو وعبد الرحمن ، قال : فعَقَر بعبد الرحمن فَرَسُهُ ، وطعنَهُ عبد الرحمن فقتله ، وتَحوَّل على فَرَسِهِ ، ولحق أبو قتادةَ - فارسُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم- بعبد الرحمن فطعنه فقتله ، فوالذي كرَّم وجه محمد - صلى الله عليه وسلم- لَتَبعتْهُم أعْدُو على رِجْليَّ ، حتى ما أرى ورائي من أصحاب محمَّد ولا غبارهم شيئاً ، حتى يَعدِلوا قبل غروب الشمس إلى شِعْب فيه ماء يقال له : ذو قَرَد ، ليشربوا منه وهم عِطاش ، قال : فنظروا إليَّ أعْدُو وَرَاءهم ، فَحلَّيتُهم عنه - يعني : أجْلَيْتُهم عنه - فما ذاقوا منه قطرة ، قال : ويخرجُون فيشتدُّون في ثَنِيَّة ، قال : فأعْدُو ، فأَلْحَقُ رجلاً منهم ، فأصُكُّه بسهم في نُغْضِ كَتِفِهِ ، قال : قلتُ : خُذْها
وأنا ابنُ الأكوعِ ... واليومَ يومَ الرُّضَّعِ -[315]-
قال : يا ثَكلَتْه أُمُّه ، أَكْوَعُهُ بُكْرَةَ ؟ قلت : نعم يا عدوَّ نَفْسِهِ أَكْوَعُك بكرة ، وأَرْدَوْا فرسين على ثنيَّة ، فجئتُ بهما أسوقُهما إلى رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم- ، ولحقني عامرُ بسطيِحَة فيها مَذْقَة من لَبَن ، وسَطيحة فيها ماء ، فتوضأتُ وشربتُ ، ثم أتيتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم- وهو على الماء الذي حَلَّيتُهم عنه ، فإذا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- قد أخذ تلكَ الإبلَ ، وكلَّ شيء اسْتَنْقَذْتُه من المشركين ، وكلّ رُمْح وبُرْدَة ، وإذا بلال نحرَ ناقة من الإبل التي استنقذتُ من القوم ، وإِذا هو يشوي لرسولِ الله - صلى الله عليه وسلم- من كَبِدِها وسَنَامِها ، قال : قلتُ : يا رسولَ الله ، خَلِّني فَأنْتَخِبُ من القوم مائةَ رجل ، فأتْبَعُ القوم ، فلا يبقى منهم مُخبِر إلا قتلتُه، قال : فضحكَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- حتى بَدَتْ نَوَاجِذُه في ضوء النار، فقال : يا سلمةُ ، أَتُراك كنتَ فاعلاً ؟ قلتُ : نعم ، والذي أكرمكَ ، قال : إِنهم لَيُقْرَوْن في أرض غَطَفان ، قال : فجاء رجل من غَطَفَانَ ، فقال : نَحَرَ لهم فلان جزوراً ، فلما كشفوا جلدها رأَوْا غُبَاراً ، فقالوا : أتاكم القومُ ، فخرجوا هاربين ، فلما أصبحنا قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- : كان خيرَ فُرْساننا اليومَ أبو قَتادةَ ، وخيرَ رَجَّالَتِنا سلمةُ ، قال : ثم أعطاني رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- سهمين : سهم الفارس ، وسهم الراجل ، فجمعهما لي جميعاً ، ثم أرْدَفَني رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- وراءه على العَضْبَاء، راجعِين إلى المدينة ، قال : فبينما نحن نسير، قال : وكان رجل من الأنصار -[316]- لا يُسْبَقُ شَدّاً ، قال : فجعل يقولُ : ألا مُسابق إلى المدينة ؟ هل مِنْ مُسابِق ؟ فجعل يُعيدُ ذلك ، قال : فلما سمعتُ كلامَه ، قلتُ : أما تُكْرِم كريماً ، ولا تَهابُ شَريفاً ؟ قال : لا ، إلا أَنْ يكونَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- ، قال : قلتُ : يا رسولَ الله ، بأبي وأُمِّي ، ذَرْني فلأَسْبِق الرَّجُلَ ، قال : إن شئتَ ، قال : قلتُ : اذهب إليكَ ، قال : وَثَنَيْت رِجْلي ، فَطَفَرْتُ فعدوتُ ، قال : فَربطتُ عليه شَرَفاً أو شَرَفَيْنِ ، أَسْتَبْقي نَفسي ، ثم عَدَوْتُ في إِثْرِهِ ، فربطتُ عليه شَرَفاً أو شَرَفين ، ثم إني رَفَعْتُ حتى أَلْحَقَه : فأصُكُّه بين كتفيه ، قال : قلتُ : قد سُبِقْتَ والله ، قال : أنا أظنّ ، قال : فَسَبَقْتُه إلى المدينة ، قال : فوالله ، ما لبثنا إلا ثلاثَ ليال ، حتى خرجنا إلى خيبرَ مع رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم- ، قال : فجعل عَمِّي عامر يَرْتَجِزُ بالقوم :
تَاللهِ لَوْلا الله مَا اهْتَدَيْنَا ... وَلا تَصَدَّقْنا وَلا صَلَّيْنا
وَنَحْنُ عنْ فَضْلِكَ مَا اسْتَغْنَينا ... فَثَبِّتِ الأقدَامَ إِن لاقَيْنا
وَأَنْزِلَنْ سَكِينَة عَليْنا
فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- : من هذا ؟ قال : أنا عامر ، قال : غَفَرَ لكَ رَبُّكَ ، قال : وما استغَفَرَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- لإِنسان يَخُصُّهُ إلا اسْتُشْهِدَ ، قال : فنادى عمرُ بنُ الخطاب وهو على جمل له : يا نبيَّ الله ، لولا مَتَّعْتَنا بعامر؟ قال : فلمَّا قدِمنا خَيْبَر ، قال : خرج مَلِكُهمْ مَرْحَب يخطِرُ بسيفه ، يقول : -[317]-
قَدْ عَلِمَتْ خَيْبَرُ أَنِّي مَرْحَبُ ... شَاكِي السِّلاحِ بَطَل مُجَرَّبُ
إذا الحُرُوبُ أَقْبَلَتْ تَلَهَّبُ
قال : وبرز له عمِّي عامر ، فقال :
قَدْ عَلِمَتْ خَيْبَرُ أَنِّي عامِرُ ... شَاكِي السِّلاحِ بَطَل مُغَامِرُ
قال : فاختلفا ضربتين ، فوقع سيفُ مَرْحَب في تُرْسِ عامر ، وذهب عامر يُسْفِل له ، فرجع بسيفه على نفسه ، فقطع أكْحَلَهُ ، وكانت فيها نَفْسُه ، قال سلمةُ : وخرجتُ ، فإذا نفر من أصحاب رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم- يقولون : بَطَلَ عَمَلُ عامر ، قتل نَفْسَهُ ، قال : فأتيتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم- وأنا أبكي - فقلتُ : يا رسولَ الله ، بَطَلَ عَمَلُ عامر ، قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- : من قال ذلك ؟ قال : قلتُ : ناس من أصحابك ، قال : كذَبَ من قال ذلك ، بل له أجرهُ مرتين ، ثم أرسلني إلى عليّ - وهو أرمَدُ - فقال : لأعطينَّ الرَّايةَ رجلاً يُحِبُّ الله ورسولَهُ ، ويُحِبُّهُ الله ورسولُهُ ، قال : فأتيتُ عليّاً ، فجئتُ به أقودُه - وهو أَرمَدُ - حتى أتيتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم- ، فَبَصَقَ في عَيْنَيه ، فَبَرأَ ، وخرجَ مَرْحَب ، فقال :
قَدْ عَلِمتْ خَيْبَرُ أَنِّي مَرْحَبُ ... شاكي السلاح بطل مجرَّبُ
إذا الحروبُ أقبلتْ تَلَهَّبُ
فقال عليّ - رضي الله عنه - : -[318]-
أنا الذي سَمَّتْني أُمِّي حَيْدَرَهْ ... كَلَيْثِ غابات كرِيهِ المَنْظَرَه
أُوفِيهُمُ بالصَّاعِ كَيْلَ السَّنْدَرَهْ
قال : فضرب رأسَ مَرْحَب ، فقتلهُ ، ثم كان الفتحُ على يَدَيْه» . أخرجه مسلم (3) .
قال الحميديُّ : في هذا الحديث من ذِكْر الإغارة على السرحِ ، وقصةِ عامر وارتجازهِ ، وقوله - صلى الله عليه وسلم- : «لأعطِينَّ الرايةَ» ، ما قد اتفق البخاري معه على معناه ، ولكن فيه من الزيادة والشرح ما يوجب كونَه من أفراد مسلم ، فأفردناه.
وفي رواية أبي داود ، أخرج بعضه ، وسيجيء ذِكرُه في غزوة ذي قَرَد إن شاء الله (4) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(على جبا الرَّكِيَّةِ) الرَّكِيَّةُ : البئر ، وجباها : التراب الذي أُخرج منها وجُعلَ حولها.
(أعزل) الأعزل : الذي لا سلاح معه ، وقوم عُزَّل ، وقد جاء في أحد نسخ مسلم «عُزُل» وأراد به الواحد ، ولعله غلط من الكاتب. -[319]-
(ابغِني) بمعنى أوجدني وأعطني.
(واسَوْنا) من المواساة : المشاركة والموافقة.
(تَبيعاً) التَّبيع : الخادم ، لأنه يتبع الذي يخدُمه.
(فكسحت) كسحتُ البيت : كنستُه ونحيَّت ما في أرضه مما يؤذي ساكنه.
(ضِغْثاً) الضِّغث : الحزمة المجتمعة من قضبان أو حشيش ونحوه مما يجمع في اليد.
(من العَبَلات) العبَلات : أُمية الصغرى من قريش ، والنسب إليهم : عَبَليٌّ.
(مجفف) فرس مجفَّف : عليه تجافيف ، وهي ما يستره في الحرب خوفاً عليه مما يؤذيه من سلاح وغيره ، فهو في الخيل كالمُدَجَّج من الرِّجال ، وهو المنغمس في الدرع والسلاح.
(بدء الفجور) : ابتداؤه وأوله ، وثِناه : ثانيه ، وقد يمدُّ.
(طليعة) الطليعة : الجاسوس.
(بظهره) الظهر : ما يُعَدُّ من الإبل للركوب والأحمال.
(أُنَدِّيه) قال الأصمعي : التندية بالنون : أن تُورِد الإبل والخيل ، حتى تشرب قليلاً ، ثم ترعى ساعة ، ثم تردُّها إلى الماء من يومها ، أو من الغد ، والإبل تندو من الحَمض إلى الخَلَّة ، فتنتقل من جنس من المرعى إلى جنس آخر ، وأنكر القتيبي هذا ، وقال : الصواب «لأبَدِّيه» بالباء المعجمة -[320]- بواحدة ، أي : لأخرجه إلى البدو ، وقال : ولا تكون التندية إلا للإبل خاصة ، قال الأزهري : أخطأ القتيبي ، والصواب ما قال الأصمعي . وللتندية معنى آخر، وهو تضمير الفرس وإجراؤه ، حتى يسيل عرقه ، ويقال لذلك العرق إذا سال : النَّدَى، وهذا أشبه بمعنى الحديث ، والله أعلم.
(سَرْحِهِ) السرح : المواشي السائمة.
(على أكمَة) الأكمةُ : الرَّابيةُ ونحوها ، وجمعها : أُكم وآكام وإكام.
(يا صباحاه) يومُ الصَّباح : يومُ الغارة ، وكان إذا دهمهم أمر صاحوا : يا صباحاه ، يُعْلِمُون قومَهم بما دَهِمَهم ونابَهم ، ليُبادروا إليه.
(يوم الرُّضَع) أراد بقوله : يوم الرُّضَّع : يوم هلاك اللئام ، والرُّضع جمع راضع ، وأراد بهم : الذي يُرضِعون الإبل ولا يحلبونها خوفاً من أن يسمع حلبها من يستمنحهُم ويسألهم لبناً ، وقد يكون كناية عن الشدة.
(فأصكّ) الصَّكُّ : الضرب باليد ، وأراد : أنه رماه بسهم.
(في رحله) رَحْلُ الناقة : كورها ، فأضافه إليه لأنه راكب عليه.
(وأعْقِرُ بهم) عَقَرْتُ به : قتلتُ مركُوبَه ، وجعلتُه راجلاً.
(بُردَة) البُرْدَةُ : ضرب من الثياب.
(آراماً) الآرام : جمع إرم ، وهو العلم من الحجارة.
(قَرَن) القَرَن : جبل صغير منفرد. -[321]-
(البَرَح) : الشدة ، يقال : لقيتُ منه بَرَحاً بارِحاً ، أي : شدة شديدة.
(غَلَس) الغَلَس : ظُلْمَةُ آخر الليل.
(لا يقطعونك) الاقتطاع : أخذ الشيء والانفراد به ، أراد به : لا يرونك منفرداً فيطمعوا فيك فيقتلوك.
(شِعْب) الشِّعْبُ : الفُرْجَةُ بين الجبلين كالوادي.
(فَحَلَّيْتُهم) عن الماء : أي : طردتُهم ، هكذا جاء لفظ الحديث مُشدداً غير مهموز ، وبهذا شرحه الحميدي في كتابه ، والمعروف في اللغة : حَلأتُ الإبل مشدداً مهموزاً ، ولعل الهمزة قد قُلبت ياء ، وليس بالقياس ، لأن الياء لا تُبدل من الهمزة إلا أن يكون ما قبلها مكسوراً ، نحو إيلاف وبير، وقد جاء شاذاً : قَرَيْتُ في قرأتُ ، وليس بالكثير.
(فَيُسنِدونَ) وقد تقدَّم في أول هذه الغزوة ذكر «يسندون» وهو الصعود في الجبل.
(نُغض) الكتف : الغضروف العريض الذي على أعلاه.
(أكْوَعُه بكرة) قوله : أكوعه بكرة ، يعني : الأكوع الذي كان قد تبعنا من بكرة ، فإنه كان أول ما لحقهم قال :
أنا ابن الأكوع ... واليوم يوم الرُّضع -[322]-
[فلما عاد] قال لهم هذا القول ، فقال له : أنت الذي كنت معنا بكرة ؟ قال له في الجواب : نعم أكوعك بكرة.
(أرْدَوا فرسين) أرديتُه : رميتُه وتركته ، والمراد : أنهم من خوفهم تركوا من خيلهم فرسين ، ولم يقفوا عليهما هرباً وخوفاً أن يلحقهم.
(مَذقَة من لبن) لبن ممذوق ، أي : مخلوط بماء ، والمراد بقوله : «مَذْقَة» شربة قليلة من لبن ممذوق.
(لَيُقْرَوْن) القِرى : الضِّيافة ونُزُل الضَّيْف.
(فأنتخب) الانتخاب : الاختيار ، وانْتِقَاءُ الجَيِّد.
(جزوراً) الجزور : البعير ذكراً كان أو أنثى ، إلا أن اللفظة مؤنثة.
(العَضباء) : لقبُ ناقةِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم- ولم تكن عضباء ، أي : مشقوقة الأذُن.
(شدّا) الشدّ : العدو.
(فربطتُ) أي : تأخَّرتُ ، كأنه ربط نفسه ، أي : شدَّها.
(شَرَفاً) الشَّرَفُ : الشَّوطُ والقَدْرُ المعلوم من المسافة.
(لولا متَّعْتنا) «لولا» هاهنا بمعنى : هَلا ، و «متعتنا» بمعنى : جعلتنا ننتفع به ، فإنه - صلى الله عليه وسلم- كان إذا استغفر في غزوة لأحد على الخصوص ، أو ترَّحم [عليه] : عرفوا أنه يموت أو يُقتل ، فقالوا لما استغفر له : هلا تركتنا -[323]- نستمتع بحدائه في طول حياته ؟
(يَخْطِر بسيفه) خَطَر بسيفه : إذا هَزّهُ مُعجَباً بنفسه ، مُتعرِّضاً للمبارزة ، ويجوز أن يكون أراد به : أنه كان يخطِر في مِشْيَتِه ، أي : يتمايل ويمشي مِشْيَةَ المعجَب بنفسه ، وسيفُه في يده ، فكأنه خطر وسيفه معه.
(شاكي السلاح) : ذو شدَّة وشوكة وحِدَّة في سلاحه.
(مُغَامِرُ) رجل مُغامر : إذا كان يَقتحم المهالك.
(يَسفُل) سفلتُ له أسفُل في الضرب : إذا عمدتَ أن تضرب أسافِلَه من وسطه إلى قدميه.
(حَيْدَرَة) : اسم للأسد ، وذلك أن فاطمةَ بنتَ أسد أُمَّ علي بن أبي طالب لما ولدته سمته باسم أبيها ، وكان أبو طالب غائباً ، فلما قدم كره هذا الاسم ، فسماه علياً.
(السَّندَرة) : مِكْيَال ضخم.
(كَلَيْث غابات) الليث : الأسد ، و «الغابات» جمع غابة ، وهي الأجَمَةُ ، وأُسود الغابات موصوفة بالشدة.
__________
(1) يقال : بزق ، وبصق ، وبسق ، ثلاثة لغات بمعنى ، والسين قليلة الاستعمال .
(2) في المطبوع : أندبه ، وهو خطأ .
(3) رقم (1807) في الجهاد ، باب غزوة ذي قرد وغيرها .
(4) سيأتي في الحديث رقم (6124) .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه مسلم (1807) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، حدثنا هاشم بن القاسم. (ح) وحدثنا إسحاق بن إبراهيم ، أخبرنا أبو عامر العقدي، كلاهما عن عكرمة بن عمار. (ح) وحدثنا عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي، وهذا حديثه ، أخبرنا أبو علي الحنفي عبيد الله بن عبد المجيد، حدثنا عكرمة - وهو ابن عمار- حدثني إياس بن سلمة ، حدثني أبي ، قال: فذكره.

6113 - (خ م ت س) سلمة بن الأكوع - رضي الله عنه - قال يزيد بن أبي عبيد : «قلتُ لسلمةَ : على أيِّ شيء بايعتم رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم- يومَ الحُديبية ؟ قال : على الموتِ - وفي رواية قال : بايَعنا النبيَّ - صلى الله عليه وسلم- تحت الشجرة ، فقال لي : -[324]- يا سلمةُ : ألا تُبايِعُ ؟ قلتُ : يا رسولَ الله ، قد بايعتُ في الأول ، قال : وفي الثاني» .
وفي أخرى قال : «بايَعتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم- ، ثم عَدَلْتُ إلى ظِلِّ شجرة ، فلما خَفَّ الناسُ قال : يا ابنَ الأكوع : ألا تبايعُ ؟ قلت : قد بايعتُ ، قال : وأيضاً ، قال : فبايعتهُ الثانيةَ ، فقلتُ : يا أبا مُسْلِم ، على أي شيء تبايِعُون يومئذ ؟ قال : على الموتِ» .
أخرجه البخاريُّ ومسلم ، وأخرج الترمذي والنسائي الأولى (1) .
__________
(1) رواه البخاري 7 / 346 في المغازي ، باب غزوة الحديبية ، وفي الجهاد ، باب البيعة في الحرب على أن لا يفروا ، وفي الأحكام ، باب كيف يبايع الإمام الناس ، وباب من بايع مرتين ، ومسلم رقم (1860) في الإمارة ، باب استحباب مبايعة الإمام الجيش عند إرادة القتال ، والترمذي رقم (1952) في السير ، باب ما جاء في بيعة النبي صلى الله عليه وسلم ، والنسائي 7 / 141 في البيعة ، باب البيعة على الموت .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح : أخرجه أحمد (4/47) قال: حدثنا حماد بن مَسْعَدة. وفي (4/51) قال: حدثنا صفوان. وفي (4/54) قال: حدثنا مكي بن إبراهيم ، والبخاري (4/61) قال: حدثنا المكي بن إبراهيم، وفي (5/159) قال: حدثنا قُتيبة بن سعيد، قال: حدثنا حاتم. وفي (9/97) قال: حدثنا عبد الله بن مَسْلَمَة، قال: حدثنا حاتم، وفي (9/98) قال: حدثنا أبو عاصم. ومسلم (6/27) قال: حدثنا قُتيبة بن سعيد، قال: حدثنا حاتم - يعني ابن إسماعيل -. (ح) وحدثناه إسحاق بن إبراهيم، قال: حدثنا حماد ابن مَسْعَدَة. والترمذي (1592) قال: حدثنا قُتيبة ، قال: حدثنا حاتم بن إسماعيل، والنسائي (7/141) قال: أخبرنا قتيبة ، قال: حدثنا حاتم بن إسماعيل.
خمستهم - حماد، وصفوان بن عيسى ، ومكي، وحاتم ، وأبو عاصم - عن يزيد بن أبي عُبيد، فذكره.

6114 - (خ) عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - قال : «إن الناسَ كانوا مع النبيِّ - صلى الله عليه وسلم- يَوْمَ الحديبية ، تفرَّقوا في ظلال الشجر ، فإذا الناس ، مُحْدِقُون بالنبيِّ - صلى الله عليه وسلم- فقال : - يعني عمرَ - : يا عبد الله ، انظرْ ما شأنُ الناسِ أَحْدَقُوا برسولِ الله - صلى الله عليه وسلم- ؟ فذهب فوجدهم يُبايعون ، فبايعَ ، ثم رجع إلى عمرَ ، فخرج فبايَعَهُ» . أخرجه البخاري (1) .
__________
(1) ذكره البخاري تعليقاً 7 / 350 في المغازي ، باب غزوة الحديبية ، قال : وقال هشام بن عمار حدثنا الوليد بن مسلم ، حدثنا عمر بن محمد العمري ، أخبرني نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما ... -[325]- فذكره ، قال الحافظ في " الفتح " : كذا وقع بصيغة التعليق ، وفي بعض النسخ : وقال لي ، وقد وصله الإسماعيلي عن الحسن بن سفيان عن دحيم - وهو عبد الرحمن بن إبراهيم - عن الوليد بن مسلم بالإسناد المذكور .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
ذكره تعليقا (7/350) في المغازي ، باب غزوة الحديبية قال: وقال هشام بن عمار، حدثنا الوليد بن مسلم، حدثنا عمر بن محمد العمري، أخبرني نافع عن ابن عمر -رضي الله عنهما -... فذكره، قال الحافظ في «الفتح» : كذا وقع بصيغة التعليق ، وفي بعض النسخ ، وقال لي: وقد وصله الإسماعيلي، عن الحسن بن سفيان ، عن دحيم ، هو عبد الرحمن بن إبراهيم ، عن الوليد بن مسلم بالإسناد المذكور.

6115 - (م) معقل بن يسار - رضي الله عنه - قال : «لقد رأيتُني يوم الشجرة والنبيُّ - صلى الله عليه وسلم- يبايع الناس ، وأنا رافع غُصْناً من أغصانها عن رأْسه ، ونحن أربعَ عشرةَ مائة ، قال : لم نبايعْهُ على الموتِ ، ولكن بايعناه على أن لا نَفِرَّ» . أخرجه مسلم (1) .
__________
(1) رقم (1858) في الإمارة ، باب استحباب مبايعة الإمام الجيش عند إرادة القتال .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه أحمد (5/25) قال: حدثنا عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي أبو محمد، قال: حدثنا خالد. ومسلم (6/26) قال: حدثنا يحيى بن يحيى، قال: أخبرنا يزيد بن زريع، عن خالد. (ح) وحدثناه يحيى بن يحيى ، قال: أخبرنا خالد بن عبد الله ، عن يونس.
كلاهما - خالد الحذاء ، ويونس بن عبيد- عن الحكم بن عبد الله بن الأعرج، فذكره.
(*) عقب رواية أحمد بن حنبل. قال ابنه عبد الله : حدثني عبيد الله بن عمر القواريري. قال: حدثنا يحيى بن يمان، عن سفيان، عن خالد، عن الحكم بن الأعرج: يد الله فوق أيديهم قال: أن لا يفروا.

6116 - (م ت س) أبو الزبير - رحمه الله - «أنه سمع جابراً - رضي الله عنهُ - يُسأَلُ : كم كانوا يومَ الحديبية ؟ قال : كنا أَرْبَعَ عشرةَ مائة ، فبايعناه ، وعمرُ آخذ بيده تحتَ الشجرة ، وهي سَمُرَة ، فبايعناه ، غير جَدِّ بنِ قيس الأنصاريِّ ، اختفى تحتَ بَطْنِ بعيرِهِ - زاد في رواية : وقال : بايعناه على أن لا نفرَّ ، ولم نبايِعْه على الموت» .
وهذه الزيادة وحدَها أيضاً لسفيان بن عيينة عن أبي الزبير ، أخرجه مسلم.
وفي رواية الترمذي عن جابر في قوله تعالى : {لَقَدْ رَضِيَ اللهُ عَنِ المُؤمِنِينَ إذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ} [الفتح : 18] قال : بايَعْنا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- على أن لا نَفِرَّ ، ولم نبايعْهُ على الموت. -[326]-
وفي أخرى له قال جابر : «لم نُبايِعْ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم- على الموت ، إنما بايعناه على أن لا نَفِرَّ» .
وأخرج النسائي رواية الترمذي الأخيرة (1) .
__________
(1) رواه مسلم رقم (1856) في الإمارة ، باب استحباب مبايعة الإمام الجيش عند إرادة القتال والترمذي رقم (1951) في السير ، باب ما جاء في بيعة النبي صلى الله عليه وسلم ، والنسائي 7 / 140 و 141 في البيعة ، باب البيعة على أن لا نفر .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
1 - أخرجه الحميدي (1275 ، 1277) ، وأحمد (3/381) . ومسلم (6/25) قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. (ح) وحدثنا ابن نمير، والترمذي (1594) قال: حدثنا أحمد بن منيع. والنسائي (7/140) قال: أخبرنا قتيبة. ستتهم - الحميدي ، وأحمد، وأبو بكر، وابن نمير، وابن منيع، وقتيبة - قالوا: حدثنا سفيان ابن عيينة.
2 - وأخرجه أحمد (3/355) قال: حدثنا يونس بن محمد، وحُجَين. والدارمي (2458) قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله. ومسلم (6/25) قال: حدثنا قتيبة بن سعيد. (ح) وحدثنا محمد بن رُمح. والنسائي في الكبرى (تحفة الأشراف) (2923) عن قتيبة. خمستهم - يونس ، وحجين ، وأحمد بن عبد الله، وقتيبة ، وابن رمح - عن ليث بن سعد.
3 - وأخرجه أحمد (3/396) قال: حدثنا سليمان بن داود، قال: حدثنا عبد الرحمن بن أبي الزناد، عن موسى بن عقبة.
4 - وأخرجه أحمد (3/341) قال: حدثنا حسن. وفي (3/347) قال: حدثنا موسى. كلاهما -حسن ، وموسى - قالا: حدثنا ابن لهيعة.
5 - وأخرجه مسلم (6/25) قال: حدثنا محمد بن حاتم ، قال: حدثنا حجاج ، عن ابن جُريج.
خمستهم - سفيان ، والليث، وموسى بن عقبة ، وابن لهيعة، وابن جريج - عن أبي الزبير، فذكره.

6117 - (م) أبو الزبير - رحمه الله - عن جابر - رضي الله عنه - «أنه سُئِلَ : هل بايعَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم- بذي الحُليفة ؟ فقال : لا ، ولكن صلى بها ، ولم يُبايعْ عند شجرة ، إلا الشجرةَ التي بالحديبية» .
قال ابن جريج : وأخبرني أبو الزبير : أنه سمع جابراً يقول : «دعا النبيُّ - صلى الله عليه وسلم- على بئرِ الحديبيةِ» . أخرجه مسلم.
وهذا الحديث أفرده الحميديُّ عن الذي قبله ، وجعلهما حديثين ، وهما بمعنى واحد ، وحيث أفرده اتَّبعناه (1) .
__________
(1) رواه مسلم رقم (1856) في الإمارة ، باب استحباب مبايعة الإمام الجيش عند إرادة القتال .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه أحمد (3/325) . ومسلم (6/25) قال: حدثني إبراهيم بن دينار. كلاهما - أحمد، وإبراهيم- قالا: حدثنا حجاج بن محمد الأعور مولى سليمان بن مجالد قال: قال ابن جريج: أخبرني أبو الزبير، فذكره.

6118 - (خ م) عمرو بن دينار قال : سمعتُ جابرَ بنَ عبد الله - رضي الله عنهما - يقول : قال لنا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- يومَ الحديبية : «أنتم اليومَ خيرُ أهل الأرض ، وكنا ألفاً وأربعمائة ، قال : ولو كنتُ أبْصرُ اليوم ، -[327]- لأريتُكم مكانَ الشجرة» . أخرجه البخاري ومسلم (1) .
__________
(1) رواه البخاري 7 / 341 و 342 في المغازي ، باب غزوة الحديبية ، وفي الأنبياء ، باب علامات النبوة في الإسلام ، وفي تفسير سورة الفتح ، باب {إذ يبايعونك تحت الشجرة} ، وفي الأشربة ، باب شرب البركة والماء المبارك ، مسلم رقم (1856) في الإمارة ، باب استحباب مبايعة الإمام الجيش عند إرادة القتال .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه الحميدي (1225) ، وأحمد (3/308) . وعبد بن حميد (1104) قال: حدثني أبو نعيم. والبخاري (5/157) قال: حدثنا علي. وفي (6/170) قال: حدثنا قتيبة بن سعيد. ومسلم (6/25) قال: حدثنا سعيد بن عمرو الأشعثي، وسويد بن سعيد، وإسحاق بن إبراهيم، وأحمد بن عبدة. والنسائي في الكبرى تحفة الأشراف (2528) عن محمد بن منصور.
عشرتهم - الحميدي، وأحمد، وأبو نعيم ، وعلي، وقتيبة ، والأشعثي، وسويد، وإسحاق، وابن عبدة، ومحمد بن منصور - عن سفيان بن عيينة ، عن عمرو، فذكره.

6119 - (خ م) ابن أبي أوفى - رضي الله عنه - قال : «كان أصحاب الشجرة ألفاً وثلاثَمائة ، وكانت أَسْلَمُ ثُمْنَ المهاجرين» . أخرجه البخاري (1) ومسلم (2) .
__________
(1) ذكره البخاري تعليقاً 7 / 342 قال : وقال عبد الله بن معاذ حدثنا أبي حدثنا شعبة عن عمرو ابن مرة حدثني عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنهما ... فذكره . قال الحافظ في " الفتح " : كذا ذكره بصيغة التعليق ، وقد وصله أبو نعيم في " المستخرج على مسلم " ، من طريق الحسن بن سفيان حدثنا عبيد الله بن معاذ به ، وقال مسلم : حدثنا عبيد الله بن معاذ به ، أقول : وقد جاء موصولاً في رواية مسلم الآتية .
(2) رواه مسلم رقم (1857) في الإمارة ، باب استحباب مبايعة الإمام الجيش عند إرادة القتال .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه مسلم (6/26) قال: حدثنا عبيد الله بن مُعاذ، قال: حدثنا أبي (ح) وحدثنا ابن المثنى، قال: حدثنا أبو داود. (ح) وحدثناه إسحاق بن إبراهيم، قال: أخبرنا النضر بن شُميل.
ثلاثتهم - مُعاذ، وأبو داود، والنّضر- عن شعبة ، عن عمرو - يعني ابن مُرة ، فذكره.

6120 - (خ) عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - قال : «رَجَعْنا من العام المقبل ، فما اجتمع منا اثنان على الشجرة التي بايعنا تحتها ، كانت رحمة من الله» ، قال الراوي (1) : «فسألتُ نافعاً : على أيِّ شيء بايعَهم ؟ على الموت ؟ قال : لا ، بَايَعَهم على الصَّبْرِ» . أخرجه البخاري (2) .
__________
(1) هو جويرية بن أسماء ، الراوي عن نافع .
(2) 6 / 83 في الجهاد ، باب البيعة في الحرب على أن لا يفروا .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه البخاري (4/615) قال: حدثنا موسى بن إسماعيل، قال: حدثنا جويرية ، عن نافع ، فذكره.

6121 - (خ م) طارق بن عبد الرحمن - رحمه الله - قال : «انطلقتُ حاجاً ، فمررتُ بقوم يُصَلُّون ، قلتُ : ما هذا المسجد ؟ قالوا : هذه الشجرةُ ، -[328]- حيث بايعَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- بيعةَ الرِّضوان ، فأتيتُ [سعيد] بنَ المسيب فأخبرتُهُ ، فقال سعيد : كان أَبي ممن بايعَ تحتَ الشجرة ، قال : فلما خرجنا من العام المقبل نسيناها فَعَمِيَتْ علينا ، فلم نقدرْ عليها ، قال سعيد : فأصحابُ محمد - صلى الله عليه وسلم- لم يَعْلَمُوها وَعَلِمتُموها [أنتم] فأنتم أعلم!» .
[وفي رواية قال : «ذُكِرَتْ عند سعيدِ بنِ المسيبِ الشجرةُ] فضحك [وقال : أخبرني أبي ، وكان شهدها» ، ولم يزد] .
وفي رواية عن ابن المسيب عن أبيه قال : «لقد رأيتُ الشجرةَ ثم أتيتُها بعد عام فلم أعرِفْها» . أخرجه البخاري ومسلم (1) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(بَيْعَةُ الرِّضوان) الرضوان : الرضى ، وسميت بيعة الحديبية [بيعةَ] الرضوان لقوله تعالى : {لَقَدْ رَضيَ اللهُ عَنِ المُؤمِنِينَ إذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ} [الفتح : 18] .
(فَعَمِيَتْ) عَمِيتْ علينا ، أي : خَفِيتْ ، يعني : الشجرة.
__________
(1) رواه البخاري 7 / 344 في المغازي ، باب غزوة الحديبية ، ومسلم رقم (1859) في الإمارة ، باب استحباب مبايعة الإمام الجيش عند إرادة القتال ، وباب بيعة الرضوان تحت الشجرة ، وقد عزاه في المطبوع إلى البخاري فقط .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح :
1 - أخرجه أحمد (5/433) قال: حدثنا عفان ، قال: حدثنا أبو عوانة ، وفي (5/433) قال: حدثنا أبو أحمد، قال: حدثنا سفيان. والبخاري (5/158) قال: حدثنا محمود، قال: حدثنا عبيد الله، عن إسرائيل. وفي (5/159) قال: حدثنا موسى ، قال: حدثنا أبو عوانة. (ح) وحدثنا قَبيصة ، قال: حدثنا سفيان. ومسلم (6/26) قال: حدثناه حامد بن عمر، قال: حدثنا أبو عوانة. وفي (6/27) قال: وحدثنيه محمد بن رافع، قال: حدثنا أبو أحمد، قال: وقرأته على نصر بن علي، عن أبي أحمد، قال: حدثنا سفيان ، ثلاثتهم - أبو عوانة ، وسفيان ، وإسرائيل- عن طارق بن عبد الرحمن.
2 - وأخرجه البخاري (5/158) قال: حدثني محمد بن رافع ، ومسلم (6/27) قال: حدثني حجاج بن الشاعر، ومحمد بن رافع. كلاهما عن شبابة بن سوار أبي عمر الفزاري، قال: حدثنا شعبة ، عن قتادة.
كلاهما - طارق بن عبد الرحمن ، وقتادة - عن سعيد بن المسيب، فذكره.

6122 - (خ م) عباد بن تميم - رحمه الله - عن عَمِّه عبد الله بنِ زيد -[329]- الأنصاريِّ قال : «لما كان يومُ الحَرَّةِ ، والناس يبايعون لعبد الله بن حنظلةَ ، قال ابنُ زيد : علامَ يُبايعُ ابنُ حنظلةَ [الناسَ ؟] (1) قيل له : على الموت ، قال : لا أبايعُ على ذلك أحداً بعدَ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم- ، وكان شهدَ معه الحديبيةَ» . أخرجه البخاري ومسلم (2) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(يومُ الحَرَّة) الحرَّةُ : أرض ذات حجارة سُود ، وأراد بها حرة من حِرار المدينة ، ويومُها : هو اليوم المشهور الذي جرى من أهل الشام فيه ما جرى ، من قتل أهل المدينة ونهبها ، وسَبي النساء والولدان في زمن يزيد بن معاوية بن أبي سفيان.
__________
(1) لفظ الحديث في نسخ البخاري المطبوعة في المغازي : عن عباد بن تميم قال : لما كان يوم الحرة والناس يبايعون لعبد الله بن حنظلة ، فقال ابن زيد : علام يبايع ابن حنظلة الناس ، ولفظه في الجهاد : عن عباد بن تميم عن عبد الله بن زيد رضي الله عنه ، قال : لما كان زمن الحرة ، أتاه آت فقال له : إن ابن حنظلة يبايع الناس على الموت ، فقال ابن زيد : لا أبايع على هذا أحداً بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم .
(2) رواه البخاري 7 / 345 في المغازي ، باب غزوة الحديبية ، وفي الجهاد ، باب البيعة في الحرب أن لا يفروا ، ومسلم رقم (1861) في الإمارة ، باب استحباب مبايعة الإمام الجيش عند إرادة القتال .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح : البخاري في الجهاد (109:2) عن موسى ، عن وهيب - وفي المغازي (36:18) عن إسماعيل، عن أخيه أبي بكر، عن سليمان بن بلال - كلاهما عن عمرو بن يحيى عن عباد بن تميم عن عبد الله بن زيد.
ومسلم في المغازي (71:17) عن إسحاق بن إبراهيم ، عن أبي هشام المخزومي، عن وهيب عن عباد بن تميم عن عبد الله بن زيد. الأشراف (4/340) .

6123 - (خ م) أبو وائل قال : «قام سَهْلُ بنُ حُنَيْف - رضي الله عنه - يوم صفِّين ، فقال : يا أَيُّها الناس ، اتَّهِمُوا أنفُسَكم ، لقد كُنَّا مع رسولِ الله -[330]- صلى الله عليه وسلم- يومَ الحديبية ، ولو نرى قتالاً لقاتلنا ، وذلك في الصلح الذي كان بين رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم- وبين المشركين ، قال : فجاءَ عمرُ بنُ الخطَّاب ، [فأتى رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم-] ، فقال : يا رسولَ الله ، ألسنا على حَقّ وهم على باطل ؟ قال : بلى ، قال : أليس قتلانا في الجنة وقتلاهم في النار ؟ قال : بلى ، قال : ففيم نُعطي الدَّنِيَّةَ في دِيننا ، ونرجعُ ولمَّا يحكم الله بينَنا وبينَهم ؟ قال : يا ابن الخطَّاب ، إني رسولُ الله ، ولن يُضَيِّعَني الله أبداً ، قال : فانطلق عمرُ ، فلم يَصْبر مُتغيِّظاً ، فأتى أبا بكر، فقال : يا أبا بكر ، ألسنا على حَقّ وهم على باطل ؟ قال : بلى ، قال : أليس قتلانا في الجنة وقتلاهم في النار ؟ قال : بلى ، قال : فعلام نُعطِي الدَّنيّةَ في دِيننا ، ونرجعُ ولما يحكم الله بيننا وبينَهم ؟ فقال: يا ابنَ الخطَّاب ، إنه رسولُ الله ، ولن يضيّعه الله أبداً ، قال : فنزل القرآنُ على رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم- بالفتح ، فأرسل إلى عمرَ ، فأقرأه إِيَّاه ، فقال : يا رسولَ الله ، أَوَ فَتْح هو ؟ قال : نعم ، فطابَتْ نفسُهُ ورَجَعَ» .
وفي رواية : فنزلتْ سورةُ الفتح ، فقرأها رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- على عمر.
وفي أخرى : أنه سمع سَهْلَ بنَ حُنَيْف بِصِفِّينَ يقول : «يا أَيُّها الناس اتَّهِموا رَأْيَكم على دِينكم ، لقد رأيتُني يوم أبي جَنْدَل ، ولو أستطيعُ أن أردَّ أمرَ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم- لرددتُه ، وما وضعنا سُيوفَنا على عواتقنا إلى أمر يُفْظِعُنا إلا أسهلن بنا إلى أمر نعرفه ، غير هذا الأمر» . -[331]-
زاد في رواية : «ما نَسُدُّ منه خُصْماً إلا انفجر علينا منه خُصْم ، ما ندري كيف نأتي له ؟» .
وفي أخرى «لما قَدِمَ سهلُ بنُ حُنَيف من صِفِّينَ أتيناه نَسْتَخْبِرُهُ (1) ، فقال : اتهموا الرَّأيَ...» وذكر نحوه.
وفي أخرى «أتيتُ أبا وائل أسأله ؟ فقال : كُنَّا بِصِفِّينَ ، فقال رجل : ألم تر إلى الذين يُدْعَوْن إلى كتاب الله ؟ فقال عليّ : نعم ، فقال سَهْل بنُ حُنَيْف : اتَّهموا أَنفسكم ... وذكر الحديث» أخرجه البخاري ومسلم (2) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(إلى أمر يُفظِعنا) الأمر الفظيع : الشنيع الشديد ، وقوله : «يُفْظِعنا» أي : يُوقِعنا في أمر فظيع شديد علينا.
(خُصْماً) الخُصْم : الطرَف ، وخُصم كل شيء : طرَفُه ، وأراد بقوله : «ما نشدُّ خُصْماً إلا انفجر علينا منه خُصم» : الإخبار عن انتشار [الأمر وشدته ، وأنه لا يتهيأ] إصلاحه وتلافيه ، لأنه بخلاف ما كانوا عليه -[332]- من الاتفاق ، ولذلك قال : «إلا أسْهَلَنْ بنا» أي رأينا في عاقبة السلوك فيه سهولة ، كأنه ركب السَّهْلَ في طريقه ، ولم يَرَ فيه مكروهاً.
__________
(1) في المطبوع : نستخير .
(2) رواه البخاري 13 / 244 و 245 في الاعتصام ، باب ما يذكر من ذم الرأي وتكلف القياس ، وفي الجهاد ، باب إثم من عاهد ثم غدر ، وفي المغازي ، باب غزوة الحديبية ، وفي تفسير سورة الفتح ، باب إذا يبايعونك تحت الشجرة ، ومسلم رقم (1785) في الجهاد ، باب صلح الحديبية في الحديبية .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح : أخرجه أحمد (3/485) قال: حدثنا يَعْلَى بن عُبَيْد. والبخاري (4/125) قال: حدثنا عبد الله بن محمد، قال: حدثنا يحيى بن آدم، قال: حدثنا يزيد بن عبد العزيز. وفي (6/170) قال: حدثنا أحمد بن إسحاق السُّلمي، قال: حدثنا يعلى. ومسلم (5/175) قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: حدثنا عبد الله بن نُمير. (ح) وحدثنا ابن نُمير، قال: حدثنا أبي. والنسائي في الكبرى تحفة الأشراف (4661) عن أحمد بن سُليمان ، عن يَعْلَى بن عُبَيْد.
ثلاثتهم - يعلى ، ويزيد، وعبد الله بن نُمير- عن عبد العزيز بن سياه، قال: حدثنا حَبيب بن أبي ثابت، عن أبي وائل، فذكره.

غزوة ذي قَرَد
قال البخاري : وهي الغزوة التي أغاروا [فيها] على لقاح النبي - صلى الله عليه وسلم - قبل خيبر بثلاث (1) .
6124 - (خ م د) سلمة بن الأكوع - رضي الله عنه - قال : «خرجتُ قبل أن يُؤذَّنَ بالأُولى ، وكانت لِقَاحُ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم- تَرْعى بذي قَرَد ، فلقيني غلام لعبد الرحمن بن عوف ، فقال : أُخِذَتْ لقاحُ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم- فقلتُ : مَن أخَذَها ؟ قال : غَطَفانُ ، قال : فصرختُ ثلاثَ صَرَخَات : يا صباحاه ، قال : فأسمعتُ ما بين لابَتي المدينة ، ثم اندفعتُ على وجهي ، حتى أدركتُهمْ وقد أخذوا يسقون (2) من الماء ، فجعلت أرميهم بَنَبْلي - وكنتُ رامياً - وأقول :
أنا ابنُ الأكوعِ ... اليومُ يومُ الرُّضَّعِ
وأرتجز ، حتى اسْتَنْقَذْتُ اللِّقَاحَ منهم ، واسْتَلَبْتُ منهم ثلاثين بُرْدَة ، -[333]- قال : وجاء النبيُّ - صلى الله عليه وسلم- والناسُ ، فقلت : يا نبيَّ الله ، إني قد حَمَيْتُ القومَ الماءَ وهم عِطَاش ، فابعثْ إليهم الساعةَ ، فقال : يا ابنَ الأكوع : مَلكتَ فأسْجِحْ ، قال : ثم رجعنا ، ويُرْدِفُني رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- على ناقته ، حتى دخلنا المدينة» .
وفي رواية : أنَّ سلمةَ بن الأكوع قال : «خرجتُ من المدينة أريدُ الغابةَ ، حتى إذا كنتُ بِثَنيَّة الغابةِ ، لقيني غلام لعبد الرحمن بن عوف ، فقلتُ : وَيْحَكَ ، ما بكَ ؟ قال : أُخِذَت لِقاحُ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم- ، فقلتُ : مَن أخَذَها ؟ قال : غطفانُ وفَزَارةُ ، قال : فصرختُ ثلاثَ صَرَخَات ... ثم ذكر نحوه» وفي آخره : «ملكتَ فأسْجِح ، إن القوم يَغْزُونَ» .
قال الحميديُّ في كتابه : الصواب : «يُقْرَونَ» (3) بالقاف والراء. أخرجه البخاري ومسلم.
وأخرج أبو داود عن سلمة بن الأكوع هذا الحديث نحو ما أخرجه مسلم في حديث الحديبية ، وهذا لفظه ، قال سلمةُ : «أغارَ عبد الرحمن بنُ عُيينة على إبلِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم- فقتل راعيها ، وخرج يَطْرُدها هو وأُناس -[334]- معه في خَيل (4) ، فعجلتُ وجهي قِبَلَ المدينةِ ، ثم ناديْتُ ثلاثَ مرات : يا صباحاه ، ثم اتَّبَعْتُ القومَ ، فجعلتُ أرْمي وأعقِرُهم ، فإذا رجع إليَّ فارس جلستُ في أصل شجرة ، حتى ما خلق الله شيئاً من ظهر النبيِّ - صلى الله عليه وسلم- إلا خَلّفْتُه وراءَ ظهري ، وحتى ألْقَوْا أكثرَ من ثلاثين رُمحاً وثلاثين بُردة ، يستخِفُّون منها ، ثم أتاهم عُيَيْنَةُ مَدداً ، فقال : لِيَقُمْ إليه نَفَر منكم ، فقام منهم أربعة فَصَعِدوا الجبلَ ، فلما أسمعتُهم ، قلتُ : أتعرفوني ؟ قالوا : ومَن أنتَ ؟ قلتُ : أنا ابنُ الأكوع ، والذي كَرَّمَ وجهَ محمدّ - صلى الله عليه وسلم- لا يطلبني رجل منكم فيُدركني ، ولا أطلبُه فيفوتني ، فما برحتُ حتى نظرتُ إلى فوارس رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم- يتخلَّلون الشجرَ ، أوَّلُهم : الأخرَمُ الأسديُّ ، فيلحق بعبد الرحمن بن عيينةَ ، ويعطف عليه عبد الرحمن ، فاختلفا طَعْنَتَيْن ، فَعَقَرَ الأخرمُ عبد الرحمن (5) ، وطعنه عبد الرحمن فقتلَهُ ، فتحوَّلَ عبد الرحمن على فرس الأخرم ، فيلحق أبو قتادةَ بعبد الرحمن ، فاختلفا طعنتين ، فَعقَر بأبي قتادةَ ، وقتله أبو قتادةَ ، فتحوَّلَ أبو قتادةَ على فرس الأخرم ، ثم جئتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم- وهو على الماء (6) الذي جَلَّيتُهم (7) عنه : ذُو قَرَد ، قال : ونبيُّ الله - صلى الله عليه وسلم- في خمسمائة ، فأعطاني -[335]- سهم الفارس والرَّاجل» (8) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(لِقَاح) اللِّقاحُ من النوق : الحوامل ، واحدها : لَقُوحُ ولاقح ، وقيل : اللِّقَاحُ : ذوات الألبان ، الواحدة : لَقُوح ولَقِحَة ، بكسر اللام وفتحها ، واللَّواقح : الحوامل.
(فأسْجِح) أحسنِ العفوَ ، وسَهِّلِ الأمرَ ، فقد قَدرتَ ومَلكتَ الأمر.
__________
(1) قال الحافظ في " الفتح " : كذا جزم به ، ومستنده في ذلك حديث إياس بن سلمة بن الأكوع عن أبيه فإنه قال في آخر الحديث الطويل الذي أخرجه مسلم من طريقه : قال : فرجعنا ، أي من الغزوة إلى المدينة فوالله ما لبثنا بالمدينة إلا ثلاث ليال حتى خرجنا إلى خيبر .
(2) في نسخ البخاري المطبوعة : يستقون .
(3) قال الحافظ في " الفتح " : وقوله : يقرون ، بضم أوله والتخفيف ، من القرى ، والراء مفتوحة ومضمومة ، وقيل : معنى الضم : يجمعون الماء واللبن ، وقيل : يغزون ، بغين معجمة وزاي ، وهو تصحيف .
(4) في المطبوع : في جبل ، وهو تصحيف .
(5) في المطبوع : فعقر الأخرم فرس عبد الرحمن ، وهو خطأ .
(6) في المطبوع : وهو الماء ، وهو خطأ .
(7) أي : نفيتهم وأبعدتهم عنه ، وفي بعض النسخ : حلأتهم ، بالحاء المهملة واللام المهموزة ، وفي -[335]- نسخة الخطابي : حليتهم ، قال الخطابي : معناه : طردتهم عنه ، وأصله الهمزة ويقال : حَلأت الرجل عن الماء : إذا منعته الورود .
(8) رواه البخاري 7 / 353 - 355 في المغازي ، باب غزوة ذات قرد ، وفي الجهاد ، باب من رأى العدو فنادى بأعلى صوته : يا صباحاه حتى يسمع الناس ، ومسلم رقم (1806) في الجهاد ، باب غزوة ذي قرد وغيرها ، وأبو داود رقم (2752) في الجهاد ، باب في السرية ترد على أهل العسكر .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح : أخرجه أحمد (4/48) مختصرا. قال: حدثنا عبد الصمد. وفي (4/51، 52) قال: حدثنا هاشم بن القاسم. ومسلم (5/189) قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، قال: حدثنا هاشم بن القاسم، (ح) وحدثنا إسحاق بن إبراهيم، قال: أخبرنا أبو عامر العقدي. (ح) وحدثنا عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي، قال: أخبرنا أبو علي الحنفي، عبيد الله بن عبد المجيد. وفي (5/195) قال: حدثنا أحمد بن يوسف الأزدي السلمي، قال: حدثنا النضر بن محمد. وأبو داود (2752) مختصرا، قال: حدثنا هارون بن عبد الله، قال: حدثنا هاشم بن القاسم.
خمستهم - عبد الصمد، وهاشم ، وأبو عامر العَقَدي، وأبو علي الحنفي، والنضر - عن عكرمة بن عمار، قال: حدثني إياس بن سلمة ، فذكره.
(*) قال إبراهيم - ابن محمد بن سفيان - راوي صحيح مسلم - : حدثنا محمد بن يحيى قال: حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث، عن عكرمة بن عمار، بهذا الحديث بطوله. صحيح مسلم (5/195) .

غزوة خَيْبر
6125 - (خ م د س) سلمة بن الأكوع - رضي الله عنه - قال : «خرجنا مَعَ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم- إلى خَيْبَرَ ، فَسِرْنا ليلاً ، فقال رجل من القوم لعامرِ بن الأكوع : ألا تُسْمِعُنا من هُنَيْهَاتِكَ (1) ؟ وكان عامر رجلاً شاعراً ، فنزل يَحْدو بالقوم ، يقول : -[336]-
اللَّهُمَ (2) لولا أَنتَ مَا اهتَدَيْنَا ... وَلا تَصَدَّقْنَا ولا صَلَّينَا
فَاغفِرْ فِدَاء لَكَ (3) مَا اقْتَفَيْنا ... وَثَبِّتِ الأقْدَامَ إنْ لاقيْنَا
وَأَلْقِيَنْ سَكِينَة عَلَيْنا ... إنَّا إذَا صِيحَ بِنَا أَتَيْنا
وبِالصيِّاحِ عَوَّلُوا عَلَيْنَا
فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- : مَن هذا السائق ؟ فقالوا : عامرُ بنُ الأكوع ، فقال : يرحمه الله ، قال رجل من القوم : وَجَبَتْ يا رسول الله ؛ لولا مَتَّعْتَنا به ! ، قال : فأتينا خيبرَ ، فحاصرناهم ، حتى أصابتْنا مَخْمَصَة شديدة ، ثم إن الله فتحها عليهم ، فلما أمْسَى الناسُ مساءَ اليوم الذي فُتِحَتْ عليهم أوْقدوا نيراناً كثيرة ، فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- : ما هذه النيرانُ ؟ على أيِّ شيء توقدون ؟ قالوا : على لحم ، قال : على أيِّ لحم ؟ قالوا : لحم الحُمُر الإِنسية ، -[337]- فقال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم- : أهْرِيقُوها واكْسِرُوها ، فقال رجل : يا رسول الله ، أوَ نُهرِيقُها ونغسلها ؟ فقال : أَو ذَاكَ ، فلما تَصَافَّ القومُ كان سَيفُ عامر فيه قِصَر، فتناول به يهودياً ليضربَهُ ، فرجع ذُبابُ سيفه ، فأصاب رُكْبَتَهُ ، فماتَ منها ، فلما قَفَلُوا ، قال سلمةُ : رآني رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- شاحِباً ساكتاً (4) ، قال سلمةُ - وهو آخذ بيدي -[قال : ما لك ؟] فقلت [له] : فداك أبي وأُمِّي ، زعموا أن عامراً حَبِطَ عَمَلُه ، قال : مَن قاله ؟ قلتُ : قاله فلان وفلان ، وأُسَيْد بنُ حُضَير ، فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- : كذبَ مَن قاله ، إن له لأجْرَيْن ، وجمع بين إصبعيه ، إنه لجاهد مُجاهِد ، قَلَّ عربيّ مشى بها مثلَه. وفي رواية : نشأ بها» . أخرجه البخاري ومسلم ، ولم يقل مسلم : «نشأ بها» .
ولمسلم قال سلمةُ : «لما كان يومُ خيبر قاتَل أخي قتالاً شديداً مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم- ، فارتدّ عليه سَيْفُهُ فقتله ، فقال أصحابُ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم- في ذلك - وشكُّوا فيه - رجل مات في سلاحه ، قال سلمةُ : فقفل رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- من خيبرَ ، فقلت : يا رسولَ الله ، ائْذَنْ لي أن أرْجُزَ بك ، فأَذِنَ له رسول الله -[338]- صلى الله عليه وسلم- فقال عمر [بن الخطاب] : اعلمْ ما تقول ، فقلتُ :
واللهِ لولا الله مَا اهْتَدَيْنا ... وَلا تَصَدَّقْنا ولا صلّينَا
فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- : صدقتَ.
فأنزِلَنْ سكينة علينا ... وثبّت الأقدام إن لاقَينَا
والمشركون قد بَغَوْا علينا
فلما قضيتُ رَجَزي ، قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- : مَن قال هذا ؟ قلتُ : قاله أخي ، فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- : يرحمه الله ، قال : فقلتُ : يا رسول الله ، والله إِن ناساً ليهابون الصلاة عليه ، يقولون : رَجُل مات بسلاحه ، فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- : كذبوا ، مات جاهِداً مجاهداً» .
قال ابن شهاب : ثم سألتُ ابناً لسلمةَ بنِ الأكوع ؟ فحدَّثني عن أبيه مثل ذلك ، غير أنه قال - حين قلتُ : «إن ناساً يهابون الصلاة عليه» ، فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- : «كذبوا مات جاهداً مجاهداً ، فله أجره مرتين» .
وأخرجه أبو داود مختصراً ، قال : «لما كان يومُ خيبر قاتل أخي قتالاً شديداً ، فارتدَّ عليه سَيفُهُ فقتله ، فقال أصحابُ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم- في ذلك - وشكُّوا فيه - رجل مات بسلاحه ، فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- : ماتَ جاهداً مُجاهداً. -[339]-
قال ابن شهاب : ثم سألت ابناً لسلمة بنِ الأكوع...» وذكر باقي الحديث إلى آخره.
وأخرجه النسائي مثل رواية مسلم المفردة بطولها ، وزاد : «وأشار بإصبعيه» (5) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(هُنَيْهَاتِكَ) هنيهاتك وهُنَيَّاتك ، يعني : الأشياء التي تظهر منه مما يُسْتَغْرَبُ ويستظرف ويُسْتَحْسَن ويُشتهى ونحو ذلك.
(وَجَبَتْ) قوله : وجبت ، أي : وجبت الرحمة والمغفرة التي تَرَحمَّ بها عليه ، يعني : أنه باستغفاره له وجبت له المغفرة ، وأنه يُقتَل شهيداً ، وقد تقدَّم معنى قولهم : «لولا متّعتنا» .
(مَخْمَصَة) المخمصةُ : المجاعة.
(ذُبَاب) السيفِ : طرفُه الذي يُضرَبُ به.
(قَفَلُوا) قفل المسافر : إذا رجع من سفره. -[340]-
(شاحباً) الشاحبُ : الجسم المتغيِّر ، تقول : شَحَبَ يَشْحَبُ.
(حَبِطَ) عمله ، أي : بطل ، وضاع أجرُه.
(جاهداً) الجاهد : المبالغُ في الأمر الذي ينتهي إلى آخر ما يَجِد ، والمجاهد : الغازي في سبيل الله تعالى.
__________
(1) وفي بعض النسخ : هنياتك ، أي : أراجيزك ، والهنة تقع على كل شيء .
(2) كذا الرواية ، قالوا : وصوابه في الوزن : لاهم ، أو تالله ، أو الله ، وقد تقدم الحديث رقم (6112) بلفظ : تالله ... .
(3) قال المازري : هذه اللفظة مشكلة ، فإنه لا يقال : فدى الباري سبحانه وتعالى ، ولا يقال له سبحانه وتعالى فديتك ، لأن ذلك إنما يستعمل في مكروه يتوقع حلوله بالشخص ، فيختار شخص آخر أن يحل ذلك به ، ويفديه منه ، قال : ولعل هذا وقع من غير قصد إلى حقيقة معناه ، كما يقال : قاتله الله ، ولا يراد بذلك حقيقة الدعاء عليه ، وكقوله صلى الله عليه وسلم : تربت يداك ، تربت يمينك ، ويل أمه ، وفيه كله ضرب من الاستعارة ، لأن الفادي مبالغ في طلب رضى المفدى حين بذل نفسه عن نفسه للمكروه ، فكأن مراد الشاعر : إني أبذل نفسي في رضاك . وعلى كل حال ، فإن المعنى وإن أمكن صرفه إلى جهة صحيحة فإطلاق اللفظ واستعارته والتجوز به يفتقر إلى ورود الشرع بالإذن فيه ... .
(4) في البخاري ، كتاب الأدب ، باب ما يجوز من الشعر والرجز والحداء : رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم شاحباً ، فقط ، وفي مسلم : فلما رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم ساكتاً ، فقط ، وقد جمع المصنف بين روايتي البخاري ومسلم ، وجاء في المطبوع من جامع الأصول : شاحباً شاكياً ، وهو تصحيف .
(5) رواه البخاري 7 / 356 - 358 في المغازي ، باب غزوة خيبر ، وفي المظالم ، باب هل تكسر الدنان التي فيها الخمر أو تخرق الزقاق ، وفي الذبائح والصيد ، باب آنية المجوس والميتة ، وفي الأدب ، باب ما يجوز من الشعر والرجز ، وفي الدعوات ، باب قول الله تعالى : {وصل عليهم} ، وفي الديات ، باب إذا قتل نفسه خطأ فلا دية له ، ومسلم رقم (1802) في الجهاد ، باب غزوة خيبر ، وأبو داود (2538) في الجهاد ، باب الرجل يموت بسلاحه ، والنسائي 6 / 30 و 31 في الجهاد ، باب من قاتل في سبيل الله فارتد عليه سيفه فقتله .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح : أخرجه أحمد (4/47) قال: حدثنا حماد. وفي (4/48) قال: حدثنا صفوان ، وفي (4/50) قال: حدثنا يحيى بن سعيد. والبخاري (3/178) قال: حدثنا أبو عاصم الضحاك بن مَخْلد. وفي (5/166) قال: حدثنا عبد الله بن مَسْلَمة، قال: حدثنا حاتم بن إسماعيل. وفي (7/117 ، 9/9) قال: حدثنا المكي بن إبراهيم. وفي (8/43) قال: حدثنا قُتيبة بن سعيد، قال: حدثنا حاتم بن إسماعيل. وفي (8/90) قال: حدثنا مُسَدَّد، قال: حدثنا يحيى. ومسلم (5/185 ، 6/65) قال: حدثنا قُتيبة بن سعيد، ومحمد بن عباد، قالا: حدثنا حاتم - وهو ابن إسماعيل -. (ح) وحدثنا إسحاق بن إبراهيم، قال: أخبرنا حماد بن مَسْعَدَة، وصفوان بن عيسى. (ح) وحدثنا أبو بكر بن النضر، قال: حدثنا أبو عاصم النبيل. وابن ماجة (3195) قال: حدثنا يعقوب بن حُميد بن كاسب، قال: حدثنا المُغيرة بن عبد الرحمن.
سبعتهم - حماد بن مَسْعَدة ، وصفوان ، ويحيى ، وأبو عاصم ، وحاتم ، والمكي، والمغيرة - عن يزيد بن أبي عُبيد ، فذكره.
ورواه أيضا عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك أن سلمة بن الأكوع قال: فذكر الرواية الأخرى «لما كان يوم خيبر» .
أخرجه أحمد (4/46) قال: حدثنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا ابن جُريج ، ومسلم (5/86) قال: حدثني أبو الطاهر، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: أخبرني يونس. والنسائي في عمل اليوم والليلة (535) قال: أخبرنا أحمد بن يحيى بن الوزير بن سليمان، قال: حدثنا ابن عُفير، عن الليث عن ابن مُسافر.
ثلاثتهم - ابن جُريج ، ويونس، وابن مُسافر - عن ابن شهاب، قال: أخبرني عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك الأنصاري، فذكره.
(*) أخرجه أبو داود (2538) قال: حدثنا أحمد بن صالح. والنسائي (6/30) وفي عمل اليوم والليلة (534) قال: أخبرنا عمرو بن سَوَّاد بن الأسود بن عمر. كلاهما - أحمد بن صالح ، وعمرو - عن عبد الله بن وهب، قال: أخبرني يونس، عن ابن شهاب، قال: أخبرني عبد الرحمن ، وعبد الله ابنا كعب بن مالك ، أن سلمة بن الأكوع قال: فذكر الحديث.
(*) قال أبو داود : قال أحمد: كذا قال هو - يعني ابن وهب- وعنبسة، يعني ابن خالد، جميعا عن يونس قال أحمد : والصواب عبد الرحمن بن عبد الله.
(*) قال أبو عبد الرحمن النسائي : وهذا عندنا خطأ. والصواب : عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب، عن سلمة بن الأكوع ، والله أعلم.

6126 - (خ م س) أنس بن مالك - رضي الله عنه - «أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم- غزا خيبرَ ، قال : فصلّينا عندها صلاة الغَدَاةِ بغَلَس ، فركبَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم- ، وركبَ أبو طلحة ، وأنا رَدِيفُ أبي طلحةَ ، فأجْرَى نبيُّ الله - صلى الله عليه وسلم- في زُقاقِ خيبرَ - وإن رُكبتي لتمَسُّ فَخِذَ نَبيِّ الله - صلى الله عليه وسلم- وانْحَسَرَ الإزارُ عن فخذ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم- ، قال : فإني لأرى بَيَاضَ فَخذِ نبيِّ الله - صلى الله عليه وسلم-.
وفي رواية : ثم حَسَرَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- الإزارَ عن فخذه ، حتى [إِنِّي] أنظر إلى بياض فَخِذِ نبيِّ الله - صلى الله عليه وسلم- ، فلما دخل القرية قال : الله أكبرُ ، خَرِبَتْ خَيبرُ ، إنَّا إذا نزلنا بساحة قوم ، فساءَ صَباحُ المنْذَرين - قالها ثلاث مرات - قال : وقد خرج القوم إلى أعمالهم ، فقالوا : محمد والخميسُ ، قال : وأَصَبْنَاها عَنْوَة ، وجُمع السَّبْيُ ، فجاء دِحْيَةُ ، فقال : يا رسولَ الله ، أعطني جارية من السَّبْي ، فقال : اذهب فخُذ جارية ، فأخذ صَفِيَّةَ بنتَ حُيَيّ.
فجاء رَجُل إلى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم- ، فقال : يا نبيَّ الله ، أعطيتَ دِحيةَ صفيَّةَ بنتَ حُيَيّ سيدةَ قريظةَ والنضيرِ ، لا تصلُح إلا لك ، قال : ادعوه بها ، قال : فجاء بها ، -[341]- فلما نظر إليها النبيُّ - صلى الله عليه وسلم- قال : خُذ جارية من السَّبْي غيرَها ، فأعْتَقها وتزوَّجها ، فقال له ثابت : يا أبا حمزة ، ما أَصْدَقَها ؟ قال : نفسَها ، أعْتَقها وتزوَّجَها - حتى إذا كان بالطريق جَهّزتْها أُمُّ سُليم ، فأهدتْها له من الليل ، فأصبحَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم- عَرُوساً ، فقال : مَن كان عنده شيء فليجِئُ به ، قال : وبَسَط نِطْعاً ، قال : فجعل الرجلُ يجيءُ بالأقِطِ ، وجعل الرجل يجيءُ بالتمر ، وجعل الرجل يجيءُ بالسمن ، فحاسُوا حَيْساً ، فكانت وليمةَ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم-» .
أخرجه البخاري ومسلم والنسائي (1) ، ولهذا الحديث طُرُق كثيرة طويلة ومختصرة ، وَرَدَ بَعضُها في «كتاب الدعاء» من حرف الدال ، وبعضُها في «كتاب الصَّدَاق» ، من حرف الصاد ، وبعضُها في ذِكْر الوليمة والحمُرُ الإِنسية في «كتاب الطعام» من حرف الطاء ، وبعضها في «كتاب الجهاد» من حرف الجيم ، وبعضها في ذكر الركوب والارتداف من «كتاب الصحبة» في حرف الصاد ، وبعضها جاء هاهنا ، ويجيءُ بعضها في فضائل المدينة من «كتاب الفضائل» في حرف الفاء ، ويجيءُ باقيها في «كتاب النكاح» -[342]- من حرف النون إن شاء الله تعالى.

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(حَسَرَ) عن وجهه اللثام ، أي : كشفه ، وكذلك الثوب عن بدنه.
(الخميسُ) : الجَيْشُ.
(عَنْوَة) فُتِحَتْ هذه البلدة عَنوة ، أي : قهراً بغير صلح ، كما يقال : أخذها بالسيف.
(الأقِطُ) : لبن جامد يابس فيه قوة.
(الحيسُ) : أخلاط من تَمْر وأقِط وسمن.
__________
(1) رواه البخاري 1 / 404 و 405 في الصلاة ، باب ما يذكر في الفخذ ، وفي الأذان ، باب ما يحقن بالأذان من الدماء ، وفي صلاة الخوف ، باب التكبير والغلس بالصبح ، وفي الجهاد ، باب دعاء النبي صلى الله عليه وسلم إلى الإسلام والنبوة ، وباب التكبير عند الحرب ، وفي الأنبياء ، باب سؤال المشركين أن يريهم النبي صلى الله عليه وسلم آية فأراهم انشقاق القمر ، وفي المغازي ، باب غزوة خيبر ، ومسلم رقم (1365) في النكاح ، باب فضيلة إعتاقه أمة ثم يتزوجها ، وفي الجهاد ، باب غزوة خيبر ، والنسائي 6 / 131 - 134 في النكاح ، باب البناء في السفر .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح : البخاري في الصلاة (12) عن يعقوب بن إبراهيم الدورقي - ومسلم في النكاح (14:1) وفي المغازي (45:1) عن زهير بن حرب - وأبو داود في الخراج (24:4) عن يعقوب بن إبراهيم - والنسائي في النكاح (79:1) وفي الوليمة في الكبرى عن زياد بن أيوب - ، وفي التفسير في الكبرى عن إسحاق بن إبراهيم - أربعتهم عن إسماعيل بن إبراهيم عن عبد العزيز عن أنس. الأشراف (1/269) .

6127 - (خ) يزيد بن أبي عبيد قال : «رأيت أَثَرَ ضَرْبة في ساق سلمةَ - رضي الله عنه- ، فقلتُ : يا أبا مُسلم ، ما هذه ؟ فقال : هذه ضربة أصابتني يومَ خيبرَ ، فقال لي الناسُ : أُصيبَ سلمةُ ، فأتيتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم- ، فَنَفَثَ فيها ثلاث نَفَثَات ، فما اشتكيتُها حتى الساعة» أخرجه البخاري (1) .
__________
(1) 7 / 364 في المغازي ، باب غزوة خيبر .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه البخاري (4206) حدثنا المكي بن إبراهيم ، حدثنا يزيد بن أبي عبيد قال: فذكره.

6128 - (خ م د س) عبد الله بن مغفل - رضي الله عنه - قال : «كنا مُحاصِري قَصْرَ خيبرَ ، فرمى إِنسان بِجِرَاب فيه شَحْم ، فَنَزَوْتُ لآخذَه ، فالتفتُّ ، فإذا النبيُّ - صلى الله عليه وسلم- ، فَاسْتَحْيَيْتُ منه» . أخرجه البخاري ومسلم.
ولمسلم قال : «أصبتُ جِراباً من شَحم يوم خيبرَ ، قال : فالتزمتُه ، -[343]- وقلتُ : لا أَعْطي اليوم أحداً من هذا شيئاً ، فالتفتُّ ، فإذا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- مُتَبَسِّماً» .
وفي رواية أبي داود والنسائي قال : «دُلِّيَ جِراب من شَحم يومَ خَيْبَر ، فأتيتُه فالتزمتُه ، قال : ثم قلت ... وذكر رواية مسلم - وقال : يَتَبَسَّمُ إليَّ» (1) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(فَنَزَوْتُ) النّزْو : الوثوب على الشيء ، ومنه نزا التَّيْسُ على الأنثى.
__________
(1) رواه البخاري 6 / 182 في الجهاد ، باب ما يصيب من الطعام في أرض الحرب ، وفي المغازي ، باب غزوة خيبر ، وفي الذبائح والصيد ، باب ذبائح أهل الكتاب وشحومها من أهل الحرب وغيرهم ، ومسلم رقم (1772) في الجهاد ، باب جواز الأكل من طعام الغنيمة في الحرب ، وأبو داود رقم (2702) في الجهاد ، باب في إباحة الطعام في أرض العدو ، والنسائي 7 / 236 في الضحايا ، باب ذبائح اليهود .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح :
1 - أخرجه أحمد (4/86) قال: حدثنا يحيى بن سعيد، وبهز. والدارمي (2503) قال: حدثنا عبد الله بن مسلمة. ومسلم (5/163) قال: حدثنا شيبان بن فروخ. وأبو داود (2702) قال: حدثنا موسى بن إسماعيل، والقعنبي. والنسائي (7/236) قال: أخبرنا يعقوب بن إبراهيم ، قال: حدثني يحيى بن سعيد. خمستهم - يحيى بن سعيد، وبهز، وعبد الله بن مسلمة القعنبي، وشيبان ، وموسى بن إسماعيل- عن سليمان بن المغيرة.
2 - وأخرجه أحمد (5/55) قال: حدثنا عفان. وفي (5/56) قال: حدثنا سليمان بن داود أبو داود. والبخاري (4/116 ، 5/172 ، 7/120) قال: حدثنا أبو الوليد. وفي (5/172) قال: حدثني عبد الله بن محمد، قال: حدثنا وهب. ومسلم (5/163) قال: حدثنا محمد بن بشار العبدي، قال: حدثنا بهز بن أسيد. (ح) وحدثناه محمد بن المثنى، قال: حدثنا أبو داود.
خمستهم - عفان ، وسليمان بن داود ، وأبو داود ، وأبو الوليد، ووهب بن جرير، وبهز - قالوا: حدثنا شعبة.
كلاهما - سليمان ، وشعبة - عن حميد بن هلال ، فذكره.

6129 - (د) أنس بن مالك - رضي الله عنه - «أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم- غزا خيبرَ ، فأصبناها عَنْوَة ، فَجُمِع السَّبْيُ» . أخرجه أبو داود (1) .
__________
(1) رقم (3009) في الخراج والإمارة ، باب ما جاء في حكم أرض خيبر ، ورواه أيضاً البخاري بأطول من هذا 1 / 404 و 405 في الصلاة ، باب ما يذكر في الفخذ ، ومسلم رقم (1365) في الجهاد ، باب غزوة خيبر ، والنسائي 6 / 132 و 133 في النكاح ، باب البناء في السفر .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه أبو داود (3009) حدثنا داود بن معاذ، ثنا عبد الوارث، (ح) وثنا يعقوب بن إبراهيم وزياد ابن أيوب، أن إسماعيل بن إبراهيم حدثهم ، عن عبد العزيز بن صهيب ، عن أنس بن مالك ، فذكره.

6130 - (د) [محمد بن شهاب] الزهري - رحمه الله - أن سعيد بن المسيب أخبره أن : «رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم- افْتَتَحَ بعض خيبرَ عَنْوَة» . أخرجه أبو داود (1) .
__________
(1) رقم (3017) في الخراج والإمارة ، باب ما جاء في حكم أرض خيبر ، وإسناده صحيح إلا أنه مرسل .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه أبو داود (3017) حدثنا محمد بن يحيى بن فارس، ثنا عبد الله بن محمد، عن جويرية، عن مالك، عن الزهري، أن سعيد بن المسيب أخبره ، فذكره. وإسناده مرسل.

6131 - (د) [محمد بن شهاب] الزهري - رحمه الله - قال : بلغني «أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم- افتتح خيبر عَنْوَة بعد القتال ، ونزل مَنْ نَزَلَ من أهلها على الجلاء بعد القتال» . أخرجه أبو داود (1) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(الجَلاء) : النَّفي عن الأوطان.
__________
(1) رقم (3018) في الخراج والإمارة ، باب ما جاء في حكم أرض خيبر بلاغاً ، وإسناده معضل .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه أبو داود (3018) حدثنا ابن السرح ، ثنا ابن وهب، أخبرني يونس بن يزيد، عن ابن شهاب، قال: فذكره.
وإسناده معضل.

6132 - (د) عبد الله بن سلمان (1) - رحمه الله - أن رجلاً من أصحاب النبيِّ - صلى الله عليه وسلم- حدَّثه ، قال : «لما فَتحْنَا خيبرَ أخرجوا غنائمهم من المتاع والسَّبْي ، فجعل الناس يتبايعون (2) غنائمهم ، فجاء رجل ، فقال : يا رسولَ الله ، لقد رَبِحْتُ اليومَ رِبحاً ما ربحه أحد من أهل هذا الوادي (3) قال : ويحكَ ، وما ربحتَ ؟ قال : ما زلتُ أَبيعُ وأَبْتَاعُ حتى ربحتُ ثلاثمائةِ أُوقية ، فقال له النبيُّ - صلى الله عليه وسلم- : ألا أُنَبِّؤكَ بخيرِ ربح (4) ؟ فقال : ما هو يا رسولَ الله ؟ قال : ركعتين بعد -[345]- الصلاة» . أخرجه أبو داود (5) .
__________
(1) كذا في الأصل والمطبوع : عبد الله بن سلمان ، والذي في " التقريب " و " التهذيب " : عبيد الله ابن سلمان ، بالتصغير ، وفي " بذل المجهود في حل ألفاظ أبي داود " : عبد الله ، وعلى هامشه : وفي نسخة : عبيد الله .
(2) في المطبوع : يبتاعون .
(3) في المطبوع من جامع الأصول ، ونسخ أبي داود المطبوعة : لقد ربحت اليوم ربحاً ما ربح اليوم مثله أحد من أهل الوادي .
(4) في نسخ أبي داود المطبوعة : بخير رجل ربح .
(5) رقم (2785) في الجهاد ، باب في التجارة في الغزو ، وعبيد الله بن سلمان مجهول .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه أبو داود (2785) حدثنا الربيع بن نافع، ثنا معاوية - يعني ابن سلام- عن زيد - يعني ابن سلام - أنه سمع أبا سلام يقول: حدثني عبيد الله بن سلمان أن رجلا من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- حدثه قال: فذكره.
وفي سنده عبيد الله بن سلمان وهو مجهول.

عُمْرَة القَضَاء
6133 - (خ م) البراء بن عازب - رضي الله عنه - قال : اعْتَمر رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- في ذي القَعدة ، فأبى أهلُ مكةَ أن يَدَعُوه يدخلُ مكةَ ، حتى قاضاهم على أن يدخلَ - يعني من العام المقبل - يُقِيمُ فيها ثلاثة أيام ، فلما كتبوا الكتابَ ، كتبوا : هذا ما قاضى عليه محمد رسولُ الله ، قالوا : لا نُقِرُّ بها ، فلو نعلمُ أنَّكَ رسولُ الله ما منعناك ، ولكن أنتَ محمدُ بنُ عبد الله ، فقال : أنا رسول الله ، وأنا محمدُ بنُ عبد الله ، ثم قال لعليِّ بن أبي طالب : امْحُ «رسول الله» قال : لا والله ، لا أمحوك أبداً ، فأخذ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- وليس يُحسِنُ يَكْتُبُ - فَكَتبَ : هذا ما قاضى عليه محمدُ بنُ عبد الله : لا يُدْخِلُ مكةَ السلاحَ إلا السيفَ في القِراب ، وأن لا يَخرُجَ من أهلها بأحَد إن أراد أن يَتَّبِعَه ، وأن لا يمنع من أصحابه أحداً إن أراد أن يُقيم بها ، فلما دَخَلها ومضى الأجلُ أَتَوْا عليّاً ، فقالوا : قل لصاحبك : اخرج عَنَّا ، فقد مضى الأجل ، فخرجَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم- ، فتَبِعَته ابْنَةُ حمزةَ تنادي : يا عمُّ ، يا عم ، فتناولها عليّ ، فأخذ بيدها ، وقال لفاطمة : دونكِ بنتَ عَمِّكِ ، فحملتها ، فاختصم فيها عليّ وزيد وجعفر، قال عليّ : أنا أخذتُها وهي بنتُ -[346]- عمّي ، وقال جعفر : بنتُ عمّي ، وخالتُها تحتي ، وقال زيد : بنتُ أخي ، فقضى بها النبيُّ - صلى الله عليه وسلم- لخالتها ، وقال : الخالةُ بمنزلة الأم ، وقال لعليّ : أنتَ مِنِّي ، وأنا منك ، وقال لجعفر : أشبهتَ خَلْقي وخُلُقِي ، وقال لزيد : أنت أخونا ومولانا.
وفي رواية قال : «لمّا صَالَحَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- أهلَ الحديبية : كتب عليّ بينهم كتاباً ، فكتب : محمد رسولُ الله ، فقال المشركون : لا تكتبْ : محمد رسولُ الله ، لو كنتَ رسولاً لم نُقاتِلْكَ ، ثم [قال] لعليّ : امْحُه ، فقال علي : ما أنا بالذي أَمْحوه ، فمحاه رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- بيده ، وصالحهم على أن يدخُل هو وأصحابُه ثلاثة أيام ، وأن لا يدخلوها إِلا بِجُلُبَّان السِّلاح ، فسألوه : وما جُلُبَّانُ السِّلاح ؟ قال : القِرَابُ بما فيه» والمسؤول عن جُلُبَّان السِّلاح هو أبو إسحاق [السبَّيعي] ، بَيَّنَ ذلك عبيد الله بن معاذ العنبريّ في حديثه قال : قال شعبة لأبي إسحاق : ما جُلُبَّان السلاح ؟ قال : القِرَابُ [وما فيه] .
وفي رواية قال : «صالَحَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم- المشركين يوم الحديبية على ثلاثة أشياءَ : على أن مَن أتاه من المشركين ردَّه إِليهم ، ومَن أتاهم من المسلمين لم يردُّوه ، وعلى أن يدخلَها من قابل ، ويُقيمَ بها ثلاثةَ أيام ، ولا يدخلَها إِلا بجُلُبَّان السلاح - السيف والقوس ونحوه - فجاء أبو جَنْدَل يَحْجُلُ في قُيُودِهِ ، فردَّه إليهم» . -[347]-
وفي أخرى : أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم- لما أراد أن يَعْتَمرَ أَرْسَلَ إِلى أهل مكة يستأذِنُهم ليدخلَ مَكة ، فاشترطوا عليه : أن لا يقيمَ بها إلا ثلاثَ ليال ، ولا يدخُلها إِلا بجُلُبَّان السلاح ، ولا يَدْعو منهم أحداً ، قال : فأخذ يكتُبُ الشَّرْطَ بينهم عليُّ بنُ أبي طالب ، فكتب : هذا ما قاضى عليه محمد رسولُ الله ، فقالوا : لو علمنا أنَّكَ رسولُ الله ، لم نمنعْكَ ، وتابَعْنَاكَ. وفي رواية لمسلم : بايعناك ، ولكن اكتب : محمدُ بنُ عبد الله ، فقال : أنا والله محمدُ بنُ عبد الله ، وأنا رسولُ الله ، قال : وكان لا يكتبُ ، فقال لعليّ : امْحُ «رسولَ الله» ، فقال عليّ : لا والله لا أمحوه أبداً ، قال : فأَرِنِيه ، فأراه إِياه ، فمحاهُ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- بيده ، فلما دخل ومضى الأجلُ أَتَوْا عليّاً ، فقالوا : مُرْ صاحبَكَ فَلْيَرْتَحِلْ ، فذكر ذلك عليّ لرسول الله - صلى الله عليه وسلم- ، فقال : نعم ، ثم ارْتَحَلَ.
وفي أخرى ثم قال لعليّ : امْحُ «رسولَ الله» ، قال : لا ، والله لا أمحوك أبداً ، قال : فأخذ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- الكتاب - وليس يُحسن يكتب - فكتب : هذا ما قاضى عليه محمد بن عبد الله ... الحديث ، وفيه ذكر بنت حمزة ، والأخذ لها ، والخصومة فيها» أخرجه البخاري ومسلم (1) . -[348]-
هذه «عمرة القضاء» : ليست من الغزوات ، وإنما البخاري ذَكَرَها في كتاب الغزوات ، حيث تضمَّنتْ ذِكْرَ المصالحة مع المشركين في الحديبية ، وحيث ذكرها هاهنا اتَّبعناه ، وذكرناها مثله.

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(القِرَابُ) قِرَابُ السيف : ما يوضَع فيه بغمدِه ، شبيه بالجِراب ، وأرادوا في صلحهم أن يستروا السلاح ولا يظهروه.
(جُلبَّان السلاح) الجُلبان أيضاً ، يقال للقِراب وما فيه : جُلُبّان، وقال الأزهري : القِراب : غِمْدُ السيف ، والجلبّان : شبه الجِراب من الأدَم يوضع فيه السيف مغموداً ، ويَطرح فيه الراكب سَوطَه وأداته ، ويعلقه في آخرة الرَّحْلِ ، أو واسطته ، وكأن اشتقاقه من الجُلْبة ، وهي الجلدة التي تجعل على القَتَب ، وهي كالغشاء للقِراب ، وكذلك الجلدة التي تُغَشَّى بها التميمة تسمى جُلباناً ، وقال ابن قتيبة «جُلُبّان» بضم الجيم واللام وتشديد الباء ، قال : ولا أراه سُمِّي بذلك إلا لجفائه ، ولذلك قيل للمرأة الغليظة الجافية : جُلُبّانة وفي بعض الروايات «ولا يدخلها إلا بجُلْبان [السلاح] : السيفِ والقوس ونحوهما» يريد : ما كان مُغمَداً يحتاج في إظهاره إلى معاناة ، لا بالرِّماح والقنا ، لأنها أسلحة مُظْهَرة يمكن تعجيل الأذى بها ، قال الهروي : والقول ما قال الأزهري. -[349]-
(يحجُل) الحَجْل : مشي المقيَّد ليقارب ما بين خطوه.
__________
(1) رواه البخاري 7 / 385 - 391 في المغازي ، باب عمرة القضاء ، وفي الحج ، باب كم اعتمر النبي صلى الله عليه وسلم ، وباب لبس السلاح للمحرم ، وفي الصلح ، باب كيف يكتب هذا ما صالح فلان ابن فلان وفلان ابن فلان ، وفي الجهاد ، باب المصالحة على ثلاثة أيام ، أو وقت معلوم ، ومسلم رقم (1783) في الجهاد ، باب صلح الحديبية في الحديبية .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح : أخرجه أحمد (4/298) قال: حدثنا حجين. وفيه (4/298) أيضا قال: حدثناه أسود بن عامر. والدارمي (2510) قال: حدثنا محمد بن يوسف. والبخاري (3/21 ، 241 ، 5/179) قال: حدثنا عبيد الله بن موسى. والترمذي (1904 ، 3716 ، 3765) قال: حدثنا سفيان بن وكيع، قال: حدثنا أبي. وفي (1904) قال: حدثنا محمد بن أحمد (ابن مَدُّوَيْهِ) ، قال: حدثنا عبيد الله بن موسى. وفي (3716 ، 3765) قال: حدثنا محمد بن إسماعيل، قال: حدثنا عبيد الله بن موسى.
خمستهم - حجين ، وأسود، ومحمد بن يوسف، وعبيد الله ، ووكيع- عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، فذكره.

غزوة مُؤتة من أرض الشام
6134 - (خ) عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - قال : «أَمَّرَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم- في غزوةِ مؤتةَ زيدَ بنَ حارثةَ ، فقال : إن قُتل زيد فجعفر ، وإن قُتل جعفر فعبد الله بن رَواحة ، قال ابن عمر : فكنتُ معهم في تلك الغزوة ، فالتمسنا جعفراً ، فوجدناه في القتلى ، ووجدنا فيما أَقبل من جسده بِضعاً وسبعين بين طعنة ورمية (1)» .
وفي أخرى «أنه وقف على جعفر يومئذ وهو قتيل ، فعددتُ به خمسين ، بين طعنة وضربة ، ليس منها شيء في دُبُره (2)» . أخرجه البخاري (3) .
__________
(1) في المطبوع من جامع الأصول ونسخ البخاري المطبوعة : بضعاً وتسعين من طعنة ورمية ، وهو الصواب ، قال الحافظ في " الفتح " : ووقع في رواية البيهقي في " الدلائل " : بضعاً وتسعين ، أو بضعاً وسبعين ، وأشار إلى أن بضعاً وتسعين أثبت ، قال الحافظ : وأخرجه الإسماعيلي عن الهيثم بن خلف عن البخاري بلفظ : بضعاً وتسعين ، أو بضعاً وسبعين بالشك ، ولم أر ذلك في شيء من نسخ البخاري .
(2) يعني في ظهره .
(3) 7 / 393 في المغازي ، باب غزوة مؤتة من أرض الشام .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه البخاري (4261) أخبرنا أحمد بن أبي بكر، حدثنا مغيرة بن عبد الرحمن، عن عبد الله بن سعيد، عن نافع، عن ابن عمر، فذكره.

6135 - (د) عباد بن عبد الله بن يزيد - رحمه الله - قال : «حدثني أحدُ بني مرة بن عوف (1) - وكان في غزوة مؤتة - قال : لكأني أنظر إلى -[350]- جعفر حين اقْتَحَمَ عن فرس له شَقْراء (2) ، فعقرها ، وكان أولَ مَن عقر في سبيل الله ، ثم قاتل القومَ حتى قُتِلَ» .
أخرجه أبو داود ، وقال : [هذا] الحديث ليس بذاك القوي (3) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(اقْتَحَم عن فرسه) الاقْتِحامُ : الدخول في الأمر العظيم من غير فكرة ، والمراد به هاهنا : نزوله عن فرسه في الحرب مُسرعاً.
(فعقرها) عقرتُ الفرسَ ، أي : ضربت قوائمها بالسيف ، أو جرحتُها جرحاً لا ينتفع بها بعده ، وإنما فعل ذلك مُوَطِّناً نفسَه على الموت ، لأنه إذا قتل فرسه وبَقِيَ راجلاً فقد حقّق عزيمته على القتال ، وأنه لا يَفِرُّ ولا ينهزم.
__________
(1) في " سنن أبو داود " المطبوعة و " سيرة ابن هشام " : حدثني أبي الذي أرضعني وهو أحد بن مرة بن عوف ، ويعني بذلك : أبي الذي أرضعتني زوجته بلبنها منه .
(2) أي : رمى نفسه عنه ، و في المطبوع : على فرس له شقراء .
(3) رواه أبو داود رقم (2583) في الجهاد ، باب في الدابة تعقر في الحرب من حديث محمد بن إسحاق قال : حدثني ابن عباد ، عن أبيه عباد بن عبد الله بن الزبير قال : حدثني أبي الذي أرضعني وهو أحد بني مرة بن عوف ، وإسناده حسن ، ولا علة في الحديث ، وابن إسحاق قد صرح فيه بالتحديث ، وقد ذكره ابن هشام في " السيرة " بهذا الإسناد ، وحسن إسناده الحافظ في " الفتح " .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه أبو داود (2573) حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي، ثنا محمد بن سلمة ، عن محمد بن إسحاق، حدثني ابن عباد، عن أبيه عباد بن عبد الله بن الزبير [قال أبو داود: وهو يحيى بن عباد] حدثني أبي الذي أرضعني وهو أحد بني مرة بن عوف، وكان في الغزاة غزاة مؤتة ، فذكره.
قال أبو داود : هذا الحديث ليس بالقوي.

6136 - (خ س) أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال : قال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم- : «أخَذ الرايةَ زيد ، فأُصِيبَ ، ثم أخذها جعفر ، فأُصيبَ ، ثم أخذها عبد الله بنُ رَوَاحةَ ، فأُصيبَ - وإِن عَيْنَيْ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم- لَتَذْرِفانِ- ثم أخذها خالدُ بنُ الوليد من غيرِ إمْرة ، ففُتحَ له» .

-[351]-
وفي رواية قال «خطبَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - ، فقال : أخذ الرايةَ زيد ، فأصيبَ...» وذكر نحوه ، وقال في آخره : «وما يَسُرُّنا أَنَّهم عندنا - قال أيوب : أو قال : ما يسرّهم أنهم عندنا - وعيناه تَذْرِفَان» .
وفي أخرى «أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - نَعَى زيداً وجعفراً وابنَ رَوَاحَةَ للناس ، قبل أن يأتيَهم خبرُهم ، فقال : أخذَ الرايةَ زيد ... فذكرهم ، وقال في آخره : حتى أخذَ الرايةَ سيف من سيوف الله حتى فتح الله عليهم» أخرجه البخاريُّ .
وأخرج النسائيُّ منه طرفاً «أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - نَعَى زيداً وجعفراً قبل أن يجيءَ خَبرُهم ، فنعاه وعيناه تَذْرِفَانِ» (1) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(لَتَذْرِفان) ذرفت العينُ : سالَ دَمْعُها .
__________
(1) رواه البخاري 3 / 92 في الجنائز ، باب الرجل ينعي إلى أهل الميت بنفسه ، وفي الجهاد ، باب تمني الشهادة ، وباب من تأمر في الحرب من غير إمرة إذا خاف العدو ، وفي الأنبياء ، باب علامات النبوة في الإسلام ، وفي فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، باب مناقب خالد ابن الوليد ، وفي المغازي ، باب غزوة مؤتة بأرض الشام ، والنسائي 4 / 26 في الجنائز ، باب النعي .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه البخاري في الجنائز (4:2) عن أبي معمر، عن عبد الله بن عمرو، عن عبد الوارث، وفي الجهاد (7:2) عن يوسف بن يعقوب الصفار، و (182) يعقوب بن إبراهيم فرقهما - كلاهما عن إسماعيل بن علية- وفي علامات النبوة (المناقب 25:54) عن سليمان بن حرب، وفي فضل خالد (المناقب 55) وفي المغازي (45:3) عن أحمد بن واقد - وهو أحمد بن عبد الملك بن واقد الحراني - كلاهما عن حماد بن زيد- ثلاثتهم عن أيوب عن حميد بن هلال عن أنس، والنسائي في الجنائز (27:9) عن إسحاق بن إبراهيم، عن سليمان بن حرب ، ثنا حماد بن زيد، عن أيوب، عن حميد بن هلال ، عن أنس. الأشراف (1/215) .

6137 - (خ) قيس بن أبي حازم - رحمه الله - قال : سمعتُ خالداً يقول : «لقد انقطعت يوم مُؤتَةَ تسعةُ أسياف ، فما بقي في يدي إلا صفيحة (1) يمانيَّة» أخرجه البخاري (2) .
__________
(1) الصفيحة : السيف العريض .
(2) 7 / 397 في المغازي ، باب غزوة مؤتة بأرض الشام .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه البخاري (4266) حدثني محمد بن المثنى ، حدثنا يحيى ، عن إسماعيل، قال: حدثني قيس، قال: فذكره.

6138 - (م د) عوف بن مالك - رضي الله عنه - قال : «خرجتُ مع زيد بن حارثة في غزوة مؤتةَ ، وَرَافَقَني مَدَدِيٌّ (1) من اليمن ، ليس معه غيرُ سيفِهِ ، فنحرَ رجل من المسلمين جَزُوراً ، فسأله المَدديُّ طائفة مِنْ جِلدِه ، فأعطاه إياه ، فاتخذه كهيئة الدَّرَقِ ، ومضينا فَلَقِينا جموعَ الرُّوم فيهم رجل على فرس له أشقرَ ، عليه سَرْج مُذَهَّب ، وله سِلاح مذهّب ، فجعل الرُّوميُّ يَفَرِي بالمسلمين ، فقعد له المدديُّ خلف صَخْرَة ، فمرَّ به الرُّوميُّ فعَرقَبَ فرسه بسيفه ، وخرَّ الروميُّ ، فعلاه بسيفه وقتله ، وجاز فرَسه وسلاحَه ، فلما فتح الله للمسلمين ، بعث إليه خالدُ بنُ الوليد فأخذ منه بعضَ السَّلَبِ ، قال عوف : فأتيتُ خالداً ، وقلتُ له : أما علمتَ أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم- قضى بالسَّلَبِ للقاتل ؟ قال : بلى ، ولكني استكثرتُهُ ، قلت : لَتَرُدَّنَّه إليه أو لأُعَرِّفَنَّكَها عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم- ، فأَبى أن يَرُدَّ عليه ، قال عوف : فاجتمعنا عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فقصَصْتُ عليه قِصَّةَ المدديِّ ، وما فعلَ خالد ، فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - : يا خالد ، ما حَمَلَك على ما صنعتَ ؟ قال : استكثرتُهُ ، فقال : رُدَّ عليه الذي أَخذتَ منه ، قال عوف : فقلتُ : دونَكها يا خالد ، ألم أُوفِ (2) لك ؟ [فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- : وما ذلك ؟ فأخبرتُه ، قال :] فَغَضِبَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - ، وقال : -[353]- يا خالد ، لا تردَّ عليه ، هل أنتم تاركون (3) لي أُمَرائي لكم صِفْوة أَمرهم ، وعليهم كَدَرُه ؟» أخرجه أبو داود .
وفي رواية مسلم قال : «خرجتُ مَعَ مَنْ خَرَجَ مَع زيد بن حارثة في غزوة مؤتةَ ، ورافقني مدديٌّ من اليمن...» وساق الحديث عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - بنحوه . هكذا قال مسلم ، ولم يذكر لفظه ، ويعني بنحوه : الرواية التي تجيءُ له بعد هذه ، فإنه ذكرها في كتابه قبل هذه ، قال : غيرَ أَنَّهُ قال في الحديث «قال عوف : فقلتُ : يا خالدُ ، أما علمتَ أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قضى بالسَّلَبِ للقاتل ؟ قال : بلى ، ولكني استكثرته» .
وله في رواية «قال عوفُ بنُ مالك : قَتَلَ رجل من حِميرَ رجلاً من العَدُوِّ ، فأراد سَلَبه ، فمنعه خالدُ بنُ الوليد ، وكان والياً عليهم ، فأتى رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - عوفُ بنُ مالك فأخبره ، فقال لخالد : ما منعكَ أن تُعْطِيَهُ سَلَبَهُ ؟ قال : استكثرتُهُ يا رسول الله ، قال : ادفَعْهُ إليه ، فمرَّ خالد بعوف فجرَّ بردائه ، ثم قال : هل أنجزْتُ لكَ ما ذكرتُ لكَ مِنْ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم- ؟ فسمعه رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فاستُغْضِبَ ، فقال : لا تُعْطِهِ يا خالدُ ، هل أنتم تاركون (3) لي أُمرائي ؟ إنما مثلُكم ومثلُهم : كَمَثَلِ رجل استُرْعِي إِبلاً أو غنماً -[354]- فرعاها ، ثم تَحيَّنَ سَقْيها ، فأوردها حوضاً ، فَشَرَعَتْ فيه ، فَشَرِبَتْ صَفْوَهُ ، وتَرَكَتْ كَدَرَهُ ، فَصَفْوُهُ لكم ، وكَدَرُهَ عليهم» (4) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(يَفْرِي بالمسلمين) كناية عن شدة نِكايته فيهم ، يُقال : فلان يفري الفِرِيَّ : إذا كان يُبالغ في الأمر ، وأصل الفَرْي : القطع .
(لأعَرِّفَنّكَها) أي : لأجازينَّك بها ، حتى تعرف صنيعك هذا .
(دونكها) أي : خذها ، كأنه وافقه على ما وعده .
(صِفْوةُ) الشيء - بكسر الصاد - : خالصه ، وما صفا منه ، إذا أثْبَتَّ الهاء كسرت الصاد ، وإذا حذفتها فتحتها ، فقلت : صَفْوُ الشيء .
(تَحَيَّن) تحيَّنتُ وقتَ الشيء : إذا انتظرتَه وتَرقَّبْتَه ، وهو طلب الحين .
__________
(1) أي : رجل من المدد الذين جاؤوا يمدون جيش مؤتة ويساعدونهم .
(2) في نسخ أبي داود المطبوعة : ألم أف ، وكلاهما صواب .
(3) وفي بعض النسخ : هل أنتم تاركو لي ، بحذف النون ، قال النووي : هذا أيضاً صحيح ، وهي لغة معروفة .
(4) رواه أبو داود رقم (2719) و (2720) في الجهاد ، باب في الإمام يمنع القاتل السلب إن رأى والفرس والسلاح من السلب ، ومسلم رقم (1753) و (1754) في الجهاد ، باب استحقاق القاتل سلب القتيل .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه أحمد (6/26) قال: حدثنا أبو المغيرة، قال: حدثنا صفوان، قال: حدثني عبد الرحمن بن جبير بن نُفير، وفي (6/27) قال: حدثنا الوليد بن مسلم، قال: حدثني صفوان بن عَمرو، عن عبد الرحمن بن جبير بن نُفير. (ح) قال الوليد : سألت ثورا عن هذا الحديث، فحدثني عن خالد بن معدان. ومسلم (5/149) قال: حدثني أبو الطاهر أحمد بن عَمرو بن سَرْح ، قال: أخبرنا عبد الله بن وهب، قال: أخبرني معاوية بن صالح، عن عبد الرحمن بن جبير. (ح) وحدثني زهير بن حرب، قال: حدثنا الوليد بن مسلم، قال: حدثنا صفوان بن عمرو، عن عبد الرحمن بن جبير بن نُفير. وأبو داود (2719) قال: حدثنا أحمد بن محمد بن حنبل، قال: حدثنا الوليد بن مسلم، قال: حدثني صفوان بن عمرو، عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير. وفي (2720) قال: حدثنا أحمد بن محمد بن حنبل، قال: حدثنا الوليد. قال: سألت ثورا عن هذا الحديث، فحدثني عن خالد بن معدان.
كلاهما - عبد الرحمن بن جبير بن نفير، وخالد بن معدان - عن جبير بن نفير، فذكره.

6139 - () النعمان بن بشير - رضي الله عنه - قال : «تلقَّانا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- ، مُنصرَفنا من مؤتةَ ، فقال قائل : أنتم الفرَّارون ؟ فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - : لا ، بل هم الكرّارون ، وأنا فِئةُ كلِّ مسلم» أخرجه ... (1) .
-[355]-

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(فئة) الفئة : القوم من الجيش من وراء المقاتلة ، إن انهزموا رجعوا إليهم .
__________
(1) كذا في الأصل بياض بعد قوله : أخرجه ، وفي المطبوع : أخرجه رزين ، وقد رواه أحمد في " المسند " 2 / 86 و 100 و 111 ، وأبو داود رقم (2647) في الجهاد ، باب التولي يوم -[355]- الزحف ، والترمذي رقم (1716) في الجهاد ، باب ما جاء في الفرار من الزحف ، جميعاً من حديث عبد الله بن عمر قال : بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في سرية ، فلما لقينا العدو انهزمنا في أول عادية ، فقدمنا المدينة في نفر ليلاً ، فاختفينا ، ثم قلنا : لو خرجنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، واعتذرنا إليه ، فخرجنا ، فلما لقيناه ، قلنا : نحن الفرارون يا رسول الله ، قال : بل أنتم العكارون وأنا فئتكم ، وفي رواية : وأنا فئة كل مسلم ، وفي سنده يزيد بن أبي زياد الهاشمي وهو ضعيف .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه أبو داود (2647) حدثنا أحمد بن يونس، ثنا زهير، ثنا يزيد بن أبي زياد، أن عبد الرحمن ابن أبي ليلى حدثه أن عبد الله بن عمر، والترمذي (1716) حدثنا ابن أبي عمر، حدثنا سفيان ، عن يزيد بن أبي زياد، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن ابن عمر قال: بعثنا رسول الله-صلى الله عليه وسلم- في سرية، فلما لقينا العدو انهزمنا في أول عادية، فقدمنا المدينة في نفر ليلا، فاختفينا ، ثم قلنا: لو خرجنا إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، واعتذرنا إليه، فخرجنا ، فلما لقيناه ، قلنا: نحن الفرارون يا رسول الله ، قال: بل أنتم العكارون ، وأنا فئتكم ، وفي رواية : «وأنا فئة كل مسلم» وفي سنده يزيد بن أبي زياد الهاشمي وهو ضعيف.

بعث أسامة بن زيد
إلى الحُرَقات (1) من جهينة
6140 - (خ م د) أبو ظبيان (2) [حصين بن جندب] قال : سمعتُ أُسامةَ بنَ زيد يقول : «بَعَثَنا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- إِلى الحُرَقَةِ ، فَصَبَّحْنَا القومَ فهزمناهم ، ولَحِقتُ أنا ورجُل من الأَنصار رجلاً منهم ، فلما غَشِيناه ، قال : لا إِله إِلا الله ، فَكفَّ [عنه] الأنصاريُّ ، وطعَنْتُهُ بِرُمْحِي ، حتى قتلتُه ، فلما قَدِمْنا ، بلغَ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم- ، فقال : يا أُسامةُ ، أقتلتَهُ بعدما قال : لا إِله إِلا -[356]- الله (3) ؟ قلتُ : إِنما كان متعوِّذاً ، فقال : أقتلتَهُ بعدما قال : لا إِله إِلا الله ؟ فما زالَ يُكرِّرُها حتى تمنيتُ أَنّي لم أكنْ أسلمتُ قبلَ ذلك اليومِ» .
وفي رواية قال : «بعثنا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - في سرَّية ، فَصبَّحْنا الحُرَقَات من جُهينة ، فأدركتُ رجلاً ، فقال : لا إله إلا الله ، فطعنتُه ، فوقع في نفسي من ذلك ، فذكرتُه للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم- ، فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- : أقال : لا إله إلا الله وقتلتَهُ ؟ قال : قلتُ : يا رسولَ الله ، إنما قالها خوفاً من السِّلاح ، قال : أَفلا شَقَقْتَ عَنْ قَلْبِهِ ، حتى تعلم أقالها ، أم لا ؟ فما زال يكرِّرُها عليَّ ، حتى تمنيتُ أني أسلمتُ يومئذ ، قال : فقال سعد : وأنا والله لا أقتل مسلماً حتى يقتله ذُو البُطَين - يعني : أسامةَ - قال : فقال رجل : ألم يقل الله : {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ ويَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ} [الأنفال : 39] ؟ فقال سعد : قد قاتلْنا حتى لا تكونَ فتنة ، وأنتَ وأصحابُك تريدون أن تقاتِلوا حتى تكونَ فتنة» أخرجه البخاري ومسلم .
وأخرج أبو داود نحو الأولى ، ولم يذكر الأنصاريَّ ، وإنما قال : «فضربناه حتى قتلناه» (4) . -[357]-
قلتُ : هذا سعد المذكور في الحديث هو سعدُ بن أبي وقَّاص ، وسبب هذا القول من سَعْد ، أن أسامةَ لما سمع هذا القول من رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم- لم يُقاتِلْ مسلماً ، ولا شهدَ شيئاً من الفِتَنِ الحادِثَةِ بين الصحابة ، وكذلك سعد اعتزل عن الفِتَنِ ، فلم يشهدْ منها شيئاً ، وقال : إنني لا أَقْتُلُ إلا من يقتُلُه أسامةُ ، وليس لقوله هذا في الحديث مَدْخَل ، ولا له به تَعَلُّق .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(غَشِيناه) أدركناه ولحقناه ، كأنهم أتَوهُ من فَوقه .
(مُتعوِّذاً) المُتَعوِّذُ : الملتجِئ خوفاً من القتل .
__________
(1) بضم الحاء وفتح الراء بعدها قاف ، نسبة إلى الحرقة ، واسمه جهيش بن عامر بن ثعلبة بن مودعة بن جهينة ، تسمى الحرقة لأنه حرق قوماً بالقتل فبالغ في ذلك .
(2) قال النووي : أهل اللغة ، يفتحون الظاء ، من ظبيان ، وأهل الحديث يكسرونها .
(3) قال الحافظ في " الفتح " : قال ابن التين : في هذا اللوم تعليم وإبلاغ في الموعظة حتى لا يقدم أحد على قتل من تلفظ بالتوحيد ، وقال القرطبي : في تكرير ذلك والإعراض عن قبول العذر زجر شديد عن الإقدام على مثل ذلك .
(4) رواه البخاري 7 / 398 في المغازي ، باب بعث النبي صلى الله عليه وسلم أسامة بن زيد إلى -[357]- الحرقات من جهينة ، وفي الديات ، باب قول الله تعالى : {ومن أحياها} ، ومسلم رقم (96) في الإيمان ، باب تحريم قتل الكافر بعد أن قال : لا إله إلا الله ، وأبو داود رقم (2643) في الجهاد ، باب على ما يقاتل المشركون .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح : أخرجه البخاري في المغازي (46) عن عمرو بن محمد الناقد ، وفي الديات (2) عن عمرو بن زرارة النيسابوري - كلاهما عن هشيم ، عن حصين ، عن أسامة بن زيد، ومسلم في الإيمان (40:5) عن يعقوب الدورقي ، عن هشيم ، عن حصين ، عن أسامة بن زيد، و (40:4) عن أبي بكر عن أبي خالد الأحمر، و (40:4) عن إسحاق وأبي كريب، كلاهما عن أبي معاوية - كلاهما عن الأعمش ، عن أبي ظبيان ، عن أسامة ، وأبو داود في الجهاد (104) عن الحسن بن علي ، وعثمان بن أبي شيبة ، كلاهما يعلى بن عبيد ، عن الأعمش، عن حصين بن جندب، عن أسامة. الأشراف (1/44) .

6141 - (م) جندب بن عبد الله البجلي - رضي الله عنه - «بعثَ إلى عَسْعَسَ بنِ سلامةَ زَمَن فتنةِ ابنِ الزُّبير ، فقال : اجمع لي نفراً من إخوانك حتى أُحدِّثَهم ، فبعث رسولاً إِليهم ، فلما اجتمعوا جاء جُنْدُبُ وعليه بُرْنُس أصفرُ ، فقال : تحدَّثوا بما كنتم تتحدَّثون به ، حتى دار الحديثُ ، فلما دار الحديثُ إِليه : حَسَر البُرْنُسَ عن رأسه ، فقال : إني أتيتُكم ، ولا أريدُ أن أحدِّثكم إلا عن نبيِّكم - صلى الله عليه وسلم- (1) ، إِنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - بعث بَعْثاً من المسلمين -[358]- إلى قوم من المشركين ، وإنهم التَقَوْا ، فكان رجل من المشركين إذا شاء أن يقصِدَ إلى رجل من المسلمين قَصَدَ له فقتله ، وإن رجلاً [من المسلمين] قَصَدَ غَفْلَتَه ، قال : وكنا نتحدَّثُ : أنه أسامةُ بنُ زيد - فلما رفع عليه السيفَ ، قال : لا إله إلا الله ، فقتله ، فجاء البشيرُ إلى رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - ، فسأله وأخبره حتى أخبره خبرَ الرجل : كيف صنع ، فدعاه ، فسأله ، فقال : لِمَ قَتَلتَه ؟ فقال : يا رسولَ الله ، أوجعَ في المسلمين ، وقتل فلاناً وفلاناً - وسمى له نفراً - وإني حملتُ عليه ، فلما رأى السيفَ ، قال : لا إله إلا الله ، قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - : أقتلتَهُ ؟ قال : نعم ، قال : فكيف تصنع بـ «لا إله إلا الله» إذا جاءت يوم القيامة ؟ قال : يا رسولَ الله استغفر لي ، قال : وكيف تصنع بـ «لا إله إلا الله» إِذا جاءت يوم القيامة ؟ قال : فجعل لا يزيده على أن يقول : فكيف تصنع بـ «لا إله إلا الله» إذا جاءت يوم القيامة ؟» أخرجه مسلم (2) .
__________
(1) في نسخ مسلم المطبوعة : ولا أريد أن أخبركم عن نبيكم صلى الله عليه وسلم ، وهو خطأ وقد تكلف الإمام النووي رحمه الله في توجيهها .
(2) رقم (97) في الإيمان ، باب تحريم قتل الكافر بعد أن قال : لا إله إلا الله .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه مسلم (97) حدثنا أحمد بن الحسن بن خراش، حدثنا عمرو بن عاصم، حدثنا معتمر، قال: سمعت أبي يحدث، أن خالدا الأثبج، ابن أخي صفوان بن محرز، حدث عن صفوان بن محرز، أنه حدث ، أن جندب بن عبد الله البجلي، فذكره.

غزوة الفَتْح
6142 - (خ م د ت) علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - قال عُبيد الله بنُ أبي رافع - وكان كاتباً لعليّ - سمعتُ علياً - رضي الله عنه - يقول : «بعثني رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- ، أنا والزبيرَ والمقدادَ ، فقال : انطلقوا حتى تأتوا رَوْضةَ -[359]- خَاخ (1) ، فإِن بها ظَعينة معها كتاب ، فخذوه منها ، فانطلقنا تتعادى بنا خيلُنا حتى أتينا الرَّوضة ، فإذا نحن بالظَّعينةِ ، فقلنا : أَخرجي الكتاب ، قالت : ما معي من كتاب ، فقلنا : لتُخْرِجنَّ الكتابَ أو لتُلْقِيَنَّ الثيابَ ، فأخرجتْهُ من عِقاصها ، قال : فأتينا به النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - ، فإذا فيه : من حاطبِ بنِ أبي بَلْتَعَةَ إلى ناس من المشركين من أهلِ مكةَ ، يخبرُهُم ببعض أمرِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم- ، فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- : يا حاطبُ ، ما هذا ؟ فقال : يا رسول الله ، لا تعجَلْ عليَّ ، إِني كنتُ امرءاً مُلْصَقاً في قريش ، ولم أكنْ من أنْفُسهم (2) ، فكان من مَعَكَ من المهاجرين لهم قرابة يَحْمُون بها أموالهم وأهليهم بمكةَ ، فأحْبَبْتُ - إِذْ فاتني ذلك من النسب فيهم - أن أتَّخِذَ فيهم يداً يحمون بها قرابتي ، وما فعلتُ كفراً ، ولا ارتداداً عن ديني ، ولا رضى بالكفر بعد الإِسلام ، فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - : إِنه قَد صَدَقَكم ، فقال عمرُ : دعني يا رسول الله أضربْ عُنُق هذا المنافق ، فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - : إِنه قد شهد بدراً ، وما يدريك لعل الله اطَّلعَ على أهل بدر ، فقال : اعملوا ما شئتم ، فقد غفرتُ لكم ، قال : فأنزل الله عز وجل : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ} [الممتحنة : 1]» . -[360]-
وفي رواية أبي عبد الرحمن السلمي (3) [عن عليّ] قال : بعثني رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - والزبيرَ بنَ العوام وأبا مَرْثَد - وكلُّنا فارس... ثم ساقه بمعناه» ولم يذكر نزول الآية ، ولا ذَكَرَها في حديث عبيد الله بعضُ الرواة ، وجَعَلَها بعضُهم من تلاوة سفيان (4) ، وقال سفيان : لا أدري الآية في الحديث ، أو من قول عمرو - يعني ابنَ دينار .
وفي رواية نحوه ، وفيه «حتى أدركناها حيث قال لنا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - تسيرُ على بعير لها ، فقلنا : أينَ الكتابُ الذي معكِ ؟ قالت : ما معي من كتاب فأنَخْنَا بعيرَها ، فَابْتَغَينا في رَحْلِها ، فما وجدنا شيئاً ، فقال صاحباي : ما نرى معها كتاباً ، فقلتُ : لقد علمنا ما كذبَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - ، وما كذَبَ ، والذي يُحلَف به لَتُخْرِجنَّ الكتاب ، أو لأُجَرِّدَنَّكِ ، فأهْوَتْ إِلى حُجزَتِها وهي مُحتَجِزَة بكساء - فأخرجت الصحيفة من عِقاصها ، فأتينا بها رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - .... وذكر الحديث» . أخرجه البخاري ومسلم ، وأخرج أبو داود والترمذي الرواية الأولى (5) . -[361]-

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(الظَّعِينة) في الأصل : المرأة ما دامت في الهَودج ، ثم جُعِلَتِ المرأةُ إذا سافرتْ ظعينة ، ثم نقل إلى المرأة نفسها ، سافرت أو أقامت ، وظَعَن يَظْعَن : إذا سافر .
(عِقَاصُها) العِقاص : الخيطُ الذي تعقِص - أي تشد - به المرأة أطرافَ ذَوَائِبها ، وأصل العقص : الضَّفْر واللَّيُّ ، هكذا شرحه الحميدي في غريبه ، وفيه نظر ، فإن العِقاص : جمع عَقْصة أو عقيصة ، وهي الضفيرة من الشعر إذا لُوِيَت وجُعلت مثل الرُّمانة ، أو لم تُلْوَ ، والمعنى : أخرجتِ الكتابَ من ضفائرها المعقوصة .
(مُلْصَقاً) الملصق : هو الرجل المقيم في الحي ، وليس منهم بنسب .
(ابتغينا) الابتغاء : الطلب .
(حُجْزة) احتجَزَ الرجل : شدَّ إزاره على وسطه ، والحُجْزَةُ : موضع الشد .
__________
(1) هي بين مكة والمدينة ، بقرب المدينة .
(2) في نسخ البخاري ومسلم المطبوعة : من أنفسها .
(3) في المطبوع : وفي رواية عبد الرحمن السلمي ، وهو خطأ .
(4) في المطبوع : ولا جعلها بعضهم من تلاوة سفيان .
(5) رواه البخاري 7 / 400 في المغازي ، باب فتح مكة ، وباب فضل من شهد بدراً ، وفي الجهاد ، باب الجاسوس ، وباب إذا اضطر الرجل إلى النظر في شعور أهل الذمة والمؤمنات إذا عصين الله وتجريدهن ، وفي تفسير سورة الممتحنة في فاتحتها ، وفي الاستئذان ، باب من نظر في كتاب -[361]- من يحذر من المسلمين ليستبين أمره ، وفي استتابة المرتدين ، باب ما جاء في المتأولين ، ومسلم رقم (2494) في فضائل الصحابة ، باب من فضائل أهل بدر رضي الله عنهم وقصة حاطب بن أبي بلتعة ، وأبو داود رقم (2650) و (2651) في الجهاد ، باب في حكم الجاسوس إذا كان مسلماً ، والترمذي رقم (3302) في تفسير القرآن ، باب ومن سورة الممتحنة .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح : أخرجه الحميدي (49) ، وأحمد (1/79) (600) ، والبخاري (4/72) قال: حدثنا علي بن عبد الله. وفي (5/184) قال: حدثنا قتيبة. وفي (6/185) قال: حدثنا الحميدي. ومسلم (7/167) قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، وعَمرو الناقد، وزهير بن حرب، وإسحاق بن إبراهيم ، وابن أبي عُمر. وأبو داود (2650) قال: حدثنا مسدد. والترمذي (3305) قال: حدثنا ابن أبي عمر. والنسائي في الكبرى تحفة الأشراف (7/10227) عن محمد بن منصور ، وعبيد الله بن سعيد السرخسي.
جميعهم - الحميدي، وأحمد بن حنبل، وعلي، وقتيبة ، وابن أبي شيبة، والناقد، وزهير، وإسحاق، وابن أبي عُمر، ومسدد، ومحمد بن منصور، وعبيد الله - عن سفيان بن عيينة، قال: حدثنا عمرو بن دينار، قال: أخبرني حسن بن محمد بن علي، قال: أخبرني عبيد الله بن أبي رافع، فذكره.

6143 - (م) عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قال : «كتبَ حاطِبُ -[362]- ابن أبي بلتعةَ إِلى أهل مكةَ ، فأطْلع الله نبيَّه - صلى الله عليه وسلم - على ذلك ، فبعث علياً والزبيرَ في أثر الكتاب ، فأَدْركا المرأةَ على بعير ، فاستخرجاه من قُرُونها فأتيا به رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - ، فأَرسل إلى حاطب ، فقال : يا حاطبُ ، أنتَ كتبتَ هذا الكتاب ؟ قال : نعم ، يا رسول الله ، قال : فما حملك على ذلك ؟ قال : يا رسولَ الله ، أمَا والله إني لَنَاصِح لله ولرسوله ، ولكني كنتُ غريباً في أهْل مكةَ ، وكانَ أهلي بين ظَهْرَانيْهم ، وخشيتُ عليهم ، فكتبتُ كتاباً لا يضر الله ورسولَه شيئاً ، وعسى أن يكونَ منفعة لأهلي ، قال عمر : فاخترطتُ سيفي ، ثم قلتُ : يا رسولَ الله أمْكنِّي من حاطب ، فإنَّهُ قد كَفَرَ ، فأضربَ عُنُقَه ، فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - : يا ابنَ الخَطَّاب ، ما يُدريك ؟ لعل الله قد اطّلعَ على هذه العِصَابة من أهل بدر ، فقال : اعملوا ما شئتم فقد غفرتُ لكم» أخرجه مسلم (1) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(ظهْرَانِيهم) فلان بين ظهراني القوم - بفتح النون – أي : بينَهم وعندَهم .
__________
(1) كذا في الأصل والمطبوع : أخرجه مسلم ، ولم نجده فيه ، وقد ذكره الهيثمي في " مجمع الزوائد " 9 / 303 و 304 ونسبه لأبي يعلى في " الكبير " ، والبزار ، والطبراني في " الأوسط " ، وقال الهيثمي : ورجالهم رجال الصحيح .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
لم يوجد في مسلم ، وقد ذكره الهيثمي في مجمع الزوائد (9/303 ، 304) ونسبه لأبي يعلى في «الكبير» ، والبزار، والطبراني في «الأوسط» وقال الهيثمي : ورجالهم رجال الصحيح.

6144 - (خ م) عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما - «أَنَّ -[363]- رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - غزا غزوة الفتح في رمضان» .
قال الزهري : وسمعتُ سعيدَ بنَ المسيّب يقول مثل ذلك . أخرجه البخاري .
وفي رواية له ولمسلم «أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - خرج [في رمضانَ] من المدينةِ ، ومعه عشرة آلاف ، وذلك على رأس ثمانِ سنين ونصف من مَقْدَمهِ المدينةَ ، فسار بمن معه من المسلمين إِلى مكةَ ، يصوم ويصومون ، حتى بلغ الكَدِيدَ - وهو ما بين عُسفَان وقُدَيد - أفطَر وأَفطَروا إلا أن لفظ البخاري أتمُّ وأطولُ ، وهو هذا ، وقد تقدَّم لهذا روايات في «كتاب الصوم» من حرف الصاد (1) .
__________
(1) رواه البخاري 8 / 2 في المغازي ، باب غزوة الفتح في رمضان ، وفي الصوم ، باب إذا صام أياماً من رمضان ثم سافر ، وفي الجهاد ، باب الخروج في رمضان ، ومسلم (1113) في الصيام ، باب جواز الصوم والفطر في شهر رمضان للمسافر في غير معصية .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح : أخرجه مالك (الموطأ) (196) . والحميدي (514) ، وأحمد (1/219) (1892) قالا: حدثنا سفيان. وأحمد (1/266) (2392) قال: حدثنا يعقوب، قال: حدثنا أبي، عن ابن إسحاق، وفي (1/315) (2884) قال: حدثنا يحيى بن آدم، عن ابن إدريس، عن محمد بن إسحاق. وفي (1/334) (3089) ، (1/366) (3460) قال: حدثنا عبد الرزاق، عن معمر. وفي (1/348) (3258) قال: حدثنا محمد بن بكر، قال: أخبرنا ابن جُريج ، وعبد بن حُميد (645) قال: أخبرنا عبد الرزاق، عن معمر. وفي (648) قال: أخبرنا عثمان بن عمر، قال: أخبرنا يونس، والدارمي (1715) قال: أخبرنا خالد بن مخلد، قال: حدثنا مالك. والبخاري (3/43) قال: حدثنا عبد الله بن يوسف، قال: أخبرنا مالك، وفي (4/60) قال: حدثنا علي بن عبد الله ، قال: حدثنا سفيان. وفي (5/185) قال: حدثنا عبد الله بن يوسف، قال: حدثنا الليث، قال: حدثني عُقيل. وفي (5/185) قال: حدثنا محمود، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر. ومسلم (3/140) قال: حدثني يحيى بن يحيى ، ومحمد بن رمح، قالا: أخبرنا الليث، (ح) وحدثنا قُتيبة بن سعيد، قال: حدثنا ليث. وفي (3/141) قال: حدثنا يحيى بن يحيى ، وأبو بكر بن أبي شيبة ، وعمرو الناقد، وإسحاق بن إبراهيم، عن سفيان. (ح) وحدثني محمد بن رافع، قال: حدثنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر ، (ح) وحدثني حَرْمَلَة بن يحيى، قال: أخبرنا ابن وهب. قال: أخبرني يونس. والنسائي (4/189) قال: أخبرنا قتيبة ، قال: حدثنا سُفيان ، وابن خزيمة (2035) قال: حدثنا عبد الجبار بن العلاء، قال: حدثنا سفيان. (ح) وحدثنا علي بن خَشْرَم ، قال: أخبرنا ابن عيينة.
ثمانيتهم - مالك ، وسفيان ، ومحمد بن إسحاق، ومعمر، وابن جُريج، ويونس، وعُقيل، والليث- عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله بن عُتبة ، فذكره.

6145 - (خ) عروة بن الزبير - رضي الله عنهما - قال : لما سارَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عامَ الفتح ، فبلغ ذلك قريشاً ، خرج أبو سفيانَ بنُ حرب ، وحكيمُ بنُ حزام ، وبُدَيْلُ بنُ وَرقاءَ ، يلتمسون الخبر عن رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فأقبلوا يسيرون ، حتى أَتَوا مَرَّ الظَّهران ، فإذا هم بِنيران ، كأنها نِيرانُ عَرَفَةَ ، فقال أبو سفيان : ما هذه ؟ لكأنها نيران عرفةَ ، فقال بُديل بنُ -[364]- ورقاءَ : نيرانُ بني عمرو ، فقال أبو سفيان : عمرو أقلُّ من ذلك ، فرآهم ناس من حَرَس رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - ، فأدركوهم فأخذوهم ، فأتَوا بهم رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - ، فأسلم أبو سفيان ، فلما سارَ قال للعباس : احبس أَبا سفيان عند خَطْم الجبل ، حتى ينظرَ إِلى المسلمين ، فَحَبَسَهُ العباسُ ، فجعلتِ القبائل تمرُّ مع النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ، تَمُرُّ كتيبة كتيبة على أبي سفيان ، فمرَّتْ كَتيبة ، فقال : يا عباس ، مَنْ هذه ؟ قال : هذه غِفَار ، قال : مالي ولغفار ، ثم مرتْ جُهينةُ ، فقال : مثل ذلك ، ثم مرَّتْ سعدُ بنُ هُذَيم ، فقال مثل ذلك ، ثم مرت سُلَيم ، فقال مثل ذلك ، حتى أقبلت كتيبة لم يُرَ مثلُها ، قال : مَن هذه ؟ قال : هؤلاء الأنصار ، عليهم سعدُ بنُ عُبادَةَ معه الرايةُ ، فقال سعدُ بنُ عبادةَ : يا أبا سفيان «اليومَ يومُ الملْحَمَةِ ، اليومَ تُستحلُّ الكعبةُ ، فقال أبو سفيان : يا عباس ، حَبَّذا يومُ الذِّمار ، ثم جاءت كتيبة ، وهي أَجَلُّ الكتائب ، فيهم رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابُهُ ، ورايةُ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - مع الزبير ، فلما مرَّ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بأبي سفيان ، قال : ألم تعلم ما قال سعدُ بنُ عُبَادَةَ ؟ قال : ما قال ؟ قال : قال كذا وكذا ، فقال : كَذَبَ سعد ، ولكن هذا يوم يُعظِّم الله فيه الكعبةَ [ويوم تُكْسَى فيه الكعبةُ] قال : وأَمَرَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - أن تُركَزَ رايتُهُ بالحُجُون ، قال عروةُ : فأخبرني نافعُ بنُ جُبَيْرِ بن مطعم قال : سمعتُ العباس يقول للزبير [بن العوام] : يا أبا عبد الله ، أهاهنا أَمَركَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم-[365]- أن تركز الراية ؟ قال : نعم ، قال : وأمر رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يومئذ خالدَ بنَ الوليد أن يدخلَ من أعلى مكةَ من كَدَاءَ (1) ، ودخل النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - من كُدَىً ، فَقُتِلَ من خيل خالد بن الوليد يومئذ رجلان : حُبَيْش بنُ الأشعر ، وكُرْزُ بنُ جابر الفهريُّ» . أخرجه البخاري (2) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(خَطْم الجبل) هذه اللفظة قد جاءت في كتاب الحميدي «خطم الجبل» وفسرها في غريبه ، فقال : الخطم والخطمة : رَعْن الجبل ، وهو الأنف النادر منه ، والذي جاء في كتاب البخاري - فيما قرأناه - وفي غيره من النسخ «حطم الخيل» مضبوطاً هكذا ، وذلك بخلاف رواية الحميدي ، فإن صحت الرواية ولم تكن خطأ من الكُتَّاب ، فيكون معناه - والله أعلم - أنه يقف به في -[366]- الموضع المتضايق الذي تتحطم فيه الخيل ، أي : يدوس بعضُها بعضاً ، ويحطم بعضها بعضاً ، فيراها جميعاً ، وتكثر في عينه ، بكونها في ذلك الموضع الضيق ، بخلاف ما إذا كانت في موضع مُتَّسع ، وكذلك أراد بوقوفه عند خَطم الجبل على ما شرحه الحميدي ، فإن الأنف النادر من الجبل يضيق الموضع الذي يخرج فيه ، والله أعلم .
(كتيبة) الكتيبة : واحدة من الكتائب ، وهي العساكر المرتبة .
(الملحمة) : الحربُ والقتال الذي لا مخلص منه .
(الذِّمار) : ما لزمك حفظه ، يقال : فلان حامي الذِّمار : يحمي ما يجب عليه حفظه .
(بالحُجُون) الحجون : أحد جبلي مكة من جهة الغرب والشمال .
(من كَدَاءِ) كَداء بالفتح والمدّ : ثَنِيَّة من أعلى مكة ، مما يلي المقبرة ، وكُدى - بالضم والقصر - ثَنِيَّة من أسفل مكة .
__________
(1) قال الحافظ في " الفتح " : قوله : وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ خالد بن الوليد أن يدخل من أعلى مكة من كداء ، أي : بالمد ، ودخل النبي صلى الله عليه وسلم من كدى ، أي : بالقصر ، قال الحافظ : وهذا مخالف للأحاديث الصحيحة الآتية أن خالداً دخل من أسفل مكة ، والنبي صلى الله عليه وسلم من أعلاها ، وكذا جزم ابن إسحاق أن خالداً دخل من أسفل مكة ، ودخل النبي صلى الله عليه وسلم من أعلاها ، وضربت له هناك قبة ، وقد ساق ذلك موسى بن عقبة سياقاً واضحاً فقال : وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم الزبير بن العوام على المهاجرين وخيلهم ، وأمره أن يدخل من كداء من أعلى مكة ، وأمره أن يغرز رايته بالحجون ولا يبرح حتى يأتيه ، وبعث خالد بن الوليد في قبائل قضاعة وسليم وغيره وأمره أن يدخل من أسفل مكة ، وأن يغرز رايته عند أدنى البيوت ، وبعث سعد بن عبادة في كتيبة الأنصار في مقدمة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمرهم أن يكفوا أيديهم ولا يقاتلوا إلا من قاتلهم .
(2) 8 / 4 - 10 في المغازي ، باب أين ركز النبي صلى الله عليه وسلم الراية يوم الفتح .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه البخاري (4280) حدثنا عبيد بن إسماعيل، حدثنا أبو أسامة، عن هشام، عن أبيه، قال: فذكره.

6146 - (د) عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما - قال : «لما نزل رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - مَرَّ الظّهرانِ ، قال العباسُ : قلتُ : واللهِ ، لئن دخل رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - مكة عَنْوَة قبل أن يأتوه فيستأمنوه ، إنه لَهَلاكُ قريش ، فجلستُ على بغلةِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فقلتُ : لعلِّي أجِدُ ذا حاجة يأتي [أهلَ] مكة ، فيُخْبِرُهم بمكانِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - ليخرجوا إِليه ، فيستأمنوه ، فإني -[367]- لأسيرُ [إِذ] سمعتُ كلام أبي سفيان ، وبُديل بن ورقاءَ ، فقلتُ : يا أبا حنظلة ، فعَرَف صوتي ، فقال : أبو الفضل ؟ قلتُ : نعم ، قال : ما لك فِدَاكَ أبي وأُمي ؟ قلتُ : هذا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - والناسُ ، قال : فما الحِيلَةُ ؟ [قال] : فركب خلفي ، ورجعَ صاحبُه ، فلما أصبحَ غَدَوتُ به على رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - ، فأسلم ، قلتُ : يا رسولَ الله ، إِنَّ أبا سفيان رجل يحبُّ هذا الفخر ، فاجعلْ له شيئاً ، قال : نعم ، مَن دخل دارَ أبي سفيان فهو آمِن ، ومن أغْلَقَ بابَه عليه فهو آمِن ، ومَن دخل المسجد فهو آمِن ، قال : فتفرَّق الناس إلى دورهم وإِلى المسجد» .
وفي رواية مختصراً «أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - جاءه العباسُ بن عبد المطلب بأبي سُفيانَ بنِ حَرْب ، فأسلم بمر الظهران ، فقال له العباسُ : يا رسولَ الله ، إنَّ أبا سفيان رجل يحبُّ هذا الفخر ، فلو جعلتَ له شيئاً ؟ قال : نعم ، مَن دخل دار أبي سفيان فهو آمِن ، ومَن أغلق بابه فهو آمِن» أخرجه أبو داود (1) .
__________
(1) رقم (3021) و (3022) في الخراج والإمارة ، باب ما جاء في خبر مكة ، وفيه عنعنة ابن إسحاق وجهالته ، ولكن يشهد له معنى الذي بعده .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه أبو داود (3022) حدثنا محمد بن عمرو الرازي، ثنا سلمة - يعني ابن الفضل- عن محمد بن إسحاق، عن العباس بن عبد الله بن معبد، عن بعض أهله ، عن ابن عباس، قال: فذكره.
وفيه عنعنة ابن إسحاق ، والجهالة في بعض إسناده.

6147 - (م د) عبد الله بن رباح قال : «وَفَدَت وفود إلى معاويةَ - وذلك في رمضان - فكان يصنع بعضُنا لبعض طعاماً ، فكان أبو هريرة - رضي الله عنه - مما يُكْثِر أن يَدْعُونا إلى رَحْلِه ، فقلتُ : ألا أصنعُ طعاماً فأدعوهم -[368]- إلى رَحْلي ؟ فأمرتُ بالطعام يُصنَع ، ثم لَقيتُ أبا هريرة من العَشِيِّ ، فقلتُ : الدَّعْوَةُ عندي الليلةَ ، فقال : سَبَقْتَني ؟ فقلتُ : نعم ، فدعوتُهم ، فقال أبو هريرة : ألا أُعْلِمُكم بحديث من حديثكم يا معشر الأنصار ؟ ... ثم ذَكَرَ فَتْحَ مَكةَ ، فقال : أقبلَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - حتى قَدِمَ مكةَ ، فبعث الزبيرَ على إِحدى المُجَنِّبَتَين ، وبعث خالداً على المُجَنِّبَةِ الأخرى ، وبعث أبا عبيدة على الحُسَّر ، فأخذ [وا] بَطْن الوادي ورسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - في كَتِيبة ، قال : فنظر فرآني ، فقال : أبو هريرة ؟ قلتُ : لَبَّيْكَ يا رسولَ الله ، فقال : اهتف : (1) لا يأتيني إلا أنصاريّ - ومن الرواة مَن قال : اهْتِفْ لي بالأنصار ، قال : فأطافوا به ، ووبشّتْ قريش من أوباش لها وأتباع وفي رواية : ووبشت قريش أوْباشَها وأتْبَاعَها (2) - فقالوا : نُقدّم هؤلاءِ ، فإن كان لهم شيء كُنَّا معهم ، وإن أُصِيبوا أَعْطَيْنَا الذي سَلبنا (3) ، فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - : تَرَونَ إِلى أوْباشِ قريش وأتباعِهم ؟ ثم قال بيديه - إحداهما على الأخرى- ثم قال : حتى تُوافُوني بالصفا ، قال : فانطلقنا ، فما شاءَ أحد مِنَّا أَن يَقْتُلَ أحداً إلا قتله ، وما أحد منهم يُوَجِّه إلينا شيئاً ، قال : فجاء أبو سفيان ، فقال : يا رسولَ الله ، أُبِيدَتْ خضراءُ قريش ، لا قُريشَ بعد اليوم ، -[369]- قال : مَن دخل دار أبي سفيان فهو آمن ، فقالت الأنصارُ بعضُهم لبعض : أما الرَّجُل فَأْدْرَكَتْهُ رَغْبة في قريته ، ورَأْفَة بعشيرته ، قال أبو هريرة : وجاء الوحيُ - وكان إذا جاء [الوحيُ] لا يخفى علينا ، فإِذا جاء فليس أحد يرفع طَرْفه إلى رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - حتى ينقضيَ الوحيُ - فلما قُضِيَ الوحيُ قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - : يا معشر الأنصار ، قالوا : لَبَّيك يا رسول الله ، قال : قلتم : أمَّا الرجلُ فأدركتْهُ رَغْبَة في قَريَتِه ؟ قالوا : قد كان ذلك ، قال : كلا إني عبد الله ورسولهُ ، هاجرتُ إلى الله وإِليكم ، المَحْيا مَحْياكم ، والمماتُ مماتُكم ، فأقْبلوا إِليه يَبْكُون ، ويقولون : واللهِ ما قلنا الذي قلنا إلا الضِّنّ بالله وبرسوله ، فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - : إِن الله ورسولَهُ يُصدِّقانكم ، ويَعْذِرانكم ، قال : فأقبل الناس إلى دار أبي سفيان ، وأَغْلَق الناسُ أبوابَهم ، قال : وأقْبل رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - حتى أقبلَ إلى الحجَر فاستلمه ، ثم طاف بالبيت ، قال : فأتى على صَنَم إلى جانبِ البيتِ كانوا يعبدونه : قال : وفي يد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَوس ، وهو آخِذ بِسِيَةِ القوسِ ، فلما أتى على الصنم جعل يَطْعنُ في عيْنِهِ ، ويقول : جاء الحق ، وزهق الباطل ، فلما فرغ من طوافه أتى الصفا ، فَعلا عليه حتى نظر إلى البيت ، ورفع يَدَيه ، فجعل يحمَدُ الله ، ويدعو ما شاءَ أن يدعوَ» .
وفي رواية بهذا الحديث ، وزاد في الحديث «ثم قال بيديه ، إحداهما -[370]- على الأخرى : احْصُدُوهم حصداً» ، قال : وفي الحديث «قالوا : قلنا : ذاك يا رسول الله ، قال : فما اسمْي إذاً ؟ كلا ، إني عبد الله ورسولُه» .
وفي أخرى قال : «وَفَدْنا إلى معاويةَ بن أبي سفيان ، وفينا أبو هريرة ، وكان كلُّ رجل منَّا يصنع طعاماً يوماً لأصحابه ، فكانت نَوْبَتي ، فقلتُ : يا أبا هريرة ، اليوم يومي (4) ، فجاؤوا إلى المنزل ولم يُدْرِكْ طعامُنا ، فقلتُ : يا أبا هريرة ، لو حدَّثْتَنَا عن رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - حتى يُدرِكَ طعامُنا ؟ فقال : كُنَّا مَعَ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - يوم الفتح ، فجعل خالدَ بنَ الوليد على المجَنِّبة اليمنى ، وجعل الزبيرَ على المجنبِّة اليسرى ، وجعل أبا عُبيدة على البَيَاذِقَةِ وبَطْنِ الوادي ، فقال : يا أبا هريرةَ ، ادْعُ لي الأنصار ، فدعوتُهم ، فجاؤوا يُهَرْوِلُون ، فقال : يا معشر الأنصار ، هل تَرَوْنَ أوْباش قُريش ؟ قالوا : نعم ، قال : انظروا إذا لَقِيتُموهم غداً : أن تحصُدُوهم حَصداً ، وأحفَى بيده ، ووضع يمينَه على شِماله - وقال : موعدُكم الصّفا ، قال : فما أشْرَفَ لهم يومئذ أحد إلا أناموه ، قال : وصَعِدَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - الصّفا ، [وجاءتِ الأنصارُ ، فأطافوا بالصفا] ، فجاء أبو سفيان ، فقال : يا رسولَ الله ، أُبِيدَتْ خضراءُ قريش ، لا قريشَ بعدَ اليوم ، قال أبو سفيان : مَن دخل دارَ أبي سفيان فهو آمِن ، -[371]- ومَن أَلْقَى السلاحَ فهو آمِن ، ومَن أغلق بابَهُ فهو آمِن ؟ فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - : مَن دخل دار أبي سفيان فهو آمن ، ومَن ألْقَى السِّلاحَ فهو آمِن ، وَمَن أغلقَ بابَه فهو آمِن ، فقالت الأنصارُ : أمَّا الرجلُ : فقد أخذتْهُ رأفة بعشيرته ، وَرَغْبَة في قَرْيتِهِ ، ونزل الوحيُ على رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - ، قال : قلتُم : أمَّا الرجلُ : فقد أخذتهُ رأْفة بعشيرته ، ورَغبة في قريته ؟ أَلا فما اسْمِي إذاً ؟ - ثلاثَ مرات - أنا محمَّد عبد الله ورسولهُ ، هاجرتُ إِلى الله وإليكم ، فالمحيا محْياكم ، والمماتُ مماتُكم ، قالوا : والله ، ما قلنا إِلا ضِنَّا بالله ورسوله ، قال : فإن الله ورسولَهُ يُصَدِّقَانِكم ويَعْذِرانِكم» . أخرجه مسلم .
وفي رواية أبي داود عن عبد الله بن رباح الأنصاريِّ عن أبي هريرة قال : «إنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - لما دخل مكة سَرَّحَ الزبيرَ بن العوام ، وأبا عُبيدة بنَ الجراح ، وخالد بنَ الوليد على الخيل ، وقال : يا أبا هريرة ، اهْتِفْ بالأنصار ، فلما اجتمعوا قال : اسْلُكُوا هذا الطريق ، فلا يُشرِفنَّ لكم أحد ، إِلا أنَمْتُموه ، فنادى مُنَاد : لا قريشَ بعد اليوم ، فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- : مَن دخل داراً فهو آمِن ، ومَن أَلْقَى السلاحَ فهو آمِن ، فعَمَد صَنَادِيدُ قريش فدخلوا الكعبةَ ، فَغَصَّ بهم ، وطاف النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - وصلَّى خَلفَ المقام ، ثم أخذ بجَنَبَتي الباب ، فخرجوا ، فبايعوا النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - على الإسلام» (5) . -[372]-

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(المُجنِّبَتَين) المُجَنِّبَةُ : جَانِبُ العسكر ، وله مُجَنِّبتان : ميمنة وميسرة .
(على الحُسَّر) جمع حاسر ، وهو الذي لا دِرْعَ عليه ولا مِغْفَر ، وقد روي في كتب الغريب «الحُبَّس» وهم الرَّجَّالة ، سموا بذلك لتأخرهم عن الركبان ، قال : وأحسب الواحد حَبِيساً ، فعيل بمعنى مفعول ، ويجوز أن [يكون] حابساً ، كأنه يَحْبِسُ مَن يسير من الركبان بمسيره .
قال الحميدي : والذي رأيناه من رواية أصحاب الحديث «الحسّر» والله أعلم .
(وَبَّشت أوباشها) الأوباش : الجموع من قبائل شتى ، والتوبيش : الجمع ، أي : جمعت لها جموعاً من أقوام متفرِّقين في الأنساب والأماكن .
(أُبِيدت خضراءُ قريش) أي : استُؤْصِلَتْ وأُهْلِكت ، وخضراؤها : سوادها ومعظُمها ، والعرب تُعبِّر بالخُضرة عن السواد ، وبالسواد عن الكثرة .
(الضِّنُّ) : البخل والشُّحُ ، ضَنِنْتُ أَضنُّ ، وضَنَنْتُ أضِنُّ .
(فَاسْتَلَمَه) استلام الحجر الأسود : لَمسهُ باليد .
(سِيَة القوس) مخففاً : طرفها إلى موضع الوَتر .
(زهق الباطل) أي: اضْمَحَلَّ وذهب ضائعاً . -[373]-
(البَيَاذِقَةُ) الرَّجَّالة ، سمّوا بذلك لخفة حركتهم ، وأنهم ليس معهم ما يثقلهم ، وهذا القول مما يعضد رواية أصحاب الغريب في «الحبس» موضع «الحُسَّر» فإن الحبَّس : هم الرَّجَّالة على ما فسروه ، فقد اتفقت الروايتان في المعنى ، فقال مرة : «الحبَّس» وقال مرة : «البياذقة» أراد بهما : الرَّجَّالة ، بخلاف «الحسَّر» وقد يمكن أن يجمع بين «الحسّر» و «البياذقة» فإن «الحسَّر» هم الذين لا سلاح معهم ، أو لا درع عليهم ولا مِغْفَر، والغالب من حال الدَّارعين : أنهم الفُرسان ، وأن الرَّجَّالة : لا يكون عليهم دروع ، لأمرين ، أحدهما : أن الراجل يثقله الدِّرع ، والآخر : أن الرَّاجل لا يكون له درع لضعفه ورِقَّة حاله ، والله أعلم .
(احْصدُوهم) الحصد : كناية عن الاستئصال والمبالغة في القتل .
(أحْفَى) قال الحميدي : أحْفى بيده : أشار بحافتها ، وصفاً للحصد والقتل .
(أناموه) أي : قتلوه ، ومنه سمي السيف مُنِيماً ، أي : مُهلكاً .
__________
(1) لفظة " اهتف " ليست في نسخ مسلم المطبوعة .
(2) في نسخ مسلم المطبوعة : ووبشت قريش أوباشاً لها وأتباعاً .
(3) في نسخ مسلم المطبوعة : أعطينا الذي سئلنا .
(4) في نسخ مسلم المطبوعة : اليوم نوبتي .
(5) رواه مسلم رقم (1780) في الجهاد ، باب فتح مكة ، وأبو داود رقم (3024) في الخراج والإمارة ، باب ما جاء في خبر مكة .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه مسلم (1780) حدثنا شيبان بن فروخ ، حدثنا سليمان بن المغيرة، حدثنا ثابت البناني، عن عبد الله بن رباح ، عن أبي هريرة ، قال: فذكره.
وأخرجه أبو داود (3024) حدثنا مسلم بن إبراهيم ، ثنا سلام بن مسكين ، ثنا ثابت البناني، عن عبد الله بن رباح ، عن أبي هريرة ، فذكره.

6148 - (خ م ط د ت س) أنس بن مالك - رضي الله عنه - «أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - دخل مكة يوم الفتح وعلى رَأسِهِ المِغْفَرُ ، فلما نَزَعَه جاء رجل ، فقال : ابنُ خَطَل مُتَعلِّق بأستارِ الكعبةِ ، فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - : اقتُلوه» -[374]- أخرجه الجماعة (1) .
وقال الموطأ : ولم يكن فيما نرى يومئذ - والله أعلم - مُحْرِماً وقال أبو داود (2) : اسمُ ابن خَطَل : عبد الله ، وكان أبو بَرزَةَ الأسلمي قَتَلَهُ .
__________
(1) رواه البخاري 8 / 13 في المغازي ، باب أين ركز النبي صلى الله عليه وسلم الراية يوم الفتح ، وفي الحج ، باب دخول الحرم ومكة بغير إحرام ، وفي الجهاد ، باب قتل الأسير وقتل الصبر ، وفي اللباس ، باب المغفر ، ومسلم رقم (1357) في الحج ، باب جواز دخول مكة بغير إحرام ، والموطأ 1 / 423 في الحج ، باب جامع الحج ، وأبو داود رقم (2685) في الجهاد ، باب قتل الأسير ولا يعرض عليه الإسلام ، والترمذي رقم (1693) في الجهاد ، باب ما جاء في المغفر ، والنسائي 5 / 201 في الحج ، باب دخول مكة بغير إحرام .
(2) في المطبوع : وقال قتادة ، وهو خطأ .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح : أخرجه البخاري في الحج (200:2) عن عبد الله بن يوسف، وفي اللباس (17) عن أبي الوليد الطيالسي ، وفي الجهاد (168) عن إسماعيل بن أبي أويس وفي المغازي (49:6) عن يحيى بن قزعة، ومسلم في المناسك (84:1) عن القعنبي ، ويحيى بن يحيى وقتيبة - سبعتهم عن مالك عن الزهري، عن أنس.
وأبو داود في الجهاد (127:3) عن القعنبي عن مالك عن الزهري، عن أنس والترمذي فيه الجهاد (44) عن قتيبة عن مالك عن الزهري عن أنس. وقال: حسن صحيح، لا نعرف كثير أحد رواه غير مالك عن الزهري.
والشمائل (16:2) عن عيسى بن أحمد، عن ابن وهب، عن مالك عن الزهري، عن أنس، وأعاد فيه حديث قتيبة (16:1) والنسائي في الحج (107:1) عن قتيبة عن مالك عن الزهري، عن أنس (107:2) عن عبيد الله بن فضالة، عن الحميدي عن سفيان بن عيينة ، عن مالك عن الزهري، عن أنس مختصرا كما هنا. وفي السير في الكبرى عن محمد بن سلمة ، عن ابن القاسم، عن مالك عن الزهري، عن أنس وابن ماجة في الجهاد (18:2) عن هشام بن عمار، وسويد بن سعيد كلاهما عن مالك عن الزهري عن أنس. الأشراف (1/388) .

6149 - (د س) سعد بن أَبي وقاص - رضي الله عنه - قال : «لما كان يومُ فَتْحِ مكةَ أمَّنَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - الناسَ إِلا أربعة نَفر ، وامرأتين ، فسماهم ، وابنَ أبي سرح . ... فذكر الحديث ، قال : وأمَّا ابنُ أبي سَرْح ، فإنه اخْتَبأ عند عثمان ، فلما دعا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - الناس إِلى البَيْعَةِ ، جاء به حتى أوْقَفه على النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ، فقال : يا نبيَّ الله ، بَايِعْ عبد الله ، فرفع رأسَه ، فنظر إليه ثلاثاً ، كلُّ ذلك يأَبَى ، فبايَعه بعدَ ثلاث ، ثم أقبلَ على أصحابه ، فقال : ما كان فيكم رجل رشيد ، يقومُ إلى هذا حيث رآني كَفَفْتُ يدي عن بيعته فَيَقْتله ، قالوا : ما نَدري يا رسولَ الله ما في نفسكَ ، ألا أوْمَأتَ إلينا بعينك ؟ قال : إنَّهُ لا ينبغي لنبيّ أن تكونَ له خائِنَةُ الأعين» . -[375]-
قال أبو داود : وكان عبد الله أخا عثمان من الرَّضاعة ، هذه رواية أبي داود .
و [في] رواية النسائي قال : «لمَّا كان يومُ فتح مكةَ أمَّن رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - الناسَ إلا أربعة ، وامرأتين ، وقال : اقْتُلوهم وإِنْ وَجَدتُّموهم مُتعلِّقين بأستار الكعبة : عكرمةُ بن أبي جهل ، وعبد الله بنَ خَطل ، ومقيس بنُ صُبابَة ، وعبد الله بنَ أبي سرح ، فأما عبد الله بنُ خطل ، فأُدرِكَ وهو متعلِّق بأستار الكعبة ، فاسْتَبق إليه سعيدُ بنُ حُرَيث وعمارُ بنُ ياسِر ، فسبق سعيد عمَّاراً - وكان أَشَبَّ الرجلين - فقتلَهُ [وأمَّا مقيس بن صُبَابَةَ ، فأدركه الناسُ في السوق فَقَتَلُوهُ] ، وأما عكرمةُ [بنُ أبي جهل] فركب البحر ، فأصابتْهم عاصِف ، فقال أهلُ السَّفينة : أخْلِصُوا ، فإن آلهتكم لا تُغْني عنكم شيئاً هاهنا ، فقال عكرمةُ : والله ، لئن لم يُنْجِني من البحر إلا الإِخلاصُ ، لا يُنجيني من البَرِّ غيرُه ، اللهم لك عهد (1) إن أَنتَ عَافيتني مما أنا فيه أنْ آتِيَ محمداً ، حتى أَضعَ يدي في يده ، فَلأجِدَّنه عَفُوّاً كريماً ، فجاء فأسلم ، وأما عبد الله بن أبي سَرْح ، فإنه اخْتَبَأ عند عثمان ، فلما دعا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - الناس إلى البيعة جاء به حتى أَوْقَفَه على النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ، فقال : يا رسول الله ... وذكر -[376]- الحديث إِلى آخره مثل أبي داود» (2) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(رشيد) رجل رشيد ، أي : لبيب عاقل ، له فطنة .
(خائنة الأعين) كناية عن الرمز والإشارة ، كأنها مما تخونه العين ، أي : تسرقه ، لأنها كالسرقة من الحاضرين .
(عاصف) ريح عاصف ، أي : شديد الهبوب .
__________
(1) في نسخ النسائي المطبوعة : إن لك علي عهداً .
(2) رواه أبو داود رقم (2683) في الجهاد ، باب قتل الأسير ولا يعرض عليه الإسلام ، والنسائي 7 / 105 و 106 في تحريم الدم ، باب الحكم في المرتد ، وهو حديث حسن .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه أبو داود (2683) ، (4359) قال: حدثنا عثمان بن أبي شيبة ، والنسائي (7/105) قال: أخبرنا القاسم بن زكريا بن دينار.
كلاهما - عثمان ، والقاسم - قالا: حدثنا أحمد بن المفضل، قال: حدثنا أسباط بن نصر، قال: زعم السدي، عن مصعب بن سعد، فذكره.

6149 - (*) (د) عمرو بن عثمان بن عبد الرحمن بن سعيد بن يربوع المخزومي قال : حدَّثني جَدِّي عن أبيه : أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال يومَ فتحِ مكة : «أربعة لا أُومنهم في حِلّ ، ولا حرم - وسمَّاهم - وقال : وقَيْنَتَين كانتا لِمقْيَس (1) بنِ صُبَابَةَ ، فقُتلتْ إحداهما ، وَأُفْلِتَتِ الأُخرى ، فأسلمتْ» . أخرجه أبو داود (2) .
__________
(1) قال في " بذل المجهود في حل سنن أبي داود " : هذا الذي رواه أبو داود من أنهما كانتا لمقيس مخالف كما قال أهل السير ، فإنهم قالوا : إن القينتين اللتين أهدر دمهما كانتا لابن خطل ، فيمكن أن يكون كلاهما شركاء فيهما ، أو كانتا أولاً في ملك أحدهما ، ثم في ملك الآخر ، والله أعلم .
(2) رقم (2684) في الجهاد ، باب قتل الأسير ولا يعرض عليه الإسلام ، من حديث محمد بن العلاء عن زيد بن الحباب عن عمرو بن عثمان بن عبد الرحمن بن سعيد بن يربوع المخزومي ، وعمرو بن عثمان لم يوثقه غير ابن حبان ، وباقي رجاله ثقات ، قال أبو داود : لم أفهم إسناده من ابن العلاء كما أحب ، قال في " بذل المجهود " : ولعله أقام له إسناد هذا الحديث بعض تلامذة الشيخ محمد بن العلاء .

(*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة : كذا بالمطبوع ، الرقم 6149 ، مكرر الذي قبله

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه أبو داود (2684) حدثنا محمد بن العلاء ، قال: ثنا زيد بن حباب، قال: أخبرنا عمرو بن عثمان بن عبد الرحمن بن سعيد [بن يربوع] المخزومي، قال: حدثني جدي، عن أبيه ، فذكره.
قال أبو داود : لم أفهم إسناده من ابن العلاء كما أحب، قال في بذل المجهود: ولعله أقام له إسناد هذا الحديث بعض تلامذة الشيخ محمد بن العلاء ، وعمرو بن عثمان لم يوثقه غير ابن حبان.

6150 - (خ م ت) عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال : «دخل رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يوم الفتح ، وحولَ الكعبة سِتُّون وثلاثُمائة نُصُب ، فجعل يَطْعَنُهُا بعود في يده ، يقول : جاء الحقُّ ، وزهقَ الباطل ، إِن الباطل كان زَهُوقاً ، جاء الحق ، وما يُبدِئُ الباطلُ وما يُعيدُ» .
أخرجه البخاري ومسلم والترمذي (1) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(نُصُب) النُّصُب بضم الصاد وسكونها : الصنم ، وجمعها أنصاب .
__________
(1) رواه البخاري 8 / 14 في المغازي ، باب أين ركز النبي صلى الله عليه وسلم الراية يوم الفتح ، وفي المظالم ، باب هل تكسر الدنان التي فيها الخمر أو تخرق الزقاق ، وفي تفسير سورة بني إسرائيل ، باب : {وقل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا} ، ومسلم رقم (1781) في الجهاد ، باب إزالة الأصنام من حول الكعبة ، والترمذي رقم (3137) في التفسير ، باب ومن سورة بني إسرائيل .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح :
1 - أخرجه الحميدي (86) . وأحمد (1/377) (3584) . والبخاري (3/178) قال: حدثنا علي بن عبد الله. وفي (5/188) قال: حدثنا صدقة بن الفضل. وفي (6/108) قال: حدثنا الحميدي. ومسلم (5/173) قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، وعمرو الناقد، وابن أبي عمر. والترمذي (3138) قال: حدثنا ابن أبي عمر، والنسائي في الكبرى (تحفة الأشراف) (9334) عن محمد بن مثنى، وعبيد الله بن سعيد، فرقهما. تسعتهم -الحميدي، وأحمد، وعلي بن عبد الله، وصدقة ، وأبو بكر بن أبي شيبة ، وعمرو الناقد، وابن أبي عمر ، ومحمد بن مثنى ، وعبيد الله بن سعيد - عن سفيان بن عُيينة.
2 - وأخرجه مسلم (5/173) قال: حدثناه حسن بن علي الحُلْوَاني، وعبد بن حُميد، كلاهما عن عبد الرزاق، قال: أخبرنا الثوري.
كلاهما - سفيان بن عُيينة ، وسفيان الثوري- عن ابن أبي نَجيح، عن مُجاهد، عن أبي مَعْمر، فذكره.

6151 - (د) جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - «أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - أَمَرَ عمرَ بنَ الخطاب زَمَنَ الفتح وهو بالبَطْحاءِ أَن يأتيَ الكعبة فَيَمْحُوَ كلَّ صورة فيها ، فلم يدخلها النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - حتى مُحيت كلُّ صورة فيها (1)» . أخرجه أبو داود (2) .
__________
(1) قال في " بذل المجهود " : والظاهر أن ما أمره صلى الله عليه وسلم عمر بن الخطاب كان مختصاً بما نقش من الصور في الجدران ، فأمره بمحوها ، وأما الأصنام وذي الأجرام منها فبقيت فيها حتى دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم الكعبة فأزالها بنفسه كما ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخلها وفيها ثلاثمائة وستون نصباً ، فيطعن فيها ويقول : جاء الحق وزهق الباطل .
(2) رقم (4156) في اللباس ، باب في الصور ، وإسناده حسن .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه أبو داود (4156) حدثنا الحسن بن الصباح، أن إسماعيل بن عبد الكريم حدثهم ، قال: حدثني إبراهيم - يعني ابن عقيل - عن أبيه، عن وهب بن منبه، عن جابر ، فذكره.

6152 - (خ) عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - «أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - أقْبَل يومَ الفتح من أعلى مكةَ على راحلته ، مُرْدِفاً أُسامةَ بنَ زيد ، ومعه بلال ، ومعه عثمانُ بنُ طلحة من الحَجبَةِ ، حتى أناخ في المسجد ، فأمره أن يأتيَ بمفتاح البيت - زاد في رواية رزين - : فذهب عثمان إلى أُمه ، فأبتْ أن تَعطيَهُ المفتاح ، فقال : والله لَتُعْطِينِيهِ أو ليخرُجنَّ هذا السيف من صُلبي ، قال : فأعطته إيَّاه ، ثم اتفقا - فجاء به إلى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم (1) -[ففتح] ودخل رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - البيت ، ومعه أُسامةُ وبلال وعثمانُ ، فمكث فيه نهاراً طويلاً ثم خرج فَاسْتَبْقَ الناسُ ، فكان عبد الله أوَّلَ من دخل ، فوجد بلالاً وراءَ الباب قائماً ، فسأله : أين صلَّى النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - ؟ فأشار إلى المكان الذي صلَّى فيه ، قال عبد الله : فنَسيتُ أن أسأَلَه : كم صلَّى من سجدة ؟» أخرجه البخاري (2) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(الحَجَبَة) : جمع حاجب ، وهو سادن البيت .
__________
(1) زيادة رزين هذه رواها مسلم كما سيأتي في تخريج الحديث ، وعبد الرزاق ، وأحمد في " المسند " 6 / 15 .
(2) 6 / 92 في الجهاد ، باب الردف على الحمار ، وفي القبلة ، باب {واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى} ، وفي المساجد ، باب الأبواب والغلق للكعبة والمساجد ، وفي سترة المصلي ، باب الصلاة بين السواري في غير جماعة ، وفي التطوع ، باب ما جاء في التطوع مثنى مثنى ، وفي الحج ، باب إغلاق البيت ، وباب الصلاة في الكعبة ، وفي المغازي ، باب حجة الوداع ، ورواه أيضاً تعليقاً 8 / 15 في المغازي ، باب أين ركز النبي صلى الله عليه وسلم رايته يوم الفتح ، ورواه أيضاً مسلم بروايات مختلفة رقم (1329) في الحج ، باب استحباب دخول الكعبة للحاج وغيره والصلاة فيها والدعاء في نواحيها كلها .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
رواه البخاري تعليقا (7/612) في المغازي، أين ركز النبي -صلى الله عليه وسلم- رايته يوم الفتح.

6153 - (خ م د) أبو هريرة - رضي الله عنه - «أن خُزَاعةَ قتلوا رجلاً من بني لَيْث عامَ فتحِ مكةَ ، بقتيل منهم قَتَلوه ، فأُخْبِر بذلك رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - ، فركب راحلتَه ، فخطبَ ، فَحَمِدَ الله وأثنى عليه
وفي رواية قال : لما فتح الله عزَّ وجلَّ على رسوله - صلى الله عليه وسلم - مكةَ قام في الناس ، فحمِدَ الله وأثنى عليه ، وقال : إن الله حَبَس عن مكةَ الفيلَ ، وسلَّط عليها رسولَه والمؤمنين ، وإِنها لم تَحِلَّ لأحَد كان قبلي ، وإنها إِنما أُحِلَّتْ لي ساعة من نهار ، وإنها لن تحلَّ لأحد بعدي ، فلا يُنَفَّرُ صَيْدُها ، ولا يُخْتَلى شجرُها ، ولا تَحِلُّ سَاقِطتُها إلا لِمُنْشِد ، وَمَن قُتِلَ له قتيل فهو بخير النظرين : إمَّا أن يُعْقَلَ ، وإما أن يُقادَ أهل القتيل ، فقال العباسُ : إِلا الإِذْخِرَ يا رسولَ الله فإنا نجعله في قبورنا وبُيوتنا ؟ فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - : إلا الإِذْخِرَ ، فقال رجل من أهل اليمن يقال له : أبو شاه : اكتبوا لي يا رسولَ الله ، فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - : اكتبوا لأَبي شاه» قال الأوزاعي : يعني هذه الخطبة التي سمعها من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. أخرجه البخاري ومسلم .
وأخرجه أبو داود ، وأَسْقط من أَوَّله حديث «القتيل» ، وأَوَّلُ حديثه قال : «لما فتح الله على رسوله مكة قام فيهم ، فحمد الله ... وذكر الحديث» وأسقط منه أيضاً «ومن قُتل له قتيل - إلى قوله - : أهل القتيل» (1) . -[380]-

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(ولا يُخْتَلَى) الخلا : العُشْب ، واختلاؤه : قطعه .
(ساقطتها إلا لمُنشد) الساقطة : هي اللقطة ، وهو الشيء الذي يُلقى على الأرض لا صاحب له يُعرَف ، وقوله : «لا تحل إلا لمنشد» يعني : لمعرِّف ، وهو من نشدت الضالة : إذا طلبتها ، فأنت ناشد ، وأنشدتُها : إذا عَرَّفتها ، فأنت منشِد ، واللقطة في جميع البلاد لا تحل إلا لمن أنشدها سَنَة ، ثم يتملَّكها بعد السَّنة ، بشرط الضمان لصاحبه إذا وجده ، فأمَّا مكة، فإن في لقطتها وجهين ، أحدهما : أنها كسائر البلاد ، والثاني : لا تحل ، لقوله - صلى الله عليه وسلم - : «لا تحل لقطتها إلا لمنشد» والمراد به : منشد على الدوام ، وإلا فأي فائدة لتخصيص مكة بالإنشاد ؟
(بخير النظرين) خير النَّظرين : أوْفَقُ الأمرين له ، فإما أن يَدوا ، أي : يُعطوا الدية ، وهي العقل ، وإما أن يُقادَ ، أي : يُقْتَل قصاصاً ، فأي الأمرين اختار وَليُّ الدم كان له ، وهو مذهب الشافعي ، وقال أبو حنيفة : من وجب له القصاص لم يجز له تَركه وأخذ الدية .
__________
(1) رواه البخاري 1 / 183 و 184 في العلم ، باب كتابة العلم ، وفي اللقطة ، باب كيف تعرف -[380]- لقطة أهل مكة ، وفي الديات ، باب من قتل له قتيل فهر بخير النظرين ، ومسلم رقم (1355) في الحج ، باب تحريم مكة وصيدها ... ، وأبو داود رقم (2017) في المناسك ، باب تحريم حرم مكة .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح : تقدم تخريجه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

قائمة مؤلفات ابن تيمية

قائمة مؤلفات ابن تيمية  ابن تيمية فقيه ومحدث ومفسر وعالم مسلم مجتهد منتسب إلى المذهب الحنبلي . وهو أحد أبرز العلماء المسلمين خلال النصف الث...